|
ولد علال عنتر زمانه
محمد نخال
الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 17:44
المحور:
الادب والفن
ولد علال عنترُ زمانه أراكِ عَصِيَة الإسْتِسْلام، شِيمتُكِ مُكابَرة وعِنادٌ فارسٍ مِقْدام، كم يُعجبُني عِنادُكِ هذا، وأنتِ مُصِرَّة على مُقارَعَتي في ساحةٍ تعلمِين عِلمَ اليقينِ أنني مُتَسَيُّد فيها لا أُقْهَر. مُتْخَنَةٌ بِسِهام نظراتي، تَنْزفِين عِشْقا، تَجُرِّينَ ذُيُول هَزيمةٍ نَكْراء، كَسَبِيَّةٍ في معْركة داحِس والغَبْراء، تَدْخُلِينَها وأنتِ تعلمِينَ مُسبَقا أنَّكِ مُتَقَهْقِرة ولاحَظَّ لكِ فيها بِنَصْرٍ مَزْعوم، وأنه باستِطاعتي أن ألْتَهِمَكِ في لَمْحِ البَصر، كما يَلتهِم جائع مَجْنون كِسْرة خبز بِلا جُبْن ولا زيتون، وأن أجْتاحَكِ كما تَجْتاحُ فُلُولُ الجَراد ضيْعةً فيْحاء، فتُحَوِّلها إلى بُقعة جرْداء. حَذَّرْتُكِ كثيرا من الاقْترابِ من ساحتي، حتى لا يَجْرِفَكِ ثيارُ جاذبِيتي، والآن أراكِ تتَرنَّحِين كطائر مَدبوح، رُكْبَتاك لا تَقْوَيان على حمْل جسَد أنْهكه الشَّوق، تَتَمايلين ثَمِلَة كالمَغْشِيِّ عليه من فَرْط الهُيام، أقْدامُك فَقدَتْ بَوْصلتَها وغاصَتْ في الأوْحال، شَعَرُكِ أشْعَث، خِصلاته المَنْفُوشَة خاصَمتْ بعضها وعادتْ في تَنَاف، حالُكِ مهْموم وفُستانُك أزْرارُه في تيْهٍ تسْتَجْدي الألْطاف. من لهْفَتك لِمُنازلَتِي اِرتِجالُك بادِيا في انْتِعالك حذاءً بِنعْليْن مُختَلِفين، الأيْمنُ أصْفر والأيْسر أحمر، وحقيبتُكِ اليَدوية مُمزًّقة لا لَون لها كمُتسَوِّلة على حافة الطُّرقات . حتَّى مَشْمومُ أزهارك الذي تُحاوِلينَ به إغْوائِي مات. وهذا الحِرْزُ المُتدَلِّي على صدرك ! وتلك الأعْمدة من دُخان الأبْخِرة المُتَصاعدة من شُرْفة بيتكم كل مساء، تَزْكُمُ الأُنُوف وتَقُضُّ مضْجَع الجيران ! أعلمُ أن مُشَعْوِدة الْحَيِّ أوْهَمَتْكِ أنها قادرة على قَهْري. اِعْلمي يَرحَمْكِ الله أنها لن تَسطيعَ إلى ذالك سَبيلا ولو سَخَّرتْ " شَمْهَرُوش" جَانَ الهِنْد والسِّنْد ما أشْعَل في داخلي فَتِيلا. لِما كلُّ هذا العِناد! لماذا لاترفعين راية النُّكُوص، وأرفعُ أصْبعي عن الزِّناد، قد أحْنُو عليك وأحَوِّل هزيمتكِ إلى نصر ملغوم. أَمْ بِكِ بَسالَة بَطل من أوْهام، ولم يَكن سلاحي في معركتي معك سِوى وردة حمراء، و ابتسامة بدر في ليلة التَّمام، وطَرْفُ عين كصَعْقة بَرقٍ أفْقَدَكِ كل توازن، فآلْتَحَمْتِ بي كُلَّ الإلْتِحام. مُتَسَمِّرةٌ في مَكانكِ كعمودِ نُورٍ، تنظرينَ إلي بعيون ذابلة أسْكَرَها العشق، وخُدُودٍ تَوَرَّمَتْ أرَقا، وجُفونٍ كَحَّلَها السُّهاد، وشفتَيْن فَقَدَتْ بَريق حُمْرتها كشمس غروب حَجَبَتْها غيمة طائِشة، تَرْتَجِفان وقد تَحَجَّرَتْ بينهما كلِماتٌ لو نطقْتِ بها لأذابَتْ جَلامِيدَ صَخْرٍ عنِيدة، وهَوَتْ من قِمم جبالٍ شامِخة. أذهبتُ النّوم من عيُونكِ العسلية، أَسْكنتُ الكَرَى في جُفُونِك الكَحِيلة، وأوقَفْتُ نبْضَ قلْبِكِ لغيري. أريتُكِ الكوابِيسَ في عِزِّ النهار، حوَّلْتُ دنياك إلى قِفار، وأسْكنْتُكِ مَغارات قَنْدَهار. عُودي إلى رُشْدك قبل أن أنْسِفَكِ نسْفا، ويُصبح بَدرُ مُحيَّاكِ كِسفا، حتى لا أُجْهِزَ على ما تَبَقَّى مِنك من فُتات، وأُحَوِّلَكِ إلى رُفات، وأدْفنَك في الحياة قبل المَمات. اِعْتَرفِي بهزيمتِك، ارْتَمي في حُضني الدّافئ ولكِ منِّي الأمان، أضُمُّك، أعْصِر ضُلوعك في ثوان، وأرحلُ بك إلى عَوالِم ما رأتْها عينُ إنسان...
#محمد_نخال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|