أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسرين أحمو - ليلةُ النجوم بعد مئتي عام














المزيد.....

ليلةُ النجوم بعد مئتي عام


نسرين أحمو

الحوار المتمدن-العدد: 5717 - 2017 / 12 / 3 - 00:54
المحور: الادب والفن
    


(إدراكُ الموت يحثُّنا على الحياة بشدّةٍ أكبرَ)- باولو كويلو.

الحياةُ بالنسبة لي كالسيمفونيّة، فهناكَ الكثيرُ من الهدوء، الكثيرُ من الصخب.. والكثير من الجنون. وعليكَ دائماً أن تتقبّلَ فكرةَ الجنون، فالكثيرُ منا يبحثُ عن الاختلاف ويريدُ أن يكونَ مميّزاً في كلّ شيء، إلاّ أنهم يسيرون في الدرب ذاته دونَ وعيٍ، ويبتعدونَ عن الواقع المحيط بهم كثيراً.

ربما لا نحتاجُ للابتعاد عن واقعنا كثيراً لنكونَ مختلفين، بل نحتاجُ إلى التمعّن في هذه الحياة من وجهة نظرٍ مختلفة. فهذا العالمُ مليءٌ بالنوافذ، وكلّ نافذةٍ وجهةُ نظرٍ أو طريقٌ لأن تجدَ ذاتكَ فيه.

” فينسيت فان كوخ” هو الرجلُ الذي اخترتهُ لأن يكون نافذتي أو مرآتي التي أودّ أن أرى نفسي من خلالها، وأكتشفُ مدى الجنون الذي أحملهُ بداخلي.

فلكلّ مجنونٍ حياتهُ الخاصة أو طريقٌ خاصّ، أو عالمٌ مختلفٌ بخلاف هذا العالم الذي نعيشه، كما المصابين بالانفصام، لكن بطريقةٍ مختلفة، دونَ أن تذهبَ بعيداً أو تخرج من هذا العالم كثيراً.

(ليلةُ النجوم)، أو(ليلةُ المجنون) أياً كانت التسميةُ، إذ لن يختلفَ الأمرُ كثيراً بالنسبة لي، فالواقعُ هو ذاتهُ، وليسَ ثمّةَ مَخرجٌ سوى باب ليل هذا المُبدع، ولربّما بالنسبة لي أيضاً وددتُ أن أعيدَ كبرياء الجنون لذاتي وألبس عباءةَ الجنون وأسير في طريقه، لكن بشكلٍ مختلفٍ بعض الشيء.

ولطالما أصبحت هذه اللوحةُ معشوقةَ الشعراء ومُلهمةَ الموسيقيين وتمجّدَ بها الكثيرون وأنا أحدهم، ابتداءً من السماء التي تتوسّطها الزوبعات والتي استفزّت إلهامي، وانتهاءً بالألوان المتساقطة على اللوحة التي شرّدت مُخيّلتي.

أظنُّ أنّ هذه الزوابعَ ليست إلاّ الخراب الذي حلّ بهذا العالم البائس بالنسبة له. الخراب الذي أصابَ روحهُ من الحُبّ، فكسرتْ أقدامَ حبّهِ وأثارت في قلبه ثورةً وانتفضت أحاسيسهُ. إنه الخرابُ الذي أصابَ العالم من الطمع والغريزة والموت المتناثر في كلّ مكان.

ربما لو كان فان كوخ بيننا لأعادَ رسم هذه اللوحة بزوبعاتٍ أكبر وأكثر اتساعاً ليغطّي هذا العالمَ بأكمله. لقد قمتُ أنا بهذا الدور، وأضفتُ خريطةً مليئةً بالموت والسواد على صدر اللوحة.

الكثيرُ من النقّاد التشكيليين قالوا بأنّ هذه اللوحة ليست سوى تعبيرٍ عن حالته النفسيّة والحالات التي مرّ بها من مصحّه العقلي ومن شُرفته المُطلّة على المدينة الحزينة والمليئة بالخراب. ولرُبما لم يختلفِ الوضعُ لحدّ الآن، فما زالَ الحزنُ يأكلُ منا ويلتهم السعادةَ ويفتح أبوابَ الكآبة لنا، ويسيرُ بنا إلى وحدةٍ أبدية، يسير بنا إلى الموت البطيء.

ومنهم مَن رآى أنّ اللوحةَ لم تحملِ الحزنَ فقط، بل الكثير من الأمل والسعادة التي نبحث عنها جميعاً. فالألوانُ تأخذنا إلى السعادة التي طالما نبحث عنها جميعاً، في السماء أو في أحلامنا أيضاً، ليبقى الأملُ الذي لا غنى لنا عنه ساطعاً، فلا معنى للحياة دون الأمل.

تلكَ الحياة التي طالما نبحثُ بين طيّاتها عن ذواتنا المختلفة، عن دواخلنا التي طالما رغبنا بها وما تحقّقَ شيءٌ منها سوى في أحلامنا الهاربة منا في الواقع المرير.

ويأخذ الجنونُ ما يحلو له، والكآبةُ ما تيسّرَ لها، تلكَ الكآبةُ التي طالما أهربُ منها وأعودُ إلى ذاتي مستسلمةً، دون الخوض في معاركَ كثيرة، دون التوسّل إلى أحدٍ سوى ألواني ولوحاتي التي طالما وددتُ أن أرى ذاتي فيها وأفتحَ طريقاً لروحي من الألوان، وأسير إلى السعادة التي أبحث عنها أو التي بحثَ عنها فن كوخ.

ويبقى السؤالُ الأهمّ بالنسبة لي ولربما لفان كوخ: هل الإنسانُ الذي لا يعاني الجنونَ يُلحقُ الأّذى بالآخرين؟

أو الغريزةُ هي التي تقودهُ إلى الإيذاء؟


فنانة تشكيلية كردية







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عبد الرحمن أبو زهرة اعتُبر متوفيا.. هيئة المعاشات توقف راتب ...
- عمر حرقوص يكتب: فضل شاكر.. التقاء الخطَّين المتوازيين
- فريق بايدن استعان بخبرات سينمائية لإخفاء زلاته.. وسبيلبرغ شا ...
- معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
- منح المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف وسام جوقة الشرف الفرنسي ...
- بعد 14 عاما...أنجلينا جولي تعود -شقراء- إلى مهرجان كان السين ...
- اكتشاف سر نشأة اللغة لدى أسلاف البشر
- مهرجان عامل.. محاولة لاستعادة الحياة في كفررمان جنوب لبنان
- مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة... فضاء للتجديد الروحي ...
- زوجات الفنانين العرب يفرضن حضورهن في عالم الموضة


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نسرين أحمو - ليلةُ النجوم بعد مئتي عام