|
ذئاب الكهنوت وضباع السياسة
الشهبد كسيلة
الحوار المتمدن-العدد: 5728 - 2017 / 12 / 15 - 23:04
المحور:
كتابات ساخرة
هذا العالم الذي لم يستقر بعد على اسم موضوعي معبر عن قواسمه المشتركة وهو متمدد في اسيا وافريقيا تمددا صنعه السيف الاسلامي ذات تاريخ هل يحطم القيود التي ما انفك الفقهاء يصفدونه بها جيلا بعد جيل فبعد جيل امراء الحرب والسبي والنهب جاءت اجيال فقهاء الافتاء من ابن تيمية الى العثيمين والعريفي حيث كانت وظلت الانظمة السياسية وهراطقة الكهنوت تتبادل المنافع دائما وكلها متفقة على محاربة العقل واسكات أي صوت يرفض السمع والطاعة . جرب هذا العالم المنكوب ان ينهض مع بدايات القرن العشرين وما كادت بشائر فجر جديد تلوح حتى استجمع تنابلة الظلامية قواهم التقليدية وميليشياتهم الدهماوية فهذا ابن عبد الوهاب في نجد وذاك البنا في مصر وابن باديس في شمال افريقيا فاجهضت "النهضة" في مهدها واصبح في كل بلد "أزهره" وفي كل قرية فقيهها وانطفا التنوير كما حدث ويحدث في مراحل تاريخية سابقة منذ اعدام ابن المقفع الى اغتيال فرج فودة الى الفتنة الانقاذية في الجزائر والنخب الحداثية لم تاخذ العبرة وعوض ان تكون على موعد مع التاريخ تحولت الى تكنوقراط في خدمة ازلام الفقهاء من الانقلابيين الذين سموا انقلاباتهم البائسة "ثورة" وما هم الا ثيران الطوريرو والفقهاء هم المروضون فيا لها من فرجة على ركح التاريخ في مشهد فريد ليسقط احدهم في حفرة بعد حياة القصور ويختنق الاخر في قناة الصرف الصحي مضرجا في دمائه بعد حياة المن والسلوى . الحركة البعثية المشبوهة التي قضت في سوريا على مشروع انبعاث الامة السورية وارتمت في احضان فكر شمولي امبراطوري يتغنى بامة خالدة ويقيم مهرجانات لاحياء ذكرى السفاحين القتلة في بلد المسيح الذي قال من قتل بالسيف فبالسيف يقتل وكان القوم هناك يتنافخون فخرا بالامبراطورية الاموية التي ستبعث من جديد بشوفينيتها وعرقيتها وغزاتها ونخاسيها ونعتت حركات التنوير بالشعوبية واصبح هذا العالم الموصوف بالعربي في تقهقر وتم استدعاء كل المصائب التي حلت به عبر القرون عبر وسائل الاتصال سينما وتلفزيون يبث كل موسم صور الغزاة الفاتحين وخلفاء السكر والعهر وفقهاء الظلام في افلام ومسلسلات لا تنتهي وتمت الاطاحة بالمدرسة والجامعة وتحويلها إلى كتاتيب وتكايا وسقطت المنابر الجامعبة وارتقت منابر الهرطقة واستشيخ الدكاترة وتدكتر المشايخ وخابت امال جيل طه حسين وسلامة موسى ... وشاع التكفير وانتشر الحجاب والجلباب ثم البرقع واصبح الاقتصاد اسلاميا والطب ماء مقروءا عليه وتسابق المتسلقون الى منابر المساجد والى الصفوف الاولى وتصدروا المجالس لنيل المراد وانتشر الخطاب المغرر بالدهماء عبر عشرات القنوات . كل هذا والانظمة الانقلابية في حال غير الحال- فما اشبه اليوم بالبارحة - وهي تتغنى بمنجزاتها وامجادها على طريقة خلفاء بني امية رغم تنبيه الشاعر نصر بن سيار لهم: أرى تحت الرماد وميض جمر .. ويوشك أن يكون له ضرام فإن النار بالعودين تُذكى .. وإن الحرب مبدؤها كلام فإن لم يطفها عقلاء قوم .. يكون وقودها جثث وهام فقلت من التعجب ليت شعري .. أأيقاظ أمية أم نيام الثقافة والفكر في هذه العالم مهمشة والساحة تملاها الشعوذة والرئيس دائما يؤتى به من عسكر وزارة الدفاع لتتم شرعنته في انتخابات مفبركة ثم يحاط بفريق من المعاونين والكل متقمص دور الغازي وما الوظيفة الا فرصة يتم الانتفاع منها فيستباح المال العام وتوزع الريوع ويستشري الفساد وهو الوضع الذي يتغذى منه الخطاب الظلامي فتشحن النفوس وتعلو الاصوات وتتجمع الحشود لتحتل الشارع ثم تعم الفوضى ولا بد للغضب ان يفعل افعاله ، والغضب يعطل العقول ويدفع الى ارتكاب الفظائع . ان سجل التاريخ غني بهذه الدروس وكان احد الزعماء في العالم العربي البائس يزعم انه ضليع في التاريخ الى حد انه اصبح منظّرا كبيرا ومشروعا لنبي ووجد في ثروة النفط المال الوفير للانفاق على حماقاته الا انه لم يستفد من التاريخ الذي يدعي انه قارئ جيد له لان التاريخ له اهله ، وكسائر الطغاة احاط نفسه بالمنافقين المتحذلقين فسايروه في حماقاته ، انه نموذج الحاكم العربي الذي يمثل الاستبداد الشرقي خير تمثيل. عالم لا ينتج الا الاستبداد من العائلة الى قمة هرم السلطة ، عالم يكرر اخطاءه عبر القرون احرى له ان يعتنق عقيدة التناسخ لانه الوحيد الذي يتناسخ فيه الاستبداد ولم تنفع حضارة القرن العشرين في تحريره من حماقة السياسيين وسلبية النخب الفكرية التي تختار دائما الصفوف الخلفية تاركة القطيع لذئاب الكهنوت وضباع السياسة .
#الشهبد_كسيلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغزو الأموي في شمال أفريقيا
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|