أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله جاد الرب - لعنة التكفير














المزيد.....

لعنة التكفير


رفعت عوض الله جاد الرب
(Refaat Awadallah Gadelrab)


الحوار المتمدن-العدد: 5706 - 2017 / 11 / 22 - 01:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعنة التكفير
علي مر التاريخ واجهت البشرية آفات خطيرة استنزفت قواها ، وفتكت باعداد هائلة من ابنائها ، ولكن الإنسان امكنه التغلب عليها بالإرادة وإعمال العقل وتوظيف العلم ،والتطور الحضاري
وها هو الإنسان منذ مطلع العصر الحديث يكافح المرض والجهل والفقر حتي انه تغلب عليها في بلاد الحضارة والتقدم والعقل والعلم ، اما في بلاد التخلف والتي هي فعليا خارج نطاق الحضارة الإنسانية مازال البشر نهبا للمرض والفقر والجهل.
من آفات البشرية المميتة القاتلة آفة الإنغلاق العقلي ، وإعلاء الذات وكل ما يخصها ، والإيمان اليقيني باننا علي صواب مطلق ، وبالتالي غيرنا المختلف عنا علي ضلال مطلق.
الصواب المطلق والضلال المطلق منطقيا لا يُوجدا معا ، ولا يرتفعا معا ، فوجود الواحد ينفي وجود الاخر . من هنا حرب من يتوهمون حيازة الصواب المطلق علي من يرونهم علي ضلال مطلق.
هذه الافة العقلية الخطيرة حايثت او وُجدت مع الإنسان منذ بداية التاريخ ، وبسببها قامت حروب ضارية ضروس ، وسُفكت دماء غزيرة ، واُزهقت ارواح اعداد هائلة من بني الإنسان علي مر التاريخ.
علي مسرح حياة البشر لعبت العقائد الدينية الدور الاكبر الفاعل في إيهام اصحاب كل دين بانهم وحدهم مالكو الحق المطلق. أما من يختلف عنهم فهم في ضلال مبين ، وواجب ومسؤولية اصحاب الحق محاربة الباطل حتي ينتهي امره وامر اصحابه
كانت وسيلة كل فريق هي تكفير الأخر علي مستوي الجماعات ، وعلي مستوي الافراد كان تصويرهم ، اي تصوير من تري الجماعة انه خارج عليها ، ومناد بما هو جديد مخالف للتقاليد والاعراف وروح العقيدة . اقول تصوير مثل هؤلاء علي انهم مفسدون ، وضالون ، وانهم خطر علي عقول الناس الذين من الممكن أن يتبعوهم.
وهكذا واجهت دولة مدينة أثينا اليونانية قديما الفيلسوف سقراط الباحث عن الحكمة ، والمثير للفكر بجدله المنطقي . فقد نظر إليه ساسة المدينة ، وسدنة الدين علي انه مفسد لعقول الشباب ، مزدرٍ بآلهة المدينة ، فحكموا عليه بالاعدام بتجرع السم.
وهكذا نظر اليهود للمسيح علي انه مجدف بقوله انه ابن الله ، وانه سيتسبب في زوال كيان اليهود الديني والاجتماعي فلابد من قتله ، فقتلوه صلبا.
في العصور الوسطي انقسم العالم المعروف في ذلك الزمن تقريبا إلي شرق يدين بالاسلام وغرب يدين بالمسيحية.
نظرت دولة الخلافة الإسلامية في الشرق للغرب المسيحي علي انه ضال وكافر ومؤله للمسيح فكان التناقض العقيدي ومن ثم العداء ومن ثم الحرب.
وكذا نظر الغرب المسيحي من خلال البابوات والاباطرة والملوك للشرق المسلم علي انه فاسد العقيدة لا يؤمن بألوهية المسيح ، فكان التناقض والعداء والحرب.
في إطار الدولة الإسلامية انقسم المسلمون إلي سنة وشيعة . بنظر المسلمين السنة ،المسلمين الشيعة كفار ،وبنظر المسلمين الشيعة اهل السنة كفار.
في دولة الخلافة الاسلامية السنية أُضطهد الشيعة ،ومارست الدولة والرعية ضدهم تمييزا وتهميشا.
علي مستوي العقيدة ظهر العديد من الفرق الكلامية التي تنظر لمفاهيم ومعطيات الدين الاسلامي مثل الشاعرة والمعتزلة وغيرهم وكل فرقة بلا استثناء كفرت غيرها . كم قتل اتباع فرقة ما اتباع فرقة اخري وكم انحاز الخلافاء والولاة لفرقة واستعدوا العامة علي الفرق الاخري ، فقامت مجاذر بشعة لا لسبب سوي الرمي بالكفر والضلال.
علي مستوي المسيحية في الغرب حكمت الكنيسة في العصور الوسطي علي لاهوتيين مفكرين مطورين للفكر الديني المسيحي بالهرطقة ، وأدانت محاكم التفتيش لاهوتيين وفلاسفة بتهمة الهرطقة وحكمت بحرقهم احياء " سافونا رولا وجردنو برونو " علي سبيل المثال.
كذلك حكمت الكنيسة بهرطقة العلماء الذين أتوا بنظريات جديدة هي من وجهة نظر الكنيسة تتعارض والكتاب المقدس " كوبرنيكوس وجالليلو " مثالا.
بعد حركة الاصلاح الديني في اوروبا في القرن 16 م نشات الكنيسة البروتستانتية مختلفة عن الكنيسة الكاثوليكية التقليدية.
نظرت الكنيسة الكاثولكية للكنيسة الناشئة ورعيتها علي انها هرطقة وخروج صريح عن الحق المسيحي ، فقامت الحروب الدينية بين الفرقاء المسيحيين " حرب الثلاثين عاما" مثالا.
في تلك الحروب الدامية قتل مئات الالوف وجرت دماء غزيرة وكلهم مسيحيون.
مع مقدم العصر الحديث الذي تميز بالكشوف العلمية وشيوع مفاهيم حقوق الإنسان والعلمانية وتأسيس الدول تأسيسا جديدا ليس على اساس إلهي ديني ، وتفويض الملوك من قبل الله بالحكم ولكن علي اساس بشري ، فهناك عقد ضمني بين الحاكم والمحكومين بموجبه يفوض المحكومون الحاكم في الحكم ليقر الامن وسيادة القانون والسلام الاجتماعي.
كل هذه المفاهيم زعزعت اليقين والوهم بأن فريق يملك الحق والمختلف معه يملك الضلال. فالحقيقة نسبية ، ولا يمكن القطع باليقين ، مما فتح الباب امام التسامح وقبول الاخر المختلف ، ومن ثم إقرار السلام الإجتماعي وإنتفاء القول بهرطقة المختلفين ، ومن ثم انتهت الحروب الدينية وتقسيم الناس ما بين مؤمن صحيح الايمان وهرطوقي فاسد الايمان في اوروبا المسيحية.واصبح الدين شأن فردى وعلاقه خاصه بين الانسان وربه.
ولكننا للاسف الشديد في شرقنا المسلم مازلنا نعيش اجواء وروح العصور الوسطي " ما قبل عصر الحداثة " التي تكفرالاخر المختلف إنطلاقا من توهم إمتلاك الحق المطلق ، وتري وتؤمن بالخلاص منه بالتكفير ومن ثم القتل.
هكذا ينظر الشيعة للسنة والسنة للشيعة في منطقتنا البائسة ، وهكذا ينظر المسلمون حكومات وشعبا ومؤسسات للمسحيين من ابناء الوطن او من الامم الاخري ، وهكذا يشتعل الارهاب المستند علي تكفير الدولة والمجتمع وغير المسلمين ، وهكذا دخلت منطقتنا المنكوبة في اتون الإرهاب باسم الله والاسلام والحقيقة المطلقة.
متي نتجاوز كل هذا الظلام والشر ونؤمن بنسبية الحقيقة ؟ متي ندخل عصر الحداثة الواقي لنا من لعنة التكفير والإرهاب؟



#رفعت_عوض_الله_جاد_الرب (هاشتاغ)       Refaat_Awadallah_Gadelrab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله جاد الرب - لعنة التكفير