أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان قصبي - كارل بوبر ومعايير العلمية - جوينيي باتريك ترجمة حنان قصبي















المزيد.....

كارل بوبر ومعايير العلمية - جوينيي باتريك ترجمة حنان قصبي


حنان قصبي

الحوار المتمدن-العدد: 5762 - 2018 / 1 / 19 - 18:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مصدر منهج كارل بوبر

أشار كارل بوبر Karl Popper، إبان حلقة دراسية، إلى مصدر منهجه. وقال إنه لاحظ - في بداية القرن العشرين، وكان حينها طالبا – تفريخا مفرطا لنظريات جديدة غالبا ما تكون مكتملة اكتمالا نهائيا (La quête inachevée, p. 60). وكان يهتم في هذه الأثناء بنسبية إنشتين وبالتحليل النفسي الفرويدي وبعلم النفس الذي أسسه أدلر وبالماركسية. وكانت هذه النظريات تثير في أوساط الطلبة نقاشات حادة. فشعر كارل بوبر حينذاك بأن المذاهب الثلاثة الأخيرة كانت أقرب إلى الأساطير منها إل العلم، بالرغم من ادعائها العلمية (La quête inachevée, p. 61). وكانت نظرية إنشتين تبدو له مختلفة جدا عن بقية النظريات الأخرى. واندهش لكون إنشتين نفسه قد أشار إلى أن نظريته لن تكون مقبولة إذا لم تنجح في خضوعها لبعض الاختبارات. إن هذا الموقف النقدي لإنشتين الذي جعله، حسب كارل بوبر، يقبل أن تخضع نظريته للتفنيد هو موقف مميز للعلم. كانت نظرية النسبية موضوعَ تجربة قام بها إدنجتون Eddington سنة 1919، حيث أجرى قياسات على تقَوُس الأشعة المضيئة الذي توقعته نظرية النسبية إبان كسوف الشمس.
ويتعلق الحدس الثاني لكارل بوبر بالاستقراء. لقد ارتأى أن جزءا كبيرا من المعرفة لا يتم الحصول عليه عن طريق الاستقراء وإنما عن طريق الاستنباط. ولقد اعتمد على النقد الذي وجهه دافيد هيوم للاستقراء والذي أوضح فيه أن الاستقراء يكون خاطئا أحيانا، وأنه غير قابل في جميع الحالات للبرهنة على صدقه كونيا. (فللبرهنة على صحة استقراء معين ينبغي معرفة جميع الوقائع حتى نهاية الزمن). لكن كارل بوبر قام بتوسيع مجال المشكل الذي طرحه دافيد هيوم، أي "قام بإعادة صياغته بطريقة موضوعية" (La quête inachevée, p. 115)، وذلك بتطبيقه على العلاقة ما بين معطيات الوقائع الملاحظة والنظريات العلمية. واستنتج من ذلك أن العلم – خلافا للأفكار المسبقة منذ فرنسيس باكون – لا يتميز بالاستقراء وإنما بالاستنباط. ويُعتبرُ تصورُ النظريات المجردة سابقا ومستقلا عن الوقائع الناتجة عن الملاحظات والتجارب. وبناء على ذلك، عارض أطروحات حلقة فيينا (Cercle de Vienne) التي كانت تدافع على أن الاستقراء يسمح باكتشاف القوانين العلمية.
وبناء على هذه القاعدة العامة، تمكن من توضيح عدم كفاية التحقق في العلوم. إن إعادة صياغة العلم كإجراء استنباطي قدّم أساسا منطقيا لمعياره عن العلمية من خلال التجربة. إن ملاحظة مجموعة من الوقائع المُعزِزة لنظرية معينة لا تثبت صحتها بشكل يقيني وبصفة كونية حسب كارل بوبر. إنه إجراء من النوع الاستقرائي، وبهذا المعنى يمكن في لحظة معينة أن تظهر واقعة تناقض النظرية المعنية. إننا نجد دوما مجموعة من الوقائع تعزز نظرية ما، حتى وإن كان الأمر غير مقنع ويدخل ضمن النزوات.إن التحقق ليس كافيا لتأكيد صلاحية وعلمية معرفة معينة. يمكن لمعرفة قابلة للتحقق من صحتها أن تكون علمية، لكن لا يؤدي التحقق بالضرورة لعلمية النظريات. فينبغي على المعرفة باعتبارها استنباطية أن تُفنّد لكي تستحق صفة العلمية.
معايير العلمية
طرح كارل بوبر مشكل الفصل ما بين منهج علمي ومنهج تأملي (علم مزعوم، إيديولوجيا) انطلاقا من مسألة المنهج بصفة عامة (أي بالجمع بين ما هو نظري وما هو تجريبي في مجال البحث). ينبغي أن يشتغل العلم، حسب بوبر، بطريقة استنباطية، بحيث ينطلق من العام الذي هو النظرية نحو الخاص الذي هو الواقعة التجريبية. أي أن على العلم أن يعمل وفق الخطوات الثلاث التالية: النظرية، استنباط النتائج، التجربة (التي بإمكانها تفنيد النظرية).
تتضمن عملية التحقق من علمية منهج يدعي العلمية أربعة مراحل هي:
- تقييم الانسجام النظري للنسق
- إبراز البناء المنطقي للنظرية
- المقارنة بنظريات أخرى
- الاختبارات التجريبية
وتعتبر المرحلة الأخيرة مهمة لأنها هي التي تشكل إسهاما خاصا لكارل بوبر.
يقترح كارل بوبر معيارا يراه أكثر إقناعا وملاءمة من معيار التحقق من أجل الحسم في صلاحية نظرية معينة وهو معيار التفنيد. ويعني هذا المعيار أن وجود واقعة تجريبية واحدة لا تعزز النظرية المعنية ستؤدي إلى تفنيدها. ويقتضي هذا الأمر تكامل وكونية النظرية المعنية. وإذا قبلنا هذين الجانبين الأخيرين فمن الطبيعي أن نقبل أنه بمجرد مخالفة واقعة واحدة للنظرية المعنية تكون هذه الأخيرة بالضرورة خاطئة.
يمكن اعتبار كل معرفة تجعل إمكانية التفنيد ممكنة معرفة علمية، لأنا تسمح بمراقبة صلاحيتها. يرى كارل بوبر أنه "إذا كنا نبحث عن معطيات مؤيدة للنظرية، فليس من الصعب إيجادها، وهذا ينطبق على معظم النظريات، وبالتالي فإن النظرية التي لم يفندها أي حدث هي نظرية لا تتمتع بالخاصية العلمية. إن إخضاع نظرية معينة للتجريب هو محاولة للبرهنة على خطئها أو بتعبير آخر محاولة لتفنيدها" (Conjectures er réfutations, la croissance du savoir scientifique, pp. 64-65).
يرى كارل بوبر أن إمكانية التفنيد هي معيار العلمية. ينبغي أن تقدم النظرية إمكانية القيام بتجارب حاسمة تسمح بتفنيدها لكي تتصف بالعلمية. وهذا يعني أن النظرية تتصف بالصرامة وتقدم توقعات دقيقة. أما إذا كانت النظرية غامضة وتقدم توقعات غامضة وتحتمل التأويلات فلن تكون قابلة للتنفيذ ولا يمكن اعتبارها علمية. يرتكز تصورُ كارل بوبر أيضا على الحس السليم، لأن معرفة تدعي كونها حقيقية دون أن يكون بالإمكان اختبار ادعائها من طرف هيئة العلماء هي معرفة مشكوك فيها قبليا ولا يمكن أن تكون جزءا من المتن العلمي المقبول. لا يمكن لمعرفة أن تدعي امتلاكها الحقيقة بخصوص العالَم بدون أن تخضع للاختبار التجريبي من طرف هيئة العلماء.
ما دامت نظرية ما لم تُفنّد، فسوف تظل تُنعتُ بأنها نظرية "مُعزّزة ومدعّمة" بما يجعلها علمية. بالنسبة لكارل بوبر، يحلّ تمتع النظرية "بالتعزيز والدعم" محلّ التحقق. والهدف هو الاقتراب من المعارف الحقيقية قدر الإمكان. هذه المقاربة للحقيقة أو "للمرجّح أن يكون حقيقة" هي التي تعوضُ الحقيقة المطلقة.
يتعلق الأمر "بحقيقة تقديرية" (La quête inachevée, p. 10)، وبالقضية الأكثر احتمالا (قدر الإمكان) حسب ما تقتضه وضعية المعرفة. ويوضحُ تاريخ العلوم على ممر التاريخ أن أفضل النظريات تظهر لتحتوي نظريات سابقة أو تحلّ محلها. يتقدم العلم باستبدال المعارف الموجودة بمعارف أكثر اكتمالا وأكثر كونية. لكن نظرية علمية معينة تحظى بالتعزيز والدعم لا تكون أبدا نهائية، لأنه من الممكن أن تتعرض للتفنيد يوما ما.
النسبية ومعاداة النسبية
اهتم كارل بوبر بالتمييز بين المعرفة العلمية وبين العقائد الإيديولوجية، واتضح ذلك في تركيزه على الفصل بين المجالين. أشار إلى أن ما يسمح بالحسم في علمية أو عدم علمية نظرية ما هو المنهج وليس النتائج. وبرهن على أن التحقق غيرُ كافٍ كمعيار للفصل بيم ما هو علمي وما ليس علميا. وأضاف متطلبات وشروط جديدة للحكم على علمية أو عدم علمية نظرية معينة. وجعله موقفه هذا يعادي النسبية بإبرازه أن كل المعارف لا تتساوى في الأهمية ولا يمكن الخلط فيما بينها أو دمج بعضها مع بعض. لكن الطابع الظرفي للمعرفة التي تقدمها العلوم يدعم النسبية.
يقدم العلم معرفة يتم قبولها في لحظة معينة وتكتسب خاصية الحقيقة. إذا كانت المعرفة العلمية احتمالية فقط وافتراضية وغير يقينية فلن تملك أية مصداقية. ويقود موقف مثل هذا إلى النسبية التامة. إذا لم يقدم أي علم أية معرفة، أي إذا لم يقدم أية معلومة محتملة الصدق حول العالم، فإنه لا يمكن تمييز ما يقدمه عن رأي غريب أو عقيدة دينية. وفي هذه الحالة، تصبح كل المعارف متساوية في قيمتها ولن تكون هناك فائدة من الدفاع عن معايير للفصل بين ما هو علمي وما هو غير علمي. لكن كارل بوبر يوضح أن هناك اختلاف بين المعرفة العلمية والمعرفة غير العلمية، وأن العلم يملك الوسائل التي تمكنه من مواجهة العالم الذي يدرسه والذي يمنح لنتائجه الصلاحية. يقول كارل بوبر "إن هدفي كعالم هو الكشف عن الحقيقة، وهدف النظريات هو اقتراح افتراضات أصيلة عن بنية العالم" (Conjectures et refutations, p. 362).
الاستنباط والاستقراء
للاستقراء معاني مختلفة. فالاستقراء الذي انتقده دافيد هيوم David Hume هو برهنة خاطئة تستخلص نتيجة يقينية عن المستقبل مما يحدث بانتظام في الماضي. يقول كارل بوبر عن دور الاستقراء في بناء العلم: "يمكننا التأكيد على أن النظريات لا يمكنها أبدا أن تُستنتجَ من معطيات الملاحظة، ولا أن تتلقى منها تبريرا عقلانيا" (Conjectures et refutations, p. 73).
ومع ذلك، يبرز تاريخ العلوم التجريبية أنها تعمل دوما انطلاقا من مجموعة الوقائع الملاحظة. كيف ستقدم نظرية معينة معرفةً إذا لم تهتم بجانب معين من الواقع؟ هناك دوما مرجع واقعي أول بالنسبة للمعرفة العلمية التجريبية حتى وإن كانت للنظرية ديناميكيتها الخاصة، ويمكنها الابتعاد عن الواقع ثم العودة إليه في صيغة تجارب حاسمة.
يقتضي استعمال الاستنباط في العلم القيام بتوقع ما سوف يحدث انطلاقا من حالة واقعية معروفة بالاعتماد على نظرية معينة. تستعمل كل العلوم الاستنباط، ولكن كارل بوبر يمنح الاستنباط مكانة مركزية لأنه يعتمد على الفيزياء النظرية والكوسمولوجيا، وهما مجالان تحظى فيها النظرية باستقلال قوي، ويكون فيهما الطابع الاستنباطي مسيطرا. تم تعزيز وتدعيم أطروحة كارل بوبر بموقف ألبير إنشتين الذي قال: "تعلمت شيئا آخر من نظرية الجاذبية وهو أنه لا يمكن أبدا لمجموعة من الوقائع التجريبية، مهما كان حجمها، أن تقيم معادلات معقدة مثل معادلة الجاذبية. يمكن اختبار نظرية ما عن طريق التجربة، لكن لا وجود لطريق يقود من التجربة إلى إقامة نظرية معينة" (Einstein, A. Notes autobiographiques, Paty Michel, p. 364).
إن تأييد إنشتين لأطروحة كارل بوبر يجعلها حاسمة ومقنعة. لكن هذا لا يعني أنها قابلة للتعميم. ففي مجال البيولوجيا مثلا، تعتبر الملاحظة والتجربة ضروريتان وهامتان لولادة تصورات مجردة وعامة. فالفكرة القائلة بأن الكائنات الحية مكونة من خلايا يحُدّها غشاء يتضمن عُضَيّات خلوية وصبغيات (كروموسومات) لم يتم أبدا تكوينها قبليا عن طريق الاستنباط. وتعتبر هذه الفكرة علمية. لقد تم الحصول عليها انطلاقا من "معطيات الملاحظة" ومن خلال تجريد وتعميم هذه المعطيات التجريبية. ليست هذه النظرية الخلوية تفسيرية لأنها تشتغل اعتمادا على النماذج المحددة. لذلك لا تزعم أنها كونية. وبالرغم من أنه من الممكن القيام باستنباطات في مجال البيولوجيا، فلا يمكن وصف الصيغة العامة للمعرفة في البيولوجيا بالاستنباطية.
المرجع:
JUIGNET Patrick. Karl Popper et les critères de la scientificité. Philosophie, science et société. 2015.

جوينيي باتريك
ترجمة حنان قصبي



#حنان_قصبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان قصبي - كارل بوبر ومعايير العلمية - جوينيي باتريك ترجمة حنان قصبي