أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فايز الحج - الثقب الاسود















المزيد.....

الثقب الاسود


علي فايز الحج

الحوار المتمدن-العدد: 5820 - 2018 / 3 / 19 - 08:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يستطيع المرء وهو ينظر الى تطور الاوضاع في العالم العربي منذ المئة عام الاخيرة سوى الشعور بالصدمة , فالتحولات التاريخية التي جعلت من المنطقة العربية ما يشبه الثقب الاسود الذي يمتص الضوء ويحول الوجود الى سواد والمتحرك الى ثابت , تعود الى عدة عوامل داخلية في بنية المجتمع العربي وخارجية قادمة من رغبة الدول المصيرية في تحويل هذه المنطقة الى هكذا مصير
_ العوامل الداخلية :
1_ فشل الدولة الوطنية في إصلاح الخلل الذي أصاب البنية التحتية للمجتمع العربي بسبب سنوات الوصاية العثمانية والانتداب الاوروبي والتي عملت على تقسيم وتجزيئ المجتمع العربي الى طوائف وأعراق . هذا الفشل يعود الى عملية القفز التي اتبعتها تلك الحكومات (وليس الحل) لعدة اعتبارات ساذجة مضحكة فقد اعتبرت تلك الحكومات أن تلك المشاكل ليست موجودة طالما أننا لا نتحدث عنها أو الخوف من إثارة النعرات الطائفية ولذلك نرى أن مجتمعاتنا الحديثة ماتزال تعاني من مشكلة الانتماء الطائفي العرقي الضيق وليس الانتماء الوطني الواسع , وقد برز هذا الوضع جلياً بعد الربيع العربي فما إن سقطت الانظمة الاستبدادية حتى ظهرت تلك الاشكالية لتعيق عملية البناء الديمقراطي . المضحك المبكي في الامر أن الحكم الديمقراطي (لو صح التعبير) الذي أعقب الاستبداد تعامل بالطريقة ذاتها فقد تعامى _عن عمد ربما _في التعامل مع هذه المشكلة وتحدثت أدبيات هذا الحكم عن الشعب الواحد والوطن الواحد الامر الذي أبقى على الخلل البنيوي في المجتمع مكانه دون حل .
2_ الطريقة الكيدية في ظهور التيارات السياسية في المجتمعات العربية فالأحزاب السياسية المناط بها إدارة العملية الديمقراطية ظهرت بطريقة كيدية , فالانتشار الواسع لليسار والاشتراكية الشيوعية أفضت الى ردة فعل راديكالية أي ظهور تيار الاسلام السياسي المتمثل في الاخوان المسلمين وعندما ازدادت شعبيته ظهر التيار العلماني الليبرالي , مع العلم أن كل التيارات السابقة عارضت بعضها البعض لأغراض حزبية ضيقة والمؤسف أنها تعاملت مع الاستبداد اليميني العسكري خدمة لهذا الغرض , الامر الذي أفقد تلك الاحزاب والتيارات مصداقيتها والأخطر مصداقية الافكار والايدلوجيا التي قامت على أساسها , فالإخوان المسلمون لم يفقدوا مصداقيتهم السياسية والحزبية فقط وإنما فقدوا معها مصداقية الاسلام السياسي بحد ذاته بل والاسلام أيضا وأوجد طبقة من الناس بدأت تشكك حتى بتاريخ الحضارة الاسلامية . هذه الكيدية في تبلور التيارات السياسية على الساحة العربية من أقصى اليمين لليسار هي السبب التي مكنت للاستبداد العسكري اليميني من البقاء والاستمرار إضافة الى أنه السبب في يأس الشباب العربي من التغيير الامر الذي دفعه للتوجه نحو التشدد والراديكالية وتعميق حالة الاحتقان محولاً المجتمع العربي الى بيئة خصبة للتطرف والارهاب .
3_ حالة الركون والركود التي أصابت الشعب العربي وتحوله الى بركة من المياه الآسن فلم يعد هناك أي وجود للعرب في الانتاج الحضاري العالمي وتحولوا الى عبء على العالم , فالمشاكل التي أَصيب بها المجتمع العربي من الامية وانتشار التخلف والمرض والتي هي بالإساس نتاج القبول الشعبي بالواقع المفروض من أنظمة الحكم الاستبدادي والذي انعكس ذلك القبول على جميع مناحي الحياة فلم تعد هناك أي نزعة للتغيير والتطور عند العرب , وبالطبع رافق ذلك حالة اليأس عند النخب المثقفة , الامر الذي دفع العديد منها للهجرة والمغادرة تاركة ورائها مجتمعا مليئاً بأمراض اجتماعية عديدة كالنفاق عمق حالة الركون تلك وأطالت من عمر الاستبداد , هذا الامر دفع بالشباب العربي الى القبول بالحلول الاكثر راديكالية كالتطرف يميناً أو يساراً مما عمق الانقسام الافقي والعمودي بالمجتمع العربي .
4¬ ¬¬_ الفشل في حل الصراع العربي الاسرائيلي والهزائم المتكررة للعرب في جميع الحروب التي خاضوها , الامر الذي خلق نقمة داخلية على الانظمة وأفقدها الزخم الجماهيري التي كانت تحظى به في خمسينات وستينات القرن الماضي ولم يعد بقدرة اليمين القومي استخدام تلك الحجة ( مواجهة العدو الصهيوني ) في تأجيل البحث بالقضايا المصيرية الخاصة بالوطن الواحد ففي خمسينات وستينات القرن الماضي كان الخطاب السياسي لليمين القومي يقوم بالتركيز على المواجهة مع العدو الصهيوني ولكن هزيمة العرب في حرب 1967 أفقدت العرب هيبتهم عالمياً وبالطبع الانظمة العربية كذلك الامر الذي حول البوصلة نحو خطاب آخر استخدمه اليمين القومي في ضمان استمرار سيطرته السياسية والاجتماعية والاقتصادية على العالم العربي وهو خطاب (السلام الاستراتيجي) وماتبعه من اتفاقيات سلام أخرجت الدول العربية من الحرب , هذا التغيير في بوصلة الخطاب والتوجه الاستراتيجي لأنظمة اليمين القومي الحاكم تلقاها الشعب العربي بمزيد من النقمة على الانظمة الحاكمة واعتبار هذا التغيير إقرارا بالهزيمة ورضوخاً لحالة الهيمنة الاسرائيلية مما دفعت الشعب العربي الى القطيعة النهائية مع الانظمة الحاكمة وخلق هذا التحول تصاعداً بالفكر الراديكالي المبني على الحقد المتراكم في اللاوعي الجمعي للشعوب العربية فأصبح من الطبيعي أن نرى نزوعاً عند الشباب العربي الاسهل تأثرا بالمتغيرات المحيطة الى تقليد المجتمعات الاقوى وفي الحالة هنا المجتمع الامريكي وهذا دليل على أن هذه الفئة من الشعب لديها انقطاع بالانتماء لأوطانها فالمواطن الذي يقلد بشكل أعمى مايراه في مجتمعات الغرب هو مواطن مهزوم في داخله وكذلك بإمكاننا القول ذاته على تلك الفئة من الشعب العربي الذي يبحث في التاريخ العربي الاسلامي على ومضة نصر تشبع حاجة الانتماء والاعتراف والتقدير لديه . هذا الانقسام الحاد في بنية المجتمع العربي هي البنية التحتية لكل المشاكل الاجتماعية في العالم العربي وهو الذي تم التعبير عنه بالصراع بين تيارات الاسلام السياسي والتيار العلماني الليبرالي .
5_ الطائفية والمذهبية الموجودة في صلب العقيدة الاجتماعية والدينية والحياتية للمواطن العربي , فالطائفية التي هي بالأساس من الموروث الديني السياسي للإسلام ,لم تستطع النخب الاسلامية سواء الدينية منها والسياسية على طول تاريخ الامبراطورية الاسلامية من معالجة الجذور الاساسية لها , المؤسف هنا أن جزءاً من تلك النخب نفسها كان من الذين عمقوا المشكلة وجذروها في العقل العربي الاسلامي وجاءت الوصاية العثمانية لتثبت تلك المشكلة وتعززها في محاولة لإبقاء المجتمع العربي المسلم ممزقاً يسهل عليها قياده وبالطبع لم تكن سلطات الانتداب بأفضل حالاً فالفترة الكولونيالية الاوروبية شهدت تعميقا للصبغة الطائفية للمجتمع العربي تحت حجج حقوق الاقليات الدينية فتم تقسيم الدول العربية الى كنتونات اجتماعية متناحرة متصارعة لعبت الدول المستعمِرة دوراً في تحريض الطرفين على بعضهما ومن ثم فشلت الدولة الوطنية لاحقا في إعادة الوحدة للمجتمعات العربية لانشغالها (بسذاجة) بالبناء الاقتصادي دون الاجتماعي .
هذه المشكلة أفقدت المجتمع العربي قدرته على الخلق وتحول مثقفوه الى محامين دفاع عن التراث العربي الاسلامي في مواجهة خطاب طائفي تارة والى دعاة الى التحرر من الموروث المتقادم التي تحول الى عقبة حقيقة لدخول التاريخ تارة أخرى بدلا من المشاركة مع بقية الشعوب في إغناء الحضارة البشرية كسائر المجتمعات هذا الامر أوقف الزمن في المحيط العربي والاسلامي وجعله بيئة خصبة للتطرف والتخلف خاصة وأن المجتمع العربي بسبب الطائفية أصبح مفتتاً ممزقاً يسهل اختراقه مما جعله ساحة لتصفية الحسابات بين الامم المتصارعة .



#علي_فايز_الحج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الترفيه لعبتنا-.. تركي آل الشيخ يعلق على لقاء مع سيمون كاول ...
- هيفاء وهبي بإطلالة غير كلاسيكية..جوارب رياضيّة وكعب عالٍ
- ملجأ قديم في إنجلترا.. حقيقة فيديو -اكتشاف نفق من باب المندب ...
- إيران تتّهم الأوروبيين بعدم احترام الاتفاق النووي وتستعد لجو ...
- إسرائيل تهاجم ميناء الحُديدة.. وكاتس يتوعّد الحوثيين: اليمن ...
- لبنان يردّ على المقترح الأميركي.. وبرّاك: مصير سلاح حزب الله ...
- بعد عقود من الجدل.. هل آن أوان إعادة الثقة في العلاج الهرمون ...
- مداهمات أمنية في برلين بشبهة نشر دعاية متطرفة إسلاموية بالأن ...
- فرنسا: أكثر من مليون توقيع رفضا لتشريع استخدام مبيد زراعي فم ...
- إيران تتهم الترويكا الأوروبية بعدم احترام الاتفاق النووي


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فايز الحج - الثقب الاسود