أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة بوذراع - عواصف ديسمبر














المزيد.....

عواصف ديسمبر


حمودة بوذراع

الحوار المتمدن-العدد: 5851 - 2018 / 4 / 20 - 05:29
المحور: الادب والفن
    


عواصف ديسمبر.
تبتل حبيبات التربة على آخرها مطلقتا عطرا يريح الأعصاب وتتجمع الغيوم الملبدة في السماء في لقاء حميمي مثير ة وتتناثر خيوط الرعد الرقيقة هنا وهناك في الأجواء مظفية جوا من الهيبة وتتفجر أصوات الرعد الصاخبة لترسم جوا من العظمة، وتنتقل الرياح الهوجاء بلا هوادة من الارتفاعات نحو المناطق المنخفضة ولكأنها تلوذ بالفرار لمكان دافئ وآمن، قطرات المطر تتسارع فيما بينها أيتهما تصطدم أولا بالأرض، نسمات من البرد تبقيك يقظا ولكأنها كوب دافئ من القهوة البرازيلية، تبدأ دمائك تتكاسل وتتبختر داخل شرايينك ولكأنها تتكاسل، يموت كل أثر للتوتر في داخلك لأن الجسد مشغول بإنتاج الطاقة وابقاء جسدك دافئ، فهو لم يعد مهتما بعد بعادتك التي لا تساهم الا في تبذير الطاقة وجعل عقلك اللعين مشغولا، انها لوحة فنية لا تقدر بثمن لأنه لا يمكن حتى لبيكاسو أن يبدع مثيلا لها، لأن الرب نفسه شمر على ذراعيه وباشر في اعدادها، عن الكمال هنا أتحدث وعن عواصف ديسمبر أصف، كل الطرقات تتنظف وكل الشوارع تتجدد وكل شيء حي هو أو ميت يتنفس من جديد وتبعث فيه الحياة مجددا ولكأنها لم تكن يوما، تروح أوراق الأشجار تتراقص في الأفق على خشبة من الأغصان هي تتمايل، جميع الأحلام تلبس حلتا جديدة ولكأنها عروس تستعد لتزف، وأخير تظهر الحلزين بعد غياب طويل وتقرر أن تنتهي من عزلتها داخل قوقعة تعاستها لترى النور مجددا ولترى الحياة مجددا، فما الحياة بالنسبة لها سوى تلك الدرجات التي تنخفض من على سلم الحرارة، ما الحياة عند الحلزون سوى تلك القطرات الباردة التي تتساقط معجزتا من مكان ما فوق، وكل ما هو فوق تحت، فالعصافير تغلق أفواهها وتحترم هيبة الرسمة البهية وتعفي العالم من ضجيجها وتأول الى أوكارها في مكان ما من هذا العالم، تتجمع الأرانب في مكان ما لتدفئ بعضها البعض والسكوت سيد الموقف، سكون وهدوء ونسيم بارد يتلوح في كل مكان، صخب يأت من فراغ ويزيد من ضربات القلوب سرعة واضواء تولد من العدم عند مد البصر لترمش الأعين لها خاضعتا مجللة، تشتد الرياح شيئا بعد شيئا وتتولد العواصف من العدم مرت أخرى، لا ترحم فتيلات الأشجار فهي لا تعترف بالضعفاء، ولا ترحم من لا يستطيع ابقاء نفسه دائما لأنها سوف تقتله، تقتله؟ أحقا ستقتله؟
طبعا لا، ان العواصف ليست قاتلة من ذا الذي يتجرأ ويصفها بالقاتلة؟ من ذا الذي يتجرأ ويصفها بفعل رقيق كهذا؟
ان ما ستفعله هو أن تهاجمك ككرة التحطيم وتتسلل الى داخلك محطمتا كل الحواجز وتتغلغل في داخلك، ستجعل من جلدك يتجعد كما يتجعد عندما تنتشي تماما، سوف تلاحظ جلدك يتحول الى قطعة من الكعك المثقوب، وتستمر كذلك بكل بطأ رويدا رويدا، سوف تستنزف منك قواك ولن تدع لك أية فرصة لتتحرك، سوف تتجمد في مكانك وتتكور على نفسك ولكأنك تود أن تهرول الر رحم أمك الدافئ، سوف تشعر بالإرهاق ولكأنك تود النوم، وسوف تسري فيك حرارة محرقة في كل انش من جسدك، سوف تحترق من البرد، اياك أن تستغرب، نعم سوف تحترق من البرد وان لم تكن مصدقا فما عليك سوى أن تسأل سكان المناطق المتجمدة، أما ان كنت شجاعا بما فيه الكفاية فما عليك سوى أن تواجه عواصف ديسمبر وتعي حقا معنى أن تحترق من البرد، وبعد ذلك ما سيحدث كله غريب، غريب غرابتا يصعب على المرء أن يصفها، لكن لا تقلقل، سوف أحاول أن أصفها لك لكنني أبدا لا يمكن أن أعبر عن حقيقة ما سوف تعيشه، سوف أحاول استعمال كلمات منمقة ومدجة من اللغة لعلني أمتعك وأفهمك على حقيقة ما سيحدث.
دعني أستطرد في الحديث وأخبرك يا صاح، سوف تسترخي على آخرك ويبدأ الخمول ينال منك ببطء شديد، ويبدأ دماغك يتكاسل ويبتكر أحلام طفيفة خفيفة فهو لا يطيق على شيء
انما ستراه في أحلامك أو ما سيقوم دماك الكسول بتصويره هو ما يلي: سوف ترى نفسك في ظلام دامس ولكأنه اليوم الذي قبل أن يخلق فيه النور، وتتحسس جسدك يسبح في وسط شيء سائل مائل للزوجة، سائل دافئ ذو لونن أبيض ناصع، وما هو الشي الذي يفوق الحليب بياضا، سوف تسبح داخل حمام من الحليب ويبدأ جسدك يرتخي قليلا قليلا، ويبدأ وعيك ينطفأ، وتتصور نفسك تغرق داخل حوض من الحليب الناصع البياض في وسط ظلام لا نور فيه، وبعد اذن تنطفأ شمعتك ولن تعود مجددا، سوف تفارق الحياة وأنت تسبح في بحر من الحليب الدافئ.
هذا ما تفعله عواصف ديسمبر وليس ما يقصونه عليك في روايات الحب والغرام، وليس ما تراه على شاشة التلفاز، وليس ما يتظاهر به أولئك الدجالون الوسيمون المثيرون خلف كاميرات صوني فائقة الدقة والوضوح، لذا دعك من كل هذا وتأمل ابداع الخالق في لوحته الرائعة، تلك الرائعة العالمية التي رسمها الله لريشته المبارك وأطلق عليها اسم عواصف الشتاء وأنا أنقلها لك تحت اسم عواصف ديسمبر، لا تستغرب فلقد حرفت العنوان وهذا شيء طبيعي لأننا نحن البشر جميعا محرفين ولكأن في داخلنا جيننا وراثيا خاصا بالتحريف، ولكن لكل بشر دافع من الدوافع من أجل التحريف، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد غيرت العنوان من عواصف الشتاء كما سماها الرب الله الى عواصف ديسمبر فقط لأنني استمتعت بهذه اللوحة في شهر ديسمبر عام 20017، وعايشت كل تفاصيلها وتحسست كل ثنياها.
بوذراع، حمودة.



#حمودة_بوذراع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة بوذراع - عواصف ديسمبر