أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبري يوسف - عربٌ مابين الهواء والهواء















المزيد.....

عربٌ مابين الهواء والهواء


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 413 - 2003 / 3 / 2 - 08:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                 

إنحدار مخيف في السياسة العالميّة نحو الشراهة الاقتصاديّة، تجحظ الإدارة الأميريكيّة عينيها على نفط العراق وكأنّها لم تجد نفطاً في عينيها أبداً، معتبرةً نفط العراق من استحقاقات أميريكا لهذا تجيّش الجيوش وتقلب الدنيا رأساً على عقب من أجل نفط العراق والخليج معه، وتطرح نفسها على الساحة العالميّة انّها هي الدبّ ما فوق الأكبر،  وعلى الدببة الصغار والكبار الطاعة  والاحترام.
هل وصلت معالجة قضايا العصر بمنظور القوي يأكل الضعيف، وإعادة شريعة الغاب إلى سلّم التعاملات مع الدول؟ أينَ ولّى القانون الدولي، وأينَ خبّأت رؤوسها منظمات حقوق الإنسان والهيئات العالميّة التي تدافع عن البيئة والإنسان والرفق بالحيوان! ..ما هذا الانحراف عن سلّم القيم والمعايير الإنسانيّة، ثمَّ لماذا يبقى المجتمع البشري متفرِّجاً أمام كلّ ما يحصل ويحصل عمّا قريب. لا أريد جعجعات وشعارات ومظاهرات وخطابات والخ .. من الردود الواهية، أريد أن أرى ترجمات فعليّة على أرض الواقع تناسب الرد ّ على العنجهيّة الأميريكيّة، أريد فعلاً فاعلاً ، موقفاً واضحاً دوليّاً ومحلّياً. شبعنا كلاماً ضبابيّاً ومؤتمرات ومقابلات وقمم وخزعبلات آخر زمن! .. نحن بصدد معركة ما بين أميريكا والعالم. العراق هو عبارة عن ضحيّة من ضحايا الشراهة الأميريكيّة، والنظام العراقي هو مجرَّد ذريعة واهية لضرب العراق، فالسياسة الأميريكيّة خطّطَت منذ زمن بعيد لضرب العراق سواء كان النظام الحالي يحكم بغداد أو أي نظام غيره، صحيح أن أروقة النظام الحالي ساعدت عن قصد أو دون قصد على تحقيق المخطّط الأميريكي ولكنّ لو كان نظاماً آخر كانت أميركا ستخطط لضرب العراق بايّ شكلٍ من الأشكال!..إنّ ضرب العراق لا مفرّ منه سواء كان لديه اسلحة التدمير الشامل أو لم يملك. القضية ومافيها أنّ اميريكا تطرح نفسها أبو الكون، تريد من خلال العراق وما قبل العراق وبعده أن تؤدِّبَ الكون، أنْ تقول أنا أولاً! والآخر يصغي وينفذ! .. انها ديكتاتورية ديموقراطيّة العصر، لأنّ النظام الرأسمالي يفرز في أعلى هرمه تباشير ديكتاتورية القوّة الغاشمة، نعم انّها معادلة جديدة في الرؤية الرأسمالية، بعد أن تنحَّت جانباً المعادلة الأخلاقيّة في سلّم إيديولوجيات العصر وخاصة الرأسمالية منها، حيث أصبح جلّ تفكير التوجهات الرأسمالية وعلى رأسها أميركا هو المال، حتى إذا كان الحصول على هذا المال على حساب جماجم البشر. وإلا فما هذا التفكير الشرير في التركيز على ضرب العراق، بحجّة أنّه يمتلك أسلحة دمار شامل! .. أيّة أسلحة وأيُّ دمارٍ شامل يتحدثون عنه؟ العراق حالياً كنظام وشعب، لا يفكر سوى بالخروج من المعمعة والسرداب الذي وُضِعَ فيه، لا يفكِّر لا بأسلحة التدمير الشامل ولا بأسلحةٍ لقتل الغزلان والطيور، النظام العراقي يعرف والعالم يعرف أن العراق هو كبش الفداء، وأميركا تنطح مَنْ تستطيع نَطْحه، خاصّة عندما ترى أن الأنظمة العربيّة هي أنظمة غائبة عن الوعي أو خارجة عن الزمن، هي أنظمة معلّقة ما بين الهواء والهواء، غير معلّقة بأي ركن جغرافي من أركان الكون، ربّما جغرافيّة العرب تابعة لكوكبٍ آخر، وربّما سقط العرب في هذا الكوكب سهواً، وعاشوا سهواً وأسسوا دولاً وحدوداً سهواً ووصلوا إلى سدّات الحكمِ سهواً وتكاثروا سهواً، ربّما يشعروا في قرارة أنفسهم أنّهم أعلى من أن يتدخّلوا في قضايا صغيرة مثل ضرب العراق، طالما هم أصلاً لديهم احساس بالفوقية، لأنّهم سقطوا من فوق! .. من فوق الشجرة، أو من كوكبٍ آخر! المهم سقطوا من مكانٍ ما! .. فأميريكا أمام هذه الهشاشة العربيّة ستجحظُ عينيها وتضرب العراق، طالما تجد العالم العربي خالٍ من السكان! .. العالم العربي عبارة عن مجموعة أشباح، بهياكل بشريّة، يبدو أن الهابطين من كواكب أخرى لا يشبهون الذين يعيشون على الأرض، ويبدو أيضاً أنَهم يتمتّعون بتحررهم من الجاذبيّة الأرضيّة حيث يتحركون عبر الأثير دون أية مشكلة لخفة وزنهم وللعودة إلى كوكبهم في أعلى الأعالي متى ما شاؤوا! .. هم لا يرغبون مطلقاً أن يعيشوا في هكذا كوكب مليء بالمناطحات، ومليء باسلحة الدمار الكامل الشامل، وهم من طبعهم يحبّون السلام والأمان ولا يحبّون أن يدوِّخوا أنفسهم بالقال والقيل، لأنّهم شفافين للغاية، وجميعهم يطمح أن يحصل على جائزة نوبل للسلام! .. برنامجهم في الحياة هو السلام، ليس مهمّاً إن قدّموا ملايين الشهداء، المهم أن لايحيدوا عن منهج السلام طالما هناك طفل واحد يقدّم نفسه فداءً للسلام! .. أن سلاماً على هذا النمط هو سلام الإنهزام! انهزامٌ من نوعٍ خاص، وهم لا يعتبرون انهزامهم انهزاماً، هم يعتبرونه نوعاً من عدم التكافئ في وجهات النظر بينهم وبين من يعيش في هذا الكوكب اليتيم، ويعتبرون أنفسهم متقدمين على أفكار هذا الكوكب قرابة قرن أو قرنين من الزمن، ويندهشون كيف أنّ ابناء هذا العالم ما يزالوا يفكّرون بالحروب، وامّا هم وباعتبارهم من كوكبٍ له وزنه في سلم السلم والعدالة، نسوا مبدأ الحرب والحروب، ويعتبرون أن  هكذا منهج، منهج الحرب، عفا عنه الزمن، وانّهم يراهنون بأنّهم سيحققوا كل طموحاتهم من خلال السلام، حتّى ولو لن تتحقق طموحاتهم وسلامهم الذي ينشدوه بعد قرن أو قرنين، المهم انّهم لن يتزحزحوا عن توجّهاتهم قيد انملة! ولو !.. هل ينسوا انّهم هابطين من فوق، وهم أعلى من مستوى هرطقات هذا الزمان وحروبه،ثمَّ أنَّ لهم أبراجهم العاجيّة، ومكانتهم العالية، لهم خدمهم وحشمهم،ولهم ملايين الملايين مَنْ يضحّي لهم من أجل سلامهم العادل  والشـــامل والذي ربّما يتحّق على المدى المنظور بمظورٍ غير منظور لأنّهم بالأساس كائنات أغلب الأحيان غير منظورة، لأنّهم من كوكب آخر له خصوصيّة غريبة وعجيبة، خفيفي الوزن تارةً وغير منظورين تارةً أخرى، وكل هذه المعايير غير متوفّرة في هذا الكوكب المسكين! .. وهم يعتبروا هذا الكوكب مسكيناً لأنّه أبتلي بحروبٍ لا نهاية لها، وهم يحاولون المستحيل تحقيق السلام فيه، ولكن لا حياة لمن ينادوا،  وهناك أحتمال أن أبناء هذا الكوكب لا يفهمون على لغتهم السلميّة الشفافة، لهذا فالمسألة ستأخذ وقتاً طويلاً، وما ذنبهم إذا كان كان أبناء هذا الكوكب لا يفهموا على لغتهم السلميّة الموغلة في الشفافية إلى درجة انها بالكاد تُرى وتُفهَم من الطرف الاخر ، وقد توصّلوا إلى قناعة مطلقة أنّهم سيقهروا العالم بطروحاتهم السلميّة، وعندما يدخلوا المعارك، ولم يحققوا انتصاراً ما، يغيظهم لو تطلق عليهم عبارات الإنهزام، إنّهم هكذا جُبلوا على السلام، هذا هو ديدنهم! ويضيفوا، أنّهم لا يؤمنوا بمنهج الحرب اصلاً.. هذا هو طبيعة تفكير كوكبهم الوافدين منه، مركّزين على العودة إلى أصولهم، لأنّهم لا يشعروا أنّ هكذا حضارات أرضيّة تناسبهم،.. يناسبهم كوكب آخر أكثر سلاماً وأماناً وحرّية، وديمقراطية، وعدالة، ومساواة! و..  
إنّه من الجريمة بمكان ان يعيش العرب في هكذا كوكب مليء بالحروب والشغب والفوضى، أنّه من الأنسب لهم أن يعودوا إلى الأعالي ويعيشوا مابين الهواء والهواء، طالما هم خارجون عن جغرافية المكان، تنـزلق أقدامهم، مترجرجةً، تـُذبَحُ أوطانهم عن بكرةِ ابيها، وهم مصرّون أبداً أن يبحثوا عن مخارجٍ جديدة للسلام! 
عربٌ خارج المكان، عربٌ خارج الزمان، عربٌ ما بين الهواءِ الهواء!
                                                                                                            صبري يوسف 
                                                                                              كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم




#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حفل زفاف -أسطوري- لملياردير أمريكي في مصر وعمرو دياب في صدار ...
- بالفيديو.. ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستقبل وزير الخار ...
- مقتل 3 فلسطينيين على الأقل جراء غارة جوية إسرائيلية على مخيم ...
- لقاءات بالرياض لبحث وقف إطلاق النار بغزة
- الحرس الثوري: هدفنا تأمين مياه الخليج
- ضغوط في الداخل والخارج.. هل يتراجع نتنياهو عن عملية رفح؟
- الحراك الداعم لغزة يتمدد.. قمع في السوربون وطلاب جامعة كولوم ...
- حزب الله يقصف مواقع إسرائيلية والاحتلال يكثف غاراته على جنوب ...
- تعرض سفينة لأضرار قبالة اليمن وإيطاليا تعلن إسقاط مسيرة للحو ...
- فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإس ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبري يوسف - عربٌ مابين الهواء والهواء