أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بلال مزياني - الهروب من الصندوق














المزيد.....

الهروب من الصندوق


بلال مزياني

الحوار المتمدن-العدد: 5738 - 2017 / 12 / 25 - 19:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليس الهروب هروبا ماديا ، فالصندوق الذي يستدعي ذالك لا وجود له , بيد ان هناك صندوق أخطر - نسبيا - من ان يتم الاستقرار فيه , ذالك الذي قد نجد انفسنا فيه منذ نعومة اظافرنا معتنقين مذهبه ، مبادؤه وافكاره التي نعيش وفقا لها ، فهذا الصندوق هو الوجود بأكمله بالنسبة لنا ، فيه تعشش الحقيقة المطلقة ، وكل ما هو خارجه يعتبر وهم وخطير ، لذالك اي مسألة أو حدث يجب ان نتعامل معها وفق المعلومات ، الاستنتاجات والافكار التي نستقيها من الصندوق ، بمعنى اوضح نقوم بلي الحقائق لتناسب معتقده ، ونفهم العالم كما نريد .
فهل لديك الرغبة في البقاء هنا في الداخل ؟
هذا الصندوق هو منطقة الراحة الفكرية ، لانه يقدم لك الافكار التي تعتنقها بدون استنزاف طاقتك وجهدك في البحث والتفكير عن التفسير والاسباب والنتائج ، فهو بهذا يريح خلايا مخك من الارهاق الذي يصيب كل المفكرين اثناء بحثهم الجاد ، تريد ألما أقل ؟ - يسأل نيتشه ، ثم يجيب - إنكمش إذا وكن جزءا من القطيع ، وهذا ما نحرض على تجنبه في هذا المقال ، ايمانا منا على ان الصندوق الذي ينكمش فيه القطيع هو في الحقيقة موحش جدا ، مستنقع يقبع في قاع القاع مهما بدت مبادؤه جيدة ، لانه يكبل حريتك في التفكير ، بل الابشع من ذالك هو جعله اياك تعتقد انك تفكر وان الافكار التي تعتنقها وتتعصب لها - في بعض الاحيان - هي ثمرة تفكيرك العقلاني ، لذالك وقبل ان تدافع عن افكارك بهذه الشراسة - كما يقال - قم اولا بالقاء نظرة عليها من خارج الصندوق ، لكن قبل ذالك تذكر ان الضوء في الخارج قد يعمي بصرك في اللحظة الاولى التي تندفع فيها خارجا ، ما قد يقنعك بالرجوع للصندوق على الفور ، لذالك ينصح تسلق السلم بهدوء مستعدا لما ستراه ، لانه قد يقلب حياتك رأسا على عقب ، حيث ستدخل الى منطقة القلق الفكري ، القلق الذي سيزيل التعصب من عقلك ، باعتباره اسمى اشكال القلق التي يصيب الانسان ، فهو يعبر عن نضجك الفكري وتقبلك لمختلف الاراء بتسامح وحب ، وفي نفس الوقت يسمح لك بالشك في كل شيء ، واتباع الدليل الى اين يقودك ، و حتى مع افتراض انك خرجت من الصندوق ، يجب ان لا تهمل فكرة قراءة هكذا مقالات التي تحث على ترك ما تركته ، فقد يكون تركك شكلي ، لجوء الى صندوق اخر او مجرد خدعة من خدع الصندوق .

قد يحدث ان تسخر من خرافات المذاهب الاخرى - وهذا شائع جدا - في اللحظة التي يسخر فيها الاخر في مكان ما على خرافات تعتنقها انت ، بالنسبة لك هذه الامور التي تضحكه حقائق لا يمكن نقضها ، رغم انك في الواقع لم تتحقق من ذالك ، لان مفتاح الفهم تم دفنه مع اجدادك الذين اوجدو هذه الحقيقة ، اما في عقل صديقنا الاخر انت تؤمن بالخرافة والوهم ، وهو استنتج هذا بالعقل والمنطق كما فعلت انت بالضبط في تفحصك لمعتقده ، فنحن دائما نميل الى التفكير بعقلانية في معتقدات الاخرين ، متجاوزين المعتقدات التي نؤمن بها ، لانها وكما اسلفنا الذكر حقيقة مطلقة تم اثباتها قبل قرون ، ومن خلال ما سبق نستنتج ان ما تعتنقه انت وهو ليست حقائق مطلقة ، بل قد تكون مجرد خرافات .
او قد يتبادر الى ذهنك ان كل ما تعتنقه من افكار ومعتقدات قمت بالتفكير فيها بعقلانية و على اساس ذالك انت تتبناها كحقائق ، لكن هل سألت نفسك عن مدى جرأتك في الشك في معتقدك ؟ هل قمت بطرح اسئلة جريئة حوله وبحثت عن الاجوبة ؟ ، حسنا لتكون صريحا مع نفسك يجب عليك اولا ان تتسلق السلم وتخرج من الصندوق لتتفحص هذه الاسئلة ، ثم تبحث عن الاجوبة من هناك ، لانك في هذا الموقع ترى ما في الصندوق من سلبيات وايجابيات ، انت هنا متحرر من قيود الايمان للاعقلاني المتعصب ، بالاظافة لذالك تجد امامك مجموعة كبيرة من الافكار الممنوع عليك الاقتراب منها في الداخل ، انت حر تستطيع التفكير بعيدا عن اغلال الصندوق ، انت تصنع مفتاح الفهم خاصتك ، تنظر للاحداث من كل الزوايا فلا تكتفي بالزاوية الضيقة التي يفرضها عليك ذالك السجن ، من هنا تكون قد تخطيت اوجاع الاصفاد ، منتصرا على المصير الذي ارادوك ان تنغمس فيه .
و لا شك ان المعتقد الذي يرتكز عليه الصندوق مؤثر جدا ومضعض للمشاعر، وأساسه قوي على ان يتم هدمه بسهولة ، كما انه ليس بالضرورة معتقد سيء ، لكن أسوء ما فيه هو الخطوط الحمراء التي سطرها لعقلك لكي يمنعك من التفكير والانفتاح على المعتقدات الاخرى ، فمعتقدك بعظمته مجرد صنم بالنسبة للصندوق ، لذالك يجب عليك ان تحطمه بالتفكير المنطقي لاستجلاء وجه الحقيقة ، و بناءا على هذا يجب الحرص غلى ان يكون المنهج سليم لانه ضروري جدا في عملية التفكير ، لذالك يجب ان تتبنى المنهج الذي يقربك من الحقيقة اكثر ، لكن كن متيقنا ان هذا المنهج لن يفيدك بشيء داخل الاطار الذي يمنعك بالسؤال والتشكيك في المعتقدات التي تمثله ، بمعنى اخر حتى لو سمح لك هذا السجن بالتفكير العقلاني فانه يضع لك خطوط حمراء لا يجب تجاوزها ، لان تجاوزها قد يهدم الاساس الذي بني عليه الصندوق ، اما في الخارج يمكنك تجاوز الخطوط .. بل لا وجود لخطوط حمراء ، فمادمت انسان قادر على التفكير فمن حقك طرح السؤال والشك في كل شيء ، وبالتالي الاقتراب من الحقيقة اكثر ، وهذا ما يؤيده قول برتراند راسل : ان نفهم العالم الحقيقي كما هو وليس كما نريد له ان يكون هو بداية الحكمة .
ابحث عن نفسك بنفسك
ان تخرج من الصندوق معناه الدخول الى ذاتك ، لتسبر اغوارها العميقة ، لتكتشف مدى سعة ما تستطيع التفكير فيه ، نعم ايها الانسان ، إعرف نفسك بنفسك كما قال سقراط ، تخلص من وصاية رجال الدين والساسة ، وحتى المفكرين والفلاسفة ، لاتدعهم يكفرون نيابة عنك مهما كانو اذكياء ، انت ايضا لديك عقل وبالتالي انت الاخر ذكي ، لا تسمح لنفسك بالبقاء في ذالك الجحيم ، كن جريئا في التساؤل مهما كان غير مرغوب فيه وابحث عن الاجابة وراء الخطوط الحمراء ، و حتى في الاماكن الغير متوقعة .
اثبت وجودك ،
فأنت موجود لانك تفكر ،
فلا تتخلى عن حقك في التفكير .



#بلال_مزياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. سجال علاء مبارك ونشأت الديهي يشعل ضجة وساويرس وإعلامي ...
- إسرائيل.. فيديو ردة فعل نتنياهو على صوت خلفه خلال تفقد موقع ...
- السعودية.. الرقابة النووية والإشعاعية تعلق بعد استهداف منشأة ...
- هل يُشعل استهداف منشأة -فوردو- الإيرانية فتيل كارثة نووية؟
- المواجهة الإسرائيلية الإيرانية بالصوت والصورة من اللحظة الأو ...
- الجيش الإسرائيلي: 60 طائرة حربية نفذت غارات ليلية استهدفت عش ...
- هل يقترب العالم من لقاح يقضي على الإيدز بجرعة واحدة؟.. إعلان ...
- ما الذي حدث بالفعل؟.. نائب أمريكي يتهم سائقا بمحاولة دهسه حا ...
- تطورات المواجهة الإسرائيلية الإيرانية لحظة بلحظة - اليوم الث ...
- إسرائيل.. فيديو ما حدث على الهواء خلال تغطية CNN لأضرار ضربا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بلال مزياني - الهروب من الصندوق