أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالهادي الجميل - دعوا سوريا تستريح














المزيد.....

دعوا سوريا تستريح


عبدالهادي الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 5850 - 2018 / 4 / 19 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كلما شاهدت الدمار الشنيع الذي ألحقه جنون البشر والحقد وحب السلطة بالمدن السورية؛ تبرز من زوايا ذاكرتي، مشاهد وصور مدينة دريسدن الألمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية(1939-1945).

وإذا كانت أسباب قصف المدن السورية واضحة ومعروفة؛ فإن أسباب قصف دريسدن، بهذا الشكل المخيف، غامضة حتى اليوم!
فلم يكن للمدينة أهمية استراتيجية خاصة، ولا مكانة صناعية، كما أنها لم تكن من الجبهات العسكرية الساخنة رغم قربها من الحدود التشيكية.
لم تشهد دريسدن، طوال الحرب، أي استهداف مؤثر حتى 3 أشهر فقط من استسلام ألمانيا في ‪8‬ ‪مايو‬ 1945م.
ففي مساء 13 فبراير 1945م غطّى سماء المدينة ما يشبه أسراب الجراد العملاق. كانت 1200 طائرة بريطانية وأمريكية قذفت ما مجموعه 4000 طن من القنابل شديدة التفجير وسريعة الاشتعال.
تركّز القصف على قلب المدينة الذي يضم المنطقة التاريخية بآثارها العظيمة ومعالمها الخالدة وتماثيلها العريقة ومراكزها الثقافية. وبعد عدة موجات من الغارات المتتالية تم مسح كل ما هو فوق الأرض من بشر وحجر على مساحة 15 كم مربع.
قُتِل خلال تلك الغارات 25000 إنسان من بينهم الأطفال والنساء وكبار السن بالإضافة إلى عدد مماثل في موجات الحرائق الهائلة التي تلت الغارات.
كما تم تدمير 24800 منزل من أصل 28000 منزل هي مجموع منازل وسط المدينة، أي أن المنازل التي نجت من التدمير التام لم تتجاوز الـ 3200 منزل!
كان التدمير والقتل وحشيا وصادما للعالم، فتمت إدانته فورا وعلى نطاق واسع. بل وتمت المطالبة باعتبار قصف المدينة عمل يندرج ضمن “جرائم الحرب”.
ومازالت بعض تلك المطالبات مستمرة حتى اليوم، فقد وصف البرفسور غريغوري ستانتون وهو أهم المتخصصين في جرائم الحروب، ومؤسس ورئيس “مركز مراقبة عمليات الإبادة” ويُعد مرجعا موثوقا في هذا المجال، وصف قصف دريسدن بأنها “جريمة حرب واضحة وعملية إبادة جماعية ضد الإنسانية لا تقل وحشية عن الهولوكوست اليهودي وقصف هيروشيما وناغازاكي بالسلاح الذري”.
لم يمض وقت طويل على توقف الحرب حتى بدأت دريسدن تنفض غبار الحرب وتلملم أشلاءها وتمسح الدماء والدموع عن وجهها وتنهض من تحت الرماد.
لم يكن ممكنا إحياء قتلى المدينة، فقام الأحياء بدفن أحزانهم إلى جانب موتاهم، وقرروا إحياء مدينتهم من الموت مجددا، فعادت دريسدن كما كانت وأجمل.
الدمار الذي لحق بالمدن السورية ليس أسوأ من الدمار الذي لحق بدريسدن رغم أن الحرب السورية أطول عمرا من الحرب العالمية، الفرق هنا يتمثّل في أن شهوة الحقد القتل والتدمير في الحرب العالمية قد أُلجِمت بينما ما زالت مثيلتها في سوريا نهمة ومنفلتة ولم تجد من يلجمها.
سوريا لن تتعافى مادامت القنابل والحقد والكراهية تروّع حمائمها وتهرس ياسمينها وتقتل أطفالها.
لا يوجد بريء في حرب سوريا، فالأبرياء في الحروب هم الضحايا فقط.
كاذبُ..من خاض الحرب في سوريا دفاعا عن الدين.
كاذبّ.. من رفع البندقية في سوريا لدعم الثورة.
وكاذبُ.. من حمل السلاح في سوريا دفاعا عن سوريا.
لم يعد في سوريا دين..
ولم تعد سوريا صالحة للثورة..
ولم تعد سوريا في سوريا.
سوريا لا تريد من يرفع السلاح من أجلها. هي الآن في أمسّ الحاجة لمن يرمي السلاح من أجلها.
سوريا تريد أن تجلس على الأرض وتتنفس بعمق وتهدأ… وحينئذٍ ستعود أجمل مما كانت.



#عبدالهادي_الجميل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لم يرسمه غويا!


المزيد.....




- بالصور.. كربلاء بذكرى عاشوراء بعد دعوة وجهها مقتدى الصدر لـ- ...
- مصر.. فيديو صادم لحظة دهس فتاة في الشارع وما فعله السائق يثي ...
- إيران.. فيديو أول ظهور عام لخامنئي في عاشوراء يثير تفاعلا وج ...
- ارتفاع شديد في درجات الحرارة في اليونان بدءًا من الأحد وحتى ...
- ماذا بحث لامي مع الشرع خلال أول زيارة يقوم بها وزير بريطاني ...
- نسخة منك في المستقبل ستتوسل إليك: لماذا لا نستمتع بلحظاتنا ا ...
- مصرع 43 بفيضانات تكساس وبحث متواصل عن المفقودين
- إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ يمني وتفعّل صفارات الإنذار
- قرار أميركي -بلا أساس- بشأن أوكرانيا.. وهيغسيث في موقف محرج ...
- رئيس إفريقي يعتذر لمواطنيه عن حربين قتل بهما ربع مليون شخص


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالهادي الجميل - دعوا سوريا تستريح