|
سخافة قدر
نوميديا جرّوفي
الحوار المتمدن-العدد: 5856 - 2018 / 4 / 25 - 00:55
المحور:
الادب والفن
( قصة قصيرة)
كانت صديقته المقرّبة دوما لثلاث سنوات، يُشاطرها أفكاره و أحلامه و أحزانه، لأنها الأقرب، كان يحكي لها عن كل صغيرة وكبيرة، حتى عن عمله في دائرته، و كذا عن عائلته. و مع مرور الوقت أخبرها عن قصّة حبّه لتلك الفتاة التي حطّمت قلبه و جعلته لا ينظر لغيرها لأنها استوطنت أعماقه. نتكلم عن صديقته قليلا..في البداية،كان رفيقا في الدرس،ثم أصبح بالنسبة لها صديقا مقرّبا،لتقع في حبّه دون أن تشعر، و من ثمّ تتألم بصمت لأنه حبّ محكوم عليه بالمستحيل. كل هذا كانت تعرفه لكنها لم تستطع أن تتحكم في قلبها الذي أصابه سهم قاتل و لا في مشاعرها. مرّت سنوات و تطورت علاقتهما أكثر،حيث أصبحا يلتقيان حتى بعد ساعات الدرس،او في أوقات فراغهما و يدردشان بكل أمور الحياة.. و لأنها كاتبة، كان يساعدها في اختيار عناوين كتابات لخواطر كانت تكتبها،و كانت تعتب عليه مرّات لأنه يقدّم لها عناوين ساخرة في أغلب الأحيان. مضت السنة الثالثة عليهما في الجامعة، و كانت تجلس قربه زميلة في القاعة،تتقرب منه كل يوم أكثر، حتى جاء يوم و ذهبت إليها ( الى صديقته المقرّبة)و كلّمتها بطريقة حادة فاجأتها: - لا تقتربي منه مرة أخرى.. هل تسمعني؟ - لماذا؟ - نحن على علاقة، و هو يُحبّني، و أنت عثرة كحجرة في طريقنا... - أنا؟ - أجل،أنتِ.. أنتِ صديقته المقربّة فقط، أمّا أنا فحبيبته، و هو صديق لأخي،يزورنا دوما في البيت، و نحن نفكّر في توثيق علاقتنا بزواج. - تهانيّ، لم يُخبرني بشيء.. فاجأتني! - أها!! لا تعرفين إذا؟! - أبدا.. لكن لا تقلقي .. سعيدة لأجلكما و أتمنى لكما كل الفرح. - لا تخبريه بشيء، و لا تكلّميه مجدداً، لأنه لي أنا وحدي،و أنت لا شيء بالنسبة له. - كوني مرتاحة، أعرف ماذا سأفعل،لا تقلقي.. غادرت هي الجامعة مصدومة.. غير مُصدّقة ما سمعته و ما اكتشفته.. و قرّرت ترك مواصلة الدراسة كحل ّ نهائي. اختفت فجأة،و كم مرّة اتّصل بها و هي لا تردّ، حتى أنّها غيّرت رقم الموبايل. انقطعت عن الجميع ، و لا أحد يعرف أخبارها. تمضي الأيام و تتزوج، و أخبره بعضهم أنها متزوجة و لم يُصدّق إلى أن التقاها صدفة و هي حامل ببطنها الكبير. كان فيما مضى يعتبرها صديقة مقرّبة،لكن في تلك اللحظة بالذات اكتشف أنه كان يحبها دون أن يشعر،و أنه فقدها للأبد. لحظتها تفاجأت هي من نظرته و تلعثمه و أحسّت به و كأنه ضائع،لكن لم تكلمه كثيرا،فقد ألقت عليه التحية و ودّعته و غادرت. و صدق من قال:
يا لسخاقة القدر و ظلم الدنيا و انت تكتشف الحقيقة و تلك الكذبة بعد سنوات!!
بعد ثماني سنوات مضت إلتقته صدفة في سفرة لها ،لم تتغيّر ملامح وجهه أبدا،سوى شعره الذي ازداد بياضا. هناك تحدثا كثيرا و سألها عن سرّ اختفائها المفاجئ، فقصّت عليه كل شيء . اندهش مما سمع منها و أخبرها أنه لم تربطه أية علاقة بتلك التي كذبت عليها،و أنها حاولت أن تتقرب منه بشتى الطرق،لكنه صدّها و تركها. نزلت من عينيها دمعتين اختزلتا الكثير، و سألته: - هل أحببتني يوما؟ - كنتُ أحبك كثيرا. - و لماذا لم تخبرني ؟ - لأني اكتشفت مشاعري متأخرا بعد أن فقدتك للأبد. - متى؟ -يوم التقيتك و أنت حامل، تأكّدت أني خسرتك للأبد و أظلمت الدنيا في عينيّ. و الأغرب أني الآن عرفت سرّ اختفائك. - و المؤسف أني اللحظة اكتشفت أن كل ما سمعته كذبة منمّقة أبعدتني عنكَ،لأفقدك للأبد.. سعيدة أني التقيت بك، و لا يمكننا إعادة المياه لمجاريها،و مستحيل أن نكون معا،فأنا متزوجة و أم و أنت الآن أب. أمنياتي لك بحياة زوجية سعيدة و التوفيق. و اختفت مرة أخرى إلى الأبد بدموعها الحزينة و تركته واقفا ينظر إليها،غير مُصدّق هذا اللقاء و الفراق في نفس الوقت.. تحقق حلمه برؤيتها، ليفقدها مرة أخرى للأبد.
#نوميديا_جرّوفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سنتيْنِ
-
قُبَلٌ في الشوارع
-
الحزب الشيوعي العراقي في ميلاده الرابع و الثمانين من تأسيسه.
...
-
بشبوشية الهوى و المنتمى
-
صدمة
-
الأحمر يليق بك يا عفرين
-
فساد
-
ديوان -نساء- للشاعر و الناقد هاتف بشبوش.
-
مسك شعر
-
مطعم طُمْ طُمْ
-
الكتاب النقدي (نحوت ورقية) للشاعر و الناقد السماوي هاتف بشبو
...
-
مقهى الياسمين
-
سؤالٌ بريءٌ
-
الشهيد المقدم علي الوروار
-
دموع في مطار قرطاج
-
شهيد الحزب الشيوعي
-
أقراطٌ طويلةٌ
-
جنون
-
وشمًا أزرعه على جبيني و أُتحفُه بحروف اسمك
-
عجد ثقافي
المزيد.....
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش
...
-
أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا
...
-
الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود
...
-
“نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ
...
-
تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما
...
-
مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب
...
-
المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب
...
-
هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
-
“نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق
...
-
مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|