أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رديف شاكر الداغستاني - اللقاء غير المقدس بين الراسماليه والتحريفية















المزيد.....



اللقاء غير المقدس بين الراسماليه والتحريفية


رديف شاكر الداغستاني

الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


برز المعسكر الاشتراكي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واندحار النازية والفاشية اذ رسمت خريطة سياسية جديدة للعالم من قبل الحلفاء المنتصرين وكان بينهم الاتحاد السوفياتي بقيادة جوزيف ستالين بعد تسويات ومساومات فيما بينهم لتقاسم مناطق النفوذ في دول المحور وما يتصل بها من مستعمرات . واسرعت الولايات المتحدة وبريطانيا ( بدهائها وموروثها الاستعماري ) لتجعل من تقاسم غنائم الحرب ملبيا لمصالحها الاقتصادية والامنية والاستراتيجية فيما قيع الاتحاد السوفياتي بالحفاظ على ما تحت يديه من مواقع الانتصار العسكريه بعد تحريره دول البلقان وبرلين الشرقية ، وتبنى سياسة احادية الجانب اقتصرت على الحفاظ على المعسكر الاشتراكي الوليد . وكان هذا قصر نظر لمستقبل العالم اذ لم ياخذ بنظر الاعتبار دور حركات الشعوب الثورية التي يمكن ان تعزز من موقع الانتصار الاشتراكي في العالم كله . هذه النظرة الاحادية جاءت ناتج انحراف عن المبادىء الماركسية - اللينينية وسيطرة عبادة الشخصية على قيادة الحركة الشيوعية العالمية والمتمثلة بسكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي فهو الحاكم المطلق في كل شيء فيما يخص المعسكر الاشتراكي او حركة تحرير الشعوب مما اعطى للدول الامبريالية فرصة مريحة في الصراع المستقبلي فكانت الحرب الباردة والستار الحديدى والجمود العقائدي وغياب الديمقراطية داخل الحزب السوفيتي والاحزاب التابعة وتلك اولى علامات الهزيمة للمعسكر الاشتراكي . وتلاحقت الاحداث بعد وفاة ستالين فبرزت سياسة التعايش السلمي او الصراع السلمي مع الراسمالية هذا التحريف الكبير للمبادىء مما اوقع الحركة الشيوعية العالمية في مازق ثم في صراع داخلي بعد الاعلان عن الخلاف الروسي - الصيني مما انعكس سلبيا على الحركة الشيوعية العالمية التي عانت من وطأة الانشقاقات ، كذلك ظهر خلاف ثالث للشيوعيين الاوربين متمثلا باستقلالية اليوغسلاف عن المحور السوفيتي وتبعتهم رومانيا في ذلك .
وفي خضم هذه الاحداث برز تيار ثوري في مناطق ساخنة وتاجج الصراع بين الثوريين والحكام الدكتاتوريين العملاء في امريكا اللاتينية وجنوب شرق اسيا وافريقيا فضلا عن الحركات المطلبية داخل اوربا وهنا اتخذ الثوريون الموقف السليم ازاء ما يخص الوضع في بلدانهم دون مشورة السوفييت الذين انساقوا كثيرا نحو التحريفية بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي 1956 والذي كشفت خلاله فضائع ستالين بحق رفاقه والشعوب المنضويه تحت لواء السوفييت والدولة السوفيتية وكان حصاد المؤتمر العشرين هو ان يلعب السوفييت دورا والراسمالية دورا في ظهور اتجاهات سياسية نضالية في العالم ..
أ- السائرون في الفلك السوفيتي من الاحزاب الشيوعية التي امنت بالتعايش السلمي مع الراسمالية الغربية ، وعبر اقامة الجبهات الواسعة في العالم ضد هذه الراسمالية حيث ستنهار الراسمالية حسب التحليل السوفيتي تحت ضغط هذه التحالفات اضافة الى نجاحات البناء الاشتراكي في مجال الصناعات المدنية والحربية وفي ضوء هذه الستراتيجية الخرفاء ، اوعز السوفيت للاحزاب الدائرة في فلكهم على اقامة الجبهات الوطنية في بلدانهم مع احزاب برجوازيه لا سيما الحاكمة منها حتى وان كان دورهم مساندا وذيليا للطبقة البرجوازيه لانها بالتالي - وحسب اعتقادهم تشكل صمام الامان للوقوف ضد الاستعمار وعدم التعامل معه والوقوف في الامم المتحدة مع المقترحات السوفيتية في وقت كانت فيه هذه الطبقة البرجوازيه الاشد عداء للشيوعية وللشيوعين ولم تفتها الفرصة فقد استغلت هذه التحليل والموقف فازدادت بطشا بالشيوعيين دون ان يشفع لهم احد وامتلئت بهم السجون ولكنهم كانوا يصرخون : عاشت الجبهة الوطنية..!! وقد نتج عن هذه السياسة انهيار الحركة الشيوعية لصالح البرجوازيه الحاكمة وغير الحاكمة ودفع الشيوعيون مئات بل الاف الشهداء بسبب التزامهم السياسة التحريفية العقيمة والغى الكثير من طموحات الاحزاب الشيوعية في الدول النامية لاستلام الطبقة العاملة للسلطة وان توفرت له الشروط الذاتية والموضوعية فكان تحصيل حاصل هذه السياسة انشقاقات في هذه الاحزاب وخروج احزاب اخرى عن النهج السوفيتي .
ب- بالرغم من اصدار السوفيت اوامرهم بعدم التفكير باي عمل ثوري يغير واقع السلطة وتجيير نضال الشيوعيين لصالح التضامن الجبهوري مع البرجوازيه الحاكمة في وقت اعلنت البرجوازيات الحاكمة عدم التزامها مع المعسكر الاشتراكي بل وساوته مع المعسكر الامبريالي عندما اعلنت انشاء منظمة عدم الانحياز المتكونة اساسا من مصر عبد الناصر وهند جواهر لال نهرو وتيتو يوغسلافيا وسوكارنو اندونيسيا وشوان لالي الصين . وانضم اليها فيما بعد تيار دول الحياد الايجابي الذي يضم دول كثيرة لديها مواقف اكثر جدية في التوجه الوطني والاشتراكي واقامة معاهدات مع السوفيت باسم ( السلم والصداقة ) على ان تكون هذه الدول مساندة للسوقييت فيحربها السلمية في الامم المتحدة ولكن هذه الدول سرعان ما كانت تهرول الى الدول الراسمالية كاميركا وفرنسا وبريطانيا غزلا او انحيازا .
ج- الحركات اليسارية الشيوعية وغير الشيوعية : بعد مرحلة التخبط في التحريفية السوفيتية وباكتمال عوامل نجاح الثورة في بلدان كثيرة انشقت احزاب شيوعية تحت تاثير الخلاف السوفيتي - الصيني وتبنت نهج الكفاح المسلح والبؤرة الثورية في سعيها لاستلام السلطة ، وحينذاك ، بذلت الامبريالية العالمية كل ما في وسعها لمحاربة هذا التيار الجارف في العالم كله بواسطة الاعلام المضاد والاسناد المخابراتي والعسكري المباشر للانظمة العملية المهددة بالسقوط كما حصل في فيتنام الجنوبية ( سايغون ) ونظامها العميل الذي احتضنته الولايات المتحدة عسكريا مما جعل الثوار يبذلون جهودا تفوق القدرة العادية في اساليب النضال والصمود حتى استطاعوا اسقاط اميركا في وحل الذل والهزيمة . وكان موقف السوفييت متفرجا بل كانوا يضغطون على الثوار لاعطاء تنازلات اثناء التفاوض بين الولايات المتحدة وحركة تحرير فيتنام بقيادة الشيوعيين الذين رفضوا ذلك ولن يستجيبوا سوى لارادة شعبهم بينما كان السوفييت يسمون الحرب في فيتنام ب ( المشكلة الفيتنامية ) نعم ! شكلت فيتنام مشكلة للسوفييت كونها كانت خارج العلك السوفيتي او الصيني وكان الثوار يتفاوضون من جهة ويقاتلون من جهة اخرى وهذا هو القرار المستقل الذي ادى الى هزيمة اميركا وانتصار الثوار ولا يفوتنا ان نذكر هنا الحقد الاعمى للتحريفية العالمية على بلد اشتراكي لديه معاهدة دفاع مشترك مع الاتحاد السوفيتي الذي لم يحرك ساكنا حين قصف هذا البلد وهو الامر الذي شجع الولايات المتحدة على الاستمرار بقصفه بشكل وحشي مستخدمة قنابل النابالم المحرمة دوليا هذا هو الوجه الحقيقي للتحريفية التي تختزن الخيانة والطعن من الخلف :
ونرى في الجانب الاخر الموقف المذل والمقموع الذي وضعت فيه الاحزاب الشيوعية العربية حيث تم توجيه انذار سوفيتي لايقاف الاعتداء على مصر وكاد ان يؤدي الى حرب عالمية ثالثة ولكن توقف العدوان الثلاثي وكانت ثمرته نصرا للبرجوازية المصرية وبطشا بالشيوعيين المصريين . ونسوق مثالا اخر حين قام ثوار باتثلاو في لاوس بحركة شعبية اسندت من قبل ضابط مظلي يساري ضد نظام سيهانوك العميل ودام الصراع 10 ايام لم يقدم فيه اي دعم سوفيتي الا بعد انتصار الحركة على القوات العميلة فايدها السوفييت بتحفظ ودون تقديم اي عون عسكري او اقتصادي لان هذه الحركة خارج لعبة الصراع السوفيتي - الاميركي .
وتوجد امثلة كثيرة كما هي حركة ثوار كوبا الذين انشاوا البؤر الثورية في الجبال وبدأوا الكفاح المسلح ضد نظام باتيستا العميل . هذا البلد المجاور لاكبر دولة راسمالية في العالم وتوجد على ارضه قاعدة عسكرية اميركية ضخمة لكن الثوار بقيادة كاسترو وجيفارا تحدوا التفكير البائس باستحالة نجاح اي حركة ثورية في هذا البلد ونظرة السوفييت الذين لا يرغبون بمشاكل مع الولايات المتحدة في تلك المنطقة واذن فعلى شعوب هذه المنطقة ان تستسلم وتموت . لذلك لم يؤيد الحزب الشيوعي الكوبي النضال المسلح الذي قاده اثنا عشر رفيقا ماركسيا الا بعد ان اصبح قاب قوسين او ادنى من النصر فانضم حينها الى مساندة الثوار عن طريق تنظيم الاضرابات العمالية والاعتصامات الشعبية في العاصمة هافانا ومدن اخرى مما عجل في انتصار الثورة ودخول الثوار العاصمة هافانا ومدن اخرى مما عجل في انتصار الثورة ودخول الثوار العاصمة وبتاييد شعبي كبير وتحت ضغط القاعدة التنظيمية سلمت قيادة الحزب زمام امورها للثوار فقام فيدل كاسترو بعزل كبار قادة الحزب وانشاء قيادة جديدة ثورية وشابة كان انتصار ثوار كوبا ادانة للنهج الاستسلامي واعطى زخما كبيرا للثوار في العالم مما حدى بكثير من الاحزاب الشيوعية الى اعادة النظر بمواقف قياداتها التحريفية والعودة للنظرية الماركسية اللينينية لخلق ظروف الثورة واستلام السلطة وهو الامر الذي حدا بالطرفين السوفيتي والاميركي الى ادراك الخط القادم على سياستهما مباشرا بالعمل لاستيعاب هذه الحركات قبل نضوجها ومحاربتها وضربها قبل نضوجها كل بطريقة خاصة ضمن اتفاقات سرية مدونة وشفوية حيث تم وضع خطوط حمر لكل منهما مع الاخر لدول لا يسمح بها لصعود الشيوعيين الى السلطة خاصة في منطقة الخليج العربي مقابل المحافظة على المعسكر الاشتراكي وجدار برلين .
اما في ما يخص الدول الراسمالية فقد شهدت الستينات انتعاش الحركة النقابية العمالية وحصولها على مكاسب في التقليل من ساعات العمل وزيادة الاجور وضمانات اخرى . وما انتفاضة الطلبة في فرنسا 1968 التي امتدت الى الغرب الاوربي والاميركي الا دليلا على انتشار المد الثوري العالمي داخل الراسمالية نفسها . وهكذا تبرهن الاحداث مرة اخرى على سقوط ما يسمى بالتعايش السلمي والاتجاه البرلماني الغير مضمون في تحقيق النصر باستلام السلطة .
وجاءت احداث اندونيسيا لتوجه ضربة قاضية لهذا النهج اذ وصلت نسبة الشيوعيين في البرلمان الى اكثر من النصف وهو ما يتيح لهم تشكيل حكومة دون ائتلاف فتحركت القوى الامبريالية بشكل سريع واوعزت لجنرالاتها العملاء للقيام بانقلاب عسكري بقيادة سوهارتو وفي بداية الانقلاب اعتقل سكرتير الحزب الشيوعي الاندونيسي ايدت وكذلك اعضاء اللجنة المركزية وجرت تصفيتهم بطريقة وحشية وهذا ما فعلوه مع مئات الالاف من اعضاء الحزب حيث سالت انهار من الدماء حتى ان الانقلابيين استخدموا عمليات الذبح بالالات الحادة لمناضلي الحزب الذي لم تقم له قائمة منذ ذلك التاريخ . وماذا عمل السوفييت تجاه ذلك ؟ انه الاستنكار والتباكي على عظام سوكارنو‍‍ بينما الحزب الشيوعي الاندونيسي يدفع ثمن هذا النهج التحريفي حين لم يحسب حسابا لمثل هذا الحدث الانقلابي او الاعمال العنيفة او خلق صراع يسقط نجاحاته في البرلمان .. الم يكن الشيوعي متقد الذهن ودوما ويضع امامه اسوء الاحتمالات ؟ لا ندري بما وعد السوفييت الحزب الشيوعي الاندونيسي ليطمئن كل هذا الاطمئنان وبالنتيجة خسر الحزب نفسه والشعب كله كما حصل تماما في العراق ( انقلاب 8 شباط 1963 ) والسودان ( حركة هاشم العطا 1972 ) مع فوارق بسيطة لكن النتيجة واحدة وهي ليست سوى الكارثة بسبب اوامر ينفذها الرفاق وكانها اوامر الهبة المقدسة من غير نقاش .
كذلك اثبتت التجارب ان مثال الديمقراطية الخادعة التي تتتجها الانظمة البرجوازيه والاقطاعية وكيفية التعامل معها لا تختلف في شيء في نهاية المطاف ، عن الانظمة الفاشية وما حدث في شيلي مثال اخر على انتصار الفاشية على الديمقراطية فانتصار اليسار في تشيلي وصعود اللندي الى رئاسة الجمهورية ارعب ادعياء الديمقراطية الافاقين فبادروا للقيام بانقلاب دموي بقيادة الجنرالات حطم حلم الجماهير ووقف اللندي بدافع ببندقية عن حرية تشيلي وقاتل قتال الابطال حتى استشهد مبرهنا بدمائه على ضرورة حكم الشعب والدفاع عن مكاسب الجماهير في حرية الاختيار ان تحول المفهوم السوفيتي للتطور اللا راسمالي والصراع السلمي مع الراسماليه الى مفهوم للمصالح الذاتية للاتحاد السوفيتي وكل شيء يعارض هذه المصالح يعني انه يعمل ضد الشيوعية وانه عدو امبريالي او عميل وما الى ذلك من نعوت هو الذي جعل السوفييت لا يتدخلون لنجدة اي حركة لثوار شيوعيين او انقلاب عسكري يساري الا عندما تتعرض مصالح الاتحاد السوفيتي للخطر او حدود الدولة السوفيتيه المتكونه من 15 جمهورية وهذا ما رايناه في افغانستان وجيكوسلوفاكيا .
ان السوفييت يطلبون ويزمرون اعلاميا حين يحصل الشيوعيون في بلد ما على مكاسب او مواقع في البرلمان غير مؤثرة على السلطة البرجوازيه فيدعمون هذا النظام او ذاك اقتصاديا وتسليحيا ويضعون ذلك النظام في مصاف الثورية والتقدمية ومثل هذه الانظمة الغاشمة تعرف هذه العلة السوفيتية فتطلب المزيد وتستثمر اللعب ببيادقهم المحلية وحين يرى نظام من هذا النوع ان هؤلاء الجنود اصبحوا يشكلون خطرا نسبيا يوجه له - حينذاك - ضرباته ويدخلهم سجونه ويعذبهم دون ان يحرك السوفييت ساكنا سوى الاستنكار والخجول لان اساس علاقتهم بالنظام لا بالشيوعية والشيوعيين وضرب ما يسمى بالجبهة الوطنية في العراق بتصفية كاملة لتنظيم اللجنة المركزية بعد سفر قيادته الى خارج العراق ارضاء للسوفييت شاهد اخر على ما ذهبنا اليه حيث زج بالكوادر والاعضاء في المعتقلات وتعرضوا لابشع انواع التعذيب ..
فماذا عمل السوفييت تضامنا مع رفاقهم العراقيين ؟ هل تخلوا عن صدام ؟ كلا .. لقد ازداد تحالفهم معه وتلبية طلباته التسليحية لينفذ غايات واهداف اميركية في الشرق الاوسط .
ان الثورة المنتصرة ان لم تحمها دكتاتورية البروليتاريا لا تستطيع المقاومة والبقاء وستكون الكارثة اشد وقعا من الانتصار والبرجوازيه لديها دائما البديل لكل شيء خاصة ما يحمي مصالحها كما تنجدها الامبريالية في حالة الطوارىء لكن السوفييت لم ينجدوا رفاقهم منتقدي سياستهم في بلدان العالم وهذا ما حصل لثوار الكونغو وسلطتهم الثورية حيث تدخلت الامبريالية لتدعم تشومبي وترك لومومبا يواجه مصيره لوحده لو لم ينجده الكوبيون بعشرين الف مقاتل بعد ان قسمت الكونغو الى قسمين . لن يتدخل السوفييت حين تطوق الحركات الثوريه من الامبريالية لكنهم يتدخلون في الحياة الداخلية للاحزاب الشيوعية ويقمعون اي متغيرات فيها لصالح التوجيه الثوريه والامثلة عديدة على ذلك فعندما حصل انشقاق في حزب توده الايراني وكانت الاغلبية مع الاتجاه الثوري الذي يطالب باسقاط نظام الشاه بكل السبلا ومنها الكفاح المسلح لم يعترف السوفييت بارادة الشيوعيين الايرانيين ولم يعترفوا سوى بسكرتير الحزب ونفر من اعضاء قيادته فقاموا بدعمهم ماديا واعلاميا واصدروا لهم صحيفة تنطق باسم الحزب الشرعي لان الشرعية عندهم هي التوافق مع السوفييت ورضاهم عن الامعان المنفذين لسياستهم في بلدانهم وقد ساعد هؤلاء الامعات جهاز السافاك القمعي من خلال الوشاية برفاقهم القدامى لكن هؤلاء الرفاق الثوريين كانوا قد اعدوا العدة للمواجهة لاسقاط الشاه عن طريق العمل المسلح . وهكذا قدمت منظمة فدائي خلق ومنظمة الماركسيين اللينينين مئات الشهداء على طريق الحريه ونجحت هاتان المنظمتان في زج النساء في العمل الثوري . كما تهيأ الشارع الايراني ونضج للانخراط في ثورة عارمة فتاهبت الامبريالية تفكر بالديل المقبول لديها وانتهت الى السيناريو الافضل وهو استلام رجال الدين للسلطة بدلا من اليسار . اما رجال الدين الذين استلموا السلطة تحت راية الديمقراطية فسرعان ما مزقوا رايتها حيث تم تشكيل حكومة تكنوقراط ورئيس جمهورية من المتدينين وليس فيهم يساري واحد ثم عادوا وهددوا هذه الحكومة عن طريق تحريض الجهلاء عليهم مما حمل رئيس الجمهورية على الهرب الى الخارج فيما استقال رئيس الحكومة ووضع قيد الاقامة الجبرية بينما هو شخصية ديمقراطية معروفة بوطنيتها واخلاصها ونضالها الطويل ضد نظام الشاه .
اما ما ال اليه مصير حزب توده فقد تمت تصفيته اعلاميا في باديء الامر ثم اعتبار اعضائه جواسيس للاجنبي وهكذا ظهر سكرتير الحزب في مناظرة تلفازية حرة اعترف فيها ببطلان مبادئه وانه كان عميلا وبالتالي يعلن التوبه .ز وقبلوا توبته !! وحينها لقبته الجماهير ( ملاكيانوري). هذه المهزلة تبعها تصفية الحزب تنظيميا فثمة من هرب الى الخارج او استكان للياس بعد ان شاهد السوفييت لا يحركون ساكنا واقاموا علاقة مع النظام الجديد وكان شيئا لم يكن . اما الرفاق المناضلون الذين قدموا الشهداء على طريق الثورة فقد بطش بهم النظام الجديد لكنهم اعادوا تنظيم صفوفهم وبدا وا من جديد عملهم الثوري . واليوم فان الدولة الدينية لم تسمح بابسط انواع الحرية حتى بين صفوف المؤمنين المتدينين انفسهم وتياراتهم السياسية فلم يسمحوا للاصلاحيين بالترشيح لمجلس الشورى كي لا تسقط حكومة المحافظين . وهؤلاء الاصلاحيون لم يكونوا في يوم شيوعيين او يساريين بل عناصر متنوره تريد ان تواكب التطور الحضاري للعالم والخروج من صومعة فيتو مجلس الامن القومي الذي يمتلك صلاحية الغاء اي قرار بما فيها قرارات مجلس الشورى .
هكذا استمرت اخطاء السوفييت فيخلق الانتكاسات للحركة الشوعية العالمية . وقد تراكمت هذه الكوارث فاعطت مفعولا عكسيا ضرب عقر دار التحريفية في العالم فذاب نظامهم كذوبان الجليد بالماء وهو ما كان متوقعا لقد انتصرت الامبريالية لان الدولة السوفيتية لم تعد دولة للعمال والفلاحين وانها تخلت عن المبادىء الماركسية اللينينية لذلك هزخت كما هزم جنودها التحريفيين في بلدان العالم . ولم نسمع مؤسسات كانوا ينفخون بها كالجيش الاحمر ونقابات العمال والكولخوزات والسوفخورات انها قامت باي عمل الا انهم كانوا جزءا من هذا الانحطاط. اما اولئك الرفاق والعلماء السوفييت فلم نسمع كلمة واحدة منهم يدافعون بها عن نظامهم او عن انفسهم وهم الذين كانوا يوجهون الشيوعيين القاصرين في شتى بقاع العالم ويتحكمون بمصائرهم ومصائر شعوبهم . ولعل هذا الحدث الكارثي سيحفز الثوار في كل العالم ان ينهضوا من جديد تحت راية الماركسية اللينينية ودكتاتورية البروليتاريا في صراعهم مع البرجوازيه المحلية والامبريالية المعولمة بعد انهيار السوفييت .
ان البرجوازيه التي كانت مغلفة بالوطنية سابقا تعلن الان بدون وجل انها مع اميركا والامبريالية وهي مستعدة حفاظا على مصالحها ان تكون اداة طبعة بيد اميركا وان اختلقت السبل والمهمات اما الدكتاتوريات القديمة والرجعية ذات الخطاب المعادية للسوفييت فما عادت هناك حاجة اليها لان اميركا تريد الان خطابا يتفق والسياسه الجديدة ( الينو لبراليه ) لخدة استراتيجية عالمية تؤمن لها مصالحها اولا ومصالح الراسمال العالمي ثانيا .. وعليه فامام تلك الدكتاتوريات اما الرحيل عن السلطة طوعا او كرها . وامامهم مثال الدكتاتور صدام حسين حين تم التخلي عنه لان خطابه اضحى خاويا وانه لم ياخذ العبرة ممن سبقوه في خدمة الامبرياليه فكانت نهايته هذه غير المنتهية .
اما بخصوص الوضع في العراق فلم يكن الا الاسوأ حالا بتاثير السياسه السوفيتيه التحريفية فمنذ قيام ثورة 14 تموز 1958 والتي كانت ثمرة نضال الشعب كله بقيادة الحزب الشيوعي باعتباره الحزب المنظم الوحيد ولديه تنظيمات جماهيريه قوية في الاوساط العمالية والطلابية والنسائية والمعلمين والمثقفين وقدى تحدى الحزب النظام الملكي بنضاله الجماهيري كالاضرابات العمالية والتظاهرات الطلابية وقدم الشهداء من رفاقه وقادته وفي مقدمهم سكرتيره الرفيق الخالد فهد ورفاقه الثلاثة الذين نصب جلاوزة نوري السعيد مشانقهم في ساعات الفجر خوفا من غضب الجماهير ولم تضعف عزيمة النضال باعدام الرفاق اذ سرعان ما استعاد الحزب قوته رغم الضربات الموجعة وقام بتعبئة الجماهير ضد السلطة الاولفارشية العميلة الا انه ، للاسف الشديد ، ورغم ما يملكه من رصيد شعبي كبير لم يرفع شعار اسقاط السلطة الملكية بل كان يدعو الى اسقاط الوزارات المتعاقبة المنفذة للسياسة الاستعمارية الا في السنة الاخيرة عشية ثورة 14 تموز وهذا ناتج عن قصور في فهم الماركسية اللينينية فضلا عن الضغط السوفيتي على الحزب وهو الامر الذي عانت منه الاحزاب الشيوعية العربية فجميعها لم ترفع شعار الثورة الجذرية بل تغيير الحكومات لان التوجيهات والاملاءات تاتي من مصدر واحد .
غير ان الحزب الشيوعي العراقي الاكثر تاثيرا بالاحداث العراقية والعربية نجح في اقامة جبهة وطنية مع احزاب ديمقراطية وقومية وجاهد من اجل قبول الحزب بالديمقراطي الكردستاني ضمن جبهة الاتحاد الوطني انذاك فرفضت الاطراف الاخرى قبوله ولكنها وافقت اخيرا على ان تكون علاقة الحزب الكردي وارتباطه بالحزب الشيوعي فقط . وكان من ثمار هذه الجبهة قيام تنظيم للضباط الاحرار لا علاقة مباشرة له بالجبهة السياسة المذكورة ويتالف من ضباط شيوعيين او مؤيديهم ووطنين مستقلين وقوميين وكانت هذه النخبة بقيادة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم الشخصية الوطنية المستقلة صاحب الاخلاقيات المثالثة والعقلية الفردية في الحكم والتحكم وفجر هذا الزعيم الوطني الثورة في 14 تموز عام 1958 باسناد منظم من الحزب الشيوعي العراقي الذي دعا جماهيره الى الخروج الى الشوارع حال سماع البيان الاول للثورة . . وهذا ما تم فعلا فهرعت الجماهير تتحشد في الشوارع وتبحث عن رموز العهد الملكي وفي مقدمتهم نوري السعيد الذي هرب بعباءة نسائية قبل القاء القبض عليه . وشكلت هذه الجماهير فرقا لحماية الثورة والدفاع عن الجمهورية الوليدة وانبثقت حكومة وطنية برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم ولم يكن نصيب الحزب فيها يتناسب وحجمه الجماهيري او تاثيره النضالي اذ اعطى وزارة خدمية هي وزارة البلديات . اما القوى الاخرى لا سيما القومية ، فقد حصلت على عدة وزارات كذلك الحزب الوطني الديمقراطي وشخصيات مستقلة مشهود لها بالنزاهة.
اما في الجانب العسكري فلم تسند لللضباط الشيوعيين اي مواقع مهمة بل ان الزعيم ابعد الكثير من الضباط عن مراكزهم القديمة حتى انه ابعد اقرب الناس له وهو العقيد هاشم عبد الجبار من كتيبة دبابات معسكر الرشيد الى موقع هامشي كذلك جرى تشتيت وتغييرات كثيرة اخرى ارضاء للقوى القومية التي عزز الزعيم مواقعها في المؤسسة العسكريه رغم معرفته الاكيدة بعدم اخلاصها للجمهورية العراقية بل للجمهورية العربية المتحدة وعبد الناصر المحرك الرئيس لتحشيد قوى الثورة المضادة وعرقلة عجلة الثورة الوليدة .
من جهتها اصطفت القوى الرجعية المتضررة من الثورة مع القوى القومية تحت شعار ( يا اعداء الثورة اتحدوا! ) و ( يا اعداء الشيوعية اتحدوا!!) كذلك اعتمد عبد الكريم قاسم على تجمع انتهازي سمي بالقاسميين والذين كانوا اول المتخلين عنه في صبيحة 8 شباط 1963 .
ان قرارات الثورة الجذرية خلقت اعداء كثرا لها من العملاء المحليين والاجانب مثل قانون الاصلاح الزراعي الذي كان لصالح الفلاحين ، والخروج من الكتلة الاسترلينية النقدية ، وقانون الاحوال الشخصية ، والغاء قانون دعاوى العشائر ، وانشاء شركة النفط الوطنية ، وتوزيع الاراضي السكنية على عموم المواطنين عن طريق النقابات المهنية ( المعلمين - العمال - الموظفين ) وخاصة مدينة الثورة الذين كان اهلها ينامون على رائحة المياه الاسنة . كذلك اتخاذ قرارات هامة لصالح الطبقة العاملة بسن قانو العمل وانشاء معامل ضخمة امتصت قدرا من البطالة . وتسنى للمواطن العادي ارسال ابنائه لتكملة دراستهم العليا في الخارج على حساب الدولة اذ كان سابقا حكرا على الميسورين .
وفيما يخص القضايا العربية فقد ابدت الجمهورية بقوة الثورة الجزائرية ودعمتها كذلك جرى تاسيس جيش التحرير الفلسطيني على الارض العراقية وكانت مقولة الزعيم الشهيرة ( فلسطين لا يحررها الا اهلها (. وقد استضافت بغداد مؤتمر وزراء الخارجية العرب لمد يد العون للجمهورية العربية المتحدة ولعبد الناصر لكن الزعيم المصري كان طامعا بالعراق وكان يريد من عبد الكريم قاسم ان يقدم له الولاء المطلق ويسير خلفه في اطروحاته القومية البائسة ومنظماته الفوقية المضحكة .
لقد حرضت القيادة المصرية الضباط القوميين في العراق على التامر على قاسم الذي اصبح له حضور عالمي وموقع بارز بين دول عدم الانحياز . وفعلا حاك اولئك الضباط عددا من المؤمرات الفاشلة فاحالهم الزعيم الى محكمة عسكريه اصولية سميت ( محكمة الشعب ) لانها كانت تفصح اهداف المتامرين السياسية وارتباطاتهم الخارجية . وكانت تلك المحكمة الاكثر عدالة في تاريخ العراق اذ كانت تنقل جلساتها علانية على شاشة التلفزه ومباشرة ويشهدها العالم كله . وكشفت هذه المحكمة ضحالة المتامرين وحجمهم الحقيقي وارتباطاتهم باعداء ثورة تموز واهدافهم الشخصية من وراء عملية التامر على عبد الكريم قاسم الذي وثق بهم رغم علمه بمحاولاتهم الدنيئة في زرع هذه الفوضى التي اغرقوا بها العراق لارضاء غرور رجل واحد هو عبد الناصر . وكان كل ذلك كذبلا وبهتانا من ادعياء القومية هؤلاء بدليل ان كل القوى القومية استلمت السلطة لاحقا في العراق ولم يحقق اي منهم (( حلم )) الوحدة لامع عبد الناصر ولا مع اي نظام عربي اخر ، فقد كان تعطشهم للسلطة يدفعههم ليكونوا اشد عداء للوحدة وتحقيقها او خلق شروطها المطلوبة . كما هو الامر تماما مع القضية الفلسطينية اذ لم يقدموا لها سوى عوامل اضعافها والمتاجرة بها ونستخلص مما تقدم ان التامر لم يكن على عبد الكريم قاسم بل على ثورة تموز والجمهورية الفتية من اجل القضاء على الحالة الثورية التي تهدد باجتياح المنطقة كلها خاصة وان العراق يتمتع بموقع ستراتيجي وقوة بشرية واقتصاد واعراف كفاحية راسخة .
وحين شعرت الجماهير الشعبية انها مغيبة ومقصية عن صراع الكواليس السياسية . وان مكاسبها التي حققتها الثورة معرضة للضياع بادرت الى التعبير عن موقفها في الاحتفال بيوم الاول من ايار عيد العمال العالمي .
وتقدمت مسيرة مليونية استمرت طوال الليل حتى صباح اليوم الثاني ورددت شعارات تريد تحقيقها بعد ان اصبح الخطر بائنا للعيان فكان الشعار الاول ( عاش زعيمي .. عبد الكريم .. الحزب الشيوعي بالحكم .. مطلب عظيمي ) والشعار الثاني ( سبع ملايين تريد .. الحزب الشيوعي بالحكم ) : فارتعد قاسم من هذه الشعارات وغضب بشدة فهرولت القيادة التحريفية المحلية عن طريق ممثلها عامر عبد الله عضو الاتصال بقاسم يطمأنه انها شعارات عفوية غير مقصورة او مخططا لها وان الحزب لا يسعى لاستلام السلطة في الوقت الحاضر . بينما كان من المفترض ان يعزز الحزب هذا الموقف الجماهيري للضغط على قاسم على الاقل ، لاتخاذ خطوات فعلية لدرء الخطر عن الثورة . كما جاء النقد من الخارج ( السوفييت ) مستنكرا تعكير مزاج عبد الكريم قاسم او استفزازه ان هذا الموقف المتخاذل امام قاسم شجعهو على شن حملة ضد الشيوعيين وبدأت السجون تستقبل المناضلين واغلقت او حوصرت النقابات المهنية واطلق العنان لنشاط القوى القومية والرجعية ، وبصورة علنية ضد الشوعيين فشنوا حملة اعتداءات على الشيوعيين وعوائلهم ولم يسمح لهم بالرد على تلك الاعتداءات في الوقت الذي يسند فيه السوفييت قاسم ( ومعه عبد الناصر ) بكل قوة اقتصاديا وعسكريا .
ازاء تدهور الاوضاع هذا بدأت المنظمات الحزبية بالتململ يراودها قلق كبير حول مصير الحزب والشعب والوطن المهددين بكارثة الا ان هيمنة الشلة الانتهازيه ( جماعة الاربعة ) على قيادة الحزب ومحاصرتها لنشاط الرفيق سلام عادل وعلاقتهم الوثيقة بقاسم والسوفييت وقفه عقبة امام اي تغيير او مواقف جديدة يتطلبها الموقف الصعب فتزايدت رغبة الفاق في القواعد للتخلص من هذا المازق الذي لا يدرك عبد الكريم قاسم خطورته القادمة على الشعب والوطن خاصة بعد محاولة اغتياله والعفو عن المنفذين مما يعني ناقوس الخطر على الثورة قد دق دون ان تتخذ قيادة الحزب الانتهازية اي اجراء استباقي سواء بحركة عسكريه شعبية او خطة عسكرية رادعة في حالة تنفيذ اي مؤامرة وبقي رفاق الحزب في حالة ترقب بانتظار حصول الكارثة ! ان قيادة المكتب السياسي ( كتلة الاربعة ) لم تسترشد بالمبادىء الماركسية اللينينية في الثورة واقتناص الفرصة السانحة بل استرشدت براي ( الرفاق والعلماء السوفييت ) واعتبرتها اوامر لا تناقش . هكذا نرى كيف لعب السوفييت بمقدرات شعبنا وتحطيم قدرته الثورية مما خلق لدى الرفاق عسكريين ومدنيين شعورا بالاحباط والتراخي والاستلام وكانها ( القدرية ) وتلك عوامل تقصي الروح الثورية . وكان من المفترض القيام بحركة عسكريه تساندها جماهير الحزوب بالتظاهرات والاعتصامات العمالية والطلابية لكن من اين ياتي ذلك والتربية تحريفية مائة بالمائة وكل من يتهم تلك التحريفية يتهم بانه صيني او متطرف وتشرن عليه حملة لا اخلاقية .
وفي خضم هذه الاجواء الملتبسه حدثت الكارثة بانقلاب 8 شباط 1963 الفاشي المنتظر والمتوقع من قبل الحزب الشيوعي العراقي . وما ان اذيع بيان الانقلاب الذي نفذه القوميون والبعثيون الا وخرجت الجماهير في كل مكان تقاوم الانقلابيين ووزعت بيانات الحزب الداعية لمقاومة الانقلابيين لكن كيف تجري المقاومة والشعب اعزل من السلاح . فتجمعت الجماهير الغاضبة امام وزارة الدفاع تطالب عبد الكريم قاسم بالسلاح للقضاء على المتامرين بهتافاتها ( باسم العامل والفلاح يا كريم اعطينا سلاح ) فرد عليهم قاسم بزهو وغرور : ما عليكم سنقضي عليهم ! حصل هذا في وقت لم تصل قوات المتامرين بعد الى مبنى وزارة الدفاع ثم خرج الزعيم بجولة في بغداد الرصافة وبمعيته رفاق ضباط شيوعيون فتلقفته جماهير اخرى تطالبه ايضا بالسلاح فيرد عليهم ردا لا يقيم وزنا لحجم الكارثة والمسؤولية تجاهها على الرغم من يقينه بان المتامرين هم الذين اطلق سراحهم قبل شهر واحد فقط ومنحهم مواقع عسكريه هامة في معسكر الرشيد والقوة الجوية ؟ هل لانه يتذكر هتاف هذه الجماهير في مسيرة 1 ايار وهي تصرخ ( سبع ملايين تريد .. الحزب الشيوعي بالحكم ) وان هذه الاصوات ما زالت ترن في اذنه وبان السلاح قد يتحول اداة للخلاص منه فكان في باله الموازنه والمقارنه ودفع غروره وكبيرياؤه انه قادر على سحق هذا الانقلاب بسحر ساحر . وفي ما هو بين تردده وحيرته وصلت القوات المتامرة بدباباتها وهي تحمل صورته لخداع الجماهير المحيطة بوزارة الدفاع فسمح لها باتخاذ مواقع واطلقت النار فورا على الجماهير المحتشدة فادركت الجماهير انها دبابات المتامرين فهجمت عليها وهي عزلاء من السلاح وانقضت على المتامرين في دباباتهم في مشهد رهيب يحفظه تاريخ العراق ، وتمكنت من تحطيم مدفع دبابه بايديها وقتل اثنين من الضباط المتامرين . وادى ذلك الى سقوط ضحايا كثيرة من رجال ونساء ثم جاء القصف الجوي لوزارة الدفاع من قبل الونداوي وحردان التكريتي فارتفعت اعداد الصحايا بين الجماهير التي لم تغادر ساحة المعركة غير المتوازنه الا بعد ان ياست من القيام بفعل ما فانسحبت لتقاوم من داخل منازل وسطوح شارع الجمهرية والكفاح . وكانت قيادة الحزب الثورية بعد تجميد كتلة الاربعة في مقدمة المقاومين . وما حصل في الكاظمية من مقاومة كان تصرفا ثوريا ذكيا بقيادة الرفيقين الضابطين خزعل علي السعدي وسعيد متروك حيث هاجما مراكز الشرطة واحتلا اهمها واستحوذا على السلاح . كذلك هي مدينة الثورة القلعة الاخرى للحزب وفي عكد الاكراد والكريمات فيما بقي عبد الكريم قاسم ورفاقه الذين لم يغادروه في وزارة الدفاع لحين نفاذ ذخيرتهم .
ان عبد الكريم قاسم بعد ياسه من نفاذه من قبل من كان يعتقد انه ينقذه من قوات عسكريه مفترضه وبعد نفاذ عتاد المدافعين عن بناية وزارة الدفاع واستشهاد او هرب الجنود بقي قاسم مع رفاقه في قاعة الشعب يفاوض المتامرين الذين جعلوا من الاذاعة مقرا لهم ووعدوه بتسفيره الى الخارج وهكذا استسلم مع رفاقه الثلاثة وتم نقلهم على متن دبابتين الى بناية الاذاعة ، وكان قاسم باحسن قيافة عسكرية وثقة بالنفس بان ياتيه منقذ في اللحظة الاخيرة وهذا التفكير متات من الشعبية الكبيرة التي كسبها وغدر بها عندما رفض تسليح الجماهير .
كان قاسم في لحظة المواجهة مع المتاميرين عبد السلام عارف وعلي صالح السعدي ورهطهم شديد الثقة بالنفس ولم يوجهوا له اي تهمة منطقية ذات حجة انما تخرصات قومية بذيئة من قبيل : انت شعوبي .. انت ضد الوحدة .. انت اعدمت الطبقجلي ورفعت وتناسوا ان هذين قاما بفعل عسكري تامري يستهدفه فكيف لا يدافع عن نفسه فهذه بديهية وقد احالهم الى محكمة حكمت عليهم طبقا لاعترافاتهم . ثم تكلم عبد الكريم قاسم مخاطبا الانقلابيين : انتم وعدتموني بالتسفير الى الخارج ، وكان يعتقد ان لدى هؤلاء شرف الكلمة ولا يعلم انهم جاءوا لتنفيذ امر مخابراتي امريكي بقتله لذلك طالب هذه المرة باحالته الى محكمة لكن الانقلابيين كانوا على عجاله من امرهم لتنفيذ امر من جاء بهم الى السلطة وفعلا قرروا خلال دقائق قتله ورفاقه في غرفة الاستديو وتم نقلهم بصورة تنم عن الخوف منهم وهم جثث بين ايديهم واظهروهم على شاشة التلفاز ليقطعوا الطريق على من يحاول التحرك لانقاذ الزعيم من ضباط غير موالين لهم .
وعلى صعيد الشارع بدأ القتل والذبح على الهوية من قبل الحرس القومي الذي قطع الشوارع العامة بنقاط التفتيش وتمت مداهمة المنازل المقاومة واعتقل الرفيق سكرتير الحزب سلام عادل وكوادر ورفاق كثيرين بينهم عدد من الرفيقات وتم استخدام شتى اساليب التعذيب مع الرفيق السكرتير فصمد صمودا اسطوريا وهو يعذب على مراحل بقلع الاظافر ثم قطع الكفين واستئصال عضلات الذراعين والساقين وسمل العينين وثقب الاذنين والخ . وتوالت حملات الاعتقال والتعذيب والتعذيب ولم تسلم منها النساء والاطفال اما موقف السوفييت فهم قد تباكوا على عبد الكريم قاسم ولم يحزنوا كثيرا على رفاقهم فاقاموا اذاعة صوت الشعب العراقي لتذيع بيانات تطمئن الناس وتواسيهم وتدعوهم الى ضرورة الصبر والعمل لاعادة بناء الحزب من جديد . لم يعبر السوفييت عن اي احتجاج على حكومة انقلاب 8 شباط او يدعو حلفائهم من البرجوازيات الحاكمة في حركة عدم الانحياز لتستنكر حمامات الدم في العراق بل ان كثيرا من هذه الدول هنات الانقلابيين بالانتصار على عبد الكريم قاسم . لقد كان الهدف من الثورة المضادة هو قتل قائد ثورة تموز وتصفية الشيوعيين . وقد تفاخر علي صالح السعدي بقوله الماثور ( جئنا بقطار اميركي ) والغاية طبعا تصفية اكبر حزب شيوعي في الشرق الاوسط .
لم تمض سوى بضعة شهور حتى جاء الرد السريع من رفاق عسكريين من ضباط الصف الجنود جاءت حركة 3 تموز 1963 الثورية الجريئة رغم كل الجراح والماسي بقيادة الشهيد البطل النائب عريف حسن سريع ورفاقه حيث احتلوا معسكر الرشيد واعتقلوا ثلاثة من وزراء الحكومة البعثية وكادت الحركة ان تكلل بالنصر لولا خطأ في التكتيك اذ كان هدفهم اطلاق سراح الضباط الكبار والطيارين المعتقلين في سجن رقم واحد داخل المعسكر الا انهم فوجئوا بقوة المدافعين وهم في وضع تسليحي غير كاف ولم يتلقوا الدعم من القيادة المتواجدة في الميدان مما ادي الى فشل الحركة لكنها هزت اركان الاعداء ليس البعث وحده بل القوى الامبريالية باكملها .. فماذا لو كان الضباط الشيوعيون تصرفوا بروح ثورية ؟ انهم حتما سيقلبون الموازنة لكنهم استسلموا لارادة التحريفية فاصابهم الخدر التحريفي . واعتبرت القيادة التحريفية هذه الهبة الثورية مغامرة يسارية متطرفة ، وهذا هو ديدنهم لانهخم لم يتصرفوا يوما كشيوعيين .
بعد انقلاب عبد السلام عارف ضد البعثيين في 18 تشرين الثاني 1963 ظهرت الى العيان فضائح البعث ومما جرى من قتل وتعذيب بحق المناضلين الشيوعيين وغير الشيوعيين من انصار السلام والديمقراطيين . ولقد فر البعثيون عن اعين الشعب بثياب النساء واختفوا في اماكن بعيدة عن مناطق سكناهم خاصة جماعة الحرس القومي سيء الصيت لحين هدأت الامور ثم تسابق قياديوهم باعترافات وبراءات من حزب البعث كما جرى لاحمد حسن البكر وغيره نشرت في الصحف المحلية . وقام عبد السلام عارف بتشكيل حكومة جديدة برئاسة عارف عبد الرزاق ذو الميول الناصرية وهو ضابط في السلاح الجوي . ولم تدم تلك الحكومة سوى وقت قصير اذ قام عبد الرزاق بانقلاب عسكري فاشل ضد عبد السلام عارف ثم هرب وجماعته الى القاهرة .
في هذه الاونة كان حزبنا مثخنا بالجراح ويسعى لاعادة بناء تنظيماته في ضوء التجربة المريرة التي عاشها بانقلاب 8 شباط وفقدان قيادته الثوريه وكوادره المناضلين وامتلاء المعتقلات باعداد غفيرة من الرفاق . وان ما حصل في 18 تشرين الثاني هو خلافات عائلية بين انقلابي شباط ولم يتغير من الامر شيئا . وقد طلب السوفيت وساطة عبد الناصر لان يقوم عبد السلام عارف بتاجيل تنفيذ حكم الاعدام الصادر بحق 14 رفيقا لكن عارف استهان بالسوفييت ونفذ الاحكام . ولم تبد التحريفية السوفيتية اي تاثر من ذلك بل ان عارف قام بزيارة الى موسكو بعد عودته من زيارته الى القاهرة حيث تم الاتفاق على توجه ناصر وعارف الى الاتحاد السوفيتي وهذا ما كانت تتمناه التحريفية العالمية في تجميل الوجه القبيح للمشير ونظامه كي تعدل عن قرارها التفوي بحق شيوعيي العراق وجعلهم تحت رحمة المشير وامثاله . وهذا ما اتضح من خلال بيان اب الصادر من القيادة المجمدة من قبل الرفيق سلام عادل والمقيمة انذاك في الخارج والمعنية من قبل السوفييت حيث تحظىء برضاهم وتدربت عندهم على اساليب التحريف للمبادىء الماركسية اللينينة لا سيما مقولة التطور اللا راسمالي ودعم البرجوازيه المحلية والسير وراءها حتى وان كانت تبطش بالشيوعيين .
جاء بيان اب 1964 لتحقيق غرض تصفوي اذ جعل من حكومة عبد السلام عارف وطاهر يحيى حكومة وطنية واشتراكيه يستوجب اسنادها وايقاف النضال لاسقاطها كون هذه الحكومة اممت شركات خاصة لا تتعدى عدد الاصابع مسايرة لنهج عبد الناصر والاعلا ن بانهما في صف واحد في الممارسة والسلوك والتوجه القومي . وهذا يعنى ان عارف يتهيأ للسير في ركاب عبد الناصر الذي مر بمراحل عدة تمثلت بالمنظمات الفوقية كالاتحاد القومي ، مرة ، والجهاز الوحدوي ، مرة اخرى ، وبعيدا عن اي نفس ديمقراطي بل كانت دكتاتورية مطلقة واجهزة امن باطشة اذ زج عبد الناصر بالشيوعيين المصريين بالمعتقلات الجماعية والانفرادية واستخدم ضدهم كل اساليب التعذيب الجسدي والنفسي وفقد الكثير منهم حياته تحت التعذيب لا لشيء فقط لكونهم وطنيون حقيقيون . وبعد ما اخترع عبد الناصر الاتحاد الاشتراكي طلب من الشيوعيين حل حزبهم والانضمام الى هذا الاتحاد وكان هذا المطلب سوفيتيا كذلك مما دفع الشيوعيين للرفض واختيار السجون للخلاص من هذا العذاب .
لقد اتفقت القيادة التحريفية ( المجمدة ) مع السوفييت على حل الحزب داخل اتحاد عارف الاشتراكي ومن لم يوافق ينتظره السجن كما حصل في مصر وهكذا بادر عبد السلام عارف للاعلان عن تاسيس الاتحاد الاشتراكي في العراق لكنه لم يطلب من الشيوعيين الانضمام اليه بل تلك هذا الامر لقيادة الحزب ك الانتهازية الخائنة للمبادىء والمدعومة من الرفاق السوفييت وقد احدث بيان اب هزة عنيفة بين رفقا الحزب الذين ما يزال معظمهم في المعتقلات فمنهم من استقال ومنهم من انهار واعترف ليطلق سراحه لكن اكثرية الرفاق صمدوا وقاوموا هذا النهج المدمر من داخل السجن . اما في خارج السجن فقد اعلنت الكثير من المنظمات تحفظها وعدم اعترافها بخط اب التصفوي فادركت السلطة حرج التحريفيين السوفييت والمحليين فعمدت الى تخفيف الضغط على الشيوعيين واطلاق سراح اعداد منهم وسمحت بصورة غير رسمية لعمل النقابات والمنظمات المهنية كي يستحوذ عليها الاتحاد الاشتراكي لاحقا لكنه لم يتمكن وبقي هذا الاتحاد هزيلا وكسيحا لانه تابع لللسلطة القمعية العسكرية واضحى الاعلام السوفيتي يهلل ويطبل الاشتراكية طاهر يحيى ونظامه الوطني(‍‍1‍‍‍ ) الذي تلقى دعما اقتصاديا وتسليحيا هكذا دون وخزة ضمير من هؤلاء الرفاق تجاه محنة الشعب العراقي حيث دماء الشهداء والضحايا لم تجف بعد وكانت هذه الطغمة العسكرية ركنا اساسيا في تنفيذ انقلاب 8 شباط الدموي . وفي هذه الاجواء حاولت التحريفية المحلية تنفيذ قرار حل منظمة ديالى ودمجها بالاتحاد الاشتراكي الا ان المحاولة فشلت حين رفض الرفاق تنفيذ ذلك .
لقد واجه خط اب التصفوي معارضة قوية من قواعد الحزب اضطر القيادة التحريفية الى التراجع المؤقت عنه لحين ترتيب وضع تنظيمي يساعدها على الاستمرار في هذا الخط وهو ما جرى فعلا بدعم من الرفاق والعلماء السوفييت واستغلالا لحالة تصدع التنظيم اثر انقلاب 8 شباط وفقدان الكثر من الرفاق صلتهم بالحزب . غير ان الرافضين لهذا النهج التصفوي بدءوا العمل الجدي ضده مستفيدين من الفسحة التي سمح بها النظام العارفي للعمل السياسي بشكل غير رسمي كما مر بنا فقاموا باصدار تقييم لسياسة الحزب وتوزيعه على التنظيمات وكان تحليلا يساريا يستنهض همم الرفاق في الكفاح لاستلام السلطة . وبالمقابل وزع التحريفيون تقييما يمينيا يدعون فيه الى سياسة التطور اللا راسمالي والتعايش السلمي وتطور البرجوازيه نحو الاشتراكية وما الى ذلك من تخريجات تخدم الخط التحريفي العالمي وتنصل عن الماركسية اللينينية ولقد ايدت المنظمات العمالية والطلابية وكثير من المنظمات المحلية ومنطقة بغداد وتنظيم الخارج تاييدا قويا التقييم اليساري فكان استفتاء حقيقيا من مع الخط الثوري ومن مع التبعية للسوفييت وخونة المبادىء والطبقة العاملة وخدم البرجوازيه طوعا.
تكللت النقاشات الرفاقية حول التقييم اليساري لسياسة الحزب بانضاجه وبلورة التوجيه العام الجديد الذي جاءت صياغته في بيان 17 ايلول 1967 ثم في البيان الاول للكادر المتقدم والبيان الثاني للقيادة المؤقته يدعوان العملية تطهير الحزب من الشرذمه التحريفية المسؤولة عن كل الانتكاسات . واكد بيان القيادة المؤقته انه من اجل ان يكون الكل في الاتجاه الصحيح نقترح تشكيل لجنة حزبية من الطرفين لتهيأ لمؤتمر عاجل تطرح فيه كل الامور للبحث لانجاح عملية اصلاح الحزب من الداخل الا ان هذا المقترح رفض من قبل الزمرة التحريفية ومن معها من مرتزقة ووصوليين .
لقد ادى البيان الاول والثاني الصادرين عنن القيادة المركزية الى فرح غامر بين صفوف رفاق وجماهير الحزب بالخط الجديد الصائب والتخلص والى الابد من الوثنية التحريفية وركز البيانان على المبادىء التالية :
1- في الوقت الذي نحترم الحزب الشيوعي السوفيتي باعتبار حزب لينين وصاحب التاريخ المجيد وصانع الثورة البلشفية الا اننا نختلف معه في التحليل حول قضايا تخص حياة حزبنا الداخلية واحوال نضال شعبنا وطبقته العاملة واستلامها السلطة وعليه فنحن لنا راينا مثلما هو رايه ولكن لا يفرض احد علينا رايا كائن من كان فنحن اصحاب القرار الوطني والطبقي .
2- استعمال كافة اشكال النضال ضد السلطة بما فيها العنف الثوري لمواجهة العنف الرجعي ورفع راية الكفاح المسلح ونحن نسير على النهج المستلهم للخط الفيتنامي وتاييد الخط الجيفاري .
3- اجراء انتخابات دورية لقيادة المنظمات بحرية كاملة وعقد كونفرنس للحزب كل سنتين وحسب تطور الاحداث.
4- تاييد الحركات الثورية في العالم المناهضة للامبريالية والتضامن معها والتنسيق لخلق ظروف ثورية عالمية معادية لتيارات التحريفية اليمينية وبالتالي محاصرة الامبريالية العالمية في كل مكان .
5- اشارة الموقع المهم للقضية الفلسطينية في نهج القيادة المركزية التي اصدرت لاحقا وثيقة حولها تختلف كليا عن مواقف الاحزاب الشيوعية العربية باستثناء السوداني حيث ابدت تاييدا كاملا حق الشعب الفلسطيني بالعودة الى ارضه واقامة دولته الوطنية الفلسطينية على كامل ترابه الوطني بالمشاركة مع يهود المنطقة وتسفير من جاء اليها مهاجرا مغتصبا الى بلدانهم والوقوف مع الشعب الفلسطيني باتباع كافة اساليب النضال من اجل استعادة ارضه بما فيها الكفاح المسلح والعمل الفدائي . ودعا الجماهير الى التطوع في صفوف المقاومة الفلسطينية وارسلت القيادة المركزية الكثر من الرفاق للعمل في صفوف المقاومة الفلسطينية .
6- رفضت التحليلات التحريفية بخصوص الصراع مع الامبريالية العالمية والصراع الصيني السوفيتي :
بالنسبة للصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية يجب التزام المناضلين الثوريين بالنهج الماركسي اللينيني حيث رات القيادة المركزية ان ليس هناك ( حزب اب ) و ( حزب ام ) فكل الاحزاب متساوية في ابداء الراي والتصويت والتضامن الاممي لا يعني تبعية الحزب الصغير للحزب الكبير كما يحصل في وقتها بل تباحث الرفاق في ما يحتاجه كل حزب لدعم استلامه للسلطة والموقف المطلوب تجاه السلطات المعادية للشيوعيين . اما بخصوص الخلاف السوفيتي الصيني فاشار البيان الى الوقوف على الحياد واقترح تشكيل لجنة لدراسة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين .
هذه النقاط المبدئية دفعت الزمرة اليمينية وبتحريض من التحريفية العالمية لاثارة زوبعة من الاكاذيب حول الرفاق الذين قاموا بعملية التطهير وجرى التشهير باسمائهم لتصل الى السلطة العارفية ومن بعدها الى السلطة البعثية كي تحدد مهماتهم الحزبية جيدا واماكن تواجدهم . وشن السوفييت اكبر هجوم على القيادة المركزية في جميع وسائل الاعلام لكن القيادة المركزية نفذت فورا ما تعهدت به خاصة في الشان الداخلي الحزبي حيث عقدت اجتماعات للمنظمات ليتحدد بكل حرية موقف الرفاق من عملية التطهير وانتخاب اللجان والهيئات الحزبية القيادية . وقد نالت عملية التطهير تاييد غالبية اعضاء الحزب ومن لم يوافق كان له الخيار بمغادرة منظمته بكل حرية . والعملية الثانية في سياسة القيادة المركزيه امتدت الى الشارع حيث خولت المنظمات الحزبية بانشاء فرقة صدامية او اكثر لردع الذين يتجاوزون على الرفاق او اهاليهم من ازلام السلطة او القوى الرجعية فصار عنصر الامن او الشرطة يخشى المناضل الشيوعي حتى جرى توزيع البيانات او كتابة الشعارات المناوئة للسلطة على الجدران امام انظار افراد النجدة والامن فقد كان الرفاق مطمائنين ان لديهم حماية كافية . وحين حدثت في البداية بعض التحرشات الامنية كان الرد سريعا وقاسيا . كذلك تم انشاء خط صدامي عام له مهمات ستراتيجية .
كانت حصيلة هذا النهج الثوري فتح باب التطوع للكفاح المسلح في الجنوب والشمال وان كان قرارا متسرعا في وقفة الا انه جاء تلبية الالحاح الجماهير التي سامت الانتظار والانتكاسات والخذلان التي عرضتهم لها القيادات اليمينة . كما ودفع هذا النهج الثوري يسار الحركات البرجوازيه الصغيرة الى الالتفاف حول القيادة المركزية والتنسيق معها والسير تحت رايتها حتى ان كثيرا من اعضاء تلك التنظيمات طلبوا اللحاق بالكفاح المسلح في الجنوب وقسم منهم حلوا منظماتهم وانخرطوا بالقيادة المركزية . وهذه التنظيمات هي اليسار القومي والبعث اليساري وتم التحالف بين القيادة المركزية وهذين التنظيمين في كل الجبهات النضالية المطلبية كانتخابات العمال والطلبة والنقابات المهنية . من جهة اخرى التف اليمين في تحالف فخري مع البعث ( البكر - صدام ) واليمين القومي .
لقد سمحت السلطة العارفية لبعض النشاط السياسي العلني لمقاصد معروفة لكن الدوائر المخابراتية للامبريالية كانت تراقب الموقف عن كثب لان الشارع كله يصرخ بسقوط الحكومة العسكرية بتظاهرات محمية تهتف ( كل الشبيبة تنادي .. باسقاط الحكم العسكري) وهذا ما يجري تحت سمع وبصر السلطة العارفية التي سمحت باجراء انتخابات طلابية ففاز اتحاد الطلبة العام المنحاز للقيادة المركزية والمؤيد من قبل قوائم مشتركة من اليسار . وفازت قائمة الاتحاد بنسبة 85 بالمائة رغم محاولة صدام وزمر الشقاوات الضغط والاعتداء على الطلبة في كلية الزراعة والتربية وغيرها وتهديدهم واجبارهم على انتخاب تجمعهم اليميني العفن لكن الوضع الثوري افشل محاولتهم حتى تصدى لهم رفاق الحماية المسلحة فلقنوهم درسا جعلهم يهربون . وجرت الانتخابات بكل حرية الا ان الحكومة لم تعترف بنتائجها على اساس انها جرت في الفصل الثاني من السنة الدراسية . وتمت اعادة الانتخابات في النصف الاول من السنة التالية وكانت النتيجة 92 بالمائة فاز بها اتحاد الطلبة العام فخاب ضن الحكومة واليمين بكل اشكاله كذلك كان الحال في انتخابات المنظمات المهنية الاخرى رغم ما جرى من محاولات التزوير الا ان اليسار عموما كان هو الفائز . وجراء هذه التحرك الجماهيري والمد الثوري قررت الدوائر الاستخبارية الغربية التدخل لايقاف هذ المد قبل ان يستفحل ويثب لاستلام السلطة في العراق الذي لديه كل الاسباب لان يكون مركز اهتمام الامبريالية العالمية .
هيئات الدوائر الغربية لحركة ضباط عملاء مع حزب البعث ليتسلموا السلطة بشكل سلمي ودون اطلاق رصاصة واحدة فسموها ( الثورة البيضاء ) لقد جرى في 17 تموز 1968 عملية تسليم واستلام جاءت مغايرة هذه المرة لصيغة انقلاب شباط 1963 الدموي . وبعد ايام معدودة انفرج البعث بالسلطة ومن اجل ان يكسر عزلته السياسية والشعبية دعا الى صيغة من التحالفات والبناء المشترك لاشتراكية مزعومة في العراق . وارسل صدام رساله الى القيادة المركزية يطلب فيها الحوار فلم تجب القيادة عليها وبعث برسالة اخرى يطلب التعاون والتحالف معها ويفضلها على اللجنة المركزية ، وهنا طلبت القيادة راي كوادر وقواعد الحزب فجاء الرد سريعا وواضحا .. لا والف لا ! لالقاء مع الفاشست القدامى الجدد مهما تحايلوا . وردت القيادة المركزيه عارضة موقف الحزب في بيان جماهيري قيم التغيير الجديد مشيرة الى ان تسلم السلطة من قبل هذه الزمرة ما هو الا بداية لعملية تصفية اليسار الثوري في المنطقة الملتهبة ( العراق ) . وظلت القيادة المركزيه سائرة على خطها الثوري بتصفية الخونة ورموز النظام الامنيين . وقد طلب رفاق الجنوب ورفاق الشمال من القيادة انذاك ( عزيز الحاج ) الالتحاق باحدى القاعدتين الا انه تغاضى عن الامر وبقي في بغداد فتم القاء القبض عليه وعلى عدد من قيادي الحزب وأدلوا باعترافات فكانت مواقفهم مخزية وغير مشرفة على العكس من مواقف مناضلي الخط الثاني فكلها صمود وتضحية . وكانت( اللجنة المركزية ) قد لعبت دورا قذرا في اعتقال رفاقنا او الكشف عن احتمال تواجدهم في مناطق معينة . وهكذا التقت المصالح الراسمالية مع مصالح التحريفية في تصفية الحركة الثورية .
لقد شكل صدام حسين لجنة تحقيقية برئاسته وعضوية كل من حسن المطيري وناظم كزار وعبد الكريم الشيخلي ومقرها في قصر النهاية وقد استخدمت ابشع انواع التعذيب ضد الشيوعيين وحلفائهم وكثير منهم تم تذويبه في المواد الكيمياوية . وعلى مدى سنتين لم يستسلم الرفاق وظلوا يقاومون ويقدمون التضحيات ويقتلون رموز السلطة من خلال هجماتت على تجمعاتهم او على مراكز الشرطة . كذلك حصلت معارك وحصار في الشمال في المنطقة الكردية مع جماعة الملا مصطفى البارزاني تارة او مع القوات الحكومية تاره اخرى الى ان استلم ( نجم ) قيادة التنظيم في الشمال ونصب نفسه سكرتيرا في ظرف استثنائي لا يسع المجال لذكره هنا الا انه لم يكن حريصا على التنظيم مما اتاح لعدد من الخونة ( اعترف عليهم خائن اخر ) ان يتبوأوا مواقع قيادية بمباركة من نجم الذي كذب الاخرين مما سهل لهؤلاء امكانية تشخيص الرفاق الذين يوفدون الى القاعدة والقادمين من الجنوب وبغداد والوسط ليتم اعتقالهم او قتلهم بكمائن تعد عند النزول من القاعدة الى مناطقهم وكان اثنان من الخونة هما المساعدين الايمن والايسر لنجم وهما على التوالي ابو جعفر ( خضر) وفاروق مصطفى . اما الخائن الثالث فهو المدعو سعد الحديثي ضابط امن المدسوس والذي التحق بنا من الحركة الاشتراكيه وكان هذا اخطرهم لانه كان يتحرك ذهابا وايابا بين القاعدة في الشمال وبغداد والجنوب فيعقب ذلك اعتقالات وكمائن هنا وهناك ونجح في تصفية رفاق قواعد الجنوب والفرات الاوسط . وفي هذه الاثناء ترك كثير من الرفاق العمل مؤقتا لشكهم بالخونة ونشاطاتهم وبداوا بتشكيل تنظيمي بعيدا عن نجم ومنهم من انشق عن نجم كتنظيم





#رديف_شاكر_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادانات لاترحم
- دفاعاً عن الحزب الشيوعي العراقي- القيادة المركزية
- بيان من المكتب العمالي المركزي الحزب الشيوعي العراقي القيادة ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - رديف شاكر الداغستاني - اللقاء غير المقدس بين الراسماليه والتحريفية