أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى جولاني - رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت: التاريخ بقالب روائي














المزيد.....

رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت: التاريخ بقالب روائي


هدى جولاني

الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


تأخذ رواية "أميرة" للكاتب المقدسي جميل السلحوت بتلابيب القارىء لتضعه؛ بوصفها الدقيق للتفاصيل المرئية والمسموعة في أجواء فلسطينية خالصة، عارضةً في مجملها تاريخًا بقالب روائي وبأسلوبٍ يندرج تحت باب السهل الممتنع.
توثِّقُ الرواية في تتبعها حياة أفراد عائلة "الحاج طاهر المحمود" من مدينة يافا؛ الأحداثَ التي عايشها أهل فلسطين منذ الأعوام التي سبقت ما اصطلح على تسميته لاحقًا بـ"النكبة"، وتمتد أحداثها منذ سنة 1944م إلى ما بعد الأعوام التي تلت تلك الكارثة واللجوء والتشرد اللذين تبعاها، وقد تتطرق إلى ما قبل ذلك، فتشير إلى أحداث أكثر قِدمًا، مثل حملة "محمد علي باشا" بقيادة ابنه "إبراهيم" إلى بلاد الشام في العام 1831 (ص 63)، ووعد بلفور عام 1917 (ص 108)، والثورة الفلسطينية وإضرابها الشهير عام 1936 (ص64)، وأحداث أخرى توثّق التاريخ وتسجّل أبرز الأسماء التي مرت في سمائه، فتذكر أسماء القادة في فلسطين، مثل عبد القادر الحسيني وعز الدين القسام ومهيبة خورشيد وبهجت أبو غربية وغيرهم، وكأنها تحاول بذلك، ككثير من ميراث الأدب الفلسطيني؛ أن تحمل على عاتقها مسؤولية حفظ التاريخ ونقله للأجيال اللاحقة عبر تدوينه.
ولاتتوقف الرواية عند توثيق الأحداث بتواريخها، بل توثق- كذلك- التفاصيل المرئية للبيوت والمدن، كوصف بيت العائلة في بيت دجن في مدينة يافا، بدقة عالية: "واجهته الشرقية وفيها مدخله الرئيس، يتقدّمها برندة على طول الواجهة بعرض ثلاثة أمتار، تقوم على أعمدة حجرية وردية اللون، أحضروها من منطقة الصليب في رأس بيت جالا، وتعلوها أقواس حجرية مزيّنة بطلاقات خماسية الأضلاع الدائرية، وحجارته من سفوح جبل الكرمل الغربية.." (ص 18و19)، ووصف دقيق آخر لبيت سكنته العائلة مؤقتًا بعد لجوئها إلى مدينة القدس: "هناك درجان خارجيان يوصلان إلى الطابق الثاني.. وهذا يعني أن في الحوش أربع شقق.. اثنتان في الطابق الأول ومثلهما في الطابق الثاني.." (ص165)، إضافةً إلى وصف مدينة يافا بشاطئها ومقاماتها، ووصفٍ تفصيلي لمدينة القدس بشوارعها ومساجدها وأزقتها القديمة (ص 46 و175).
كُتِبت الرواية بلغة قوية، قليلة الأخطاء اللغوية والإملائية ، وتدخلت اللهجة العامية في مواضع مقبولة لتقريب الواقع بغير سيطرةٍ على البنيان اللغوي للرواية، ومن السهل ملاحظة اللوحة الفسيفسائية – على رأي جوليا كريستيفا- التي تشكلت من كل هذه التناصات أو الاقتباسات التي تشرَّبها النص الذي احتشدت في لغته مداخلات من نصوص أخرى تشابكت مع التوثيق التاريخي لتصبغه بصبغة إنسانية، من موروث جمعيٍّ عبَّر عن الإنسان في حالات فرحه وترحه، فنص الرواية غنيٌّ بالأمثال الشعبية وليدة المجتمع والحالة المعيشة، فعباس يَرُدُّ على زوجته عندما دعته لاقتناء السلاح بمَثَل شعبي: "خلينا نخوض المية بغيرنا" ص45، وسعدية تُعلِّق على عودة العلاقة بين أبي عباس وزوجته بمَثَل آخر: "إبعد تِحْلى" ص131، وإمام المسجد يستشهد بمَثَل يناسب الواقعة: "الكف لا يناطح المخرز" ص145، ويحفل النص بآيات القرآن الكريم التي استشهدت بها الشخصيات وفق المناسبة، ولعل أهمها نيل الشهادة وأجرها عند الله تعالى، إضافة إلى احتفال النص بأهازيج الأعراس وزغاريد الأفراح السعيدة، في المدن التي شهدت أفراح أهلها قبل سقوطها بيد المحتل؛ فـ"سعدية" تستذكر عرسها الذي شاركت فيه البلدة بأسرها، وزغاريد النساء وأغانيهن تحفّ بموكبها: "مشي رجالك قدامك يا ام السبعة/ هاي رجالي قدامي ع الضيعة/ مشي رجالك قدامك ياام الحطة/ هاي رجالي قدامي على عكا.." ص24و25، كما نجد في النص كذلك الـ"هاهات" الشعبية، وأغاني الولادة والخِتان(ص22و82)، وكذلك القصائد الحماسية، ومراثي القادة الزجلية الحزينة، وأغاني السجون العربية، مثل قصيدة الصحفي السوري نجيب الريس الشهيرة، التي ينشدها الشباب الفلسطيني المعتقل في سجون الإنجليز: "يا ظلام السجن خيم إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى" ص116.
أما الحوار الذي احتلَّ أجزاء واسعة من السرد الروائي، فقد عانى من بعض اللامنطقية من حيث ملائمته للشخصية، فـ "عبّاس" يصف أمه بأنها "ما بتخلِّي مركب ساير" (ص11)، ويصفها في موضع آخر بأنها "شريرة وعدوانية" (ص72)، فهل ثمَّة من يصف أمه بهذه الصفات؛ خاصة أن الحوارين يتناقضان مع شخصية "عباس" المتزنة البارَّة، كما تظهر في الرواية، أما "فايز" العامل البسيط في البيارة، فيُحَدِّثُ –بلا تحفظٍ يُذكر- ابن ربيب نعمته صاحب البَيَّارة "عباس طاهر المحمود"، واصفًا تظاهر أبيه "طاهر المحمود" بالطيبة، رغم أن "حقيقته مختلفة جدًا" (ص71)، ويصف جدّه بتبعيته للأتراك: "كان جدك عباس الذي تحمل اسمه متذيّلًا للأتراك، ووالدك عمل نفس الشيء للإنجليز.." ص73، كما يحكي عن مغامرات الأب العاطفية وخيانته لزوجه في الماضي؛ الأمر الذي ينافي المنطق كون الحوار يصدر من عاملٍ في المكان، ويُوَجَّهُ إلى ابن صاحب المكان ورئيِسه، وضابطُ البوليس الإنجليزي يحادث جنوده أمام أهل القرية التي يعرفُ أن بعض أبنائها يتقنون الإنجليزية؛ بدليل نقاش الحاج "طاهر" معه في مقطع سابق بالإنجليزية، فيقول لجنوده: "تصعيد الموقف ليس في مصلحتنا... ومجنون ذلك السبَّاح الذي يركب أمواج بحر هائج" (ص60)؛ الأمر الذي ينافي المنطق كونه يكشف ضعف الضابط المتغطرس أمام أهل القرية المتهمة بمقاومة أعدائها.
كما غلب التسرُّع في الصياغة على بعض الفقرات، وأسهمت النقلات الزمنية المفاجِئة في تعزيز تلك السرعة؛ مما أفقد السرد تمهله ورَوِيَّته، ولعلَّ حرص الرواية على مطاردة الأحداث التاريخية الجليلة التي اجتمعت في تلك الفترة الزمنية، وتوثيقها عبر نص الرواية الواحد؛ يشفع للسرد في عملية تسريعه ونقلاته الزمنية، التي أسهمت مع غيرها من العناصر الدرامية الروائية، في جعل النص مُعَدًّا بوصفه "سيناريو" لمسلسل يحاكي مأساة النكبة، فضلًا عن كونه قد شكّل مرجعًا تاريخيًا، صيغَ بأسلوبٍ أدبيٍّ .
( أميرة، جميل السلحوت، دار الجندي للنشر والتوزيع، القدس، 2015.).



#هدى_جولاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت: التاريخ بقالب روائي


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى جولاني - رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت: التاريخ بقالب روائي