أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الفتلاوي - الشعر وإشكالية السؤال














المزيد.....

الشعر وإشكالية السؤال


عادل الفتلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5735 - 2017 / 12 / 22 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


مثلما عقل الفيلسوف عقلٌ إشكالي، كذلك عقل الشاعر، وكما ان أهم أداة من أدواتِ الفيلسوفِ هو السؤال الفلسفي، كذلك إشكالية السؤال عند الشاعر، لكنّ الفارق بين السؤالين الإشكاليين هو ان السؤال الفلسفي يحاول نبش الركود الفكري وإزاحة الغبار عن مرايا العقلِ لإيضاح الحقيقة وجعلها أكثر صفاءً، وقد لا يجد احيانا- تبعا لعقلهِ الجدلي- شيئا صقيلا للانعكاس عليه.
أما الشاعر فيلقي سؤاله الشعري الذي يحملُ الإشكالية ذاتها في سديم أعماقهِ مغلفا إياه بكثير من مساحات التأويل سابحا في سماواتِ حزنهِ الأبدي غير عابئ بالإجابة وهي تتضائل أمام مكنونات نفسه المعقدة، فمهمة الشاعر صياغة سؤالهِ صياغة إشكالية بإطار شعري مغيرا جنسها من حالتها الواقعية إلى أفق الخيال بعكس الفيلسوف..
في نصّ نثري للشاعرة رؤى زهير واجهني سؤالها الذي حملني إلى تلك الإشكالية الذاتية بسؤال عن ال(ماذا بعد؟) وهو ما أثار عندي هذه السطور، فكان توجيه سؤالها إلى الذات أو إلى الآخر أو الذات كآخر، الآخر الذي أكلته الحرب. إذا كان التداعي لهذا النص بعيدا عن محاولة فذلكة الصور الشعرية والايغال في الإبهام، بل كان يشبهُ همسات موجعة أمام هيكل السؤال الذي تكرر مرتين مدخلا ذاتيا ثم رؤية شمولية إنسانية لبشاعة الحرب..
ففي المقطع الأول ابتدأت بثلاث صور لخصت فيها ركام الماضي بأحزانه وكبواتهِ(تدمع لآخر محطات الذاكرة/تبتسم لكل المرايا التي أكلت وجهك/ تشعل عودا من ثقاب عمرك) عفوية الانزياح في هذه الصور الجميلة من السهل الممتنع لم تكن بحاجة إلى تأويل، ثم العودة إلى لحظتها الحاضرة ووصف الحالة التي تمر بها بثلاث صور أيضا(يقهقه الليل/يرتبك المعنى/ شظايا الحروف تتبثر) وبعد هذه الثلاثيتين وعدم جدوى البحث عن إجابة تلجأ ما تجيده(تدفن قلبك في وسادة الأمس/ جاهشا كل أمنياتك المبتورة) ..
ثم تدخل في المقطع الثاني وهي تصف إنسان ما بعد الحرب وصفا يختصر الكثير بصياغة جميلة، برسالة مفادها أن النصر كان نتيجة ثمن باهض ما زال يجثم على الصدور ويضغط على الاصابع، رغم إنه بدأ(تعيد ترتيب المدى بعد صحو مداف برائحة البارود) وهي متشائمة من ان البيانو ما عاد ينسي الآخر نشيجه الوطني إذ ان(أصابعه ما زالت عالقة ..) إلى آخر المقطع الذي لا يخلو من سوداوية بعد أن رأت ان لا شيء ينسي ذلك ال(صدأ بلون الدم) على زناده..

......

وماذا بعد ؟
أن تدمع لأخر محطات الذاكرة
وتبتسم لكل المرايا التي أكلت وجهك يوما
تُشعل عودا من ثقاب عمرك
يقهقه الليل
يرتبك المعنى
شظايا الحروف تتبعثر بتروٍ
تدفن قلبك في وسادة الامس جاهشا كل أمنياته المبتورة..
وماذا بعد؟
ان تعيد ترتيب المدى
بعد صحوٍ مداف برائحة البارود
هناك
على بيانو الغبش
تحاول ان تعزف اخر مقطع من ( نشيجك) الوطني
وتتذكر
ان أصابعك مازالت عالقة في إنحناءة رشاش مدفون رأسه على ربوة الساتر
وان عزف المطر الطويل قد ترك على زناده صدأً بلون الدم...

رؤى زهير







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تُطْرِقُ ..


المزيد.....




- إدريس سالم في -مراصدُ الروح-: غوص في مياه ذات متوجسة
- نشرها على منصة -X-.. مغن أمريكي شهير يحصد ملايين المشاهدات ل ...
- رد حاسم على مزاعم وجود خلافات مصرية سعودية في مجال الفن
- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...
- كفى!
- وداعًا أيها السلاح: لو عاد همنغواي حياً ماذا كان سيكتب؟


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الفتلاوي - الشعر وإشكالية السؤال