أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجليل ولد حموية - ميت مع وقف التنفيذ














المزيد.....

ميت مع وقف التنفيذ


عبد الجليل ولد حموية

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 20:43
المحور: الادب والفن
    


ميت مع وقف التنفيذ

الجو بارد، أصابع قدمي تتجمد، لون الباب الحديدي الناصع يخنقني، يشبه عنقك في الشتاء، أحاول رغم ذلك أن أهرب من ظلك كما يهرب الكلب من ذنبه، فأفعلُ أشياء بلا معنى والليل أحكم قبضته على الوجود، الأشياء تتداعى من حولي كأنها تدفعني بتسلط نحو ذكراك، أراوغها، أمسكُ فنجان قهوة نسيت تاريخ انتهاء صلاحيته، كل ما أذكرهُ أن احداهن اعتذرت عن شربه، أتصفح كتابا سوسيولوجيا مملا، أتلو قصائد شعر كتبت في الحرب تمجد عشق الدماء، أنهي فيلما أجنبيا كنت قد بدأته، يحكي قصة شاب دمرته فكرة أصغر مما فوق البعوضة، بعض الآيات من كتاب مقدس أجهل كاتبه، قبل أن أصل الجحيم يحضر طيفك، أحاول الابتعاد بذهني فلا أقوى على التحرك مسافة تنهيدة، كأني أعدو في حلم مزعج، يطاردني ظلك كقاتل متسلسل بسرعة الضوء وأنا كالجعران المنبطح على ظهره، صفحة صفحة كجرذ القذافي، بيتا بيتا كقاتل المتنبي، بين قُبل الفيلم مثل مقص الرقابة، وبين الترانيم الملوثة بالعشق كراهب مخضرم، يقذفني بسهام الكوابيس، أستنزف مخزون الجري ولا تُستنزف جبته. أصل إليك فارا منك، ألهتُ وأصرخ: أسألك بكل اسمائك أن تعلميني درسا أخيرا، كيف أموت، كيف اخنقني بك، أما الخلاص؟ كلما نويتهُ وجدتني أغوص فيك أكثر، لا أمل منك إلا فيك...
خرجتُ من بين المكعبات أتحسس السماء، ربما يكون الصبح قد نضج قبل أن ينضج النوم في عيني، مللت الانتظار، لا أنتِ جئتِ ولا أنا ذهبت. ولعتُ النار في رسالة قديمة كتبتها لك، لم تكن لدي الجرأة لأضعها في صندوق البريد، بقيت كلماتها في ذهني مسجونة مثل الوصايا المقدسة بين شفاه راهبة عشرينية، أتعبني حملها، لمحتُ وسط اللهيب اسمك يحترق ببطء، قبل أن تتم النار الذكرى، احترقتُ قبل مشاهدة النهاية، شكرتُ النار المتقدة داخلي، ربما تكون القصة بنهاية مقطوعة كشريط مغربي كلاسيكي.
حملتُ أتعابي العاطفية عائدا إلى المعبد، مكسور الوجدان، خائر القوى، تتقاذفني الآهات كأم فقدت رضيعها، اتساءل بين الخطوات: أهو الحب قاس حتى الاحتراق؟ أم أنها عقوبة السماء على محاولتي الابتسام للقدر يوما ما؟ الجواب واضح كوضوح الحب في عين المتيم، هو القدر إذن، يعذبك على محاولتك افساد حفلاته السادية.
تمنيت لو لم أخرج من البيت ذاك اليوم، لو كان يوما ممطرا، أو كانت رياحا عاصفية، زلازل بترددات تشل ريشتر، براكين بصهارة ميتافيزيقية، جراد بألسنة الثنانين، طاعون أكبر من طاعون كامو، أو قيامة حتى، وتجنبتُ دخول حرب طاحنة بوردة ذابلة، لا الرصاص شاهدها وتوقف، ولا هي كانت شاهدا على قبر دفن فيه قلب فارغ. كنتِ وكنتُ، وبعد لحظات صرنا، لا أحد منا اعتقد أننا، لا الجمهور ولا الممثلون على خشبة مسرح الحياة، كُتب السيناريو بنظراتنا، نقش الحوار بالقُبل، تسارعت الأحداث وجرى المداد على الورق، وتشكلت التراجيديا بالفراق، فكان الفناء. لم يحدث شيء مريع بعدها، فقط شذرات منثورة في أركان ذاتٍ قضت نحبها: الموسيقى الهادئة، روايات الحب، سجائر خفيفة كما كنت تحبينها، مئات المقالات العلمية عن الاكتئاب، وفقدان النوم والرغبة إلى الأبد…
الحب، هو أكثر الفجائع جمالا، يقول أحدهم في ثلاجة الموتى ينتظر دوره ليموت رسميا، يمسك بين يديه مذكرة يخُط فيها كلمات تشبه الشعر، من الميت فلان إلى الحية فلانة، أما بعد...أختلس النظر وأعود إلى الفراش مسرعا، قبل أن تستيقظ الذكريات كلها، وتفقد المكعبات حرارتها الباردة، تأخر الوقت، وقد استهلكت اليوم حتى آخر سمر، ولم يبق وقت كثير للغد، ربما أحصل على رخصة الدفن غدا لو كنت محظوظا…



#عبد_الجليل_ولد_حموية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حداثية إلى أن يأتي عريس


المزيد.....




- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجليل ولد حموية - ميت مع وقف التنفيذ