أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دلومي - وداعا .. ياسمين














المزيد.....

وداعا .. ياسمين


محمد دلومي

الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


تقدم مني صديقي بهدوء وهمس في أذني بلطف :
_ لم تعد تسأل عنها ...
_ أسأل على من ..؟
_ ..... ياسمين

ياسمين حكاية حب ولد ميتا ’ او ولد ليموت , لا أعرف لما كلما يتسلل الى مسمعي اسم الياسمين يقشعر بدني وأشعر بالحزن , غصت في ذاكرتي إلى أول لقاء كان بيننا يوم تعرفنا على بعضنا البعض في المعهد بدأ تعارفنا باختلاف وانطلقنا باتفاق واثمر اتفاقنا حب كان رائعا في بدايته جميل بريء مثل الاطفال جميل مثل الربيع وبعدما اثملتنا سكرة الحب قضينا عليه بالانفصال ..
ياسمين كانت جميلة عينيها زرقوين مثل السماء , كانت جميلة لكنها عنيدة .. طيبة لكنها متمردة .. لازل صوتها الملائكي ولهجتها العاصمية ترن في أذني ...
وقطع عني صديقي شريط الذكريات بسؤال جديد كان مثل صفعة أيقضتني من غفوة الذكريات .

_ الا زلت تحبها ..؟
!!_ ..؟ ..؟ ..؟...
وكرر علي السؤال نفسه ..
لم يعد في قلبي المثقل بالطعنات مكان للحب ولا للكره , لم تعد ثمة امرأة تغريني او تستحق حبي ’ كل امرأة ذمية كانت او جميلة تحب من يكذب عليها بمشاعره حتى تحبه ’ والصادقون في مشاعرهم عليهم ان يتحملوا طعنة غدر . كان هذا جوابي له .
ومرة اخرى يسالتي :
_ لكنك لم ترد على جوابي . .. الازلت تحبها ..؟
وهذه المرة كان علي ان ارد على الاقل لأخرج من هذا الموضوع الذي لا اريد الرجوع اليه .
_ صدقني لم اعد احب احدا ولم أعد قادرا على الكره أيضا ربما تبلدت مشاعري او تلاشت فهذا القلب الذي بين ضلوعي أضحى مجرد مضخة لضخ الدم الى العروق هذا دوره في هذه الساعة الى ان اشعار آخر .

غرقنا في صمت اشبه بصمت المقابر واختلطت علي الافكار او ربما حاصرتني جراح الماضي فاستسلمت لخيالي وذكريات بعيدة مضت ليوقضني صديقي هذه المرة على نبأ كان مثل طعنة لم اكن انتظرها ..
_ ياسمين دخلت المستشفى منذ شهر ولم تخرج بعد
كان كل كلامه الاول واسألته تمهيد لما قاله لي الآن .
لا أعرف كيف تحولت المضخة التي بين ضلوعي الى كتله حية تنبض بعنف وراحت ترق وتلين لتملأ المآقي عبرات دافئة .. لم أجد ما أقوله ..
ويكبر الجرح بحجم السماء , يكبر ويتوسع مثل شرخ زلزال يشق الارض نصفين وأنا أسمعه يردف بصوت ثقيل يملأه الحزن .
_ التحاليل أثبتت أنها مصابة بسرطان الدم .

أحاول أن أتمالك وأن اثبت .. لكن الارض تدور وتلف واشعر بثقل في راسي وطنين حاد .. آه يا كبدي اي جرح فيك سينزف ..؟ لما ايتها الدنيا ..؟ آه يا دنيا ما صنعت أنا ..؟ كل هذا كان صراخ الروح في عتمة النفس .. كل هذا كانت احلامي المهدورة المعلقة على مشانق الواقع ..
وقفز الى خيالي طيفها ’ اراها الآن مثلما رايتها أول مرة في براءة الأطفال .. ضحكتها الجميلة وجهها الذي يشبه القمر , ثغرها العذب الذي تطل منه الشمس صافية في ربيع جميل عيونها الزرقاء االتي تطل علي من خلف اهداب كحيلة طويلة تتاملني مثل طفلة وأنا أخط خاطرة او قصة أو شيء من تفهاتي التي كانت تقول عنها جميلة .. يا لأناملها وهي تمسك يدي .. يا للمستها الحانية التي تشق صلابة الصخر فتجعله لينا طريا ’ يا لصوتها العذب الذي يذكرك بصوت الطبيعة في ربيع باسم .. آه يا كبدي اي جراح تحتملي .. ؟ يغدر البشر ويحكم القدر , وبين غدر البشر وحكم القدر قصة عذابي .
جفت الكلمات من حلقي مثل نبع ماء ابتلعه شق أرض على حين غرة , أبتلع بقايا ريقي الذي احسه مرا مثل العلقم .
الكبرياء الزائف ان لم يكن في محله يقتل الحب الصادق , كان فراقنا صنيعة الكبرياء الزائف وفي الحب لا وجود للكبرياء فالحب الصادق يحطمه الكبرياء ويشتته الشك وتقتله الأنانية كان علي ان اذبح الكبرياء في لحظتها , اخطأت وكلنا نخطئ كان علي أن أسامح وأغفر فالحب ان لم نغفر فيه لمن نحب فذاك امضاء لشهادة وفاته , نعم كنت أنانيا وكنت مغفلا لأني قتلتها مرتين يوم خيرت نفسي بين حبها وكرامتي فاخترت كرامتي وكان علي أن اختار من احببت ..
آه يا كبدي اي الجراح احتملتي ..؟
وأستيقض من غفوة الذكريات على جسد هزيل أطل عليه من خلف زجاج الإنعاش أختلس النظر إليه فاراه ممددا تخترقه الأجهزة الصماء ’ ذلك الجسد الاشبه بالياسمين أصبح مثل الهيكل تتردد في ارجاءه رياح الخريف الباردة ’ تلك العيون التي كانت تطل علي منهما الحياة أضحت بلا اهداب غارقتين في مقلتين في ظلال من سواد ,و تلك الوجنتين التي كانتا مثل الورود الحمراء اصبحتا نحيفتين ذابلتين .
زهرة الياسمين البيضاء أضحت مثل هيكل أو مثل الخراب الذي يكاد يهوى على حين غفلة .
هاهو الموت يطوف على رأسك يا ياسمين ولا أحد يمنعه عنك .. وتنحدر دموعي بلا توقف ويحترق القلب ويتقد نارا ,, ليت الايام تعود يوما ليتك تبقين يا ياسمين .. ليتك .. ليتك ..
تمهل أيها القدر .. أنه قلبي .. تمهل أيها الموت واشفق فانها روحي .. تمهل ايها الزمن . انها أنفاسي
تلك العيون التفتت نحوي نظرت الي ورمت الي بسمة ذابلة التقطتها مثل اللاهث خلف السراب .. مثل التائه في صحراء جرداء بسمة فيها كثير من الفرح وحركات شفاه وهمهمات , لم أكن افهم منها شيء , لكني ادركت انها سعيدة بوجودي .. مثل زهرة الياسمين . مضى عليها الربيع وهاهي اليوم على حافة صيف يكاد يقضي نحبه ليسلمها الى خريف قاس لا يرحم لتذبل بعدها الى الابد . كنت أتلمس زجاج الإنعاش بأنامل مرتعشة احاول ان اتسرب خلفه لأغوص في روحها لأنزع من عمري عمرا واعطيه لها .. لأقتسم الحياة معها نصفين .. كانت تلك أماني الخائبين والخاسرين في الحياة .
جذبتني الممرضة من ذراعي بلطف وأخرجتني وراحت عيوننا تتهامس ربما لآخر مرة ورحت أبتعد وبصري معلق بها وبسمتها الذابلة تلحق بي تتبعني مثل طفلة , وترتفع يدها ببطء تودعني وذاك الثغر الجميل يبتسم لي , اهو موتي او موتها ...؟ اهو عمري ام عمرها ..؟
واختفت ياسمين خلف المآزر البيضاء والات الصماء ويعم الصمت على الكائنات .
وداعا ياسمين .. وداعا .

محمد دلومي



#محمد_دلومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية ميكي ماوس العظيم
- الرئيس سلفادور اللندي
- عندما كنت حمارا


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد دلومي - وداعا .. ياسمين