أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد محمود العليمي - هكذا تحدث الرجل الارتيري عن بلاد الحرمين














المزيد.....

هكذا تحدث الرجل الارتيري عن بلاد الحرمين


محمد محمود العليمي

الحوار المتمدن-العدد: 5729 - 2017 / 12 / 16 - 12:16
المحور: حقوق الانسان
    


قبل أن يقول الرجل الإرتيري الذي التقيته فجأة في مدينة أنطاليا إن السعوديين يتخذون سياسة التمييز تجاه الوافدين، كان قد عرف ملامحي اليمنية وعرف ما الذي يدور في بلدي المنهك من حرب على مدى ثلاث سنوات.

التقيت الرجل في أحد المنحدرات وكان قد رأى خوفي من الأماكن المرتفعة فأمسك بيدي لأطل على المنحدر وقال لا تخف، غامر فالمغامرة سر النجاح، بعد أن اقتربت من المنحدر وأنا مرتبك وكان الارتفاع عاليا جدا قال لي الرجل الإرتيري سأحكي لك قصتي، لم يعرف الرجل أنني كاتب، وأن قصته يمكن أن تصل الى الكثير من القراء.

حكى قصته وقال: قبل عام ١٩٩٠ وقبل حرب الخليج كنت عاملا في السعودية براتب كبير جدا وفي وظيفة مرموقة، وكان اليمنيون آنذاك يحظون بالامتيازات الكثيرة كجنسية ثانية بعد المواطن السعودي، أما المنتمون للجنسيات الأخرى فكانت امتيازاتهم أقل.

كانت أولى بناتي قد وصلت إلى سن الدراسة وعندما أردت أن ألحقها بإحدى المدارس السعودية كان هناك قرار حكومي يقضي بمنع تعليم أبناء جنسيات معينة في المدارس الحكومية هناك.

حتى ذلك الوقت لم يكن قرار مغادرة السعودية قد خطر في بالي فلا يمكن لموظف يتقاضى راتبا قدره خمسة آلاف سعودي آنذاك أن يترك تلك البلاد، لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن سهلا.

ذهبت زوجتي الى مدرسة سعودية حكومية وكانت ابنتي معها وعندما كانت امرأتي تخاطب مدير المدرسة وتطلب منه إلحاق ابنتها بالمدرسة لتتلقى التعليم الأساسي وقابلها ذلك المدير بالرفض بكت زوجتي ورأت طفلتي ذلك، رأت الدموع في عيني والدتها ورأت مستقبلها الغامض.

قال الرجل: عندما عدت من العمل في الثالثة عصرا أخبرتني زوجتي بما حدث ولكنها أخفت عني أنها بكت أمام مدير المدرسة وهي تترجاه وتستعطفه أن يقبل ابنتي طالبة في الصف الأول، لكن الطفلة أخبرتني بما حدث وعن بكاء أمها أمام مدير المدرسة، أحسست بالألم يهزني من الداخل وبمستقبل طفلتي المجهول، في تلك الليلة لم أنم، كانت ليلة طويلة في حياتي، ولم يطلع الفجر حتى قررت مغادرة السعودية إلى دولة أوروبية، وكان ذلك أصعب قرار في حياتي، أن أترك كل أمل فكرت فيه لبناء مستقبل لأطفالي الصغار.. كان ذلك القرار قطيعة كبرى مع الحياة الماضية واستقبالا لحياة أخرى وظروف أخرى، كانت مغامرة بما تحمله الكلمة من معنى.

بعد أيام غادر الرجل الإرتيري السعودية، ثم أضاف الرجل: بعد خمسة وعشرين عاما أو أكثر من ذلك القرار عادت ابنتي الى السعودية، وهي تحمل شهادة الدكتوراه، بعد أن تلقت تعليمها في دول الخارج، وهي الآن تعلم أبناء السعوديين في جامعات الرياض، ولست أدري إن كان ذلك لحسن الحظ أم لسوئه أن ابنتي تعلم ابن المدير وغيره من أبناء السعوديين.
لم أستطع معرفة إلى أي قرار سعودي كان يشير محدثي الإرتيري، إذ أنني على معرفة بأن جنسيات أخرى آنذاك كان لها حق تعليم أبنائها في تلك المدارس كاليمنيين مثلاً والمصريين، فيما الباكستانيون لديهم مدارسهم الخاصة، غير أن التاريخ يعيد نفسه، وما قاله الإرتيري أنه حدث بالأمس هو يحدث اليوم، فأبناء المغتربين اليمنيين في السعودية لم يتمكنوا هذا العام من إلحاق أبنائهم في المدارس الحكومية، نتيجة القرارات غير الرشيدة للحكومة السعودية، وهم أي اليمنيين قد ساهموا بشكل رئيسي في بناء وإعمار كل المدن السعودية، ولعل الأيام والمستقبل يحملان قصصا أخرى أشد إيلاما وسخرية، إنها سخرية القدر، ويا لها من سخرية.
أحد هؤلاء اليمنيين قرر أن يدرّس ابنه عن بُعد، وأن يقضي ما تبقى من وقته بعد العمل في تعليم ابنه الصغير، ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن لطفل أن يلتحق بنظام التعليم عن بُعد وهو في الصف الأول الابتدائي.. ما الذي يمكن أن يتعلمه هذا الطفل في السنة الأولى من الدراسة وهو يتلقى تعليمه عن بُعد.



#محمد_محمود_العليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد محمود العليمي - هكذا تحدث الرجل الارتيري عن بلاد الحرمين