أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس نادر - الثورة السورية أزمة تاريخ أم قربان مصير (قراءة نقدية)















المزيد.....



الثورة السورية أزمة تاريخ أم قربان مصير (قراءة نقدية)


أنس نادر
(Anas Nader)


الحوار المتمدن-العدد: 5821 - 2018 / 3 / 20 - 00:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الحالة السورية أصبحت مثار جدل كبير للجميع, جدل ثقافي وجدل فكري وسياسي لشدة قسوتها وتعقيداتها السياسية والميدانية وغموض مآلاتها, وأصبحت تائهة بين مفهوم حقيقة جذوتها الثورية والانسانية, وبين مآلها الدامي وواقعها المرير في صراع القوة والسيطرة والنزاعات الدولية على جثمان أحلام أبناثها والمكان الذي ستدُفن فيه في مقابر زور التاريخ.
من هنا يأتي السؤال...من يستطيع أن يلخص الحكاية, من يستطيع أن يشيح بوجهه عن ملحمية التفاصيل, وعن وجع الخذلان وجشع الدمار وعار التاريخ, ماهو المخرج من هذه المحنة الإنسانية والإجهاضات الأخلاقية والسجالات السياسية والمزاودات الإجتماعية التي تقتات على لحم ودماء السوريين وتسلبهم صدى أرواحهم المهاجرة عبر أدراج فزع هذا المصير.
هذه حكاية نظام مستبد آثر ان يبيد بلد بأكملها على أن يتنازل عن زهو وهم إرث ثقافي غائر بالقمع والفساد, وفراغ تاريخي للهوية والقضية الوطنية, حكاية صراع هذا النظام مع ظله, ظله من نفس النسيج الثقافي والسياسي الذي ترسخ عبر عقود من الزمن, وأفرز حركات راديكالية عنفية مسلحة من جهة, ومعارضة سياسية لم تستطيع أن تعلو على جراحها وتقدم ثقافة بديلة ورؤية وطنية تستثمر الحراك الشعبي السلمي, وتعلو بهذه الأصوات لتحقيق الحلم وتغيير المصير, فإن حجم الدمار الهائل في الأرض وفي البشر والحجر والشجر كان يعبر بشكل أو بآخر عن شدة الاستبداد والفساد السياسي والانساني الذي يكمن في عمق النظام السياسي القائم.
ويبدو هنا أني أتحدث هنا عن الحركات المناهضة للنظام كجزء أساسي من هذه الكارثة التي أحلت بالسوريين, على الرغم من عدم وجود ميزان عادل بين المسببات من أن تكون داعما للنظام أومعارضا له, فكيف يستوي من يرفض الظلم والاستبداد مع الذي يبرر ويؤيد وجوده. لكننا لا نستطيع بأي شكل أن نتجاهل أن قوى المعارضة السياسية التي تبنت الحراك الثوري سياسيا منذ البداية كانت تغالي سياسيا وثوريا بمجاراتها لتطرف النظام العقائدي وتصعيده للعنف والفكر المتطرف لإخماد الحراك الشعبي, فبالوقت الذي حملت به الثورة السورية في بداياتها كل أدبيات وكلاسيكيات ورومنسيات الثورات بالمعنى الثقافي والتاريخي, وكانت تحظى بحاضنة شعبية من الغالبية وقبول صامت من الأقلية, ودعم إعلامي وتعاطف دولي وإقليمي لشعب كسر قيود الصمت والخوف. وكان النظام يفتقد لكل هذه المقومات كسائر الأنظمة القمعية في مهب رياح التغيير, وخائف من المستقبل المجهول مع أقلية مترددة ومرتابة. فقد استطاع النظام أن يتغلب على هزيمته امام القوة الشعبية الجارفة بإنتصاره على التمثيل السياسي لقوى الثورة, وتمكن من أن يلطخ ثقافتها ويشوّه قضيتها الإنسانية, ويحول الثورة إلى أزمة ثم إلى حرب أهلية, والحراك السلمي إلى كفاح مسلح ثم فصائل اسلامية, ودعمها بجيوب عسكرية ليس لها قضية وهوية, وسهل دخول المتطرفين عبر الحدود, وأسس لجماعات ارهابية بمسميات دينية ليدين القوة الثورية بعد أن استطاع أن يكسيها بصفة دينية متشددة, وحشد المؤيدين حوله من المترددين والمنتفعين وغير المتضررين من نظامه بفعل الخوف من الفوضى وضيق أفق الخيارات السياسية , وفتح أبواب البلد على مصراعيها لأطماع المستثمرين السياسيين من المحيط الإقليمي والدولي ليدعم بقاء نظامه ويشّرع استمراريته, مما أودى بالبلد إلى دمارهائل بفعل سعي المجتمع الدولي لموازنة القوى للإستفادة القصوى من الصراع, وأصبحت سوريا ساحة للصراعات السياسية والمكاسب الاستراتيجية والسياسية للقاصي والداني. إن النظام أظهر بشكل جلي قدرته على تسيير دفة الصراع بالاتجاه الذي يريده أمام عجز المعارضة التي انتشت مع بداية الثورة في أن تحقق أي انتصار في الحفاظ على مكاسب وشرعية الثورة وأن تكرس ثقافتها لتأسيس وبناء قاعدة شعبية ووطنية تتماهى مع ثقافة الثورة وتتنافى مع سياسة وفكر النظام, وفشلت في ان تستثمر العزيمة الثورية للجيل الشاب الذي تمرد على مفاهيم القمع والخنوع والصمت, وأظهر شجاعة منقطعة النظير في التصدي لأكثر آلات القمع وحشية وضراوة. فلم تتمكن المعارضة من احتواء الثورة بمشاريع فكرية وسياسية تتماشى وتنسجم مع حجم الحراك الثوري, وما يمكن أن ينتج عنه من احتمالات سياسية تؤسس لنظام سياسي بديل من نسيج القوة الخلاقة للثورة. إن نجاح النظام وفشل المعارضة أدى إلى تعرية الثورة من قضيتها وثقافتها, في ظل آلية دفاع المعارضة السياسية التي تركزت في تبرير كل هذا الدمار وتجييره الى وحشية النظام. ولكن إذا كان النظام لا يدين بأي قيمة أخلاقية وإنسانية ووطنية هل يكفي الإنصياع لمخططاته والقاء اللائمة عليه, ألم يكن بجدر بالمعارضة احتواء الحراك الشعبي واستثماره في التأسيس لرؤية وطنية وسياسية تستطيع ان تكسب الشريحة الرمادية من المجتمع وتحافظ على سلمية الثورة وتجنب البلاد كل هذا الدمار والفوضى والضعف, هل من الحكمة بشيئ مجارات أعتى الأنظمة القمعية والإستبدادية بنفس العقلية الهمجية وسياسة تكسير العظام الذي ينتهجها, والتي لا يتحمل قسوتها وآلامها سوى الشعب السوري بالنهاية, وان كان كل هذا الدمار والتشرد والقتل الذي لحق بالبلد خلال كل هذه الأعوام لم يستطع ان يغير كلمة واحدة في النهج الفكري والسياسي الذي يتبعه النظام, فما الذي على الشعب السوري ان يدفعه لتغيير النظام كله. هل يكفي أن نقول ان النظام اراد ذلك وإنه أودى بالبلد الى ما آلت اليه, وهل يمكن ان يقال هذا الكلام للملايين من المهجرين والاجئين ومئات الآلاف من المعتقلين والضحايا والمشردين, وإن سقط النظام على النحو الذي تسعى اليه الفصائل المسلحة والمعارضة السياسية هل تكون الثورة قد انتصرت بالفعل بعد كل هذا الحطام الوحشي, وهل تركت موروثها الثقافي بالحرية والكرامة كما صاحت الحناجر في بداية الحراك الثوري. بالواقع أن المعارضة السياسية أجهضت الثورة بسياستها الندية للنظام ولم تستطع أن تبقي على الغضب الثوري الخلاق, وكرست العنف الذي دأب النظام على إفرازه من نسيج الثورة, وتجاهلت أن الطريقة التي سيسقط بها النظام هي نفس الطريقة التي سيعاد بها بناء النظام الجديد.
وما أريد نقاشه وطرحه بالفعل هنا, هو ليس استعراض الواقع وإلقاء اللوم على أي من الأطراف, فالواقع يعاني منه ويعرفه السوريون بشكل جيد, والإخفاق السياسي يعرفه العالم كله. ولكن هل كان بالفعل هناك خيار آخر للنظام وللمعارضة على حد سواء بأن يسلك أيا منهما طريقا آخر غير الذي سلكه, كان من الممكن أن يجنب البلد كل هذا الوجع والدمار.
بالواقع أن مسار الثورة السلمي وغضب الجماهير اكتمل بشكل راسخ بعد أول خطاب لرأس النظام في عام 2011 الذي وقع فيه بالقلم العريض أنه ماض بنفس النهج الأمني الذي عهدناه وخبرناه كشعب سوري لسنوات طويلة, وكان رأس النظام لم يُختَبر حتى حينه بموقف حقيقي وحالة مصيرية, ويبدو أن الحشود كانت تتوسم أن يقول غير ما قاله في ذلك الخطاب, لما كان يظهره للجميع بأنه الشخص المتحضر والأنيق, وهو الذي حاول في بداية الأمر أن يستوعب غضب الجماهير ببعض المبادرات التي لم تُثبت واقعيتها لاحقا, ولا سيما أيضا بأنه ليس من أحد أفراد الحرس القديم ويديه عمليا لم تكن ملطخة بالدماء بعد مثلما هو الحال مع أركان نظامه, لكنه بذلك الظهور أوضح بخطابه أنه لا مناص له إلا الإمضاء على ما جاء بالتاريخ الأسود لهذا النظام, ولو كان فعل غير ذلك لكان قد تحول لأيقونه سياسية طغت على جميع الشخصيات الوطنية بتاريخ سوريا الى هذه اللحظة , وغفر لسنوات طويلة من القمع والإستبداد التي قام بها نظامه. ولكن هل كان بالفعل هناك خيار آخر له. وكيف سيكون له خيار وهو الرجل الغير سياسي الذي أوتي به للإبقاء على هذا النهج السياسي في الحكم, لحماية واستمرار مصالح المئات من الضباط الأمنيين والسياسيين وحتى الإقتصاديين في البلد, فهم الذين يحمونه وهو الذي يشرّع وجودهم ونفوذهم وسطوتهم.
فالوطن العربي بجميع كياناته السياسية ومورثاته الثقافية والسياسية يعاني من أزمة تاريخ, فمنذ تهالك الدولة العباسية وبداية عصر انحطاطها منذ أكثر من 1000 عام لم تعرف المنطقة العربية الاستقلال والسيادة, ولم تُساس بفعل ثقافتها منذ أفول الحضارة الإسلامية التي انتهت حضاريا بإنتهاء الدولة العباسية, وبالتالي عانت المنطقة العربية ولا سيما المنطقة الجغرافية لبلاد الشام من جمود ثقافي وعقائدي ديني سهّل من تبعيتها الثقافية لقوى مهيمنة تحت عباءة الدين لاحقا, فأصبحوا وليمة سهلة للكثير من القوى الأعجمية الفتية سليلة النسيج الثقافي ذاته, من سلاجقة وزنكيين وأيوبيين ومغول ومماليك وغيرهم وصولا إلى العثمانيين. ثم انتهت إلى الٍاستعمار الغربي بعد سقوط الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى, لذلك أن معظم الدول العربية بفعل أزمة تاريخها بعد ثورات الإستقلال من نير الإستعمار الغربي, والتشبع بردات الفعل العنيفة تجاه القوى الإستعمارية الغربية, وتأجج الروح الثورية والوطنية لأبناء المنطقة, كان الطريق معبد لسياسات المنطقة في تمثيل شعوبها أن تتجه نحو المعسكر الإشتراكي المناهض للقوى الغربية والند الحضاري والعسكري المبني على منظومة اتحادية غير رأسمالية لاحت لشعوب المنطقة كمثال يمكن الاحتذاء به يجدد الآمال بالعودة للماضي التليد , ومن الناحية الثقافية وجد شباب تلك الفترة بالفكر الماركسي ملاذ لأفق فكري غير مقيد وملامح تغيير جذري محتمل للواقع السياسي والثقافي , ولاسيما في ظل عدم وجود هوية ثقافية عميقة جراء تاريخ استعماري طويل لشعوب المنطقة من قبل ثقافات استعمارية متباينة المشارب, لذلك كان المعسكر الإشتراكي الملاذ الوحيد المنطقي للكيانات السياسية الناشئة في الدول العربية, وهذا ما أدى فيما بعد إلى تأثر هذه الأنظمة بشكل كبير بطبيعة نظام المعسكر الإشتراكي القائم على القمع والإستبداد, وأن تنهج نهج الرمز الإشتراكي للدولة الشمولية المناهضة للقوة الرأسمالية والإستعمارية الغربية في العالم, وهو ما جعل من الأنظمة العربية على مختلف انتماءاتها العرقية والإجتماعية والجغرافية نماذج مشابهة لبعضها الآخر, وتكاد تكون شخصية ستالين نموذج موحد متباين الأشكال للزعماء العرب آنذاك, من سوريا للعراق لليمن لليبيا وتونس والجزائر وغيرهم. أذا إن الأزمة التاريخة لشعوب وبلدان المنطقة أفرزت هذه الأنظمة المتهالكة, وبالتالي يكون نظام الأسد حكم سوريا زمنيا بما يقارب ضعف تاريخها المستقل منذ ما يقارب ال 1000 عام, فهل هذا التاريخ المأزوم يمكن أن يحدو بشخص كرأس النظام الحالي أن يقوم بطفرة فكرية لها من الشجاعة والتضحية أن يرفض بها القدر الذي أتى به على رأس سلطة قمعية كالتي يترأسها؟؟, وبالطبع السياق التاريخي والواقع السياسي الحالي لا يمكن أن ينذر بهذا الشيئ. فواقع النظام والمعارضة السياسية بنهجيهما وعقليتهما السياسية الحالية التي يسحقان بها أبناء شعبيهما إنما يعود كما نرى إلى أزمة تاريخية عمرها مئات السنين, يدفع ثمنها جيل من الشجعان من جانب والمغلوب على أمرهم من جانب آخر.
وبالطبع لا يمكن التعويل على النظام بأي شيئ قد يكون في صالح السوريين, فالنظام هو الطرف الذي يمثل كل هذا لفساد, بل هو النتيجة المنطقية له. وبالتالي كان يتوجب على المعارضة أن تقوم بعملية خلق جديدة, فإن هذا النحو من الصراع لن يخلص البلد مما هي غائصة فيه من أوحال غليظة, حتى ولو هُزم النظام عسكريا فإن البديل أشد ضراوة وبطش, والأمثلة المحيطة في الجوار كفيلة لتجعل الأمر جليا.
إن جميع ما سبق الحديث عنه كرؤية حقيقية لمفهوم وثقافة الثورة, يصنف المعارضة في سوريا على أنها المعارضة السياسية فقط, لأنها بالنهاية تضم الكثيرين من الشخصيات السياسية والثقافية التي عانت من بطش النظام وقمعه الشديدين, وللأسف ولم يستطيعوا أن يترفعوا على جراحهم لمصلحة القضية بالحفاظ على ثقافة الثورة بفعل معرفتهم الوثيقة وقناعتهم بالتطرف العقائدي للنظام من جهة وبفعل موروث الاستبداد الغائر في نفوسنا جميعا من جهة أخرى. ولا يمكن اعتبار الفصائل المسلحة قوى معارضة على الإطلاق فالايدولوجية والأجندة التي تقوم عليها لا يمكن أن تمثل أي من الأهداف الحقيقية التي خرج المتظاهرون من أجلها إلى الشوارع مطالبين بالحرية.
وإن الدعوى لأي قوة خارجية لإزاحة النظام عسكريا, يعني أن المعارضة السياسية لا تأبه لأرواح المدنيين ولا تكترث للبنى التحتية للدولة ولا لمؤسساتها وثقافتها وحضارتها وبنيانها, أولم يفعل النظام الذي يطالبون بإسقاطه الأمر ذاته عندما استدعى داعمية لأن يهدموا البيوت فوق رؤس أصحابها, وعندما ألقى البراميل المتفجرة ليحيل المدن إلى خرائب وأطلال؟.
ان هذه السياسة الندية الفارغة من أي قضية أخلاقية ومن أي ثقافة بديلة للتي ينتهجها النظام حولت الثورة الى نزاع سياسي على السلطة وإلى حرب أهلية دامية, وأصبح واقع السوريين الحقيقيين الذين يعيشون بالمدن السورية بمعظمهم عبارة شريحة سوداوية واحدة تسعى بأن تنجو بنفسها وبعائلاتها من هذا الدمار الوحشي, وأداة يستخدمها كل من النظام والمعارضة لتجيير خطابه لصالحه. وأمسى كل العالم يخطب ويحاضر بإسم الشعب السوري, يقتل ويدمر ويقصف ويزاود, ويخوّن ويطالب بمحاصصة سياسية بإسم الشعب السوري. فكيف تستطيع المعارضة بهذا الواقع السياسي الذي تنتهجه أن تقنع العالم بقضيتها اذا كانت لا تستطيع أن تقنع شعبها به, هل فصائل الرحمن والتوحيد وفتح الشام وما إلى هنالك من الفصائل المسلحه هي بالفعل مستقبل سوريا الواعد؟, هل تؤمن هذه الفصائل بالشعارات السياسية المنادية بالحرية والديمقراطية والمساواة التي تطلقها المعارضة السياسية, وهل يقبل أي عاقل أن يبدل هيكلية الدولة ودورِها ومرافقها ومؤسساتها التي تعود لمئات السنين بلجان وهيئات شعبية لتسيير أمورها, أوليس بهذه الطريقة تساس المدن المحررة من سلطة النظام؟. فالمهم بالنسبة لهم أن يرحل رأس النظام, متناسيين أن الشعب السوري يعيش تحت عباءة هذا النظام بحكم الواقع, وأن هذا النظام يدير جميع المؤسسات والجامعات والمدارس والمشافي, وأن أبناءنا هم من يعيشون ويعملون ويتعلمون في هذه المؤسسات. وكل الذي فعلته المعارضة السياسة بمسارها العنفي هو أنها أسقطت ثقافة الشعب وحضارته وأحلامه وكل ما يمكن أن يَسقط بالعنف, والشيئ الوحيد الذي أبقت عليه هو النظام.
إن المعارضة تطالب بأحقيتها بإدارة السلطة بإسم دماء الناس التي سفكت, والشعب الذي هُجِّر, وكل هذا الدمار الذي لحق بالبلد جراء عنف النظام, ولكن المعارضة السياسية للأسف كانت شريك ظل في كل هذه المجزرة, ووقود حرائق, وبارود بنادق لكل ما جرى.
فالمطالبة في الوقت الراهن بإسقاط النظام ومحاسبة رأسه من خلال عملية سياسية يكون هو طرف فيها, يعتبر الآن رفاهية سياسية لا تمت للواقع بصلة بعد كل هذه التعقيدات السياسية والعسكرية وتدخّل كل هذه الأمم والقوى, ففي الوقت الذي سيطرت الفصائل المسلحة على معظم الأرض, وجلست المعارضة السياسية على مقعد النظام في جامعة الدول العربية وكان ما زالت هناك جذوة ثورية حقيقية, لم يتنازل النظام عن مقدار شعرة من جمود خطابه المتعالي, فكيف سيستجيب لهذا التنازل وهو الذي استرجع الكثير من الأرض, وبدأ بإنتزاع قبول سياسي من الكثيرين جرّاء خيبة الأمل الدولية من نشوء قوة وطنية تستطيع الحفاظ على الدولة ومؤسساتها.
إن عرض المجريات والرؤية لما سبق كان للتمهيد بأن هناك حاجة ماسة لفصيل معارض ينأى بنفسه عن الإخفاق السياسي والفكري لقوى المعارضة, الذي نتج عن خلل بالرؤية والفكر وليس بالأداء السياسي فقط, فالمقصود هو المعارضة السياسية ككيان وليس كأفراد, فهناك انفصام في شخصية وكيان قوى المعارضة واضح وجلي للجميع, فالمعارضة السياسية لا تمت بأي صلة عمليا للفصائل المسلحة على الأرض, لا بالخطاب ولا بالفكر ولا بالنهج ولا بالمشروع ولا حتى بالتوافق على طبيعة العلاقة السياسية والعسكرية, على الرغم من الإقرار أن الكثير من أفراد هذه الفصائل من أبناء المناطق المحاصرة والمنكوبة الذين رفعوا السلاح دفاعا عن عائلاتهم أو انتقاما لذويهم الذين قضوا جراء وحشية النظام, وبسبب سوء إدارة المعارضة السياسية لهذه الشريحة من المسلحين أمسى من المستحيل أن تتمكن هذه المعارضة السياسية أن تحكم الفصائل المسلحة المتشعبة الأجندات والإنتماءات والعقائد, , ناهيك أن هذه الفصائل غير متفقة أساسا مع بعضها نتيجة اختلاف روافد الدعم العسكري لها, فضلا عن الجيوب المسلحة الكثيرة والغير السورية أيضا التي تقاتل بدوافع تكفيرية, وما يربط الفصائل المسلحة بالمعارضة السياسية أن الأخيرة تمثل واجهة سياسية لها, وهي تمثل بدورها واجهة لقوى عسكرية يمكن أن تستخدمها المعارضة السياسية كورقة ضغط للتفاوض. وإن أردنا أن نتكلم بشكل واقعي فإن الأمر سيان, فإتفاقهما هو أشد سوءا من أن لا يتفقوا. فأن تتمثل كل أهازيج وأشعار وأغاني وملاحم الشبان والشابات في أزقة وشوارع المدن السورية بهذا المصير وتسفر عن هذا الظلام أمر لا يمكن أن تحتمله عدالة وزهوة المدن الثاثرة.
إن شخصيات المعارضة السياسية بغالبيتهم لا يشكون من ضيق الأفق, ولا من الفساد السياسي والأخلاقي وعدم الإنتماء وضياع الهوية كما هو الحال لدى النظام, فلا يوجد مشكلة مع الأشخاص, فمعظمهم قادم من خلفيات سياسية معروفة وقضى وعانى الكثير من بطش النظام والإقصاء والنفي, وما يطالبون به هو استحقاق لا لُبس فيه للشعب السوري, وبالحقيقة إن المعارضة السياسية هي أيضا نتيجة لتناقضات وتعقيدات افرازات الثورة في بداية انزلاقها نحو الكفاح المسلح أكثر من كونها مسبب بذلك الخروج عن المسار والقضية, فهيئة التنسق كان كيان معارض يطالب بالحفاظ على سلمية الحراك الشعبي, ولكنه فشل في اصطفاء نفسه ممثلا لها بسبب المزاودات والمهاترات والاتهامات في كيان الجسم المعارض ككل, الذي حال دون الخروج برؤية واستراتيجة واضحة لقيادة الحراك الثوري, مما أدى إلى تفشي العنف بشكل سريع جدا بثقافة الثورة المدعوم بالموروث الثقافي للاستبداد, والأزمة التاريخية العميقة وانعكاساتها في جذور ومفاهيم المكونات الثقافية الأساسية لشعوب المنطقة التي سهلت بدورها دور النظام والمستثمرين السياسيين للأزمة في ادارة دفة الحراك للوجهة التي أرادوها.
فمن هنا, إن ما حصل لثورة الشعب السوري, كان أشبه بمصير محتوم تمادى بتطرفه ودماره بما يتساوى ويتوازى مع الأزمة الوجانية والإنسانية بوجهيها التاريخي والسياسي, وأذا أردنا الخروج من هذه المحنة لا بد من الولوج في عملية قاسية من جلد الذات, وتناسي كل ما عانيناه من آلام ومآسي, والترفع عن الأحقاد الناتجة عن تلك الآلام, والابتعاد عن المزاودات والتخوين والقاء اللائمة على الآحرين, والسعي الحقيقي لتأسيس ثقافة بديلة ترفع راية الصفح والغفران, وتؤسس لحراك ونشاط سلمي جمعي يمد يده لكافة أطياف المجتمع على مختلف عقائده وانتماءاته, وعندما تتأسس هذه القوة السلمية وتنتشر على نطاق واسع ستقوم بشكل تلقائي لاحقا بإفراز قوة سياسية معارضة تمثل مطالبها وأهدافها, وتفرض على المجتمع الدولي بفعل نزاهتها جميع ما تصبو إليه من حقها في الحرية والعدالة. إن العملية السلمية ستُشعر الجميع بالطمأنينة ابتداءا من الشعب السوري بكل مكوناته, وسيحمل المسلح على رمي السلاح بفعل انهيار حاضنته, والمعارض على التسامح, والمؤيد على التقبّل, حتى النظام على التنازل. فثغرة النظام الوحيده, أنه قد يستجيب لأي طرح لا يتضمن اقصاءه المباشرعن السلطه, وقد أبدى هوادة في بداية الحراك السلمي مقارنة بالوحشية التي استخدمها لاحقا في قمع الكفاح المسلح بسبب خوفه من الحقيقة وارتيابه من فقدان الحاضنة الإجتماعية التي يحتمي خلفها بفعل الحراك السلمي الذي حد من ضجيج السياط وفرض صمت التفكير, وخوفه العميق بأن يتحول هذا الحراك السلمي إلى مرآة تكشف حقيقة وجهه القبيح, ويؤسس لثقافة بديلة حقيقية, فكيف لأي شخص أن لا يرى الفارق الإنساني الهائل بين أياً من رموز النظام وشاب مثل غياث مطر أو نشطاء مثل رزان زيتونة أو مازن درويش وغيرهم من الشخصيات السلمية والحقوقية, ولهذا نجح النظام في ادراك أنه يتوجب عليه تلويث مفاهيم الثورة واسقاط حقيقتها الانسانية والأخلاقية ليخلق لنفسة الذريعة الشرعية شعبيا ودوليا لسحقها, وهذا بالفعل ما فعله, وتمكن من تحقيقه من خلال ما دُعي بأسلمة الثورة وتسليحها.
(( عَودٌ على بدء )) هو المشروع السلمي الحقيقي الذي يمكن العودة إليه لرفع الشعارات التي صاحت بها الحناجر في بدايات الثورة, والذي نحتاجه جميعا للخلاص. وهو مشروع لا مناص من الخوض فيه آجلا أو عاجلا, فمهما كانت النتيجة التي ستؤول إليها المخاضات السياسية والعسكرية الحالية, لا بد من التأسيس الفكري والثقافي الذي يترسخ بالحركات والمخاضات الجمعية للشعوب قبل التأسيس المعماري والمؤسساتي للدولة, فالثقافة الجمعية التي ستسود هي ما سيأخذه شكل مؤسسات الدولة السياسية والثقافية, وضمن واقع حياة الشعب السوري وتمزقات اصطفافاته, فإن المستقبل ينذر بإخفاق اجتماعي وتشرذم مثير للقلق قد يضاهي بؤس ما نشهده الآن.
أن نشر ثقافة النشاط السلمي في المطالبة بالحقوق السياسية والنضال لإسقاط جميع أشكال الظلم والحيف واعتباره الطريق الوحيد لتأسيس مستقبل يحمل الأهداف والشعائر التي نحلم بها, واالسبيل الأخلاقي المنفرد للإعتراف وتكريس نبل قضية جميع القتلى والأسرى والمهجرين, واستلهام صدى أرواحهم ومعاناتهم لتحقيق ما عانوا من اجله.
كما أن الإعتراف أننا مأزومون تاريخيا وثقافيا نتيجة نهج حضارة وسياسية عالمية خارجة عن ارادتنا, مسؤولة عنه قصة هذه الحضارة الإنسانية جمعاء وقدر تاريخي يمس العالم بأسره, وأننا كجيل لسنا مسؤولين عن هذه الأزمة ونرفض أن ندفع ثمنها من دماء أهلنا ومستقبل أطفالنا. فتكريس ثقافة الإعتراف بالأزمات الثقافية الجمعية, والتخلص من الزهو والتعجرف الاجتماعي والعرقي والديني الناتج عن هذه الثقافة, وأننا نتشارك بكل هذه الأمجاد والآفات التاريخية مع جميع شعوب العالم ولا يميزنا عنهم سوى اصرارنا على صناعة مصير أفضل لنا ولهم, هو الجذوة الفكرية التي يجب أن ينطلق منها الحراك السلمي.
تتلخص نظرة العموم من شعوب العالم هو أن ما يجري من عنف هائل في سوريا أدى إلى نشر ثقافة العنف والإرهاب التي تعم وتستهدف الكثير من مدن العالم حاليا, فكبف يمكن اقناع العالم بعد التفشي لكل هذا العنف أننا اصحاب قضية انسانية واخلاقية تسعى بشعبها للخلاص من الظلم ولا سيما إن المعارضة السورية بواقعها الحالي تمثل وبإعترافها طرفا لا يستهان به من مسببات هذا الدمار الدامي, وهذا أحد أهم الأسباب كما يعرف الجميع بالمشاركة الخجولة لشعوب العالم الحر لقضيتنا من جهة, وتردد الدول الداعمة بأخذ مواقف حقيقية وصارمة سياسيا تجاه ما يقوم به النظام من عمليات تهجير للشعوب وتدمير للمدن من جهة ثانية تحت ذريعة وقناعة عدم وجود بديل سياسي وثقافي لنظام الحكم بسوريا.
إن ثورة بحجم الثورة السورية وكارثة انسانية بحجم البؤس التي لحق بها وضجت مسامع العالم بمآسيها, لا يمكن ان تلقى الاحترام والاصغاء والدعم ما لم تستطيع أن تحافظ ولا حتى على حركة واحدة أو نشاط أو مؤسسة أو تجمع ثوري وثقافي سلمي واحد له وزن وحاضنة شعبية يحمل الهم الشعبي الحقيقي والواقعي ويطالب بالحفاظ على تكريس الحراك المدني كعامل أساسي للخلاص وخيار وحيد كبديل سياسي للنظام القائم, وكيف ممكن ان نقنع العالم ونقنع شعوبنا بأننا اصحاب قضية وأن جل ما نصبو اليه هو ان نقدم ثقافة بديلة لثقافة القمع والاستبداد إذا كانت ثورتنا قد افرزت كل هذا الوسخ التاريخي ولم تستطيع ان تفرز تيارات ثقافية حقيقية واسعة الطيف تشعر الشريحة المناهضة للنظام بالانتماء لها على الاقل. هل من المعقول ان يأمن المعارض السلمي على نفسه بالذهاب الى مناطق تحت سيطرة النظام ولا يأمن على نفسه بالذهاب الى المناطق المحسوبة على الثورة لأسباب عرقية ودينية, وهل من المنصف ان تكون معارضا للنظام ولا تجد شريحة سياسية تمثل احلامك وطموحاتك واهدافك, أو قوة سياسية تجرء على قول الحقيقة عارية وتنأى بنفسها عن الأحقاد والمزاودات, وتأبه لآلام ومآسي السوريين بشكل حقيقي وتسعى لخلاصهم من هذا التشظي والانقسام, أوليس المؤيدين للنظام الذين مازالوا يعيشون تحت رحمته هم ضحية لإخفاقنا بسبب عجزنا عن تقديم ثقافة بديلة وملامح نظام سياسي جديد لهم, ألم يترك الملايين من السوريين أرزاقهم وأطيانهم وأوطانهم إلى بلاد تختلف عنهم بكل شيئ ليحافظوا على حياة أسرهم وأبنائهم، وهل كان سيهجر مئات الآلاف من الشباب السوري أوطانهم لو وجدوا بيئة تسعى وتطمح واقعيا وعمليا إلى تأسيس مستقبل أفضل لهم.
إن الخلاص الوحيد هو بالعودة الى الروح المتقدة للآمال والأحلام, وهو الركيزة الاساسية التي انطلقت منها شرارة آذار, وهو الحلم التي ستخبو عليه نيران القذائف ودوي المدافع, إنه المشروع السلمي الثقافي الذي يطمح أن ينتشر على امتداد الوطن السوري ومدن العالم كله, والذي يأمل أن تصدر الثورة السورية ثقافتها السلمية في جميع مدن العالم وتسقط جميع أشكال الظلم والمؤسسات الدولية والاقليمية التي تكرس سياستها لقمع الشعوب, فإن انتشار العنف الذي نشده في أعرق مدن العالم من أهم أحد أسبابه هو صمت المجتمع الدولي بسبب القوانين السياسية التي تحكم مجلس الامن الدولي وفق مصالح الدول العظمى والتي تحول ضد أي قرار يوقف نزف الشعوب لصالح المستثمرين السياسيين لأزمات الدول وحياة ومستقبل شعوبها, وبالتالي تعجز المؤسسات والمنظمات الإنسانية المحلية والعالمية عن أن تكون طرفا فاعلا في وقف العنف المستشري.
إن الصمت والخذلان الذي لف سكون العالم وأودى بأجمل وأكثر الأحلام شجاعة أن تتحول إلى كوابيس ومجازر لابد ان تحمل مظالمها في حناجر أبناء شعبها المشتتين بدول العالم, وتحمل رسالة للعالم أجمع ان صمت الشعوب بالعالم الحر يقتل حناجر حرة تصدح ببسالة وتحمل النور في الجانب الآخر المظلم من العالم.



#أنس_نادر (هاشتاغ)       Anas_Nader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد والمنعَكس القهري للتدين في رحلة البحث عن الهوية


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس نادر - الثورة السورية أزمة تاريخ أم قربان مصير (قراءة نقدية)