أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البياض في قصيدة -إلى أمنا فلسطين- خليل قطاني














المزيد.....

البياض في قصيدة -إلى أمنا فلسطين- خليل قطاني


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5851 - 2018 / 4 / 20 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


البياض في قصيدة
"إلى أمنا فلسطين"
خليل قطاني
موضوع القصيدة يفرض على الشاعر استخدام ألفاظ بعينها، كما ان الحالة النفسية التي يكتب بها الشاعر لها مساحة في القصيدة وأثر، سنجد في هذه القصيدة مساحة بيضاء كبيرة، تؤكد على النقاء الذي يحمله الشاعر لفلسطين، فهو يتحرر من الواقع بصورة شبه كاملة، ويقدم لنا نص شعري يكاد أن يكون مطلق البياض، تنسجم فيه الفكرة مع الألفاظ، فتجعلنا نحلق عاليا في سماء صافية وجميلة.
يفتتح الشاعر القصيدة:
"عشتار تولد من جديدْ
وربيعها قمح يلوّح في حناياها سعيد
وبظلها يجري السرور معانقاً
روح الخلائق كلها "
استحضار أسطورة كنعانية يعطي مدلول على تجذر الكنعاني/الفلسطيني في هذه الأرض، ووجوده هنا ليس عابر، بل كحالة حية متفاعلة ومتطورة في ذات الوقت، فربة الخصب "عشتار" أوجدها الكنعاني القديم متماثلة مع الطبيعة الكنعانية الخلابة، لهذا جاءت ألفاظ الخصب "تولد، ربيعها، قمح، سعيدة، السرور، روح، لخلائق" وكلها صفات متعلقة بالربة الكنعانية "عشتار".
وإذا ما توقفنا عند إقران فلسطين بعشتار في القصيدة نجد أن الشاعر ـ في العقل الباطن ـ يتجه إلى التاريخ، التراث، إلى الماضي ليتحرر من قتامة الحاضر وثقله، ولكي يؤكد تواصله وارتباطه بالمكان، فلسطين.
استخدام الشاعر لصيغة المنادى "أماه" تحمل شيء من الألم في داخله، لأن حرف "ه" يعطي اشارة إلى الألم، ونجد هذا الألم من خلال كلمة "عائد، وشهيد" التي تعطي مدلول إلى أن هناك شيء غير محبب حدث، فكان لا بد من العودة، ومع هذا يتجاوز الشاعر هذا الأمر، ويقدمنا من عالم الأم التي تريدها أن تكون سعيدة وهانئة:
"أماه : إني عائد في ريش قبّرةٍ
على إيقاعها يحلو النشيدْ
مع كل أنّة زنبقةْ
أو رقصة للسهلِ
أو زغرودة ٍ
أدّت طقوس زفافها الورديّ سراً
عند أهداب الشهيدْ "
الألفاظ البياض حاضرة في هذا المقطع من خلال "ريش، قبرة، إيقاعها، يحلو، النشيد، زنبقة، رقصة، للسهل، زغرودة، زفافها، الوردي، أهداب" لكن فكرة البياض هنا لم تكن بصفاء الفاتحة، بل جاء فيها بعض الخطوط الرمادية "عائد، شهيد"، لكن الطابع العام للمقطع يبقى أبيض.
والملفت للنظر أن الشاعر استخدم في بداية المقطع كلمة "عائد" وهي تنسجم تماما مع حالة "عشتار" التي تأتي ـ بعد عودتها ـ بالخير، وهو يقرن حضورها بالخصب المادي والروحي، المادي والجمالي، وأيضا نجد حضور "عشتار" من خلال الرقص والنشيد والزفاف وكلها أفعال أقامها الكنعاني احتفاءً بقدومها.
يبدأ الشاعر بالتقدم أكثر من الواقع من خلال :
"أماه ثار الأوفياء ..فأرضعينا ثورةً
نسقي الروابي من تعابير الفداء
ولن نكون
حتى يكون العزّ مزهوّ البنود "
لهذا نجده يستخدم ألفاظ وأفكار تحمل شيء من القسوة "ثورة، ولن نكون" بعد هذا المقطع نجد عالم آخر في القصيدة، عالم الصراع والإرادة:
"ولتأت يا وجه الزمان على جراح المرحلة
إنا على شوق لهاتيك الحدود
إنا لنعشق فيك مسرانا وقبتنا وأنفسنا
وأنغام القصيدْ
إنا لنحفر ذاتنا في صخرك الفتّانِ
يا أم الكرامةِ أم تموز الجديدْ
وندقّ جرح الكبرياء بعيدك الجبار يا
معنى الوجود "
فنجد "جراح، لنحفر، صخرك، الجبار" وكلها الفاظ قاسية، لكن في المقابل هناك فضاء رحب من خلال "وجه، شوق، مسرانا، وقبلتنا، وأنغام، القصيد، أم، الكرامة، الجديد، الكبرياء، بعيدك" فحجم البياض في القصيدة يتفوق على السواد، لهذا نقول أن القصيدة بيضاء، والمهم في هذا البياض أنه لم يأتي بسهولة، بل جاء بعد صراع وألم، وكأن الشاعر من خلال هذه القسوة يريدنا أن نشعر بأن البياض لم يأتي بسهولة، بل بعد تعب وألم، لهذا علينا المحافظة عليه.
والجميل أن الشاعر في قصيدته جمع بين "عشتار" "أم تموز" الكنعانية وفلسطين الإسلامية "قبلتنا، مسرانا، صخرك" لكن لماذا جعل الشاعر من عشتار أخت تموز وليس بحبيبها/زوجها كما جاءت به الأسطورة؟، اعتقد بأنه أرادنا أن نأخذ الجانب الاخلاقي، وليس المادي، فعلاقة الأخوة تبقى بعيدة عن العلاقة الجسدية التي تشير ـ بطريقة ما ـ إلى شيء من القسوة، واعتقد أن هذا التغريب للأسطورة يجعل القارئ يقف متفكرا فيما يقدم له، وهذه الدعوة للتفكير، تجعل القارئ/المتلقي يتوقف عند الأفكار أكثر مما ينفعل بها.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه نظر السوفييت -الأدب وقضايا العصر-
- الرفض في قصيدة -قد طاف- سامح أبو هنود
- النقلة النوعية في برنامج -الحزب الشيوعي الفلسطيني-
- الناقد في كتاب -أحمد دحبور...مجنون حيفا- عادل الأسطة
- المخلصة في قصيدة -نقاء- جواد العقاد
- طبقة الفساد
- القصيدة البيضاء -إلى بناتي- جاسر البزور
- الشاعر والقصيدة في ديوان -ويبحث في عينيها عن نهار- -خليل إبر ...
- مناقشة مجموعة قصائد للشاعر -عمار خليل- في دار الفاروق
- المرأة في رواية -توليب- خلود نزال
- البناء الروائي في -سكوربيو- عادل فودة
- المحال في قصيدة -محطات- محمد العصافرة
- عوالم الشاعر في ديوان -كما أنت ..أنا- خليل حسونة
- واقع المعتقلات العربية في رواية -الآن ...هنا- عبد الرحمن مني ...
- تمرد الشاعر في -أغنيات لسمو نهدك- ل -فراس حج محمد-
- المكان والمقدس في ديوان -لا أريد أن يعرفني أحد- خليل إبراهيم ...
- المرأة القصيدة في -يداك- ياسر محمد ناصر
- مناقشة مجموعة -عشاق المدينة
- المرأة في مجموعة -صباح مساء- حسن حميد
- اللغة الروائية في ديوان -لا أريد أن يعرفني أحد- خليل إبراهيم ...


المزيد.....




- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - البياض في قصيدة -إلى أمنا فلسطين- خليل قطاني