أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد ربيع - الجري نحو القمة - الفصل الثاني















المزيد.....

الجري نحو القمة - الفصل الثاني


فؤاد ربيع

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 00:52
المحور: الادب والفن
    


من كتاب (كنت في الأزل )

الجري نحو القمة
للكاتب : فؤاد ربيع

الفصل الثاني
الموجة الذي قذفتنا الى الاعلى والتي شبهتها بالفورة قد غمرتنا برحيق الحرية الأخاذ , وفجأة أخذتنا الموجة الى الاسفل .ثم الاسفل الى أعماق سحيقة قد انقطعت أنفاسنا والذي نجى ظل يبحث عن أهله الباقين يلهث على الساحل لعله يجد أحداً منهم ولكن بدون جدوى بل ظل يعيش بأمل اللقاء ويرفض أنهم لن يعودوا. والقليل منهم قد أقتنع أنهم قد أعدموا بالجملة ولم يعودوا . وبدأ الحصار وكان تأثيره مدمرا على محافظات الغدر والخيانة كما كان يكررها القائد دائما وبدأ قطع الكهرباء وارتفاع الاسعار وبدأ تضخم ثقيلٌ لا يطاق مما جعل الناس يستغنون عن حاجاتهم الفائضة أولا ثم الضرورية الى أن وصل راتب الموظف لا يكفي لشراء دجاجة أو طبقة بيض والكثير من الموظفين اضطروا للعمل الاضافي وبدأ البعض بتهديم بعض غرف البيت الفائضة من اجل بيع الحديد وشراء طحين صالح للأكل البشري لان طحين السحبة لا يطاق . وبين تلك الأحداث وجدت صاحبي عبدو يقف عند عربة ويبيع الباقلاء وكلي شوق له ولأخباره وقد حدثني عن أمور مهمة قد أسعدتني لأنه أشار الى أكثر من نقطة ضوء في هذه الظلمة الحالكة وبين أن التضخم الحاد يعني سرقة قيمة كل مدخرات الناس النقدية ، وسبب كل الأزمات هو النقود ، ولو أستطاع الانسان أن يجد طريقة أخرى لتبادل المنافع سيكون أسعد حالاُ وقال لم أجد يوما أن الساحة فارغة وفيها هذا الحشد الكبير من العاطلين والفقراء وقد سحقت الطبقة الوسطى ودفع ثقلها الطبقة الفقيرة الى دون خط الفقر . وأصبحت أرضاً خصبة ولابد من العمل الجاد للأخذ بيد هؤلاء للخلاص وقد أكد أنه سيكون الضد النوعي والفاعل في هذه العملية وأن يتصدى ويقف شامخاً ومتحدياً وأكد أنه سيبدأ ومن هذه العربة وأشار إليها وكانت تفوح منها رائحة الطلاء ، وكثر لقائي به لأن عليه شراء الباقلاء من أسواق قريبة من عملي وأبادله الحديث وأعتبره متنفسا لما حصل لنا من أحباط وهو سريع النكتة وينشر الابتسامة أينما حل وقد اختار موقعاً تجارياً حيوياً مكتظاً قرب جسر حيوي لترويج بضاعته الشهية ويبدأ عمله عصراً ويمتد حتى المساء وتأتي أيام يغيب عنا ، وبعدها يحضر محملا بأخبار ومعها جريدة صغيرة مؤلفة من ثماني صفحات ويوما أخبرني انه يذهب الى مدينة السليمانية لاستلامها وبصعوبة بالغة وأتعرض الى المخاطر وفي بعض الاحيان أترك السيارة قبل الوصول للنقطة الرئيسية الفاصلة للتفتيش لأسير على قدمي حوالي الكيلومتر إذا عرفت أن الامور متأزمة . سألته كيف تصل
وهناك حظر ومنع على العرب للوصول الى منطقة كوردستان التي دخلت تحت الحماية الدولية أجابني أنه حصل على هوية الاحوال المدنية أنه من سكنة قرية في سهل شهر زور وانه كوردي وذلك من أجل عبور السيطرات وبعد جلولاء أخلع الشروال وألبس البنطلون وأضع الشروال المحمل بالجرائد في داخل حقيبة حتى أبعد عني الشكوك وهكذا كل أسبوعين أقوم بهذه السفرة وقد علمت منه أنه يوزع الجريدة لأصدقائه ومعارفة ويعتبر ذلك بداية العمل والتنظيم وتحشيد الجماهير . يقول أنه اتصال فردي لأسلمه الجريدة وأستلم مبلغاً بسيطاً وبلقاء أخر يتم مناقشة مواضيع او بعضها لنصل ونكوَن أفكاراً متقاربة وخاصة حول ما يدور من أحداث على الساحة وسرني يوماً قال لقد بدأت بتوزيع عشرين جريدة والآن أكثر من مئة ولو أستطيع حمل أكثر لوزعتها هناك إقبال واسع وهذا يأتي كرد فعل للظلم والاضطهاد من قبل الحزب القائد وأنه يعلم أن عمله هذا خطير وعقوبته الاعدام لأنه تآمر على الحزب الحاكم . أن تكاليف السفرة المادية ثقيلة على عبدو ولذا تتراكم عليه بعض الديون فلا يستطيع دفع كامل لثمن الباقلاء بل بعضها يبقى مدوراً وفي أحدى المرات بلغت الديون أكثر من ثلاثين ألف دينار وهذا مبلغ كبير على بائع باقلاء متجول وكان الدائن صديق سألني يوما عن حالة عبدو المادية وهل هو يستحق المساعدة قلت له نعم عنده عائلة ودخلة محدود . قال فالمبالغ التي بذمته هو معفو منها وسأعتبرها من حقوق الفقراء شكرته وقلت سأخبر عبدو .وحين أخبرته بأن دينه قد أسقط وأعتبر من ضمن حقوق الفقراء رفض وبقوة قال لا أنا لست فقيراً لأني ما زلت اعمل وأسعى وقل لصديقك الكريم أذا أعتبرها تبرع الى الحزب أنا أقبلها وبفرح وألا فلا . وحين بلغت صديقي بذلك رفض وقال هذا يعني أني أنتحر معه ! والايام تمر وتسحق الناس بعجلاتها المسننة ! السلع والبضائع تشح من السوق ،وكل يوم يمر تتضاعف الاسعار .ولي صديق معلم أضطر أن يفتح دكان من أجل مضاعفة دخلة البائس وفي المدرسة كُلف أن يأتي بعامل من أجل صبغ الواجهة وفكر ، ولماذا عامل سوف يصبغ الواجهة والاجرة ستكون له ، ومن يعلم .واشترى الصبغ وأثناء العمل سقط من مكان مرتفع ونقل للمستشفى وتبين أن رجله قد كُسرت واستلموا منه مبلغ ثلاثمائة دينار تأمينات لقيمة البلاتين الذي زرع في رجلة ولازم البيت أكثر من ثلاثة أشهر ، في حينها قد اغلق الدكان ولما تماثل للشفاء وفتح الدكان تفاجأ بأن الأسعار قد تضاعفت مئة مرة وحين قابلته قال لي ان الله يحبه حينما كسرت رجلة وقال عسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرُ لكم وقد حقق لي ربحاً استثنائياً وحتى البلاتين الذي ربط عظم رجلي دفعت ثلاثمائة دينار قد بعته بسبع مائة ألف دينار وقد قلت له مازحا : تقترح علي أن اكسر قدمي ! أن كل الموازين قد انقلبت ، وسط الجو الاقتصادي المتأزم . صار أصحاب الشهادات لا قوت لهم والموظفون يشحذون والخريج لا قيمة له أما التجار وأصحاب المصالح والمضاربون وحدهم في الساحة ويوما صار سعر صرف الدولار الواحد أربعة آلاف دينار أي أن راتب الموظف دولار واحد فقط لا غير . وكم بودي أن أقابل صاحبي السياسي من اجل أن أستنير برأيه وهل مثل تلك الامور المهمة والتي تهم حياة الناس ومستقبلهم أن يتكهن بها قال لي إنه رأس المال وحركته أساس كل هذا البلاء الذي نعيشه فهذا النقد الذي يدفع للسوق ويبعثر على المسؤولين الحزبيين وبمشاريع غير منتجة مثل بناء قصور للقائد في كل المناطق ومثلا ..وبدأ يذكر أمثلة كثيرة وأقترح أن أأخذ الجريدة لافهم منها ما يجري ، كانت الجرائد مخبأه داخل العربة بشكل لا يجلب الشك ،تقف بقربه يدفع لك بماعون صغير مملوء بالباقلاء ويقدم لك قنينة الخل ، ثم يمد يده داخل العربة وبحركة سريعة يعطيك الجريدة ويوما قص عليٌ أن أحد زبائنه وهو يأكل الباقلاء قد توقف ليقول هذه ذبابة وتسارعت للأمر لأرده وماذا تتوقع أن تجد سيارة أنك لم تدفع سوى مئتين وخمسون دينار وضحك مع الآخرين كان سريع النكتة ويستطيع أن يخلص نفسه من المواقف الصعبة ولكن أنا على يقين تام أن ما يقوم به عبدو خطر جدا . كمن يسير على حبل عالٍ مربوط بين جبلين وبدون حماية بأي لحظة أتوقع سقوطه في الهاوية.

الكاتب
فؤاد ربيع
بابل - العراق



#فؤاد_ربيع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجري نحو القمة


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد ربيع - الجري نحو القمة - الفصل الثاني