أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن محمد - ضحك أفيش














المزيد.....

ضحك أفيش


محسن محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5742 - 2017 / 12 / 30 - 18:49
المحور: كتابات ساخرة
    


(ضحك .. أفيش)


الناس في بلدي لا يضحكون.. الضحك من منسياتهم.. حسناً، ما الذي يمكن أن يضحك في وطن يحتضر!.
اليوم ذهبتُ لأشتري فرّوج. البائع متجهم. أنا الآخر كنت متجهماً.
- ألديكَ فرّوج؟. أسأله بصوتٍ مبحوح.
- ما الذي تراه في هذه الأقفاص؟.
أجيبُ باستحياء:
- فراريج
- عال.. ولماذا تسألُ إذن.؟
أغمغمُ بكلمات لا معنى لها. يسألني:
- كم تريد وزنه؟.
آه. وزنه .. أحكُّ ذقني كما لو أنني أفكر. أخجل أن أطلبه صغيراً.. البائع لا ينتظر طويلا، ينحنى على القفص ويلتقط أول فروج تقع عليه يداه. يكتّفه من جناحيه ويقذف به إلى الميزان.. الملعون يخبّط بجناحية ويقوقئ.. البائع يزداد تجهّما.. يكتّفه جيدا هذه المرّة ويصرخ غاضبا:
- اندفس ولك حمار
يلتفتُ نحوي. ما يزال متجهما:
- وزنه كيلوان ونصف، هل أذبح.؟
أهزّ رأسي بإذعان. يستلُّ سكينه.. ينقض على الفروج وينحره ببسالة. يرتعش المسكين ويتدفق دمه حارا. أتراجعُ خطوتين إلى الخلف. أقف بعيدا كيلا تتسخ ثيابي وأتلبث انتظر. ولأنني مصاب بداء (كبر المعلاق) سألته:
- كم تربحون بالكيلو؟.
يلتفت نحوي بحدة.. السكين المخضبة بدماء فروجي القتيل ما تزال في يده.
- وماذا نربح يعني..! - انكمش على نفسي. يزفر زفرة طويلة ويضيف ـ قشور.. فقط عشرون ليرة
- قليل.. أي والله قليل.
اجتهدت أن أبدو متعاطفا . لا طاقة لي على مواجهة السكاكين . هو يكتفي بهزّ رأسه علامة الاستياء.
- طيب والتاجر؟.
- التاجر!؟. تفوو.. - كاد ان يصيبني ببصاقه - التاجر يا روحي يلهف البيضة وقشرتها.
- هِمْ هِمْ.. هذا يعني أن المربّي يخسر. - أحاول أن أبدو فهيماً
- لا.. لا يا أخونا. المربّي لا يخسر. يربح هو الآخر. أتريد تقطيعه.؟
- المربّي.؟
- الفروج يا أخي.. أتريد تقطيعه.؟
أهزُّ رأسي علامة الموافقة. يتابع كلامه وهو ينقّل بصره بيني وبين الفروج:
- والله يا.. ما اسمك.؟
أسارع إلى القول:
- محسوبكم سعيد..
- سعيد.!؟ - يهز رأسه ولأول مرة أراه يبتسم - المهم يا أخ سعيد، لا أحد متخوزق إلا المواطن.
قلت تأكيدا لكلامه:
- المواطن يا محترم آكل خراء على كل الموائد
يتوقف فجأة. تتمدد أساريرة. يضع السكين جانبا وتفترُّ شفتاه عن مشروع ابتسامة، وسرعان ما ينفجر بضحكة هادرة لا تنتهي. جسمه يهتز وكرشه يعلو ويهبط.. أنظرُ إليه بدهشة. هل قلت نكتة!. ويمضى يقهقه وكأنه يعوي.. يخبط على كرشه بكلتا يديه، ويدق الأرض بقدمه اليمنى وهو يردد بصوت يختنق بضحكته المتفجرة:
- قلت لي الموا..طن آكل.. خـرااااء على كل الموائد.. ها ها ها...
العدوى تنتقل إليَّ. مثل مجنون رحتُ أقهقه وأخبط الأرض بقدمي.. مثله تماما رحتُ أعوي.. الدمع يغشى أعيننا.. وفي كل مرة يردد فيها عبارتي المأثورة كان يمدّ يده باسطا راحته أمامي قائلا: (صُبّها).. فأخبط عليها بباطن كفي وأنا أقهقه، وبدوري أمدّ له راحتي وأقول: (صبّها).. فيخبط عليها هو الآخر. معتوهان حقا كنا .
وبعد ربع ساعة من الضحك العجيب كان علينا أن نتوقف، فقد تخدّر فكّانا.
ورحتُ أسائل نفسي بحيرة: "مالذي فجّر فينا كل هذا الجنون؟. وهل ما قلته يستدعي حقا هذا الضحك؟." . بعد شيء من التفكير تبدت لي الحقيقة عارية ، وأدركت أيُّ شعب بائس يحنُّ إلى أدميته المذبوحة بسكين لا تشبه سكين البائع نضحك دونما سبب كيلا ننسى أننا لم نتحوّل الى جماد أو حشرات..
ودّعتُ البائع كصديق، ومضيت إلى منزلي، وكم كانت خيبتي كبيرة عندما سألتني زوجتي:
- أين الفـــــــــــــــــــروج؟.



#محسن_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدراء المرأة في الاسلام
- المسلم فقط
- التحرش في مصر - الي أين
- تناثر افكار
- المرأة العربية : الي اين ؟


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن محمد - ضحك أفيش