|
في تقديم كتاب -النّساء والإرهاب- لآمال القرامي
عمار التيمومي
الحوار المتمدن-العدد: 5832 - 2018 / 3 / 31 - 18:26
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
في تقديم كتاب "النّساء والإرهاب" لآمال القرامي بمساهمة الصّحفية منية العرفاوي
بورتريه المؤلّفة أ.د.آمال قرامي: - إنّنا لو أردنا التّعريف بهذا الهرم الجامعيّ لأعيانا التّطويح في مسيرته العلميّة، وأدركنا اللّهاث، ونحن نقفز من مقام إلى آخر في منجزه المعرفيّ الغزير. ولعلّنا نكتفي منه بذكر بعض الآثار كــ: "قضية الردّة في الفكر الإسلامي الحديث"في طبعتين 1996 و 2006 وقريبا طبعة ثالثة2018 /"حرّية المعتقد في الإسلام" 1997/ "الإسلام الآسيوي" 2016 / "الاختلاف في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة"دراسة جندريّة 2007 / "الحركات النّسائية في تونس " ترجمته الأستاذة عن إلهام المرزوقي سنة 2010 / فـ"النّساء والإرهاب" بمساهمة منية العرفاوي 2017. - وهي أستاذة تعليم عال مختصّة في البحوث الحضاريّة والثّقافيّة والنّوع البشريّ. ذات مسيرة حافلة بالبحوث الأكاديميّة إنجازا وإشرافا. كما تولّت مهامَّا مختلفةً في مجالس ومنتديات وهيئات ومنظّمات شتّى داخل تونس وخارجها ولها مساهمات نوعيّة في ندوات عالميّة بكلّ قارّات العالم تقريبا ولها مقالات عديدة بمواقع وصحف تونسيّة وأجنبيّة. وقد أفادت أ.قرامي في بحثها هذا من المشاركة في مؤتمرات في : الجزائر وتركيا وبريطانيا وكينيا وسيريلانكا وفرنسا والهند والمكسيك وغيرها إضافة إلى الإفادة من أعمال زميلات وزملاء لها في النّشاط الحقوقيّ من مختلف الأصقاع تقريبا... تكتب قرامي بلغات عديدة أهمّها العربية والإنجليزيّة والفرنسيّة. كما نُقلت بعضُ كتبها إلى بعض هذه اللّغات. أمّا العروس الزّرقاء لهذه الجلسة -أعني كتابها النّساء والإرهاب- فهي مؤلّف ثريّ ومُحيّر في آن. سعت من خلاله باحثتنا إلى مقاربة مسألة ظلّت لأمد طيّ الكتمان والمهامسة، بانتظار جسارة الأستاذة قرامي، وهو ما اعتدناه منها ومن بنات جيلها من الباحثات التّونسيات السّامقات لا يَنِينَ في مقاربة البحوث، أيّا تعسّرت ثناياها، ومهما تكاثرت في سبلها المفازات والعقبات... والصّدقَ الصّدقَ أخبركم لست هنا لأدّعيَ الإحاطةَ بمضامين هذا العمل البحثي المهمّ ولا الإتيانَ على كلّ مراحله ونتائجه والحال أن المقام احتفائيّا بالمؤلَّفة. فليس لنا إلاّ أن نُلمع إلى بعض ما استقام به هذا الكتابُ أثرًا لافتًا للانتباه، نُغري به ونُغوي بقراءته، فخرًا به بحثًا معرفيًّا مميّزا في أيّام خَبَتْ فيها شعلةُ المعارف لفائدة مصالحَ أخرى لا تسود إلاّ متى كُتبت للعلوم والفنون والمعارف الغيبةُ والسُّبَاتُ.
- من مداخل الكتاب بنيته مضامينه : طبيعة الإرهابيات (البيئة_النّشأة _الخصائص _ خطابهن _أدوارهن _غاياتهن _طرق استقطابهن ) - نتائجه آثاره ... - الاستفهامات : ما السّر الذي يكمن خلف ترك الحداثيّات (مثال تونس و فرنسا) لعالمهن الأكثر عدلا ليلهثن خلف هذه الجماعات؟. أهو الانبهار بسلطة تحوّلهن من الهامش إلى السّطح النّاصع ؟. أم هو افتتان بإرساء دولة بديل ؟(تحقيق عدالة حلم). أو هي الرّغبة في استبدال نمط الحياة ؟(يكون فيه العبء على الرّجل وحده). - من دواعي البحث: ما نعلمه عن داعش وأعضائها لاسيما نسائها يظلّ محكوما بالغموض نظرا لغرابة هذا الفكر وصبغة التحوّط التي تسوده. ينضاف إلى ذلك توخّي الإثارة من قبل التّنظيم من ناحية. وجري وسائل الإعلام إلى السّبق دون التوقّف عند الخصوصيّات المميّزة لهذا الفكر وقادته وأفراده. - حال النّفور التي يواجه بها المجتمع هذه العناصر واعتبارهنّ هامشيّات لا يَنَلْنَ حَظْوةً ولا اهتماما. - الموقف الأيديولوجي الضّدّي المحقّر لهؤلاء النّسوة المتنكّرات للنّضال الحقوقي النّسويّ ( التّباغض الأيديولوجي). - إغفال البحث في الحاضنة الاجتماعية الحامية لنساء داعش والمشجّعة لهنّ على الانتماء إن علنا أو خفية. - اكتفاء الدّارسين بالتّركيز على النّاحية التّاريخية العقديّة لنشأة الحركات المتطرّفة والإرهابيّة وارتباطها بالأصول المذهبيّة والأيديولوجيّة. - قلّة الأكاديميّين الجادّين المعتنين بهذا المبحث. - ندرة البحوث الميدانيّة والدّراسات التحليليّة والأطروحات الجامعيّة المعتنية بعلاقة المرأة بالإرهاب بخلاف ما عليه الحال في الجامعات الغربيّة ممّا حدا بآمال قرامي إلى الاهتمام بهذا المبحث في مؤلف مهمّ إذ تقول :" ونظرا إلى قلّة الدّراسات الجادّة في المكتبة العربية، فإنّنا ارتأينا تناوُلَ هذا الموضوع من منظور يضع حيواتِ النّساء تحت المجهر ويسعى في ذات الوقت إلى إثراء المقاربات السّابقة التي تناولت موضوع الإرهاب وتطعيمها ببعض أدوات التحليل الجديدة" ص17. في محتوى الكتاب : وتصنّف الفتيات والنّساء المتحدّث عنهنّ في الكتاب كالتّالي : 1_الزّوجة والأمّ التي التحقت بزوجها أو التي تمّ تزويجها فور التحاقها أو التي رافقت أحد أفراد أسرتها أبًا كان أم أخًا. 2_المقيمات داخل أقاليم التّنظيمات الإرهابيّة وغالبهن من الأجانب اُسْتُقْدِمْنَ من أفغانستان ومالي وسوريا وليبيا والعراق. 3_ الانتحاريّات : وهي الفئة المستهدفة بشدّة وهنّ في الغالب الأعمّ أجنبيّات خضعن لانتقاء دقيق وتجنيد مركّز. 4_المروّجة لفكر التّنظيم والمستقطبة للأتباع عن طريق وسائل التّواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية أو أَفْضيةٍ متعددةٍ كالبيوت والمساجد والمؤسّسات التّعليمية وغيرها.
وتنبّه الكاتبة الرّأي العامّ إلى تصدّر التّونسيات قائمة المورّطات في قضايا الإرهاب في سوريا وأغلب الباحثين والإعلاميّين يتساءل عن الأسباب، والحال أن التّونسيات محميّات بترسانة من الحقوق مقارنة بباقي العربيّات.؟ كما تتوقّف عند مفارقة: * سردية المرأة التّونسية الأنموذج الفخورة بمكتسباتها والمؤمنة بالليبيرالية والحداثة و... * سردية المرأة المولعة بداعش.. وكلّ سردية تخفي الأخرى وتحجبها؟!؟.
ورُغم أنّ هذا المبحث شائك ومعقّد فقد نجحت آمال قرامي في فتح كوّة في هذا الجدار السّميك الذي ظلّ لزمن موضوعا يزعج الباحثين. لذا نراهم يرغبون عنه لاسيما إن ارتبط بالجندر منطلقا للتّحليل والدّرس. ومن العقبات تذكر أ.القرامي : عدم تعاون المسؤولين الرّسميين لتمكين الباحثة من محاورة السّجينات علاوة على حجب أغلب المواقع والصّفحات على الشّبكة العنكبوتية. إضافة إلى تعسّر إجراء الدّراسات الميدانيّة ورفض الشابّات النّاشطات في العمل الإرهابيّ التّواصل مع الباحثة في حين رحّبن به مع الغربيات. ومن خصوصيّات الكتاب البحث بعدستين : * عين الباحثة الأكاديميّة المفكّكة المحلّلة الصّارمة. *عين الصّحفيّة منية العرفاوي التي تستقصي الأخبار وتجمع الشّهادات.
أمّا بخصوص سَمْتِ البحث، تقول أ.قرامي : " إنّ قيمة هذا العمل تكمن في اعتقادنا في تقديم بعض المعطيات حول الإرهاب النّسائي المشفوعة بتحاليل من منظور الجندر .." ص 22 ولعلّ الدّافع الأهمّ لهذا المؤلّف والحثّ على بحوث أخرى هو ما يتهدّد ناشئتنا من مخاطر التّنظيمات الإرهابية التي تجعل أبناءنا نصب أعينها والهدف المستقبليّ الرّخو القادم لها.
في مساهمة منية العرفاوي: - تقول أ.العرفاوي :"ليس عملُنا إلاّ محاولةً للفهم قائمةً على القطع مع الآراء المستعجلة والانطباعية التي شكّلتها قراءات أكاديمية منفصلة عن ملابسات الواقع وحيثيّاتها التي حصُلت في مختلف سياقاتها الزّمنية والمكانية" ص25 وتقول أيضا :" وقد حرصنا من خلال هذا العمل على تسليط الضّوء على زوايا خفيّة أو معتمة لم يتسنّ للدّارسين الكشفُ عنها أو الوقوفُ عندها لفهمها انطلاقا من خلفيات نفسية واجتماعية وفكرية دون السّقوط في إطلاق الأحكام على عواهنها أو التّفتيش في الضّمائر أو التّعسف على اختصاص القضاء وإصدار أحكام بالإدانة أو البراءة" ص25 . وتقسّم العرفاوي المتبنّيات للفكر الجهاديّ داخل تنظيم أنصار الشّريعة إلى ثلاث فئات : 1_زوجات العناصر المتطرّفة (مجبرات في الغالب على المساهمة ). 2_المقتنعات بالفكر المتطرّف سَعَيْنَ وانْتَمَيْنَ وعَمِلْنَ بإخلاص لكسر الصّورة النّمطية للمرأة الضّعيفة المنكسرة التي تحتاج حماية الرّجل ليصرن قويّات ومقاتلات شرسات. 3_النّساء والفتيات المتعاطفات مع التّنظيم (أغلبهن من المراهقات ). وتطرح العرفاوي الاستفهامات نفسها التي وردت لدى قرامي حول المفارقتين: 1_تخلّي التّونسيات عن الحقوق والحرّيات والبحث عن موقع في ظلّ القَوَامة ومِلْكِ اليمين. 2_تخلّي النّساء عن طبعهن النّاعم واختيارهنّ التّحوّل إلى مقاتلات ومتشدّدات. و يتحصّل لديها"أنّ أغلب المنتميات إلى الجماعات التّكفيرية فكرا أو ممارسة تتراوح أعمارهن بين 16و 35سنة"ص28. لقد اعتمدت العرفاوي تحقيقات القضاء والأبحاث الأمنية وعينات أخرى يبدو أنّها باشرت التحقيق الصّحفيّ معها مباشرة وبنفسها. ونثرت بأعيننا بع النّتائج منها أنّ : - العاطفة : هي المحفّز الأساسيّ الذي دفع هؤلاء النّسوة إلى الالتحاق بالتّنظيم إذ غابت القناعات العلميّة والشّرعيّة ( ابتزاز عاطفيّ مارسته عليهن هذه الجماعات). - كما أنّ أغلبهنّ حديثات العهد بالتديّن نظرا لموجة التديّن التي اكتسحت المجتمع التّونسي خلال سنة 2011 وبداية 2012 (انظر الصّفحة 29). - دور القرابة الأسريّة في التحاق فئة من النّساء بهذه الجماعات المتطرّفة مهمّ للغاية (في مواجهة الملاحقة الأمنية والقضائيّة والنّبذ الاجتماعيّ). - "لا يمثّل الفقر العامل الرئيسيّ الذي يدفع النّساء إلى الالتحاق بالتّنظيمات الإرهابيّة في تونس" ص29 . - بعض نساء المناطق الحدوديّة قدّمن خدمات مختلفة مقابل مبالغ ماليّة. - ليست الأمّية ولا قلّة التّحصيل العلميّ عاملا أوحد لاستقطاب النّسوة إذ بين النّاشطات من هنّ متعلمات بل وقد حُزن شهادات جامعية (انظر ص 30) - *البحث عن معنى : تراه العرفاوي ومن قبلها القرامي من الدّوافع الهامّة (ونوافقها في ذلك إن جاز لنا) للالتحاق بالجماعات المتشدّدة في رحلة البحث عن الذّات و تجاوز الانتكاسات والظّروف النّفسية الحرجة والاجتماعية القاسية [كالتّفكّك الأسريّ والحرمان العاطفيّ والشّعور بالدّونية والاضطهاد الأسريّ والمجتمعيّ ] فغايتهنّ بناء عوالم جديدة بمجرّد الانتماء. - من العوامل أيضا إجازة تنظيم داعش جهاد المرأة بالنّفس وبالجسد على عكس التّنظيمات الأخرى كتنظيم القاعدة وما أشبهه ممّا فتح أبوابًا أمام انتماء مئات العناصر من النّساء. فتشكّلت كتائب للحسبة. لعلّ أ شرسها "الخنساء" التي تتفرّع إلى سرّيات عديدة. - أغلب القيادات النّسائية انضمّت إلى داعش بعد زواجهنّ من قادتها - اقترب الكتاب أيضا من نساء ما انتمين إلى هذه التّنظيمات إلاّ أنّ هنّ قريبات بعض الإرهابيّين إمّا بالأمومة أو الأخوّة أو بالزّواج (انظر ص 34). - شهادات هؤلاء النّسوة ما خلت من المشاعر والعواطف تجاه من فقدن من أقارب. - تقول منية العرفاوي :" ولكنّ كلّ ذلك لا ينفي الجهد الذي بذلناه من أجل التّحلّي بأكبر قدر ممكن من الموضوعية وعدم الانحياز لطرف على حساب طرف آخر" أطرح أمام أنظاركم قول أ. عرفاوي ولكم سديد الرأي!! قل هل يستوي القاتل والمقتول / الجاني والضّحية بل الضّحايا ؟؟؟. - تقول العرفاوي : "عائلات الفئة التي تمّت إدانتها في أعمال إرهابيّة أو من نفّذوا عمليات انتحارية رفضوا[كذا] التّحدّث إلينا بل إنّ البعض أنكر هذه "الإدانة" رغم توفّر الأدلّة والقرائن "ص35.
بنية الكتاب : ينطلق الكتاب بمخطط عامّ فمقدّمة لكلّ من الكاتبتين في 29 صفحة. - الفصل الأوّل : دراسة الإرهاب والجندر ____ آمال القرامي في 15ص. - الفصل الثّاني: جندرة القتال/ الجهاد/ الإرهاب _____ آمال القرامي في 31ص. - الفصل الثّالث : فتنة التّنظيم أو في دواعي الانتماء _____ آمال القرامي في110ص. - الفصل الرّابع : أدوار الفتيات والنّساء_____ آمال القرامي في 93ص. - الفصل الخامس: إرهابيّات مغاربيّات: دراسة بورتريات ___ منية العرفاوي في 100ص. - الفصل السّادس : في علاقة الأسر بالإرهاب: آلام ومعاناة ووَصْمٌ ____ منية العرفاوي في 46 ص. - الفصل السّابع : الإرهاب وتشكّل الهويّات____ آمال القرامي في 42 ص. يختم الكتاب بخاتمة للعرفاوي و ب "على سبيل الخاتمة " للقرامي في 42ص وتستمرّ الحيرات... إلام تعود الصّورة النّمطية لدى بعض الباحثين حول المرأة النّاشطة في هذه الجماعات المتشدّدة ؟. - أهي بسبب الصّورة النّمطية المستقرّة لديهم حول المرأة؟ ( هي مرادف للاستكانة والحارس الأمين للوطن والمجتمع). أم سببها عدم القدرة على مواكبة مجتمع متحرّك اجتماعيا ونفسيّا وتبدّل صورة المرأة وتغيّر أدوارها ورغباتها وأمانيها فيه؟.
تنتهي قرامي إلى أن التّفكير الذًّكوريّ المحض الرّاضخ إلى تمثّلات اجتماعيّة ثابتة ومقاربات محدودة تنتهي بنا بالضّرورة إلى عدم فهم هذه الظّواهر ولا الإحاطة بها والنّفاذ إلى حلول لها وإمكانات معالجة المرضيّ منها. (محدوديّة التّناول تنتهي بنا إلى قصور وعَجز ). - المجتمعات المحافظة تخفي النّساء كما تتستّر على أفعالهنّ. - اعتبر العرب مذ القديم أنّ المغازي حكر على الذّكور وسبيل لإثبات فتوّتهم. وظلّ حضور المرأة ضامرا مناسباتيّا. وهي في الغالب مكتفية بالمفاخرة ببطولات يحقّقها الرّجل . - ولاتحضر في المدوًنات القديمةإلاّ ضحيّة ضعيفة بل ورهينة سبيّة وهي في خير الأحوال مساعدة في تطبيب الجرحى ورعاية المقاتلين. بل هي" العاذلة " المتوسّلة الزّوج أوالابن أوالأب ألاّ ينبريَ إلى الحرب. وليس لها إلاّ أن تكون الثّكلى تبكيه في حال الفقد. - فداعش وما شابهها حوًلت هؤلاء النًسوة إلى " أيقونات"شاركن الرًجال في مجال البطولة (انظر ص 72). - موقف القاعدة من جهاد النّساء (انظر ص 65. - مرئية الجهاديّات /الارهابيّات [ التّغطية الإعلاميّة للعمليّات الإرهابيّة] هل الأنوثة أو الأمومة وَاقٍ للمرأة من انجرارها ضمن التيّارات الجهادية العنيفة ؟!. - السّلفية الجهادية قد حوّلت الجهاد في أواسط القرن العشرين من الإصلاح التّدريجي والرّؤية السّلمية إلى مفهوم "ثوريّ" عنيف يؤمن بالتّغيير بقوّة السّلاح (انظر ص 75). - دور الانترنت والألعاب الإلكترونية في تأهيل النّاشئة لتقبّل العنف ومنه الانتماء إلى المجموعات العنيفة (انظر صص 83-85). - أغاني الرّاب تؤهّل الشّباب لتبنّي العنف الجهادي (انظر ص 85-87). - الرّياضات العنيفة دون تأهيل نفسيّ+الهشاشة +الإحباط+ضياع الحلم+الفشل الدّراسي +العاطفيّ +المخدّرات +استقطاب الأطفال والشبّان ... هي من العوامل غير التّقليدية. - فاعلية الوسائط الحديثة مثل فايسبوك وتويتر وغيرها +انفجار ظاهرة التديّن الظّاهري بعد الثّورات العربية +جاذبية خطاب الاستقطاب المرئيّ +موضة التّظاهر بالتّديّن لدى الجيلين الثّالث والرّابع من أصول مغربيّة بكلّ من فرنسا وبلجيكا.
من أهمّ العوامل الانبهار بهذه الجماعات: السّن والدّين والعوامل الاجتماعية والنّفسية (انظر:ص ص98-99) - يتميّز هذا الكتاب بالقطع نهائيّا أو يكاد مع التّبريرات العجلى والسّطحية في اعتقادي مثل: إرجاع الظاهرة الإرهابية إلى عوامل الأميّة والفاقة والجهويّة المقيتة. فالعوامل نفسية اجتماعية بالأساس تحرّكها رغبات في تحصيل أيسر لما تعسّر على المنتمي أو المنتمية تحقيقه في أوطانهم الأصول. - أعتقد أنّ هذا المبحث مُلحّ ويضحى أكثر إلحاحا -ومنه الاطلاع على هذا الكتاب- كلّما حاورت أصدقاء هم من ذوي التّحصيل العلميّ العالي ومن المربّين والمسؤولين. فهم يتمسّكون بصور قادة الإرهاب والتّبرير للإرهابيّين في حين يناصبون العداء كلّ من أشار إلى أفاعيلهم من الأكادميّين والمفكّرين والإعلاميّين ويناصرون كلّ من دافع عن هؤلاء. فإلى أين المسير ؟؟ ======= ما يمكن أن نطلق عليه مدوّنة بحث: شهادات الشابّات والنّساء اللّواتي التحقن بالتّنظيمات الجهاديّة خاصّة داعش، إضافة إلى التّحقيقات الأمنيّة والاعترافات التي أدلين بها أمام القضاء، علاوة على سرديات النّساء من أمّهات وأخوات وزوجات ذوات العلاقة بالإرهابيّين والإرهابيّات زيادة إلى المقالات الصّحفية والبرامج التلفزية وتغريداتهن على تويتر وغيرها من وسائل التّواصل على الشّبكة العنكبوتيّة. - لعلّ اللاّفت للانتباه أنّ الفتيات والنّساء اللاّئي انتمين إلى داعش وغيرها من التّنظيمات الإرهابيّة لم يكنّ من أصول عربية حَسْبُ، ولا من المسلمات بالفطرة فقط، إذ استهوت هذه التّنظيمات النّساء من كلّ الأمصار تقريبا في ما يشبه ما أطلقت عليه الأستاذة القرامي عولمة الجهاد وذلك بفعل الشّبكة العنكبوتية. - إنّ المتمعّن في كتاب النّساء والإرهاب ينتهي إلى جملة من الملاحظات والنتائج نحاول الاتيان على بعضها فيما يلي: ... استعداد الفتيات والنّساء لاستقطابهن من قبل الجماعات المتطرّفة باعتبار جملة من العوامل منها السنّ ومنها الدّين ومنها الاضطرابات النّفسية وعدم الاستقرار الاجتماعي والأسري وعوامل تيه أخرى تجعلهنّ يسيرات القنص من قبل هذه المجموعات المنظّمة تنظيما عنكبوتيّا. حيث يحلمن بالبحث عن بديل صُوّر لهنّ في دولة الخلافة. فيسهل على كلّ منهنّ أن تغيّر حالها بمجرّد كبسة زرّ الانتماء. إذ لا شروط عويصة تعوقهنّ مثل الإلمام بشؤون الدّين وأصول الشّريعة ومقاصدها.. كما لا يقتضي الانتماء إلى هذه الجماعات سيرة معيّنة ولا مؤهّلات علميّة بعينها ولا انتماءات طبقيّة ولا معرفيّة فكلّ ما أمامهم ميسّر مذلّل، والخدمات تقدّم لهنّ بشكل سحريّ من جوازات وبطاقات هويّة وأموال وملابس وغيرها... وبمجرد الالتحاق بأرض "الخلافة"تنتظرهنّ الأدوار النّاصعة. فهنّ ما درين يوما ما بآفاقهنّ من سوء المعاملة ولا من فقدان الحلم والمعنى مرّة ثانية.
وهنّ اللاّئي طالما شيّدن قصور الوهم التي ستتداعى سراعا وتخفت شعلات الأنوار بعيونهن وتخبو صفحات الأمل الموهوم. فيكيلهنّ الأمراء الأسياد هناك أسواط عذاب. وتمسي تلك التي فوّتت في ترسانات الحقوق والحرّيات والدّولة المدنية بكلّ قوانينها ودساتيرها وأنوارها مجرّد أمة فاتكة، لا هدف لها إلاّ التّقتيل والتّبديد والتّشتيت والتّشريد والهدم والرّدم، بعد أن كانت عنصرا فعّالا في بناء المجتمعات، ترنو إلى تطوير إنسانيّة الإنسان. وتحلم بغد أفضل ومستقبل مشرق غير أن اختيارها المتسرّع أفقدها العقل وصوابه، فمثلها كمثل المستجير من الرّمظاء بالنّار يفرّ من عذابات مؤقّتة وعابرة ليقع في أخدود لا فكاك منه إلاّ بالموت. فتظلّ الواحدة منهنّ تصنع الموت وترعاه إلى أن يحين حَيْنُها ذات انتهاء. فلا ذُلّ يُنجينا من العزّة ولا عزّ نبتني به جدران الذلّ المتداعية.
وإن نحن عدنا إلى الكتاب ألفيناه يُشخّص أحوال الشّريحة المُنتقاة من الجهاديات. إذ لا تُبقي الجماعات وسيلة ولا تذر في سبيل استقطابهنّ. فبعضهنّ اقتادتهنّ الرّومانسيّة والحُلم بالزّواج والثّراء والسّيادة والإمارة والاستتابة والجنس الحلال حتّى أنّ بعضهنّ انتمين إلى داعش لأنّهن أعجبن بشبانها (انظر ص164). والبعض الآخر أُعجبن بمشهديّة القادة التي ذكًرتهن برومبو وسوبرمان إضافة إلى الإغراءات الأخرى كالسيّارات الفاخرة والفخمة كالهامر والجيب (انظر ص 165). وتواترت على رؤوسهنّ الصّغيرة صور الإغراء المكثّفة فحرّكت فيهن رغبات البذخ والانتقام من عوالم حرمتهنّ التميّز والنّجوميّة. فقادهن البحث عن معنى والرّغبة فى تغيير الواقع إلى استجماع كلّ تلك الصّور للمارقين عن الدّول ونواميسها والمتعطّشين للدّماء في بلاد كثيرة كالشّيشان والعراق وأفغانستان وغيرها... فأضحى التّطرّف أمنيتهن لتحقيق كلّ هذه الأحلام. وليس أمامهن إلاّ داموس الجهاديات يتًخذنه سبيلا ويستثمرن النّصوص الدّينيّة من قرآن وحديث ونصوص ابن تيمية وابن القيّم وأشعار الحماسة، وصدام الحضارات والحروب ذات الطّابع الدّيني مثل الحروب الصّليبيّة... فلا إرهابيّ يرى نفسه كذلك. بل هو يبتني لنفسه خيمة للحقّ يدافع منها عن القضايا العادلة وينتصر فيها للضّعفاء بل لعلّه يرى نفسه أداة اله لإقامة العدل على الأرض.
ويتحصّل لدينا أنّ معتنقات هذا الفكر يُضحّين بكلّ ما اكتسبن وكلّ آمالهنّ، ليبتن كما الذّئاب المنفردة لا تملك زمامها بل إنّ أمرها بأيادي الأسياد تُؤدّي كلّ ما طُلب منها تأديته وإن هي فكّرت بالتّراجع لحظة عجّلت بنهايتها .
قبل أن نختم: _ نلاحظ أنّه ليس بإمكاننا أن نأتي على هذا الكتاب في مقالة واحدة أيّا كان عمقها ولا في قراءة واحدة أيّا كانت وسائلنا فيها. فالكتاب ثريّ جدّا وعميق إلى حدّ الإرباك متعدّد الفوائد مُتنوّعها.. يتراوح بين نثر العواطف وشكوى الفقد، بل والامتداح حدّ التّشبيه بالأنبياء والحلول بمقام الشّهداء إلى التّقريع والتّنجيس والتّلبيس فمبحث الأستاذة العرفاوي لم يخل من الامتداد: من المقدّس إلى المُدنّس.. في حين ألفينا اعتدالا منهجيّا وصرامة أكاديميّة لدى الأستاذة القرامي في التّبويب التّفكيك والتّحليل الجندريّ لظاهرة الإرهاب في علاقته بالنّساء والفتيات من أقطار شتّى...
لقد فتح الكتاب بجناحيه هذين كوّة للإصغاء لهذه الأصوات ورؤيتها إبّان فعلها الجهاديّ/الإرهابيّ. فوقف الكتاب بتفصيل -لعلّنا قصّرنا في ذكره- على أسباب التحاق النّساء والفتيات بهذه التّنظيمات العنيفة وكيفيّة مرورهنّ إلى الصفّ الأوّل فيها. وكيف تمكنت هذه الجماعات من عولمة ظاهرة الجهاد؟ وماهي وسائطها في ذلك؟ كما توقّف الكتاب في مراحل متعدّدة منه على دراسات مختلفة أُجريت حول الإرهاب والإرهابيّين في المكتبة العربية ( على قلّتها ) وفي المكتبة الغربيّة .
كما توقّف الكتاب عند ردود الأفعال تجاه هؤلاء النّسوة وتلقاء أفعالهنّ وقد عدّد مختلف المواقف منهنّ. بقدر مالم يفُته نقل أحوالهنّ في مختلف المراحل قبل الانتماء وأثناء الاستعداد له وإبّانه. كما استجلب إلينا مواقف النّسوة من خارجه نعني أولئك اللاّئي ارتبطن بالإرهاب دون المساهمة فيه. باعتبار قرابتهنّ من العناصر التي أدّت فعلا إرهابيّا. وفي نظرنا لقد حاول هذا الكتاب المهمّ الإحاطة قدر ما أمكن بالظّاهرة الإرهابية في علاقتها بالنّساء بل إنّه فتح بابا لمقاربة الظّاهرة الإرهابيّة مقاربة جندريّة متنوّعة المواضيع ولعلّنا سنفوز قريبا بمنجزات فكريّة نوعيّة تُنير هذا المبحث إذ اختصّت مجالاته بالسًواد والعتمة. عمار التيمومي 01/03/2018
#عمار_التيمومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تقديم كتاب -النّساء والإرهاب- لآمال القرامي
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
المزيد.....
|