العمارة الاسلامية تنوع في الخصائص ووحدة في المضمون

سناء ساسي

الحوار المتمدن-العدد: 5739 - 2017 / 12 / 26 - 15:03
المحور: الادب والفن
    

أعتبرت العمارة الإسلامية ثروة حضارية و قيمة فنية و إبداعية راسخة إلى اليوم و يبقى الإبداع في التصميم الخارجي و الزخرفة الداخلية من أهم خصائص الفن الإسلامي الذي إتسّم دائما بالوحدة و التنّوع و التطوّر.
و ترتبط العمارة الاسلامية بفكرتي الثابت و المتغير هذا ما جعلها تتميز بتعدّد الأنماط المعمارية والزخرفية التي سجلت تاريخها بنفسها مع احتفاظها بخصائص البنية العامة للنمط الاسلامي فيصبح بذلك النمط المعماري الاسلامي عملية ديناميكية مستمرة للإبداع و التطور لذلك يبقى شاهدا على تجذّر فن العمارة الإسلامية و عراقتها عبر التاريخ لما يحتويه من خصوصيات جمالية و زخرفية التي أشاع بريقها أينما ولت.
حملت العمارة الاسلامية العديد من القراءات و العديد من القيم و المبادئ المعمارية و الزخرفية لكل العصور و الفترات الزمنية التي مرّت بها فسجّلت تاريخها بنفسها وإستوعبت جميع الأنماط المعمارية والزخرفية ومعظم ضروب الفن التشكيلي و هضمها قدّمت لنا هويتنا الإسلامية المستقلة بذاتها .
إن التنوع المعماري أعطى إبداعا فنّيا يعبر في الحقيقة عن تجلّي المقدس وتسامي الدنيوي، فهذه الخصائص بمختلف أنماطها التشكيلية (المعمارية و الزخرفية ) أنشأ أسلوبا معماريا حدّد هويتنا المعمارية العربية الإسلامية .
فصياغة الخصائص المعمارية و الزخرفية في العمارة الاسلامية أنشأت صيغ جديدة ذات أبعاد جمالية لها خصائص جمالية ، فلسفية( التوحيد – الوحدة – الجمال – الإلتزام ) وخصائص تشكيلية (تكرار / تناظر / توازي / الملء و الفراغ / الإيقاع و اللون ) وخصائص دينية من حيث استعمال الرموز التي توحي بتسامي الخالق و قدسيته و وحدانيته.
كلّ هذه الخصائص أعطت للعمارة الاسلامية أبعادا جمالية بوظيفة رمزية و أبعادا فكرية بوظيفة معرفية و أبعادا تاريخية بوظيفة تسجيلية و توثيقية.
من هذا المنطلق يمكن أن نستخلص بأنّ العمارة الاسلامية بمختلف توجهاتها و مدارسها بمثابة همزة الوصل بين الماضي الحاضر الإسلامي الذي هضم كل الأنماط المعمارية و إستخلص كل القيم ومبادئ العمارة لكل الفترات الزمنية التي مرّت بها هذا التنوّع يشهد على عراقة فنّ العمارة و الزخرفة التي شهدت مظاهر التجديد لفنون العصور الإسلامية و أبرزت المستوى الإبداعي الذي وصلت إليه العمارة الاسلامية.
العمارة الاسلامية تتمتعت بنظرة شمولية مثلت مختلف جوانب الفن المعماري وتطوّره عبر العصور فيمثّل الشكل المعبّر عن شخصية مجتمعاتنا و عن هويتنا الثقافية و جعلت من شكله الفنّي مضمونا في فكريا في حدّ ذاته.
فالعمارة الاسلامية تعكس شرعية الدين الإسلامي في توحيد المضمون و تنوّع في أنماط أشكالها العمرانية ,إن هذه الأسس الثابتة و المتغيرة هي التي منحت الديمومة والاستمرارية للعمارة الاسلامية حتى وقتنا الحاضر هذا بالإضافة إلى أنها عكست إبداع عمارة تربط بين الماضي و الحاضر وصولا إلى المستقبل
هذا يعني أن الفنان المسلم تعامل بذكاء مع الثقافات المختلفة و إكتسب عدّة أنماط معمارية للمدارس التي سبقته فحاورها تعلّم منها و نهل من تراثها ومنها ما توارثها على مرّ السلالات الزمن وإستطاع أن يبلور شخصيته الفنّية و هوّيته الثقافية بأسلوب فنّي مميّز عكست نهضة
الفنّان المسلم و تطوّره المعماري الذي لا يزال شاهدا على إبداع و عظمة و عراقة العمارة الإسلامية.
و من هنا يمكن إعتبار العمارة الاسلامية حاضن محوري لمختلف الأنماط المعمارية و والزخرفية ما أعطى تنوعا في الأنماط الفنية وهذا التنوع أعطى تنوعا في الجمالية المعمارية ووحدة في المضمون التي كانت ميزته و خصوصيته .

#سناء_ساسي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات