أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - موزاوي علي - الهوية الأمازيغية من خلال الدساتير الجزائرية، مسار من الإقصاء الى الإعتراف















المزيد.....

الهوية الأمازيغية من خلال الدساتير الجزائرية، مسار من الإقصاء الى الإعتراف


موزاوي علي

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 23:27
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


عرفت الجزائر منذ الاستقلال عدة دساتير ، أولها كان سنة 1963 في عهد أحمد بن بلة ، و الثاني سنة 1976، و جاء دستور 1989 ليفتح عهد التعددية، وبعده جاء تعديل 1996، و في عهد الرئيس بوتفليقة، عرفت الجزائر عدة تعديلات دستورية (2002،2008،2016)، وكانت جميع الدساتير من اقتراح رئيس الجمهورية أو رئيس الدولة ،كممثلا للسلطة الحاكمة،دون اشراك الشعب في التأسيس له.
من خلال مختلف هذه الدساتير التى عرفتها الجزائر ، خضعت مسألة الهوية الوطنية دوما لنظرة السلطة الحاكمة في البلاد وفقا لإختياراتها السياسية و الإيديولوجية ، تجسدت في ذلك من خلال إدراج عناصر معينة، و استبعاد عناصر أخرى من مكوناتها، و خلال فترة حكم الحزب الواحد (1962-1988) و بخصوص الأمازيغية تم اقصاء هذا البعد العريق و الأصيل و حصر الهوية العربية و الاسلامية، المستمد من القومية العربية.في حين أن الواقع السوسيو اجتماعي كان متعارض مع هذا التحديد الإقصائي.
و لكن و امام بروز عدة حركات سياسية و اجتماعية تطالب باعادة النظر لمكونات الهوية المبنية على الإقصاء ة تزييف التاريخ و ضرورة تكريس الديمقراطية و حقوق الانسان ، لا سيما الحقوق الثقافية و اللغوية ، و نظرا لتزايد تعبئتها للجماهير و تكاثف نشاطها وطنيا و دوليا، رضخت السلطة الحاكمة لمطالب الهوية و اللغة الأمازيغية تدريجيا منذ 1989.رغم ذلك ما يزال النضال مستمرا لأجل تكريس هذه الحقوق الدستورية في الميدان. فما هو المسار الدستوري الذي أخذته مسألة الهوية في الجزائر لا سيما الهوية الأمازيغية؟.

1- حصر الهوية في العروبة و الاسلام و انكار الأمازيغية في دستوري 1962 و 1976:
وبالعودة لأول دستور الجمهورية الجزائرية الصادر سنة 1963، نجد أنه حصر عناصر الهوية الوطنية للجزائر في كل من الإسلام و العربية التى اعتبرها لغة قومية ، واعتبر الجزائر جزء لا يتجزأ من المغرب العربي و العالم العربي و افريقيا و يكون بذلك قد أقصى العنصر الأمازيغي من مكونات الهوية الوطنية ". رغم أن بيان أول نوفمبر 1945، تبنى البعد الشمال الإفريقى و مبادئ الإسلام,
وفي نفس سياسة الإقصاء سار دستور 1976، الذي حصر عناصر الهوية الوطنية فقط في الإسلام و العربية ، إلا أن هذا الدستور أضاف أيضا الهوية الإقتصادية للدولة و المتمثلة في الإشتراكية التى اعتبرها " اختيار الشعب الذي لا رجعة فيه" ، بل اعتبرها من مقومات الدولة الجزائرية.
في حين أن ميثاق الجزائر لسنة 1964 ، لم يغفل الأصول النوميدية للشعب الجزائري، حيث نص على : "الشعب الجزائري شعب عربي مسلم، في الواقع منذ القرن الثامن، و قد أعطت الأسلمة والتعريب بلدنا الوجه الذي حافظ عليه حتى الآن.
ولكن علينا أيضا أن نعود الى الوراء البعيد لرؤية أول مظاهر إسهام المغرب الأوسط في الحضارة، قد ازدهرت هذه المساهمة التي يزيد عمرها عن ثلاثة آلاف سنة، خاصة في المملكة النوميدية القوية في القرن الثالث قبل الميلاد حول ماسينيسا.
و من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الثامن الميلادي، كان في الأساس يناضل ضد السيطرة الأجنبية من رومان، و وندال وبيزنطيين....."
وحول هذه المقاومة الشعبية الشرسة تتعلق أسماء مثل ذلك البطل الحقيقي يوغرطا"

2- التلميح للهوية الأمازيغية في ديباجة دستور 1989:
أشارت ديباجة الدستور 1989 الذي أقر بالتعددية السياسية الى الجذور الأمازيغية ( العهد النوميدي) للشعب الجزائري من خلال الفقرة الثانية منها ،حيث نصت على:"... لقد عرفت الـجزائر في أعز اللـحظات الـحاسمة التي عاشها البحر الأبيض الـمتوسط ، كيف تـجد في أبنائها ، منذ العهد النوميدي ، والفتـح الإسلامي ، حتى الـحروب التـحريرية من الاستعمار ، روادا للـحرية ، والوحدة والرقي ، وبناة دول ديـمقراطية مزدهرة ، طوال فترات الـمجد والسلام ...." ، إلا أنه لم يتبنى الهوية الأمازيغية ضمن مقومات الشخصية الجزائرية.
وفي ظل هذا الدستور، أقدم رئيس الجمهورية بناءا على صلاحياته الدستورية و أرضية الوفاق الوطني على استحداث المحافظة السامية للأمازيغية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 95-147، المؤرخ في27 ماي 1995، المتضمن انشاء محافظة عليا مكلفة برد الإعتبار للأمازيغية وبترقية اللغة الأمازيغية .وهي مؤسسة تابعة لرئاسة الجمهورية ،و من خلال صياغة عنوان المرسوم الرئاسي الذي وظفت فيه عبارة ( رد الإعتبارRéhabilitation ) ، و يبدو من خلال العنوان و كأن الدولة اعترفت ضمنيا بمسؤوليتها في أجحاف مكانة اللغة الأمازيغية ، وأرادت بذلك تصحيح الخطأ من خلال العمل على ترقيتها.
وقد أنشأت المحافظة السامية للأمازيغية في ظروف سياسية خاصة،و كانت استجابة لمطالب الحركة الثقافية البربرية التى دعت الى اضراب المحفظة خلال السنة الدراسية 1994-1995، و كان ضمن مطالبها الإعتراف باللغة الأمازيغية لغة وطنية و رسمية، و ادراجها في المنظومة التعليمية و الإعلامية ، و لم يكن في تلك الفترة الأساس الدستوري موجودا ، فخول المرسوم الرئاسي المنشأ لهذه المؤسسة صلاحيات ضيقة تنحصر في رد الإعتبار للغة الأمازيغية و ترقيتها باعتبارها احدى أسس الهوية الوطنية، و العمل على ادخال اللغة الأمازيغية في منظومتي التعليم و الإتصال.
3- الإعتراف الصريح بالهوية الأمازيغية
إن أول اعتراف صريح بالأمازيغية كعنصر من عناصر الهوية الوطنية كان بموجب التعديل الدستوري لسنة 1996، من خلال الديباجة التى اعترفت بها ضمن مكونات الهوية الوطنية "... والمكوّنات الأساسية لهوّيّتها، وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية...."
أما التعديل الدستوري لسنة 2016 ، فقد حقق قفزة نوعية في سبيل الإعتراف بالهوية الأمازيغية ، فتم بموجبه تعديل الديباجة، لا سيما الفقرة 4 منها " وكان أول نوفمبر 1954 نقطة تحول فاصلة في تقرير مصيرها وتتويجا عظيما لمقاومة ضروس، واجهتها مختلف الاعتداءات على ثقافتها، وقيمها، والمكونات الأساسية لهويتها، وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية، التي تعمل الدولة دوما لترقية وتطوير كل واحدة منها، وتمتد جذور نضالها اليوم في شتى الميادين في ماضي أمتها المجيد."
كما أن الفقرة الثانية منها اعترفت أن تاريخ الجزائر و نضال شعبها يمتد لآلاف السنين
:".. فتاريخه الممتدة جذوره عبر آلاف السنين سلسلة متصلة الحلقات من الكفاح والجهاد، جعلت الجزائر دائما منبت الحرية، وأرض العزة والكرامة. "
وقد اعترف المؤسس الدستوري بالقوة الالزامية للديباجة التى لا تقل عن القوة الالزامية لصلب الدستور ، من خلال الفقرة الاخيرة من الديباجة: " تشكل هذه الديباجة جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور " ، و اعبر المجلس الدستوري من خلال رأيه أن الديباجة تضع المبادئ التي تؤسس للدولة والمجتمع وتتضمن تطور السيرورة التاريخية للجزائر، فإنها أصبحت إطارا قانونيا ومرجعا دستوريا لباقي أبواب الدستور، مما يجعلها جزءا من المبادئ الأساسية التي تنظم المجتمع الجزائري.

4- الإعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية و الإلتزام بترقيتها و تطويرها
و بعد الأحداث الدامية التى شهدتها الحركة من أجل استكمال الهوية الوطنية في بعض الولايات الجزائرية في سنة 2001 و التى خلفت قتلى و جرحى ، سارع رئيس الجمهورية سنة 2002 بإضافة تعديل جزئي على دستور 1996 ، تم من خلاله الاعتراف باللغة الأمازيغية لغة وطنية عبر إضافة المادة 3 مكرر التى تنص على: "تمازيغت هي كذلك لغة وطنية.
تعمل الدولة لترقيتها و تطويرها بكل تنوعاتها اللسانية عبر التراب الوطني".
و قد اعتبر المجلس الدستوري أن " دسترة تمازيغت لغة وطنية بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني ، موضوع مشروع تعديل الدستــــور، كونها عنصرا من عناصر الأمازيغية التي تشكل إحدى المكونات الأساسية للهوية الوطنية المذكورة في المادة 8 ( مطّة 2 ) من الدستور ، الواردة ضمن المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري ، و المبينــة في ديباجة الدستــور ، تعدّ تدعيما للمـكونــات الأساسيـــة للهـــوية الــــوطنية و هــي الإسلام و العروبـــة و الأمازيغية".
لكن هذه الخطوة لم تكن كافية ،بسبب عدم اظفاء طابع الرسمية لها، وعدم اعتبارها من المبادئ العامة التى يقوم عليها المجتمع الجزائري والواردة في المادة 178 من الدستور، بهدف التكفل بها من طرف مؤسسات الدولة كقطاع التربية والاعلام والعدالة. عن طريق تهيئة أفضل الظروف الممكنة حتى يتمكن كل مواطن من ممارسة حقه في اللغة الأم ممارسة تامة من خلال ضمان مبدأ شخصية الحقوق اللغوية.

5- الإعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية
تم اقرار اللغة الأمازيغية كلغة رسمية بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016،من خلال الفقرة الأولى من مادته الرابعة التى أكدت أن " 2 ‬تمازيغت هي‮ ‬كذلك لغة وطنيّة ورسميّة‮.‬
وكذلك تم تعديل المادة الثالثة من نفس الدستور التى نصت الفقرتين 1و2على:
" اللّغة العربيّة هي اللّغة الوطنيّة والرّسميّة.
تظل العربيّة اللّغة الرسميّة للدّولة‮.‬"
و بخصوص هذا الترسيم صرح رئيس الجمهورية أنه قد" أرسى نهائيا امتلاك الشعب الجزائري برمته للغة الأمازيغية، التي هي أيضا لغة وطنية ورسمية، كعامل تماسك إضافي لوحدته الوطنية وفي الوقت ذاته كلفت الأمة الدولة بترقيتها وتطويرها" ، و هو الرأي الذي ذهب اليه المجلس الدستوري الذي رأى أن اعتبار اللغة الأمازيغية هي كذلك لغة وطنية ورسمية والعمل على توفير شروط ترقيتها، تصبا في إطار حماية وترقية مكونات الهوية الوطنية .

أخيرا ، نقول أن الإعتراف الدستوري بالهوية الأمازيغية ضمن مقومات الشخصية الوطنية الجزائرية، و الإلتزام بترقيتها، دافع يستلزم ضرورة رد الإعتبار للتاريخ و للعرف الأمازيغي ، كما أن ترقية اللغة الأمازيغية و تطويرها يعني أيضا مواصلة جهود تعميمها في المنظمة التعليمية الوطنية و و في وسائل الإعلام و الثقافة و الحياة العامة ، لا سيما في الإدارة و العدالة و ادراج تلقنها أيضا في كليات الحقوق و المدارس المتخصصة في تكوين القضاة و الموثقين والمحضرين القضائيين، و كافة أعوان القضاء، قصد تمكينهم من فهم هذه اللغة والتواصل بها مستقبلا مع المتقاضين.



#موزاوي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبنى الدستور الجزائري للثنائية اللغوية ( العربية و الأمازيغي ...
- ارتباط الحركة الامازيغية بالنضال السلمي في الجزائر
- الأسس الدولية للتفاوض الجماعي في العمل
- الاستغلال الايديولوجي للهوية في الجزائر من طرف الاستعمار الف ...
- نصف قرن من محاربة التيارين العروبي والاسلاماوي للهوية الاماز ...
- الحق في التأمين عن البطالة
- مسألة الهويّة الوطنية في الجزائر: من التلاحم الشعبي الي التو ...


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - موزاوي علي - الهوية الأمازيغية من خلال الدساتير الجزائرية، مسار من الإقصاء الى الإعتراف