أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن أحراث - الى أمي قبل أن ترحل...














المزيد.....

الى أمي قبل أن ترحل...


حسن أحراث

الحوار المتمدن-العدد: 5746 - 2018 / 1 / 3 - 04:27
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لست أدري في ظل إجرام النظام، من سيرحل أولا، أنا أم أنت...

بمناسبة ذكرى انتفاضة يناير 1984 الخالدة، واعترافا بتضحيات أمهات المعتقلين السياسيين وعائلاتهم ووقوفهن المشرف الى جانب أبنائهن بالأمس واليوم، أقدم شهادة بسيطة في حق أمي (قبل رحيلها)، كواحدة من أمهات مجموعة مراكش 1984 اللواتي عانت إجرام النظام القائم بالمغرب وزبانيته وتخاذل "الأصدقاء" و"الرفاق"...
إنها تلك الأم العظيمة التي استماتت في احتضاني والتشبث بي صغيرا وكبيرا. تلك الأم التي تكبدت ما لا يحصى من الشقاء والبؤس من أجل أن تكون بجانبي وأن أكون بجانبها، منذ الستينات الى الثمانينات، وحتى الآن. كنت بالنسبة اليها الفارس المنقذ... الابن البطل... كنت أملها ومستقبلها...
فقدت صوابها في الصبيحة الباكرة من يوم الاثنين 27 فبراير 1984، يوم اعتقالي... وجنت يوم سمعت 15 سنة سجنا نافذا في حق ابنها/حلمها.
ثم عادت قوية رغما عنها، لتغرق في إجرام النظام. انتقلت من حي الى آخر، ومن مدينة الى أخرى، ومن سجن الى آخر... تحملت الإهانة والتعب من أجلي. تكبدت العناء لأحيا ورفاقي...
كنت حلمها وأملها في الحياة... كانت تفتخر بي.. كانت تقول لأفراد العائلة والجيران وباعتزاز "الحسن فالمدرسة العليا" (تقصد المدرسة العليا للأساتذة).
نعم الأم، الأم الحنون، القلب الكبير بطبيعته وعفويته وصدقه...
كم شرفتني أمام أصدقائي ورفاقي.. كم منحتني من حب وأمل وحياة... كم أنقذت كبريائي وفضولي على حساب صحتها وراحتها وسعادتها...
وفي "النهاية"...
أذكر يوم زارتني بمستشفى ابن طفيل (سيفيل) في شهر مارس 1984، بعد انتهاء فترة التعذيب.
وقبل أن تزورني اشترطت عليها (كم كنت قاسيا!!) أن تكون قوية وألا تذرف ولو دمعة واحدة. وبالفعل، حضرت في الوقت المحدد، وبعيون "جافة"...
ولا أخفيكم، كم أذرفت من الدموع في دواخلها... لقد أحسست ذلك في حينه، وأذرفت الكثير من الدموع بدوري إشفاقا على حالها...
إنها أمي. كم كنت قاسيا...
تمنيت الآن لو بكينا معا وسبحنا معا في بحر الدموع الدافئة، دموع القوة والثورة...
وبدون شك، فدموعنا ودموع الشهداء والمعتقلين السياسيين والمضطهدين وأمهاتهم ستغرق، يوما آتيا لا ريب فيه، الجلادين وأسيادهم والتابعين، وستخنق أنفاسهم...
ولا أخفيكم، أكتب هذه السطور والدمع لا يفارق عيني... وكأنني أنتقم من نفسي...
أتذكر أمهات رفاقي في مجموعة مراكش 1984، تلك الأمهات الشامخات...
أتذكر أمي السعدية (توفت)، أم الشهيد الدريدي، أم المجموعة جميعا...
أتذكر أمي الباتول (توفت)، أم الشهيد بلهواري، أم المجموعة جميعا...
أتذكرهن الواحدة والأخرى...
أتذكر أم الفقيد/الشهيد محمد عباد (توفت)... أتذكر يوم حملتها سريا (وحدها تعلم) بالسجن المدني بمدينة اسفي سنة 1985 رسالة الى رفاقي خارج السجن...
أتذكر أم الرفيق جوهاري (توفت)، أمي فاطنة... المناضلة الصامتة...
أتذكر أم الرفيق نارداح (توفت) التي لم تعرف للراحة طعما، قبلا أو بعدا...
أتذكر كل الآباء، وكل العائلات الصامدات...
أتذكر كل الأمهات، الغائبات والحاضرات...
كم أمهاتنا جميلات...
كم أمهاتنا مناضلات...
لك أمي، هنية أيت امبارك، كل التحية والتقدير والاعتراف...
لك حبي الكبير... لك دمي وحياتي...
لقد خدمت قضيتي، قضية شعبي...
فأنت قضيتي، وقضيتي أنت...
إني أرثيك أمي في حياتك...
ولست أدري في ظل إجرام النظام، من سيرحل أولا، أنا أم أنت...



#حسن_أحراث (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 2018 لن تكون أحسن من 2017
- المحاكمة السياسية
- -المرحوم- بنكيران: هل سيذكر بخير؟!
- مسيرة 10 دجنبر 2017 بالرباط..
- ملهاة البهلوان الأمريكي ترامب
- مناضلان معتقلان
- شهيدات لم تدق جدار الخزان..!!
- الشهيد عبد اللطيف زروال: أي حضور الآن؟
- المناضل تهاني أمين
- جورج عبد الله..
- المضربون عن الطعام في سجون الذل والعار
- المعتقلون السياسيون السابقون: الغياب أم الحضور..!!
- آه من ألم الإضراب عن الطعام!!
- جيش التحرير المغربي: ذكرى -مثلث الموت-
- تكسير الأصنام السياسية
- الرفيق أمين: كل تضامني..
- ورشات التطبيع مع -الشيطان-!!
- بؤس المثقف ببلادنا: -لا حول ولا قوة لي-
- كيف كنا نقضي العيد داخل الزنزانة؟
- قراءة التاريخ جزء من مسؤولية المناضل


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن أحراث - الى أمي قبل أن ترحل...