أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف خياعلي - كانت البداية إليكترونية.














المزيد.....

كانت البداية إليكترونية.


يوسف خياعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5822 - 2018 / 3 / 21 - 08:51
المحور: الادب والفن
    


لم يغمض له جفن طيلة الليل، وما لبث أن داعبه شيئ من النوم، حتى سمع رنة هاتفه تقرع أسماعه كصوت حجر ألقي في بئر مهجورة...!
بدأ ينقلب ذات اليمين وذات الشمال ، كأنه مكبل بالأغلال، باحثا عن هاتفه المتواري بين لحاف بال... وجد الهاتف بعد عناء، وألفى الرنة التي أيقظته دعوة صداقة في الفايسبوك.
دخل صفحتها وسيل من الأسئلة يجتاحه:
- من تكون؟ ماذا تريد؟ أيعقل أن تكون تعرفني...؟
بدأ ينبش في حائطها، فلم يجد غير صور أدعية، وبعض الحكم المنسوبة إلى كتاب مختلفين. بحث في قائمة أصدقائها ربما يجد أصدقاء مشتركين، وفي سجل معلوماتها ااشخصية ربما يفك شفرة هذا الزائر الصباحي...!
كان كل شيء غامضا:
- من تكون هذه الخصية إذن؟
تردد كثيرا، ثم قبل الدعوة، لم يشفع لها غير اسمها المستعار، لكونه متيما بالورد الأصفر الذي يذكره بصديقته القديمة.
قبل الدعوة، توارى عن الأنظار، وبدأ يخط خططه في صمت، فلعبة القنص تفرض نوعا من الثبات، بلا تسرع، وكل خطوة يجب أن تكون مدروسة.
بينما كانت الوردة تتجول بين أفناء منشوراته، فمرة تعلق، ومرة أخرى تضع له إعجابا لتعلمه أنها موجودة، تنتظر مبادرته، وهو يرد عليها بغير مبالاة، فيكتفي بنقر أيقونة الإعجاب على تعاليقها، أو في أفضل الحالات إجابتها بكلمة الشكر الباردة.
بعد ثلاثة أيام، أرسل لها:
- مرحبا!
توقع أنها لن تتسرع في الإجابة، لذلك أصدر قهقهة كبيرة، عندما تبين له أنها قرأت رسالته، ولم تبعث إليه إلا بعد أزيد من نصف ساعة.
- السلام عليكم!
- عليك السلام، كيف حالك؟
- شكرا.
دخل الطرفان مرة أخرى في صمت طويل... إنها لعبة الحذر، مد وجزر، مثل النبش في النار عن بعد.
ذات منتصف ليل، بعثت إليه رسالة مباغثة :
- لا يسهر إلا العشاق..!
إنها بداية انكشافها، لاشك أنها قارئة بنهم لكتب العشق، ولعل هذا سر اشتراكها في عدة صفحات خاصة بالأدب...! عبارتها عميقة تفرض إجابتها بعبارة أعمق:
- إذن أنت عاشقة؟
قصفها مثل قصف الصياد لعصفور في السماء، فبدأ يتراقص صوت كتابتها في علبة الرسائل، لاشك أنها تكتب شيئا فلا يطربها، فتمحيه لتكتب شيئا آخر... استمر هذا زهاء عشرين دقيقة، وهو يراقبها، فاتحا فاه، ومستلقيا على سريره...
- لا، أنا معشوقة!
ثم أردفت:
- رأيت تعليقك على إحدى المنشورات. فوددت أن أتعرف عليك للاستفادة.
لم تمر هاتان الرسالتان عليه دون محص وفحص ، ومحاولة سبر قصدهما، كيف لا وهو الضالع في تحليل الخطاب ، ويقف عند كل شاردة وواردة. توقع أن الرسالة الأولى تنطوي على إشارة بتجاوز موضوع العشق، الذي أقحمت فيه نفسها.
أما الرسالة الثانية، فتحدد قصديتها من الصداقة، كأنها تضع لها حدودا.
وبدأ يهمس في خاطره:
- أ يعقل ذلك؟ هل الوردة الصفراء تبتغي الاستفادة من معارفي فقط؟ لو كان ذلك قصدها، لاكتفت بمتابعة ما أنشره! لتفاعلت معها بالتعقيب أو التعليق أو حتى إبداء وجهة نظر؟
ثم بعث لها:
- جيد ، مرحبا أنا في الخدمة!
- أنا طالبة آداب فرنسي، لكنني أحب آداب اللغات الأخرى.
اطلعت على ‘‘ ألف ليلة وليلة‘‘ ، و كليلة ودمنة ...!
- حسنا. من المجدي الاطلاع على أكثر من آداب!
- أخبرني أنت عن ميولك.
- أنا أنتقل بين أربع لغات، أقرأ آدابها، الأصلي منه والمترجم، باحثا عن الجمال في هذا الفسيفساء اللغوي. أسافر بين آداب اللغة الأمازيغية الماتع ، وآداب اللغة العربية الرائع، وآداب اللسان المغربي الدارج الدائع، وآداب اللغة الفرنسية البادع، حيث أجنح في عوالم آرتور رامبو، وبول فرلين، وڤيكتور هيكو وآخرين...!
كان مفيدا أن يذكر لها بعض الأدباء الفرنسيين الذين قرأ لهم، ليشعرها أنه قريب منها، وليس ببعيد من ميولها:
- صحيح! تعرف آرتور رامبو؟
- هذا شاعر ينحت اللغة، يراقص الكلمات ، ويجعل البلاغة مستسلمة لآهات النفس وأناتها. تعرفت عليه في إحدى دروس شعر الحداثة، ومنذ تلك اللحظة آسرني، وبدأت أحفظ بعض قصائده.
- جيد إذن، نحن نتقاسم حب الشاعر آرتور رامبو.
- الحديث معك ماتع، لكن النوم يدركني.
- تصبح على خير.
أغلقا الاتصال بالشبكة، وغطسا في فراشهما، وأخذا يسترجعان الحديث ويسبران أغواره...
*** ****
كان يدخل كل يوم إلى علبة رسائلها، ليرى آخر اتصال لها الذي يعود إلى لحظة حديثه معها...!
مر يوم، وأسبوع، وشهر... بدأت الوردة الصفراء تذبل في ذاكرته، و أخذت تتلاشى في الذاكرة الإليكترونية، فهي مبددة بين ركام الرسائل التي وصلته طيلة شهر.
غير أنها باغثته في منتصف ليلة قرة من ليالي فبراير:
- لابد أنك الآن تستمع لإحدى قصائد رمبو بصوت فرنسي عتيق؟
- بل أبحث في المتصفح، لعلي أجد له قصيدة عن النوى، وما يبعثه من الشوق.
- جيد... إذا وجدتها فأرسلها لي ربما سأحتاجها أكثر منك(تضحك).
- لقد غبت طويلا، لعل السبب خير؟
- ألم بهاتفي عطب أصلحته للتو.
- (يضحك) العلاقات الاجتماعية الآن رهينة الأجهزة، لقد أصبحنا عبيدا لها.
هذه الليلة استطردا كثيرا، واستغرقا في نقاش عميق. تبادل بعض الكتب، استمعا لتسجيلات شعرية بصوتيهما الهامسين. منحته رقمها الهاتفي. وأقفلا الشبكة...!



#يوسف_خياعلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -التربية-: إعادة جلسة امتحان اللغة العربية لطلبة قطاع غزة في ...
- يوم في حياة صحيفة مكتوبة بخط اليد في بنغلاديش
- محطة القطارات التاريخية بإسطنبول تخوض صراع البقاء وسط تطلعات ...
- براءة متوحشة أو -أفيون الكرادلة- لمحمد الحباشة
- مصر.. فيلم ضي يتناول مرض -الألبينو- بمشاركة محمد منير
- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...
- صناع فيلم -صوت هند رجب- يتحدثون لبي بي سي بعد الإشادة العالم ...
- فيلم عن مقتل الطفلة هند رجب في غزة يلقى تصفيقاً حاراً استمر ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف خياعلي - كانت البداية إليكترونية.