أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فيصل لعيبي صاحي - رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي















المزيد.....


رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي


فيصل لعيبي صاحي

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 11:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


فيصل لعيبي
الرفاق الأعزاء
تحية عراقية صادقة .
تَردَدتُ كثيراً في كتابة هذه الرسالة اليكم ، لغرضِ نشرها في صحافتنا العلنية،لأني سبق وان أرسلت رسالة قريبة من هذه تحدثتُ فيها عن تجربتي الشخصية في الحزب ، الى الثقافة الجديدة ، لكن رئيس تحريرها رائد فهمي رفيقكم في اللجنة المركزية حالياً ًرفضَ نشرها بحجج واهية ، وكان الحال لايختلف مع طريق الشعب ، حيث أرسلتُ مادةً بيد أحد الرفاق النقابيين ، الذي حضر الى لندن قبل أكثر من سنتين ، مع رسالة خاصة وبطل كونياك راقي ( بخشيش ) الى إبراهيم الحريري شخصياً , وهي عبارة عن أسئلة تراودني , وربما تراود العديد من أعضاء الحزب ,فلم تنشرها حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه المادة ، حدث معي نفس الشيء مع موقع الحزب على الأنترنيت ، إذ رفض نشر مادة لي متذرعاً "بحجج وكلام " ، وهي مادة تصب أيضاً فيما يشغلنا جميعاً، لهذا كله ولمعرفتي بعقلية العديد من الذين يديرون دفة الحزب وإعلامه حالياً ، لا أظنكم ستنشرون هذه الرسالة في صحافتنا العلنية ، التي يجب أن تكون مفتوحة للجميع وليس لعكس وجهات النظر المطابقة لوجهات نظركم فقط ، مع الإشارة الى أني قد َسّلمتُ رسالة الى عزت صادق عضو اللجنة المركزية حالياً لنشرها في نشرة قضايا فكرية أو في مناضل الحزب وأمام أبو داود أثناء الإعداد لمؤية الرفيق فهد قبل سنوات ، لكنه رماها على أكثر الإحتمالات ، في سلة مهملاته المليئة بآراء " الروافض " من أعضاء الحزب الذين لم تعجبهم طريقة صعوده " الديموقراطية " الى اللجنة المركزية للحزب ، وكان هناك إتفاق أيضا لنشر كل ما يتم إنجازه حول هذه المئوية بكتاب ، يحمل إسم المناسبة ويقدم وجهات النظر المختلفة حول فهد وتاريخ الحزب في فترة قيادته وآثارها على مستقبل الحزب نفسه ، لكن الذي جرى هو ملف عادي وبسيط جداً ولا يليق بقامة فهد وأهمية الحدث ، إستثنى وجهات النظر الغيرتقليدية نشرته الثقافة الجديدة في وقتها بينما أهملت العديد من المداخلات والمواد التي أعدت لهذا الغرض ونٌسِيَ الهدف الأصلي لمثل هذه المناسبة الإحتفالية والتقييمية معاً ، أي إعادة النظر والمراجعة الموضوعية .

أعلمُ أيضاً أن ظروفكم ليست سهلة ، وهذا ما شجعني على الكتابة إليكم ، لشعوري بالمسؤولية تجاه مصير الحزب وحياة رفاقه ، ودرجة صحة وسلامة خطه السياسي والفكري المطلوب في هذه الفترة بالذات .وكونكم الجهة الأكثر مسؤولية من غيرها في مثل هذه الأمور ، لكن للأسباب السابقة، وخوفي من إهمال هذه الرسالة كسابقاتها ، لم أجد غير النشر في الأماكن التي يمكن لها نشر مثل هذه الرسالة ، مع أسفي الشديد لعدم تحملكم آراء رفاق لكم في نفس الحزب ، قد تبدو مختلفة عن فهمكم للأمور ، لكنها لاتقل حرصاً عن حرصكم للقضية التي نعمل من أجلها جميعا ، إذا أخلصنا النيّة حقاً .

بداية ، عليّ أن أشير إلى أن عملنا منذ المؤتمر الخامس حتى هذه اللحظة ، لم يختلف في الإسلوب عما كان متبعاً سابقا ، ولم تكن قضية الإنتخابات ، التي بدأ الحزب بممارستها ، إلا شكلية بحتة ، لأن الحماس للعمل لايزال دون المستوى ، بسبب من عدم التطابق بين القول والفعل ، نحن نعمل بناء على ردود الفعل وليس لدينا محفزات غيره ، ولم يظهرتأثير الحزب على الأحداث ولم يجند طاقاته بشكل منظم ومدروس – قََدمتٌ في حدود عام 1995 ورقة عمل ، لغرض دراسة قوى الحزب وطاقاته ، ودرجة إستعداد أعضائه ، لتكون تحت تصرف قيادته ، وإستخدامها في حالة حدوث مفاجئات غير متوقعة ، وكذلك لوضع الرفيق المناسب في المكان المناسب ، إلا أنها أعُتِبَرت من قبلِ بعض الرفاق كإستمارة إستجواب أمني ، بسبب من بارانويا متأصلة في سلوكهم العام ، وُطوَيت القضية وكأنها من المحرمات ، بينما اعتبرها شخصياً من أصول العمل الجدي السليم والعلمي الرصين ، لكل مؤسسة تريد النجاح في خطواتهاالقادمة ، فما بالكم بحزب يتعرض رفاقه الى تصفيات وإفناء مدروس من قبل النظام و الحلفاء على حدٍ سواء .
والشي بالشيء يذكر ، فإن الحزب منذ إنقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 وحتى هذه اللحظة ، لم ينجز عملاً نضالياً يشار أليه ، كما يشار مثلاً الى وثبة كانون أو إنتفاضة تشرين ، مع أن العراق والمنطقة كلها قد مرت بتقلبات وتطورات لامثيل لها ، إذا ما استثنينا , فترة الكفاح المسلح في كردستان ، والذي فسره العديد من قادتنا آنذاك ، كونه ردة فعلٍ على دموية السلطة ، وليس على أساس إنعطاف جديد في سياسة الحزب التقليدية .

مع رفع شعار علنية الفكر والسياسة في المؤتر الخامس ، إلا أننا لم نقرأ رأياً مخالفاً لرأي السياسة العامة للحزب ، ولم نلحظ عضواً قيادياً نشر رأيه المخالف لتوجهات الحزب في هذه القضية أو تلك - بإستثناء الرفيق إحسان عاكف الذي طالب صدام بالتنحي عن السلطة - فهل أن الكل متفقٌ على هذه الشعارات ؟ وهل هناك رأي واحد مثلا لايتفق مع سياسة الحزب الحالية ؟ ولماذا لانراه على صفحات أدبياتنا ؟ أين الأقلية والأكثرية في الحزب ، وما هي حصتها في الإعلام الحزبي ؟
إن خطاب الرأي الواحد هو السائد مع الأسف الشديد ، ولهذا لايمكن فهم الديموقراطية على أساس الإنتخابات فقط,.

ماذا بعد ؟
قبل سقوط النظام ، رَفعَ الحزبُ شعار : " لاللحرب ..لا للدكتاتورية " والواقع إن هذا الشعار يكرس الدكتاتورية ويدعو الى بقائها ، لسبب بسيط جدا ، هو أننا غير قادرين على إزاحتها,لأننا رفعنا شعار إسقاطها منذ أكثر من ربع قرنٍ ، ولم نتقدم خطوة للأمام ، فإذا لم تسقطه حرب خارجية – لاسمح الله – فلن نجد أنفسنا إلا وحلا بنت الريّس ماسكةً برقاب الناس ، فكان المفروض أن يكون الشعار هو : ( نعم لسقوط الفاشية ... لاللأحتلال ) ، ومع أن شعارنا ذاك يوحي بموقف صلب من القوات الأجنبية القادمة ويرفض مشروعها السياسي ، لكن الواقع أثبت أننا أول من يطوي شعاراته خلف ظهره ، فدخلنا مجلس الحكم الموقر يقودنا بريمر ( الجبار ) ، وتحت ذريعة نصائح الحلفاء من الكرد والعرب و إلحاح المحبين !، بينما الأولى بنا هو البقاء خارج هذه التركيبة الهجينة ، من تجار السياسة والمقاولين ، وكل الذين جاءوا محمولين على دبابة الأجنبي ، وغيرهم من المرتبطين بجهات خارجية عديدة ، لاتخفى على النبيه معرفة خيوطها العربية وغير العربية .

فماذا كسبنا ؟
مقرات وصحيفة وكرسي وزارة هزاز ؟ كان يمكن الحصول على معظمها، بدون هذه التنازلات ، لأن هناك العديد من القوى التي ظلت خارج مجلس الحكم ، وهي تعمل بحرية ولها صحفها ومقراتها ، وتملك جرءة لانملكها حتى ونحن ضمن مجلس الحكم ، ثم جاءت حكومة علاوي العتيدة ودخلنا في وزارتها الميمونة، المليئة بتجار الشنط السياسية ولاعبي البوكر المحترفين ، أين هي طيبة قلب سكرتيرنا الرفيق حميد مجيد موسى وبساطة وزيرنا مفيد الجزائري وصدقهما ، من أحابيل وحيل أولئك وما يوحى إليهم من خلف الستارة والكواليس ، التي أثبتنا فيها فشلاً ذريعاً ، فلم يكن في مقدور رفيقنا الوزير ، صرف ثمن ، حتى بطاقة سفر لمدعوين لايتعدون أصابع اليد الواحدة ، لمؤتمر المثقفين ، الذي عقد قبل قليل من إنتهاء مهامه الثقافية ، ولم يجري في عهده الميمون أي إهتمام بالمثقفين ولا بالنتاج الثقافي ، ماعدا بعض النشاطات التي يمكن أن تقوم بها جمعية بسيطة ، مثل تكريم هذا وذاك من الرواد ، أو التي لاتخص وزارته مثل كنس وتنظيف نصب الحرية ، الذي هو من إختصاص أمانة العاصمة أومديرية السياحةوالمصايف.
أين الإهتمام بنتاج الفنانين ؟؟ الذين حُرِموا طوال فترة نظام صدام البغيض ، من عرض أعمالهم الى الجمهور العراقي ، خاصة مثقفو الخارج ، الذين كانوا يجمعون النقود بصعوبة لطبع كتاب لهم أو إقامة معرض أو مسرحية ، ناهيك عن الفرق الموسيقية وإنتاج الأفلام السينمائية، التي تحتاج الى مالية مرتفعة نسبياً ، هل قامت الوزارة بجرد لنتاجاتهم ، التي ضاقت بها شققهم الصغيرة جداً ، هل طبعت لهم مجاميع ؟ أو أقيمت لهم عروض ؟ هل درست الوزارة وضعهم القانوني ، وقدمت مطالعة لمجلس النواب بهذا الشأن ؟ أسئلة تطول واجوبة مفقودة .!! ,

لقد كان ضاراً حقا بسمعة الحزب ، كل هذا الخلط والإرتباك بين كثرة الشعارات مع عدم امكانيات تطبيقها، ولم نجنِ من إشتراكنا في هذا المجلس الكارتوني غير إنفضاض الناس عنا ، والتوجه الى غيرنا ، ما دام الأمر يعتمد على إنتهاز الفرص لاغير ، فجاءت الإنتخابات كمقياس لشعبية حزبنا ، التي توهم البعض منا على إرتفاعها ، حتى وصل الأمر ببعضنا الإدعاء بنسب مؤية تعتمد على خياله العلمي ، فكانت النتيجة صدمةحقيقية للذين تحمسوا للإنتخابات ، أكثر مما كانت للذين لم يشاركوا قيادة الحزب توقعاتها.
لم يك علاوي من جنسنا ولا نحن من جنسه ، والعمل معه هو لصالحهِ وليس لصالحنا ، فمن غير السهل أن ينقلب علاوي على عقبيه ، مثلما كان إنقلاب صدام حسين نحو الإشتراكية العلمية مستحيلاً ، كما عول العديد منا أيام المرحومة جبهتنا الوطنية ، وهوشخص مرتبط بقوى خارجية ، ولايمكن الركون أليه هكذا بمجرد حصولنا على وعد منه ، لإشغال مقعد وزاري أو برنامج زاهي الألوان ، سرعان ما تتبخر مواده ومضامينه ، بحكم زحمة وتراكم عقود البزنس على مكاتب وزرائه ، فينسى عهوده ، كما نَسِيَ جميع من تحالفنا معهم عهودهم ومواثيقهم معنا .
هكذا فرطنا بالإحتياطي الذي كان يمكن أن يقف معنا ، لوتمسكنا بشعار يطالب بجدولة خروج الإحتلال وإقامة النظام الديموقراطي , والذي يمكن تطويره شيئاً فشيئاً نحو مواقع أكثر تماساً مع تطلعات الناس ، لقد دخلنا السوق ، بعد ترتيب كامل المشهد تحت سقيفته ، فكان حالنا مثل حال الإمام علي بن أبي طالب بعد وفاة النبي محمد مباشرة ، إذ أنتزعت منه حتى قرية فدك ، التي أقتطعها النبي لإبنته فاطمة وزوجة علي نفسه .


كان كرسي الوزارة هو الطعم الذي أٌصطيد به الحزب ، بينما حصل البعض عليها حتى بدون جهد ُيذكَر، ولم يك معتمداً على جماهير أو تاريخ مشرف ، بل هو أقرب الى النكرة بالنسبة لشعبنا ، ولايملك في البنك الوطني للنضال في العراق ، حساب بمستوى حسابناالجاري ، والمعمد بالشهداء والتضحيات الجسام ! والبعض من هؤلاء ، لايتعدى تاريخه ونضاله ، اللطم وأكل الهريسة والقيمة الحسينية ، مع كتابة الحروز والعوذ والسحر والبصاق في وجوه المخدرين والمرضى والمجانين ، بغية طرد الشيطان ، الذي تلبسهم مقابل مبالغ معتبرة . ولا أدري لماذا لايقف العلماء الأجلاء لهذه الطائفة ، ضد الممارسات الوحشية في مناسبة إحياء واقعة كربلاء الأليمة ، وألاعيب وخزعبلات المشعوذين وحيلهم المضّرة بطائفتهم بالذات ؟ !!
.
أكررُ ، كان علينا أن ننتظر ما تنجلي عنه الغبرة ، ليتبين لنا المشهد على حقيقته التي أمامنا حاليا ، ولاداعي لتذكير القيادة الطليعية ( ! ) بضرورة إستخدام قدرتها على التوقع والتنبؤ في مثل هذه الظروف , وإلا فما نفعها إذن ؟ فلو كنا معارضة خارج مجلس الحكم ، وننشر مواقفنا الصريحة والجدية للرأي العام العراقي ، لزاد رصيدنا الجماهيري ، ولكسبنا حتى بعض الذين لايتفقون معنا في كثير من الأمور ، خاصة أولئك الذين يرون في الإحتلال ثلماً لسيادة البلد ، أوالذين تضررت مصالحهم بمجيء القوات الأجنبية ، دون أن يكونوا أعضاءاً في حزب البعث ، أو من الذين أجبروا على الإنتماء إليه بالقوة ، إضافة الى مجاميع مختلفة ، من الذين يمقتون الطائفية والنعرات الشوفينية وضيق الافق القومي ، ممن أرعبهم الظهور المفاجيء لرجال دين ورؤساء عشائر وإقطاعيين ، كقادة سياسيين ، لبلد له تاريخ متميز علمانياً، ولكانت نتائج الإنتخابات الأولى والثانية مختلفة تماماً - مع أني ضد مشاركة الحزب فيها أساساً - هكذا أخذنا نبتعد عن شعارنا الخاطيء أصلاً ، لكن بخطأ أفدح من خطأ الشعار نفسه .

تصورت قيادتنا بعد سقوط النظام ، أن الدنيا ( كمرة وربيع ) ، ففتحت المقرات ورفعت الأعلام الحمر وكأننا في أيام 59 ، وهي أيام دفعَ الحزبُ بعدها ثمناً باهضاً ، بسبب غفلة القيادة آنذاك وغرورها ونشوة النصر الأولى ، التي لم نحسن تطويرها ، مع أن العراق اليوم ، قد أصبح أكبر مرتع لأجهزة المخابرات الدولية وعلى رأسها طبعا ، المخابرات المركزية الأمريكية ، وعِلمَنا أيضاً بالموقف السلبي لمعظم القوى السياسية المتحكمة بالوضع العراقي اليوم من الحزب ، وفي جو ملبد بالطائفية والحقد على كل ما هو علماني- تقدمي وإنساني معاصر وحديث ، وبممارسات إنتقامية وثأرية تلبست أساليب التصفيات الجسدية ، للخصوم السياسيين والمعارضين للدولة الدينية والإحتلال معاً.
أين العقل والحكمة والذكاء والفطنة ، ودروس الماضي والحذر واليقظة ؟؟؟ .
كم رفيق شيوعي فقدنا خلال هذه الفترة ؟
هل تستحق مشاركتنا مع مجموعة الذئاب هذه ، هذا العدد من الشهداء ؟ ؟؟
ألا تتطلب خسارتنا في الإنتخابات وفقداننا لهذا العدد من الشهداء وتدهور الوضع ، الى مستوى كارثة الحرب الأهلية من الحزب وقفة جادة ؟
أين روح تحمل المسؤولية والإعتراف بالخطأ ، وتحمل القيادة مسؤوليتها عنه ، كمؤشر على النقد الذاتي والأعتراف بالقصور ، في ظرف دقيق لايتحمل محاولات تجريبية غير نافعة أساساً ؟
ما هي حصيلة نجاحاتنا إن وجدت ؟

هل حقاً أن أن أياد علاوي رجل المرحلة ورجل المستقبل ، وهل يؤمن قادتنا بهذا الشعار ؟
لماذا ننضوي تحت مثل هذا الشعارالبايخ جداً ؟ هل من أجل كرسي وزاري آخر كذلك ؟
تتحجج قيادتنا عادةً ، بكونها إستشارت الكوادر والمنظمات في ذلك ، بينما الأمر يحتاج الى لقاء موسع , تدرس فيه كل الإحتمالات ، خاصة ونحن نملك خبرة غنية في موضوعة الجبهات ، سواء السياسية منها أو الإنتخابية وعلى مدى عقود ، لقد وشوش لي مسؤولي الحزبي ، ليسألني عن رأيي في مشاركة الحزب في الوزارة مع علاوي ورهطه ، ونحن في ندوة عن الطائفية, عقدت في كاليري الكوفة ، وعندما سألته التأني والإنتظار حتى تنتهي الندوة ، رد علي بأن القضية مستعجلة وعلي أن أقول :لا أو نعم ، فالجماعة ينتظرون على نار على التليفون .
هل يمكن مناقشة قضية من هذا النوع بهذه الطريقة والأسلوب ؟ أم أن الأمريحتاج الى أعداد جيد ومدروس مع وثائق وجداول وأرقام ومعلومات وإحصائيات إذا توخينا الدقة ، وهذا ما تفعله أبسط شركة ، تريد النجاح في عملها ، وليس حزباً يقود نضالاً ضارياً على جميع الجبهات ، في ظروف معقدة جداً مثل التي نمر بها الآن ، إذ لم تعد العواطف والشعارات كافية لرسم سياسة صحيحة وتجميع الناس حولنا ، أن كل هذا يعكس اللاجدية وعدم إحترام عقول الناس ، أو لفلفة الأمر بإتجاه كلمة ( النعم ) ، التي يتحمس لها من يريد الحصول على موقع قدم في وزارة معروفة توجهاتها مسبقاً ، خاصة وأن علاوي قد سبق ونال قسطه من الحكم ، فلم يفعل غيرزيادة تعقيد الأمور ودفعها نحو التدهور والإنحطاط .
أما قضية كركوك ، التي تورط بها الحزب ، بسبب طيبة أكثر من اللازم أو شيء آخر ، فهي ثالثة الأثافي ، مع أن الجميع يعرف ، أن قضية كركوك لايقدر على حلها حتى رب العالمين نفسه ! كيف تسنى للحزب قبول هذه المهمة – المعضلة؟ ولماذا تتبرع قيادة حزبنا ، مشكورةً في توريطنا بمثل هذه المطبات ؟ وكأننا ليس لدينا مايكفي من المشاكل ! وهاهو سكرتيرنا حائر بين الرفاق ، مثل أم العروس لاهو فاضي ولامشغول ، ولم تبت الحكومة الجعفرية الموقرة حول المسألة حتى الآن ، والرفيق لايعرف عدد العاملين معه وما خصص لها من ميزانية ، ولانريد أن نقول أطرش بالزفة ..
ماهو مقدار فائدة الحزب ؟ فيما لو أظهرت النتائج النهائية ، لهذه المسألة العويصة حلولا لاتوافق بعض الطوائف عليها ، أو ظلماً وإجحافاً لبعضها الآخر ! ألا تكفينا مشاكلنا ، مع القوى السياسية الحالية ، كي نزيد عليها ما لاطاقة لنا به ؟

والآن ، ونحن على أعتاب المؤتمرالثامن لحزبنا ، كيف ستجري الأمورعلى المستوى السياسي والفكري وحتى التنظيمي ؟
شخصيا ، لاعلم لي بالتبدلات التي جرت للحزب في الداخل ، لكني أعرف أن أساليب العمل السابقة والنظرة للمختلف مع سياسة الحزب أو خطه العام هنا في الخارج ، لاتزال على ما هي عليه " أيام االمزَبَن " ،على الأقل في المنظمات التي عملت فيها ,

1- أعتقد من الأجدر التفكير بطريقة جديدة للعمل ، تبتعد عن التجارب السيئة ، التي مورست بحق العديد من أعضاء الحزب ، الذين اصبحوا بسببها خارج الحزب مع الأسف ، والتحلي بالشجاعة المبدأية أيضاً للأعتراف بالخطأ وتصحيحه ، حتى لو كان المطلوب إرسال رسائل شخصية لهؤلاء ، مع الأعتذار لهم بإسمنا جميعاً على ما لحقهم سابقاً من حيف ، خاصة وأن فيهم من الطاقات والمواهب ، التي يفتخرويعتز بها مجتمعنا العراقي .

2- أن يقوم الحزب بجرد وإحصاء رفاقه وقدراتهم وما يمتلكون من مؤهلات علمية ومهنية وتجارب في الميادين المختلفة ، لتوجيهها الوجه الصحيحة ، التي تفيد الرفيق والحزب معا ، وأن لا تغمط حقوق العضو بحجة مصلحة الحزب ، فالحزب جهاز تنفيذي ، وليس كعبة تُعَبد ، ومصلحة الإنسان هدفه ، ولايمكن للجهاز أو الأداة أو الآلة ، أن تعمل إذا لم يكن تنظيم عملها مبني على الامكانيات المتوفرة ، وبناءً على خطة عمل واضحة ومحددة ، والمطلوب اليوم الأعتماد على البيانات وجداول الإحصاء والمعلومات والثقافة الحديثة ، لرسم خطة وسياسة وبرنامج واقعي ملموس وقابل للتنفيذ .

3- من الضروري التخلي عن تمثيل الحزب بالسكرتير الأول فقط ، في المقابلات واللقاءات ، حتى لو كان الصحفي أو الجهة المعنية قد حددت ذلك ، لأن تكريس هذا التقليد ، يضعف من حيوية المشاركة الجماعية ويغمط حق أصحاب الأختصاصات في هذه المسألة أو تلك ، فليس من المعقول أن يكون أبو داود عليم بالطماطة والبطيخ وعلم الفك والجاذبية وقوانين الفيزياء والنفط والكباب بنفس الدرجة . لنتخلص من صورة القائد العبقري ، الذي لاتخفيه خافية ، كما كان الحال عند جوزيف ستالين وغيره من قادة الحركة الشيوعية وغير الشيوعية ، وكأنهم آيات الله ، المنتشرين حالياً في أوساط الجماهير الجاهلة والمنزوعة الإرادة والمنومة مغناطيسياً .

4- على الحزب أن يتصرف في الوقت الحالي ، بطريقة حكومة الظل ، أي أن يكون له ناطق عن السياسة الخارجية للحزب و ناطق عن قضايا النفط وآخر للزراعة وغيره للصحة وخامس للتربية الخ ، وأن لايكتفي بالطريقة القديمة في العمل ، أو الإعتماد على جبهات وكتل سياسية وتحالفات جانبية ، تجعله بعيداً عن توصيل رأيه الخاص في هذه القضية أو تلك .

5- التخلص من هيمنة اللجنة المركزية على المواقع الحيوية ، خاصة في قضايا الإعلام والثقافة والمعرفة عموما ، ليأخذ أصحاب الكفاءات من أعضاء الحزب ، فرصهم و وبناءً على الجرد الذي تكلمنا عنه سابقا ، ولتتنوع التجارب والخبرات ، ولا تحصر بيد قلة أثبتت التجارب ، على سوء تصرفها في العديد من المواقف والمنعطفات الخطرة في حياة الحزب .

6- يجب أن يكون دور اللجنة المركزية في هذا الظرف الجديد من عصرنا الحالي ، تنسيقياً بين الإختصاصات وتنظيم سيرها بشفافية ومرونة عالية ، ليتم التطور الداخلي والخارجي بإنسجام مع مصالح قوى المجتمع العراقي الحية ، وكذلك لصالح الحزب كقوة تقدمية وديموقراطية ومستقبلية أيضاً، والتخلص من هيبتها المفتعلة وعلمويتها المبالغ فيها ، مع الإحتفاظ بحقها الطبيعي ، الذي يكفله النظام الداخلي ، الذي يجب تخليصه من المواد التي لها علاقة بالنضال السري جداً .

7- جعل صحافة الحزب ملك لجميع أعضاء الحزب ، لهم الحق في الكتابة فيها ، وعدم منع المواد التي لاتتماشى مع الخط العام بحجج مضحكة لم تعد تقنع أحد ، وضرورة نشر الأفكار المُختَلَف عليها أيضاً ، ليطلع عليها بقية أعضاء الحزب ، وبهذا يستطيعون تشخيص الرفيق ، الذي يمكن أن يمثلهم في المواقع الحزبية المختلفة بيسر وشفافية ، ومن أجل إغناء الحوار والنقاش الحر والمسؤول في مختلف القضايا .

8- نحن حزب علماني ، ويعتمد الفكر المادي بمعناه الفلسفي ، وليس بالمعنى الدارج العامي للمادية ولهذا فإن من مهام الحزب الفكرية الجادة والمطروحة حالياً بشكل ملح ، هو الموقف من الأحزاب الدينية ، فهي احزاب ليست سياسية ، وإنما قوى فاشية ، تريد إعادة التاريخ الى أربعة عشر قرنا للخلف ، وهي لاتستخدم وقائع الحياة المعاصرة وحقائقها ، بل نصوصاً مقدسة لديها ولايمكن الجدل حولها ، مع أن إمامهم وولي الله وحجته عندهم الإمام علي بن أبي طالب ، كان من أشد المعارضين ، لإستخدام القرآن في الصراع السياسي ، حيث نبه ممثله أبا موسى الأشعري قائلاً : " لاتجادلهم بالقرآن فالقرآن حمّال أوجه " عندما توجه الى أصحاب معاوية ، لحسم الصراع في صفين بالتي هي أحسن ,
وهنا تجدر الإشارة الى أن المقصود هنا ، ليس العامة من أتباع هذا المذهب أو ذاك ، وإنما القادة الحزبيين لمثل هذه الحركات ، من الذين يريدون جر الشعب العراقي الى حربٍ أهلية طاحنة ، فنحن لم نختلف مع أبناء الطوائف المختلفة ولا مع مكونات الشعب العراقي المتنوعة ، بل العكس هو الصحيح ، إذ يضم الحزب كل الطوائف والمكونات العرقية والمذهبية والدينية لشعبنا ، ومن هنا يكتسب الحزب أهمية فائقة ويتميز عن غيره بمزايا إنسانية فريدة ، لكنه ملزم بتنبيه مخاطر التعصب الديني والطائفي والعرقي ، الذي لم ينفع دعاته ودهاقنته ، وأمامنا تجارب الأديان و الأقوام الأخرى في هذا الخصوص.

9- لقد إقترفت قيادة الحزب في المؤتمر الخامس خطأً كبيراً في تقسيم الشيوعيين الى أكراد وعراقيين ، وكأن الأكراد لسو بعراقيين ؟ وخضعت لميول إنتهازية داخل حزبنا ، وغذّتها نوايا خبيثة من قبل القوى المعادية للشيوعية في العراق ، من العرب والكرد على السواء ، لتشق الحزب وتجعلة غير قادر على لعب دوره المطلوب ، ولهذا فأنا أرى ضرورة عودة الأكراد الى أحضان الحزب الشيوعي ، ومن يرغب في البقاء في الحزب الشيوعي الكردستاني ، فهذا شأنه ، لأننا حزب أممي ٌ بالدرجة الأولى ، ونحن مع حق تقرير المصير لكافة الشعوب صغيرها وكبيرها ، لكن علينا أن نعالج كل قضية بظرفها الملموس ، وليس على أهواء ونَزَعات بعيدة عن الواقع ، ومفيد هنا أن نتذكر أن حدك وأوك قد طالبا في أكثر من مناسبة وزاودا علينا ، في هذا الشأن ، لكن الواقع وتوازن القوى ، لم يسمح لهما بتحقيق مغامراتهما ، التي ستدفع الشعب الكردي الى جحيم صراعاتهما الخاصة والضيقة ، والتي لم تنتهي حتى هذه اللحظة ، وأنقسام كردستان العراق الى شطرين ، دليل على نتائج مثل هذه المغامرات في الوقت الحاضر.

10- هذا يجعلنا نطرح سؤال النضال القومي العربي ، بعد فشل التجربة الناصرية وتجربة البعث بشطريه العراقي والسوري ، أعتقد أن دراسة هذه القضية من قبل الشيوعيين العراقيين وغيرهم من الشيوعيين في البلدان العربية ، جديرة بالبحث وتبني برنامج تقدمي ديموقراطي ، لتنشيط التعاون المثمر ومن خلال منظمات المجتمع المدني والنقابات والإتحادات والجمعيات الأهلية وغيرها ، إذ سيعود بالنفع على هذه الحركة وتسترجع من خلال ذلك دورها القومي- الوطني ، في سبيل مصالح الشعوب العربية والدفاع عنها ، فلا تزال أجندة هذا النضال مليئة بالمطاليب والإستحقاقات الملحة .

11- بقيت قضية إسم الحزب ! الذي يدور حوله همس ولمز ونقاش يرتفع تارة وينخفض أخرى ، أنا شخصيًا مع بقاء الأسم ، الذي تعمد بالدم والتضحيات وذاد عنه خيرة أبناء شعبنا ، والشيوعية بعد ذلك هي حلم كل البشر من مؤمنين وغير مؤمنين ، وما الجنّة ؟ غير عصر الحرية والتمتع بما لذ وطاب من نِعَم الطبيعة والحياة ! وكحزب له رؤية مستقبلية ، يجب الإستعداد للعولمة المقبلة علينا ، لتهدم الأشكال القديمة والنظم المتخلفة للعلاقات بين البشر ، وإقامة العلاقات الحديثة والمتطورة ، مع ما يصحب ذلك من دمار ومآسي وربما حروب ، لأن الولادة الجديدة لاتتم بدون آلام ، وهذه هي سُنّة الطبيعة و التاريخ والحضارات في كل زمان ومكان ، وما يجري الآن في العراق ، هو ثمن التحول الجذري والإنقلاب النوعي نحو العصر الحديث ، ومن الطبيعي جداً أن تتم مقاومته بحجج مختلفة وبسبب المصالح المتناقضة، أضافة الى أنه يتم تحت حراب المحتل والقوات الأجنبية ، مع الأسف الشديد .
رفيقكم فيصل لعيبي



#فيصل_لعيبي_صاحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة
- ثقافتنا


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فيصل لعيبي صاحي - رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي