أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاد الأندلسي - فؤاديات كتابية سريعة ! ح1















المزيد.....



فؤاديات كتابية سريعة ! ح1


فؤاد الأندلسي

الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 00:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ورد في القرآن الكريم الآيتين الكريمتين!

وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ !
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ!

فهل لهما ما يتفق معهما شكلا ومضمونا من الكتاب المقدس ؟!!

الآخِذِ الْحُكَمَاءَ بِحِيلَتِهِمْ، فَتَتَهَوَّرُ مَشُورَةُ الْمَاكِرِينَ" (أي 5: 13).
وفي " الترجمة اليسوعية": "ويصطاد الحُكماء باحتيالهم، فتسقط مشورة الماكرين".
وفي " ترجمة كتاب الحياة": "أو يُوقِع الحُكماء في خدعتهم، فتتلاشى مشورة الماكرين".
وفي " الترجمة العربية المشتركة": "يمسك الحُكماء بحيلتهم، ومشورة الماكرين تصيرُ جهلًا".!!


المكر الحسن عند بولس الرسول بشهادة الأرثوذكس !!!


(سفر أعمال الرسل 23: 6) وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَالآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِي الْمَجْمَعِ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ».

تفسير أصحاح 23 من سفر أعمال الرسل للقس أنطونيوس فكري (أع 23: 6)
الصدوقيون= هم رتبة الكهنوت ينكرون قيامة الأموات والملائكة، يقرون بالناموس بعيدًا عن التقاليد وسياسيًا كانوا في صف الرومان. الفريسيون= يقرون بالقيامة للموتى وبوجود الملائكة والأرواح. والفريسيون يبغضون الصدوقيون ربما أكثر من بغضتهم للمسيحيين أنفسهم. وواضح ذكاء بولس الروحي في أنه استفاد في موقفه بما يعلمه عن البغضة ما بين الفريسيين والصدوقيين، وهذا
الذكاء قطعًا ناتج عن امتلائه بالروح القدس روح الحكمة

واستغل هذا الذكاء في الإيقاع بينهم !!

والآن !!


لكن ماذا عن الرب والنبي وأَلِيشَعُ والمكر مع العدو في حالة الحرب ؟!!




الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر الملوك الثاني
الأصحاح السادس

8 وَأَمَّا مَلِكُ أَرَامَ فَكَانَ يُحَارِبُ إِسْرَائِيلَ، وَتَآمَرَ مَعَ عَبِيدِهِ قَائِلاً: «فِي الْمَكَانِ الْفُلاَنِيِّ تَكُونُ مَحَلَّتِي».
9 فَأَرْسَلَ رَجُلُ اللهِ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ: «احْذَرْ مِنْ أَنْ تَعْبُرَ بِهذَا الْمَوْضِعِ، لأَنَّ الأَرَامِيِّينَ حَالُّونَ هُنَاكَ».
10 فَأَرْسَلَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ عَنْهُ رَجُلُ اللهِ وَحَذَّرَهُ مِنْهُ وَتَحَفَّظَ هُنَاكَ، لاَ مَرَّةً وَلاَ مَرَّتَيْنِ.
11 فَاضْطَرَبَ قَلْبُ مَلِكِ أَرَامَ مِنْ هذَا الأَمْرِ، وَدَعَا عَبِيدَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا تُخْبِرُونَنِي مَنْ مِنَّا هُوَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ؟»
12 فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ: «لَيْسَ هكَذَا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ. وَلكِنَّ أَلِيشَعَ النَّبِيَّ الَّذِي فِي إِسْرَائِيلَ، يُخْبِرُ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بِالأُمُورِ الَّتِي تَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مُخْدَعِ مِضْطَجَعِكَ».
13 فَقَالَ: «اذْهَبُوا وَانْظُرُوا أَيْنَ هُوَ، فَأُرْسِلَ وَآخُذَهُ». فَأُخْبِرَ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا هُوَ فِي دُوثَانَ».
14 فَأَرْسَلَ إِلَى هُنَاكَ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتٍ وَجَيْشًا ثَقِيلاً، وَجَاءُوا لَيْلاً وَأَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ.
15 فَبَكَّرَ خَادِمُ رَجُلِ اللهِ وَقَامَ وَخَرَجَ، وَإِذَا جَيْشٌ مُحِيطٌ بِالْمَدِينَةِ وَخَيْلٌ وَمَرْكَبَاتٌ. فَقَالَ غُلاَمُهُ لَهُ: «آهِ يَا سَيِّدِي! كَيْفَ نَعْمَلُ؟»
16 فَقَالَ: «لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ».
17 وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ.
18 وَلَمَّا نَزَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى أَلِيشَعُ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «اضْرِبْ هؤُلاَءِ الأُمَمَ بِالْعَمَى». فَضَرَبَهُمْ بِالْعَمَى كَقَوْلِ أَلِيشَعَ.
19 فَقَالَ لَهُمْ أَلِيشَعُ: «لَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الطَّرِيقَ، وَلاَ هذِهِ هِيَ الْمَدِينَةَ. اتْبَعُونِي فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ». فَسَارَ بِهِمْ إِلَى السَّامِرَةِ.
20 فَلَمَّا دَخَلُوا السَّامِرَةَ قَالَ أَلِيشَعُ: «يَا رَبُّ افْتَحْ أَعْيُنَ هؤُلاَءِ فَيُبْصِرُوا». فَفَتَحَ الرَّبُّ أَعْيُنَهُمْ فَأَبْصَرُوا وَإِذَا هُمْ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ.
21 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لأَلِيشَعَ لَمَّا رَآهُمْ: «هَلْ أَضْرِبُ؟ هَلْ أَضْرِبُ يَا أَبِي؟»
22 فَقَالَ: «لاَ تَضْرِبْ. تَضْرِبُ الَّذِينَ سَبَيْتَهُمْ بِسَيْفِكَ وَبِقَوْسِكَ. ضَعْ خُبْزًا وَمَاءً أَمَامَهُمْ فَيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا، ثُمَّ يَنْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ».
23 فَأَوْلَمَ لَهُمْ وَلِيمَةً عَظِيمَةً فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا، ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَانْطَلَقُوا إِلَى سَيِّدِهِمْ. وَلَمْ تَعُدْ أَيْضًا جُيُوشُ أَرَامَ تَدْخُلُ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.
24 وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ بَنْهَدَدَ مَلِكَ أَرَامَ جَمَعَ كُلَّ جَيْشِهِ وَصَعِدَ فَحَاصَرَ السَّامِرَةَ.
25 وَكَانَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي السَّامِرَةِ. وَهُمْ حَاصَرُوهَا حَتَّى صَارَ رَأْسُ الْحِمَارِ بِثَمَانِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَرُبْعُ الْقَابِ مِنْ زِبْلِ الْحَمَامِ بِخَمْسٍ مِنَ الْفِضَّةِ.
26 وَبَيْنَمَا كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَائِزًا عَلَى السُّورِ صَرَخَتِ امْرَأَةٌ إِلَيْهِ: «خَلِّصْ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ».
27 فَقَالَ: «لاَ! يُخَلِّصْكِ الرَّبُّ. مِنْ أَيْنَ أُخَلِّصُكِ؟ أَمِنَ الْبَيْدَرِ أَوْ مِنَ الْمِعْصَرَةِ؟»
28 ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟» فَقَالَتْ: «إِنَّ هذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ، نَأْكُلَ ابْنِي غَدًا.
29 فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا».
30 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِل عَلَى جَسَدِهِ.
31 فَقَالَ: «هكَذَا يَصْنَعُ لِي اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنْ قَامَ رَأْسُ أَلِيشَعَ بْنِ شَافَاطَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ».
32 وَكَانَ أَلِيشَعُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ وَالشُّيُوخُ جُلُوسًا عِنْدَهُ. فَأَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ أَمَامِهِ. وَقَبْلَمَا أَتَى الرَّسُولُ إِلَيْهِ قَالَ لِلشُّيُوخِ: «هَلْ رَأَيْتُمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاتِلِ هذَا قَدْ أَرْسَلَ لِيَقْطَعَ رَأْسِي؟ انْظُرُوا! إِذَا جَاءَ الرَّسُولُ فَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَاحْصُرُوهُ عِنْدَ الْبَابِ. أَلَيْسَ صَوْتُ قَدَمَيْ سَيِّدِهِ وَرَاءَهُ؟».
33 وَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِالرَّسُولِ نَازِلٌ إِلَيْهِ. فَقَالَ: «هُوَذَا هذَا الشَّرُّ هُوَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. مَاذَا أَنْتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعْدُ؟».

تفسير أصحاح 6 من سفر ملوك ثاني للقس أنطونيوس فكري

كشف مؤامرات الأعداء

الحرب المذكورة كانت بين بنهدد ويهورام وهي من نوع الغزوات فكانوا يكمنون للإسرائيليين. وتآمر مع عبيده = أي اتفق على مكان للكمين مع عبيده. وفي (9) نجد أن إليشع يكتشف الأماكن التي يكمنون فيها فالله يكشفها له وهو يرشد ملك إسرائيل= فأرسل رجل الله = فبالرغم من خطايا الملك كان الله يشفق على شعبه إسرائيل وينجيهم.
وفي (10) فأرسل ملك إسرائيل = هذه لها تفسيران إما أن ملك إسرائيل أرسل جواسيس للمكان الذي أرشده إليه النبي ليتحقق من صدق نبوته أو هو أرسل حامية مسلحة لتحصن المكان حتى إذا جاء العدو وجدها محصنة ويفاجأ بأن ما كان يعتبره مكانا مفتوحا إذ به محصن. ونلاحظ أن حرب أعداء الله ضد شعب الله حرب لا تكف ولكن الله يرسل خدامه لنتحفظ. ونلاحظ أن ملك إسرائيل استمع لإليشع في هذا لكنه لم يستمع لدعوته له بالتوبة عن عبادته المرفوضة ولو استمع لخلص نفسه أيضًا.

إصابة جيش الأعداء بالعمى

في (14) جيشًا ثقيلًا = لا يفهم من هذا أن الجيش كان بالآلاف لكن ربما عدة عشرات مسلحين فهو جيش ثقيل بالنسبة للمهمة المطلوبة أي القبض على شخص واحد وهو إليشع ولكن لاحظ أنهم خائفون منه. فملك أرام صمم على أسر إليشع ليمنع إسرائيل من الاستفادة منه. وربما فكر في سذاجة أن يستغل إليشع في أن يكشف له تحركات إسرائيل. ولكن هذه أفكار ساذجة فمن اكتشف تحركات ملك أرام وهو في منزله أهو غير قادر أن يحمى نفسه؟! وفي (17) رأى التلميذ خيلا ومركبات = هو تصوير بطريقة بشرية يفهمها تلميذ إليشع الذي اضطرب من خيل ومركبات العدو. وربما إليشع نفسه لم يرى هذه الخيل والمركبات فهو مؤمن واثق أن الله سيحميه فالرؤى يسمح بها الله لضعاف الإيمان ليشتد إيمانهم "طوبى لمن آمن ولم يرى".
فالله يفضل أن نسلك بالإيمان لا بالعيان وأن نثق في حمايته ومحبته دون رؤى أو معجزات، ولكن إن وجد الله أن الإنسان في ضعفه لن يؤمن سوى بهذه الطريقة كحالة تلميذ إليشع يلجأ الله إليها. غير أننا ومن الجانب الآخر نجد أنه لو زاد الإيمان عند شخص لدرجة أصبحت تقارب العيان نجد أن هذا الشخص ذو الدرجة العالية قادر أن يرى ما لا يراه الإنسان العادي فلقد أصبحت له حواس روحية تعطيه نظرة روحية وإعلانات لا يراها الإنسان العادي، وهذا ما كنا نسمعه عن قديسين عظماء كان عاديا بالنسبة لهم أن يروا ملائكة وقديسين بل رأوا المسيح وحملوه مثل الأنبا بيشوى. فالله يطلب لنا أن نسلك بالإيمان "الإيقان بأمور لا ترى" (عب 1:11) وهو يدربنا يوميا حتى يزداد إيماننا ويشتد لأننا بالإيمان نخلص. ولكن متى وجد الله أن إيماننا قد اشتد يسمح حينئذ ببعض الإعلانات والرؤى. خصوصا أنه مع نمو الإيمان لن يدخل هذا الإنسان الناضج إيمانيا في كبرياء وتفاخر فيهلك بسببهما.
فضربهم بالعمى = هو ليس عمى كلى ولكنه نوع من عدم القدرة على تمييز ما يراه الشخص، هي حالة من عدم التوافق بين ما يراه الشخص وما يدركه فهم لم يعرفوا إليشع. والكلمة التي استخدمها الكتاب تدل على هذا وليس على العمى الكامل وهي نفس الكلمة التي استخدمت في حالة عمى سدوم وعمورة. ليست هي الطريق = نص كلام إليشع قد يفهم أنه كذب لكن قوله ليست هي الطريق ليس كذبا فالله يريد لهم أن يسلكوا طريقا آخر. فأسير بكم إلى الرجل الذي تفتشون عليه = أليست حربهم ضد إسرائيل موجهة لملك إسرائيل فهو أخذهم إلى الرجل الذي يفتشون عليه ويعلنون الحرب ضده وضد شعبه.فهو قادهم لملك إسرائيل حين تصوروا أن أليشع سقط في قبضة يدهم. الله أراد أن يعطيهم درسا آخر. وفي (21) يا أبى = تدل على اعتبار الملك له. وبعد هذا نجد أن معاملة ملك إسرائيل لهم قد أثرت فيهم وامتنعوا عن الحرب إلى حين. ونرى أن إليشع في معجزاته التي تتسم بالمحبة يرمز للمسيح خصوصا أنه جاء بعد إيليا. فهنا نرى محبته وتسامحه مع الأعداء بل أن عودتهم سالمين بعد ما حدث هو أعظم شهادة للأراميين عن عظمة إله إسرائيل ورجاله. ولاحظ قوة الله فهو يفتح أعين خادم إليشع ويغلق عيون أعدائه فهو الذي يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح.

الآيات 24-33
فقال لا يخلصك الرب من أين أخلصك أمن البيدر أو من المعصرة. ثم قال لها الملك ما لك فقالت أن هذه المرأة قد قالت لي هاتي ابنك فنأكله اليوم ثم نأكل ابني غدًا. فسلقنا ابني وأكلناه ثم قلت لها في اليوم الآخر هاتي ابنك فنأكله فخبات ابنها. فلما سمع الملك كلام المرأة مزق ثيابه وهو مجتاز على السور فنظر الشعب وإذا مسح من داخل على جسده. فقال هكذا يصنع لي الله وهكذا يزيد أن قام رأس اليشع بن شافاط عليه اليوم وكان اليشع جالسًا في بيته والشيوخ جلوسًا عنده فأرسل رجل من أمامه وقبلما أتى الرسول إليه قال للشيوخ هل رأيتم أن ابن القاتل هذا قد أرسل لكي يقطع راسي. انظروا إذا جاء الرسول فأغلقوا الباب واحصروه عند الباب أليس صوت قدمي سيده وراءه. وبينما هو يكلمهم إذا بالرسول نازل إليه فقال هوذا هذا الشر هو من قبل الرب ماذا انتظر من الرب بعد.

وكان بعد ذلك = يقال بعد سنة مما سبق وبعد أن نسوا معروف إسرائيل.

راس الحمار = ما لم يؤكل قط أكلوه. ربع القاب من زبل الحمام = 0,568 لتر وزبل الحمام هو نوع من الحبوب القطاني له هذا الاسم ويأكلونه. ولكن إن كان زبل حمام فعلا فهو يستخدم كوقود. وفي (26) جائزا على السور = كان يسير على السور يتفقد جيشه الذي يحارب وفي (27) لا يخلصك الرب = معنى كلامه إن كان الله لا يخلصك فكيف أخلصك أنا. وفي (30) مسح من الداخل = هي علامة حزن وربما افتكر أنه بهذا يرضى الرب أو آلهته البعل، ولكنه كان لا يظهر هذا المسح حتى لا يضعف همة الشعب. وفي (31) نجده وقد استشاط غضبًا على إليشع ويريد قتله. وإليشع غالبًا كان قد وبخه على الوثنية المتفشية وجاءت المجاعة حتى يتنبهوا لكن عوضا عن التوبة عن وثنيتهم نجده يهدد بقتل إليشع. وغالبًا هو طلب من إليشع رفع المجاعة وإليشع رفض حتى يأتي التأديب بثماره. وهذا النوع من التأديب بالمجاعات المؤلمة سبق موسى وتنبأ به (تث 57،56:28) فموسى هدد بهذا وإليشع أنذر عدة مرات ولكن الملك في يأسه يهدد إليشع فما أسهل أن نلوم الآخرين وما أصعب أن نلوم أنفسنا. وهنا نجد ملك شرير وشره واضح يلوم قديس نبي لله بصلواته يحفظ الله البلد والملك.

الآيات 33،32
يحتاجان لإعادة ترجمة "وكان إليشع آنئذ مجتمعًا في بيته مع شيوخ إسرائيل فوجه الملك رسولا إليه يتقدمه. وقبل أن يصل الرسول قال إليشع للشيوخ "أرأيتم كيف أن ابن القاتل هذا قد أرسل رسولًا ليقطع رأسي. فحالما يأتي الرسول أغلقوا الباب واتركوه موصدًا في وجهه. فإن وقع خطوات سيده الملك يتجاوب وراءه. وبينما هو يخاطبهم أقبل الرسول إليه، وتبعه الملك الذي قال "إن هذا الشر قد حل بنا من عند الرب، فأي شيء أتوقع من الرب بعد" لقد أرى نبيه ما قاله الملك. والنبي يسميه ابن القاتل فهو ابن أخاب قاتل الأنبياء وقاتل نابوت. وهو أوصد الباب في وجه الرسول حتى لا يكرر الكلام مرتين مرة أمام الرسول ومرة أمام الملك الذي كان عارفا أنه آت وراء رسوله ناويا قتله!!!

القمص تادرس يعقوب
لماذا ألقى الملك باللوم على إليشع النبي بخصوص المجاعة ومتاعب الحصار؟
أولًا: ربما أخبر إليشع النبي الملك بضرورة الرجوع إلى اللَّه بالتوبة، وبالفعل لبس الملك المسوح، لكنه لم يرجع بقلبه غ اللَّه، وإذ لم يُرفع الحصار حسب مشورة النبي خداعًا له.
ثانيًا: على مدى قرون كان الصراع بين الملوك والأنبياء مرًان فكان الملوك يتطلعون إلى الأنبياء بأنهم سبب المتاعب.
ثالثًا: ربما تذكر الملك كيف انهي إيليا النبي المجاعة (1مل41:16-46) فأدرك أنه في إمكانية إليشع أن يفعل ذلك إن أراد، فغضب عليه لأنه لم يفعل شيئًا لإنقاذ المملكة.

-----------------------------

سفر الملوك الثاني
الأصحاح السابع

1 وَقَالَ أَلِيشَعُ: «اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا تَكُونُ كَيْلَةُ الدَّقِيقِ بِشَاقِل، وَكَيْلَتَا الشَّعِيرِ بِشَاقِل فِي بَابِ السَّامِرَةِ».
2 وَإِنَّ جُنْدِيًّا لِلْمَلِكِ كَانَ يَسْتَنِدُ عَلَى يَدِهِ أَجَابَ رَجُلَ اللهِ وَقَالَ: «هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ! هَلْ يَكُونُ هذَا الأَمْرُ؟» فَقَالَ: «إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ، وَلكِنْ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ».
3 وَكَانَ أَرْبَعَةُ رِجَال بُرْصٍ عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ لِصَاحِبِهِ: «لِمَاذَا نَحْنُ جَالِسُونَ هُنَا حَتَّى نَمُوتَ؟
4 إِذَا قُلْنَا نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ، فَالْجُوعُ فِي الْمَدِينَةِ فَنَمُوتُ فِيهَا. وَإِذَا جَلَسْنَا هُنَا نَمُوتُ. فَالآنَ هَلُمَّ نَسْقُطْ إِلَى مَحَلَّةِ الأَرَامِيِّينَ، فَإِنِ اِسْتَحْيَوْنَا حَيِينَا، وَإِنْ قَتَلُونَا مُتْنَا».
5 فَقَامُوا فِي الْعِشَاءِ لِيَذْهَبُوا إِلَى مَحَلَّةِ الأَرَامِيِّينَ. فَجَاءُوا إِلَى آخِرِ مَحَلَّةِ الأَرَامِيِّينَ فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ.
6 فَإِنَّ الرَّبَّ أَسْمَعَ جَيْشَ الأَرَامِيِّينَ صَوْتَ مَرْكَبَاتٍ وَصَوْتَ خَيْل، صَوْتَ جَيْشٍ عَظِيمٍ. فَقَالُوا الْوَاحِدُ لأَخِيهِ: «هُوَذَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ قَدِ اسْتَأْجَرَ ضِدَّنَا مُلُوكَ الْحِثِّيِّينَ وَمُلُوكَ الْمِصْرِيِّينَ لِيَأْتُوا عَلَيْنَا».
7 فَقَامُوا وَهَرَبُوا فِي الْعِشَاءِ وَتَرَكُوا خِيَامَهُمْ وَخَيْلَهُمْ وَحَمِيرَهُمُ، الْمَحَلَّةَ كَمَا هِيَ، وَهَرَبُوا لأَجْلِ نَجَاةِ أَنْفُسِهِمْ.
8 وَجَاءَ هؤُلاَءِ الْبُرْصُ إِلَى آخِرِ الْمَحَلَّةِ وَدَخَلُوا خَيْمَةً وَاحِدَةً، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَحَمَلُوا مِنْهَا فِضَّةً وَذَهَبًا وَثِيَابًا وَمَضَوْا وَطَمَرُوهَا. ثُمَّ رَجَعُوا وَدَخَلُوا خَيْمَةً أُخْرَى وَحَمَلُوا مِنْهَا وَمَضَوْا وَطَمَرُوا.
9 ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لَسْنَا عَامِلِينَ حَسَنًا. هذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ بِشَارَةٍ وَنَحْنُ سَاكِتُونَ، فَإِنِ انْتَظَرْنَا إِلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ يُصَادِفُنَا شَرٌّ. فَهَلُمَّ الآنَ نَدْخُلْ وَنُخْبِرْ بَيْتَ الْمَلِكِ».
10 فَجَاءُوا وَدَعَوْا بَوَّابَ الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا دَخَلْنَا مَحَلَّةَ الأَرَامِيِّينَ فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ وَلاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ، وَلكِنْ خَيْلٌ مَرْبُوطَةٌ وَحَمِيرٌ مَرْبُوطَةٌ وَخِيَامٌ كَمَا هِيَ».
11 فَدَعَا الْبَوَّابِينَ فَأَخْبَرُوا بَيْتَ الْمَلِكِ دَاخِلاً.
12 فَقَامَ الْمَلِكُ لَيْلاً وَقَالَ لِعَبِيدِهِ: «لأُخْبِرَنَّكُمْ مَا فَعَلَ لَنَا الأَرَامِيُّونَ. عَلِمُوا أَنَّنَا جِيَاعٌ فَخَرَجُوا مِنَ الْمَحَلَّةِ لِيَخْتَبِئُوا فِي حَقْل قَائِلِينَ: إِذَا خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ قَبَضْنَا عَلَيْهِمْ أَحْيَاءً وَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ».
13 فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ وَقَالَ: «فَلْيَأْخُذُوا خَمْسَةً مِنَ الْخَيْلِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِيهَا. هِيَ نَظِيرُ كُلِّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَقَوْا بِهَا، أَوْ هِيَ نَظِيرُ كُلِّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ فَنَوْا. فَنُرْسِلُ وَنَرَى».
14 فَأَخَذُوا مَرْكَبَتَيْ خَيْل. وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ وَرَاءَ جَيْشِ الأَرَامِيِّينَ قَائِلاً: «اذْهَبُوا وَانْظُرُوا».
15 فَانْطَلَقُوا وَرَاءَهُمْ إِلَى الأُرْدُنِّ، وَإِذَا كُلُّ الطَّرِيقِ مَلآنٌ ثِيَابًا وَآنِيَةً قَدْ طَرَحَهَا الأَرَامِيُّونَ مِنْ عَجَلَتِهِمْ. فَرَجَعَ الرُّسُلُ وَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ.
16 فَخَرَجَ الشَّعْبُ وَنَهَبُوا مَحَلَّةَ الأَرَامِيِّينَ. فَكَانَتْ كَيْلَةُ الدَّقِيقِ بِشَاقِل، وَكَيْلَتَا الشَّعِيرِ بِشَاقِل حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ.
17 وَأَقَامَ الْمَلِكُ عَلَى الْبَابِ الْجُنْدِيَّ الَّذِي كَانَ يَسْتَنِدُ عَلَى يَدِهِ، فَدَاسَهُ الشَّعْبُ فِي الْبَابِ، فَمَاتَ كَمَا قَالَ رَجُلُ اللهِ الَّذِي تَكَلَّمَ عِنْدَ نُزُولِ الْمَلِكِ إِلَيْهِ.
18 فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ رَجُلُ اللهِ إِلَى الْمَلِكِ قَائِلاً: «كَيْلَتَا شَعِيرٍ بِشَاقِل وَكَيْلَةُ دَقِيق بِشَاقِل تَكُونُ فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ غَدًا فِي بَابِ السَّامِرَةِ»
19 وَأَجَابَ الْجُنْدِيُّ رَجُلَ اللهِ وَقَالَ: «هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ! هَلْ يَكُونُ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ؟» قَالَ: «إِنَّكَ تَرَى بِعَيْنَيْكَ وَلكِنَّكَ لاَ تَأْكُلُ مِنْهُ».
20 فَكَانَ لَهُ كَذلِكَ. دَاسَهُ الشَّعْبُ فِي الْبَابِ فَمَاتَ.

تفسير أصحاح 7 من سفر ملوك ثاني للقس أنطونيوس فكري
نبوة إليشع بانتهاء المجاعة

نجد هنا بقية كلام إليشع للملك والشيوخ. كان يستند على يده = هذا تعبير عن أن هذا الجندي له منصب هام فهو جليس الملك ويستند على يده أي على مشورته كنعمان عند ملك أرام، راجع (18:5) وهذا سخر من كلام إليشع في عدم إيمان. وللآن نجد من يتساءل في عدم إيمان هل الأسرار المقدسة قادرة أن تعطى نعمة.

الآيات 3-11:- وكان اربعة رجال برص عند مدخل الباب فقال احدهم لصاحبه لماذا نحن جالسون هنا حتى نموت.إذا قلنا ندخل المدينة فالجوع في المدينة فنموت فيها وإذا جلسنا هنا نموت فالان هلم نسقط إلى محلة الاراميين فان استحيونا حيينا وأن قتلونا متنا.فقاموا في العشاء ليذهبوا إلى محلة الاراميين فجاءوا إلى آخر محلة الاراميين فلم يكن هناك أحد.فان الرب اسمع جيش الاراميين صوت مركبات وصوت خيل صوت جيش عظيم فقالوا الواحد لاخيه هوذا ملك إسرائيل قد استاجر ضدنا ملوك الحثيين وملوك المصريين لياتوا علينا.فقاموا وهربوا في العشاء وتركوا خيامهم وخيلهم وحميرهم المحلة كما هي وهربوا لاجل نجاة أنفسهم.و جاء هؤلاء البرص إلى آخر المحلة ودخلوا خيمة واحدة فاكلوا وشربوا وحملوا منها فضة وذهبا وثيابا ومضوا وطمروها ثم رجعوا ودخلوا خيمة أخرى وحملوا منها ومضوا وطمروا.ثم قال بعضهم لبعض لسنا عاملين حسنا هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون فان انتظرنا إلى ضوء الصباح يصادفنا شر فهلم الآن ندخل ونخبر بيت الملك.فجاءوا ودعوا بواب المدينة واخبروه قائلين أننا دخلنا محلة الاراميين فلم يكن هناك أحد ولا صوت إنسان ولكن خيل مربوطة وحمير مربوطة وخيام كما هي.فدعا البوابين فاخبروا بيت الملك داخلا.

الآيات 13-20:- فاجاب واحد من عبيده وقال فلياخذوا خمسة من الخيل الباقية التي بقيت فيها هي نظير كل جمهور إسرائيل الذين بقوا بها أو هي نظير كل جمهور إسرائيل الذين فنوا فنرسل ونرى. فاخذوا مركبتي خيل وارسل الملك وراء جيش الاراميين قائلًا اذهبوا وانظروا. فانطلقوا وراءهم إلى الاردن وإذا كل الطريق ملان ثيابًا وانية قد طرحها الاراميون من عجلتهم فرجع الرسل واخبروا الملك.فخرج الشعب ونهبوا محلة الاراميين فكانت كيلة الدقيق بشاقل وكيلتا الشعير بشاقل حسب كلام الرب.و اقام الملك على الباب الجندي الذي كان يستند على يده فداسه الشعب في الباب فمات كما قال رجل الله الذي تكلم عند نزول الملك إليه.فانه لما تكلم رجل الله إلى الملك قائلًا كيلتا شعير بشاقل وكيلة دقيق بشاقل تكون في مثل هذا الوقت غدا في باب السامرة.و اجاب الجندي رجل الله وقال هوذا الرب يصنع كوى في السماء هل يكون مثل هذا الأمر قال أنك ترى بعينيك ولكنك لا تاكل منه فكان له كذلك داسه الشعب في الباب فمات.

آية (13) تحتاج لإعادة ترجمة " فأجاب واحد من الضباط وقال "ليأخذ بعض منا خمسة من الخيل الباقية في المدينة. فإن أصابهم شر يكونون نظير بقية الإسرائيليين المعتصمين بالمدينة، أو نظير من هلكوا من الإسرائيليين فلنرسل ونستطلع الأمر" ولاحظ أنهم فكروا أن يذهب خمسة خيول فلم يجدوا سوى اثنين صالحين (14) والباقي إما مات أو أكلوه أو غير قادر. وفي (15) إلى الأردن = كانوا قد انطلقوا شرقا إلى بلادهم. وفي (17) داس الشعب المتزاحم الخارج للنهب ذلك الجندي الذي سخر من إليشع.

ما ذنب أليشع في حصار ملك آرام للسامرة، حتى أن ملك إسرائيل أراد الانتقام منه وسفك دمه (2 مل 6: 31)؟!

اشتد الحصار على السامرة، وطارد الجوع السامريين، فالجوع الكافر يعض بأسنانه على سكان المدينة المحاصرة، وبينما كان الملك يهورام يسير على السور يتفقد مأساة مدينته وشعبه، صرخت إليه امرأة ليخلصها، فقال لها إن لم يخلص الرب فمن أي يخلصها..؟ ليس في البيدر حنطة، ولا في المعصرة زيتًا، ثم سألها: "مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ هذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ، نَأْكُلَ ابْنِي غَدًا. فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا. فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِل عَلَى جَسَدِهِ. فَقَالَ: هكَذَا يَصْنَعُ لِي اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنْ قَامَ رَأْسُ أليشع بْنِ شَافَاطَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ" (2مل 6: 28 - 31). لقد تلامس ملك السامرة من قبل مع عمل أليشع حيث ضرب جيش آرام بالعمى في دوثان وقاده إلى السامرة وأعاد إليه بصره، فظن يهورام أن غضب أليشع على شعب السامرة هو الذي جرَّ عليها هذا الوبال، وهو السبب في هذا الحصار المر، وتجاهل أن السبب الحقيقي لهذه المأساة هي خطية الملك والشعب، ولم يتعدى دور أليشع إلاَّ أنه أنذر هذا الشعب وأعلن غضبة الله عليه كما اتهم الملك أليشع بأنه يرفض إنقاذ السامرة، رغم قدرته على ذلك.
ويقول " القمص تادرس يعقوب": "ألقى الملك باللوم على أليشع، الذي لم يتحرك لينقذ البلاد من هذه الكارثة، فأقسم بقتله فورًا. ثار عليه لأنه ظن أنه قادر أن يخلصه دون أن يقدم توبة لله صادقة.
ويقول " القديس يعقوب السروجي": "أيها الملك، بماذا أذنبَ إليك نبي الرب؟ أنه صامت في بيته، وهو مُحاصَر مثلك في المدينة؟ إن أكلت النساء أبناءهن، فما شأنه وبنات السامرة اللواتي قتلن وأكلن أحباءهن؟. إن كان يضايقك الأراميون، فما شأنه..؟ بماذا أخطأ إليك هذا الرجل النبي، حتى تهدد بقطع رأسه كأنه أرامي..؟ عرف ملك السامرة من هو الرجل، وكان واثقًا من أنه إن أراد يصنع الخلاص.. فكر بأنه إن صلى.. تخرج صلاته وتهلك آلاف الأراميين. إن دعا النار تنزل على الذين في الخارج، وإن أمر الأرض بإشارة لابتلعتهم. إن أرسل كلمته تخرج على صفوفهم، ويهزمهم بلا قتال، ويبيدهم.. هذا الملك هو ابن إيزابل المتعطشة إلى الدم، وقد تهيأ ليجدد ما صنعته أمه.. المدينة مُحاصَرة بسبب خطايا بني الشعب، والجاهل يهدد بقطع رأس هذا القديس.
سبق أليشع وأشار على يهورام ملك إسرائيل بأن لا يستسلم لبنهدد ملك آرام، وأن الله سينجي السامرة إذا تاب شعبها عن شروره، وفعلًا تذلَّل يهورام ولبس المسوح على جسده ولم يلبسها على قلبه، ارتدى المسوح من أجل الخلاص من الكارثة، وليس حزنًا وندمًا على خطاياه وخطايا شعبه، تمسك بمظاهر التوبة دون أن يقدم توبة حقيقية، كان بعيدًا منطق التوبة "ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ" (يؤ 2: 12، 13). وعندما لم يجد يهورام بارقة أمل اشتد غضبه على رجل الله، وصمَّم على تنفيذ حكم الإعدام عليه في هذا اليوم " هُوَذَا هذَا الشَّرُّ هُوَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. مَاذَا أَنْتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعْدُ؟" (2مل 6: 33) أي أن الرب هو الذي أراد لنا هذا الشر، ورغم تذللنا لم يشأ أن يرفع غضبه عنا، فماذا أنتظر بعد؟! ولماذا أترك نبيه حيًّا بعد؟!!.
ويقول " الخوري بولس الفغالي": "وحاصر بنهدد السامرة، ودبت المجاعة في المدينة بحيث أكلت بعض النساء أولادهن.. غضب الملك على أليشع لأنه، على ما يبدو، دفعه إلى مقاومة ملك آرام، ووعده بعون من الله، ولكن هذا العون تأخر.
كان الملك يظن أن أليشع يملك قدرة خارقة يستطيع أن يهلك بها جيش آرام إن شاء، أو على الأقل يصرفه عن المدينة إن أراد، وظن أن أليشع الذي يملك تلك القوة الخارقة يضنُّ بها على شعبه، لأنه لا يريد لهذا الشعب خيرًا. إذًا فهو لا يستحق الحياة، وقد يكون أليشع قد بكَّت الملك ووبخه على خطاياه، ولهذا قرَّر تنفيذ حكم الإعدام الفوري فيه، وجاء في " التفسير التطبيقي": "لماذا لام الملك أليشع بسبب المجاعة ومتاعب الحصار؟ إليك بعض الأسباب المحتملة:
(1) يقول بعض المفسّرين أن أليشع لا بُد قد أخبر الملك أن يتكل على الله لينجيه، ففعل الملك ذلك، بل ولبس مسوحًا (2 مل 6: 30) ولكن بدأ الموقف الآن ميئوسًا منه، وواضح أن الملك ظن أن أليشع قد قدم له نصيحة رديئة، ولن يستطيع الله أن يساعده.
(2) على مدى سنوات طويلة، كان هناك صراع بين ملوك إسرائيل وأنبياء الله، فكثيرًا ما تنبأ الأنبياء بأوقات مظلمة بسبب شر الملوك، فرأى الملوك أن الأنبياء هم سبب المتاعب.
(3) لعل الملك تذكَّر كيف أن إيليا أنهى مجاعة (1مل 18: 41 - 46) وإذ كان يعلم أن أليشع هو رجل الله، فلعله ظن أنه كان في قدرته أن يصنع أي معجزة يريدها، فغضب عليه لأنه لم يفعل شيئًا لإنقاذ المملكة!
بينما كان رسول الموت يسرع في طريقه إلى أليشع بناء على أمر ملكي، بل أن الملك ذاته كان يتبعه، عرف أليشع بالروح ما حيك له والأمر الذي صدر بإعدامه، فقال لمن حوله: "هَلْ رَأَيْتُمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاتِلِ هذَا قَدْ أَرْسَلَ لِيَقْطَعَ رَأْسِي؟ انْظُرُوا! إِذَا جَاءَ الرَّسُولُ فَأَغْلِقُوا الْبَابَ. أَلَيْسَ صَوْتُ قَدَمَيْ سَيِّدِهِ وَرَاءَهُ؟" (2مل 6: 32) وجاء الرسول يتبعه ملكه، وإذ بأليشع يصدمهم بنبؤته أنه في الغد نحو هذا الوقت تزول النقمة وتحل النعمة، وتنتهي المجاعة ويعمُّ الخير الوفير أرض السامرة، هكذا يحدث بين عشية وضحاها، وكان الملك متعطش لسماع هذه الكلمات من فم رجل الله، أما جندي الملك فلم يصدق " وَقَالَ هُوَذَا الرَّبُّ يَصْنَعُ كُوًى فِي السَّمَاءِ" (2مل 7: 2)، لأنك يا أليشع لو قلتَ أن الخير سيأتي من جوانب الأرض الأربعة فلن يستطيع أن يدخل المدينة أحد وهي تحت هذا الحصار القوي، فليس هناك حلًا إلى أن يأتي الخير من السماء، وقال هذا مستهزئًا، فصدر الأمر الإلهي على هذا الجندي أنه سيبصر بعينيه هذا الخير ولكن لن يأكل منه، وتحققت نبوءة أليشع النبي إذ أصدرت السماء هديرها ففرَّ جيش آرام، وانطلق الجائعون يأكلون ويشربون ويتنعمون وتحققت المعجزة.. ولكن من يتذكر إحسانات الله؟!!
ويقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس": "كان الملك جاهلًا لأنه ألقى اللوم على أليشع وعزم على قتله، والمؤمن الحكيم هو الذي يراجع نفسه ويسأل ضميره لماذا حلت به الضيقات، وبدل أن يعتب على الله أو على الناس يلوم نفسه ويرجع إلى الله تائبًا، ولقد قال أرميا النبي " لِمَاذَا يَشْتَكِي الإِنْسَانُ الْحَيُّ، الرَّجُلُ مِنْ قِصَاصِ خَطَايَاهُ؟ لِنَفْحَصْ طُرُقَنَا وَنَمْتَحِنْهَا وَنَرْجعْ إِلَى الرَّبِّ" (مرا 3: 39، 40).


-------------------

المراجع
تفسير سفر الملوك الثاني ص 218 وص 218.
التأريخ الإشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 493.
التفسير التطبيقي ص 793.
تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 91.



#فؤاد_الأندلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فؤاد الأندلسي - فؤاديات كتابية سريعة ! ح1