أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشاعرة التونسية أمنة هادية تضيء ذاكرة الوطن..قراءة نقدية في قصيدة أيا تونس..يا من تسكنين خلق الشغاف















المزيد.....

الشاعرة التونسية أمنة هادية تضيء ذاكرة الوطن..قراءة نقدية في قصيدة أيا تونس..يا من تسكنين خلق الشغاف


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 5839 - 2018 / 4 / 8 - 22:57
المحور: الادب والفن
    


التجربة الشعرية للشاعرة التونسية أمنة هادية غنية وحافلة بالعطاء الإبداعي والتنوع الموضوعاتي, كتبت عن الوطن (تونس) وعن الوَجد والحب بأبعاده الإنسانية والحياة والوجدان والقصيدة..
ولكن
قبل أن يخوض المرء في الحديث عن صورة الوطن في شعر أمنة هادية يجدر به أن يحدد تعريفاً لهذه المفردة التي لم تكن ذات حضور كبير في الشعر العالمي،والشعر العربي(1) كذلك. ويبدو أن بروزها أخذ يطفو على السطح، ضمن فهم جديد، في مرحلة نشوء الدول ذات الكيان السياسي المحدد جغرافياً. «والوطن بالمعنى العام منزل الاقامة، والوطن الأصلي هو المكان الذي ولد به الانسان، أو نشأ فيه. والوطن بالمعنى الخاص هو البيئة الروحية التي تتجه اليها عواطف الانسان القومية.ويتميز الوطن عن الأمة (Nation) والدولة (Etat)بعامل وجداني خاص،وهو الارتباط بالأرض وتقديسها، لاشتمالها على قبور الأجداد»(2).
ونقرأ في المعجم الفلسفي المختصر، تحت مفردة «الوطنية»، ما يلي :
«مبدأ يعبر عن حب المرء لوطنه وعن استعداده لخدمة مصالحه.انها انشداد المرء الطبيعي نحو مسقط رأسه، نحو اللغة الأم والتقاليد الوطنية،واهتمامه بمصير البلاد التي ترتبط حياته كلها بها».
ونقرأ أيضا :
« ولكن المشاعر الوطنية لا تأتي عن أسباب غيبية، من «صوت الدم» أو «العرق» كما يزعم المنظرون البرجوازيون. فهي تظهر تاريخاً، بتأثير ظروف حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، ولذا فان مضمونها يتغير تبعاً لتغير تلك الظروف"
وتحضر تيمة الوطن في قصيدة أيا تونس..يا من تسكنين خلف الشغاف للشاعرة التونسية أمنة هادية موضوع الدراسة, بشكل قوي ومهيمن, حيث تحتفي فيه الشاعرة بوطنها تونس,تجعله في قلب الشعر والخيال والتفكير وفي قلب الأحداث,هو المحور المركزي وفي فضائه الأنا والجماعة روحا وجسدا.
تونس أنت يُؤنس فيك الزائر.
بربرية الشعر والأساور.
كحلُكِ العربيّ زاد جماله.
أراك اليوم يا تونس حائرة.
ثكلتُ أبنائي وقد تلطخت بدمائهم
حيطاني .
فيا سيّدي التاريخ
بُح لهم بكلّ أسراري .
تصدّعت جُدرانها من ضرب الرّصاص
ووطئتها أقدام همجيّة و ما كانت لتُداس.
هذه عليسة ضيفة على أرضنا.
شيّدت مجدا كان فيه عزّنا.
ويا حنبعل لا تبتئس.
أعلام قرطاج لا تنتكس.
تصدّعت جدرانها من ضرب الرّصاص.
ووطئتها أقدام همجيّة وما كانت لتُداس.
أنا إبن خلدون رائد علم الإجتماع.
أتونس الخضراء لتجّار الكلام تُباع؟
تصدّعت جدرانها من ضرب الرصاص ووطئتها أقدام همجيّة
و ما كانت لتُداس.
إلى من تحركّت في وجدانه بقرآننا الكلمات.
أُنفض غُبار التاريخ وتحقّق بكلّ ثبات
أنا عقبة بن نافع من القيروان أقولها
"تونس انت... تونس انت
كنت للإسلام منارة."
وإن صار شكّ في هذا أقولُ
"يا للخسارة "
تصدّعت جدرانها من ضرب الرّصاص ووطئتها أقدام همجيّة
وما كانت لتُداس.
أيا تونس من واحات الجنوب جاءك النداء.
ابو القاسم الشابي علّمك معنى الإباء
تصدّعت جدرانها من ضرب الرّصاص ووطئتها أقدام همجيّة
وما كانت لتُداس.
التونسيّة من دون النساء إستثناء
أروى قالت لعصر الحريم
"لا وألف لا "
تصدّعت جدرانها من ضرب الرّصاص ووطئتها أقدام همجية
و ما كانت لتُداس.
صغيرة أنت يا حوريّة بين الأمم .
عظيمة أنت في شحذ الهمم.
طوق الياسامين على جيدك ثورة
بحبِّ الحياة كان التونسيُّ صُراخه
ودماء العشاق دوما مباحة
تونس أنت يؤنس فيك الزائر.
بربرية الشعر والأساور.
كحلك العربيُّ زاد جماله.
أراك اليوم يا تونس حائرة
حينما قرأت هذا النص توقفت عند عتباته المهمة من حيث التشكيل في الصورة والسينوغرافيا والالوان واللغة والمشاعر من جهة،، والابداع والتألق والانطلاق في عالم كتابة الشعر..
لغة الشاعرة أمنة هادية تتميز بالدلالات المتغيرة (غير ثابته) لوصف الصورة التي تتشابك في ذهنها وخيالها، وتعصف لنا صورا شعرية متحركة ..لان الصورة الشعرية وبحجم الشاعرية التي تحملها تكون جوهراً للشعر، كما هي روح القصيدة التي تمتد من اول عتبة الى اخرعتبة لتثبت للقارئ الصلة بين الواقع والتأثير المهم جداً، لذلك تأتي الصور قوية ! كل مفردة لها خصوصية في حواس القارئ وشعوره،لأن فن الصورة مرتبط بمفهوم الفن لدى الشاعرة أمنة هادية..
والناقد بطبيعة الحال يبحث عن الجمالي في الصورة وعن التجربة الفنية والحالة النفسية للشاعر..
وايضا يبحث الناقد في مستويات الشاعر المتميز من حيث كيفية تجددالصورة ونشاتها في فكره وخياله وعكسها للقاريء لان الحواس وحدها غير كافية بتوصيل ما نصبو اليه، بالاضافة الى بحثه عن الانزياح اللغوي وتحديث اللغة عند الشاعر، وبين الذاتية والموضوعية نتوقف كثيرا، لأن حجم الشاعرية والانزياح اللغوي، وتشكيل الصورة الجديدة، وسعة الخيال والمخيلة وسائل نكتشف بها معايير مهمة لجمالية الصورة الشعرية عند اي شاعر،وهي بصراحة مفاتيح للناقد مهمة لتفكيك اي نص شعري، حتى نصل الى جوهر النص وجمالياته الفنية..
الشاعرة أمنة هادية لم تأتي بالصدفة ابدا انما هي ثمار تجارب عديدة حاولت ان تمزقها لكنها كانت قوية من الداخل، حيث تمتلك الذائقة الشعرية لتبوح نتتكلم وتصرخ ، لها الشغف الكبير والمعرفة في حب الوطن،لذلك جعلت اهتمامها في الشعر في قلب اهتماماتها ،وجعله صوتها المنحدر من اي مكان يسكنها صوب الوطن ..وليس صدى .
الصوت والكلمة والطاقة التي يمتلكها الشاعر ضمان كبير في تركيبة الصورة وانعكاسا لحياته، وبنفس الوقت انعكاس لمفهوم المكان -الوطن - لان الزمان ماعاد يشكل شيئاً الآن .. فالذاكرة تعتمد المكان اولا ًثم تخوض في الازمنة لاحقاً لتثبت من قبل الاسماء كدلالات معروفة للقاصي والداني، ومن اهتم بشأن الادب والتاريخ . وهذا التقابل الفني بين واقع الشعر المعيش وبين ركام التاريخ يؤسس لوعي ولاحساس الشاعر في فكره ووجدانه بحب الوطن ومتابعة معاناة الناس..
نص شعري تتدفق منه مشاعر خليطة من قوتين اساسيتين هما الفكر الانساني الذي تحمله الشاعرة ونبضات قلب حساس رهيف شفاف، يشكلان قوة نابضة في دعائم النص، وهما في نفس الوقت الجسر الذي تعبر به الشاعرة-أمنة- الى الانسان القاريء وبالتالي تضيف تفاعلاً عضوياً في المجتمع، وبالمحصلة يتحول النص الى ثمرة جميلة فيها من التكامل الروحي والانساني .. وتسكن في مخيلة القاري ويتدفأ بها وباحضانها ! كعاشقة، كحبيبة ! كمعشوقة،، كمعشوق ! فالنص يسري على المذكر والمؤنث بنفس التوجهات، لان الجميع يعيش داخل الاسوار..أسوار حب الوطن (تونس)
وانا هنا بصراحة لا اتساهل في مسؤولية الكتابة النقدية من حيث المحاباة في الاصدقاء، كوني ولسبب بسيط لااعرف الشاعرة-أمنة هادية- عن قرب ابدا ..انما اعرفها عن بعد لمتابعتي اعمالها الشعرية وما تكتب بالفن والادب وهذا من تخصصي انا ! وقد استحوذ علي هذا النص لان اسجل له ما يستحق من حق واستحقاق وكنشاط ابداعي له ولتجربتها الشعرية وفي قصائدهى المتعددة وهي إبنة تونس-مهد الثورات العربية-ابنة الشعر وابنة السرد والحكايا ومكامن الوعي الجمالي في العلاقة بين السحر في اللغة والشعر وما بينهما من انتاج للوعي المتجدد في فضاء وروح أمنة هادية..
المراجع:

1-لم تتكرر كلمة وطن كثيراً في الشعر العربي. وفي لسان العرب المحيط للعلامة ابن منظور، وهو معجم لغوي علمي قدم له الشيخ عبد الله العلايلي وأعده وصنفه يوسف خياط ونديم مرعشلي. ورد التعريف التالي لمفردة وطن :
موطن: اقليم يتسم بخصائص طبيعية تلائم احياء معينة.
بيئة: مكان له ظروف خاصة يستوطنه بعض الأحياء مثل ساحل البحر والغابة والمستنقع.
الموطن الأصغر: هو الموطن البيئي الخاص الذي يعيش فيه كائن ما.
موطن الأصل : موطن الشخص عند ميلاده.
2- انظر : جميل صليبا، المعجم الفلسفي، بيروت 1982. ج2 ص 580 .



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيروتيكية في قصيدة: أسرجت غيمتي إلى محراب عشقك..للشاعرة ال ...
- ..حتى تكون رؤية-جيل اليوم-الرؤية المضادة لجيل الهزيمة..
- هل سيظل العراق.. قابعا في أسر الماضي؟!
- هل بإمكاننا بناء سوق عربية مشتركة.. في ظل ما يسمى بّ- لربيع ...
- لا حرية للوطن..ولا تقدّم للمجتمع بغير الديمقراطية
- العرب..في مواجهة الإختراق الثقاقي الكوني
- على هامش الحرب الأمريكية المفتوحة على –الإرهاب-كيف تستقيم ال ...


المزيد.....




- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشاعرة التونسية أمنة هادية تضيء ذاكرة الوطن..قراءة نقدية في قصيدة أيا تونس..يا من تسكنين خلق الشغاف