|
الخسارة أيضاً !..
عماد مجيد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1477 - 2006 / 3 / 2 - 09:54
المحور:
حقوق الانسان
أن لا تكون الأول أو على أقل تقدير في المقدمة ، مسألة غير مريحة ، حتى في مباراة بسيطة وإن كانت لعبة المحيبس . فكيف في لعب الكبار مثل الانتخابات التشريعية حيث لا يمكن للنتائج أن تكون : (أول مكرر). الخسارة في أي تنافس مسألة موضوعية . نعم لقد حدثت خروقات في الانتخابات ( والخروقات تعني : التزوير هنا وهناك ، والتهديدات ، بل وحتى كتائب عزائيل ، وأخذ صناديق الاقتراع تبياته ثم إعادتها في نهاية يوم الانتخاب حوامل تسعة شهور بما رزقها ربنا من بطاقات الانتخاب – مهر سيد..الخ) ويمكن الاستمرار في هذه السخرية طويلاً ولكن هذا يكفي لمقال صغير . كل هذا صحيح ويمكن إيجاد شهود محلفين عليه بل وحتى شهود زور ، فالأيدي الوسخة والعقول الوسخة والجيوب الوسخة موجودة في كل مكان . ولكن لم التهديدات، حتى بفزاعة الحرب الأهلية ( التي لم تندلع يوماً في العراق منذ االسلالة السومرية الأولى ) ، وبمقاطعة المجلس النيابي القادم ..؟ هذه المقاطعة التي لن يمارسها أحد .. ولم المبالغة بالمطالب ، من عيار إعادة الانتخابات ، وإلغاء نتائجها، رغم أن الأكثرية تعرف أن هذا من عاشر المستحيلات . ولن يـوافـق عليه الفائزون ولا الأمم المتحدة . وحدث أكثر ، حيث شككت بعض القوائم الانتخابية ، وخاصة الصغيرة منها ، بالنتائج قبل يوم الانتخاب ! وهناك قائمة حصلت أكثر بكثير من رصيدها الحقيقي ( الشعب لفظهم ) مع ذلك يتوعدون (!) بل حتى يطالبون ، ليس بتشكيل حكومة وحدة وطنية ، وإنما بتشكيل حكومة إنقاذ وطني أمدها ستة شهور ثم إعادة الانتخابات ( يا جماعة احمدوا الله أن الأيدي الوسخة قد حصلت لكم على مقعدين في البرلمان القادم ، فعملتكم تشبه نقود أهل الكهف .. ). الانتخابات ، كإحدى تجليات الديمقراطية ، تعني حكم الشعب على الكتل والاتجاهات السياسية . وقناعات الشعب تصنعها أمور كثيرة منها ممارسات هذه الكتل السياسية نفسها ( ومن ذلك ممارسات التاريخ الذي يسبق يوم الانتخاب) ولا تعدو الصناديق غير تعبير عن ضمائر الناس وقناعاتهم وإرادتهم . وهذه القناعات متحركة وتتغير باستمرار . وعلى الكتل السياسية أن تغير سلوكها وشخوصها وأسلوب حركتها وطريقة دعايتها الانتخابية . باختصار عليها أن تتقن هذا الفن المسمى انتخابات وتنتقل إلى الممارسات لحياة أخرى يقال لها الحياة الديمقراطية ، بكل ما فيها من حيثيات . كانت هذه الانتخابات أفضل بألف مرة من انتخابات البيعة ، والأمم المتحدة كانت شاهدة على نزاهة أغلبية الأماكن . ثم من قال أن النتائج كانت تزويرية ؟ فربما شعبنا لم يشفِ غليله، ويريد تصفية الحساب مع أمورٍ كثيرة ويعتقد أن آلاف المسائل يجب أن تجد طريقها إلى نهايتها ، وهو يقف في مفترق طرق ، ويخاف على مستقبله .. وبإرادته قرر أن يمنح الفوز لمن يعتقد أنه الأفضل ..على الأقل مرحلياً .. فبعد أربع سنوات ، لو تمت تصفية المسائل العالقة ، سيتمكن من حكم العراق حتى رجال مساكين وليس .. هل نحن في حالة وعي حضاري متقدمة ؟ حتى أن هناك مثقفين يطرحون مسألة ديمقراطية مقننة إلى أن تتضح الرؤيا ونميز بين الخيط الأبيض والأسود ! يقولون : كثيرون في حالة جهل وضلال وهذا لا يؤهلنا لممارسة ديمقراطية متطورة . لا نعرف مدى دقة رأي كهذا ، لأنه يشبه الوصاية على الناس . ولكن لم قناعة البعض أنهم سبفوزون ، وأن فوزهم أكيد ، وأنّ عدم فوزهم معناه أن الانتخابات قد زورت ؟! غريب !! صحيح ، أن خرق للانتخابات قد حدث هنا وهناك ، ولكن هذا لا يعني أن إرادة الشعب بكاملها قد زورت . نحن نعتقد ، من خلال مراقبتنا لكثير من مراكز الانتخابات ، أنها قد تمت في أغلبية الأماكن بشفافية وراعت حتى المعايير الدولية ، وليس فقط معايير العراق . ولكن الذي أساء إلى الانتخابات وإلى المفوضية هو استعجال قادة للمفوضية في إعلان نتائـج أولية ؛ هذا الأمر قد أساء إلى دقة عمل المفوضية وإلى اتزان أداءها على السواء ، وسبب في انفجار غضب وطني . وكان المفروض بكادر المفوضية أن يتريث كثيراً قبل الحديث عن أية نتائج . فالقضية قضية سلطة لمدة أربع سنوات قادمة ؛ كما أن هناك آلاف الأمور تنتظر الحل وفي مقدمتها البطالة والإرهاب والأمن وتشكل الدولة والبنية التحتية والعلاقة مع العالم ..الخ . ويضاف إلى ذلك الدعايات والإشاعات والاحتلال . بالمناسبة لم تطرح أية كتلة انتخابية مسألة جدولة انسحاب ، وكأن الاحتلال هو لبلد ثاني (!!) ولا حتى رواتب أعضاء الجمعية الوطنية وتقاعدهم الخرافيان وفـق المقاييس الوطنية . كما أن وجـود بعض الوجـوه من آل فرعون في بعض القوائم الانتخابية يرفضها شعبنا وتخيفه ؛ ريما يكون هذا سبب مباشر في الهروب من انتخابها . إن الخسارة نتيجة ديمقراطية كذلك ، وهذا ما على الخاسرين اليوم، والفائزين اليوم، أن يوطنوا النفس عليه، لأن شعبنا هو من أرادها اليوم أو سيريدها في المرات القادمة بشكل مغاير تماماً، وعبر صناديق الاقتراع بالذات .
#عماد_مجيد_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقارنة بين المجتمع الاهلي والمجتمع المدني
المزيد.....
-
اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان
...
-
اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط
...
-
الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس
...
-
يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين
...
-
اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق
...
-
ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع
...
-
شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
-
اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
-
طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
-
عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|