أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد غانم - طَفرَةٌ














المزيد.....

طَفرَةٌ


فريد غانم

الحوار المتمدن-العدد: 5700 - 2017 / 11 / 16 - 17:01
المحور: الادب والفن
    


طَفرَةٌ//
بقلم: فريد غانم
****
نَسْمَةٌ شرقيَّةٌ بالأبيضِ والأَسودِ، على بُعدِ خمسين عامًا من هُنا، تدلِفُ من بُحيرة مُعبّأةٍ بالماءِ والبازلتِ والخُرافَةِ، فتصيبُ الأوراقَ المُتعبةَ بشَهوةِ السُّقوطِ الحُرِّ والمناديلَ برعشَةٍ مائِيّة.
عنقودٌ من الألوان ينفرطُ من جبالٍ لم تتبدّل كثيرًا منذ أنْ طارَ الغُبارُ عنها، على طبقٍ من الأوقات؛
وقتٌ أحمرُ ينقطُ من أسنّةِ الرّماحِ وشَفَراتِ المناجلِ والسُّيوفِ والشِّفاه،
ووقتٌ أخضرُ يصعدُ من قعرِ بحرٍ جفَّ في القديم، عندَ انشقاقِ الأرض في الطّريق إلى عامورا.
وقتٌ رماديٌّ مُعلّقٌ على صُررِ المُهاجرين مِن عصورِ القحطِ والقَسوةِ وانسدادِ المزاريبِ العُلويّةِ.
وقتٌ زَهريٌّ يتدلَّى من ثديَيِّ زانيةٍ على أسوارِ أريحا، ليثبِّطَ عزائمَ الأبطالِ تحتَ شمسٍ توقّفت في الوقت الإضافي، ليُتاحَ تسجيلُ مجزرتَين بضربتيِّ جَزاءٍ مشكوكٍ فيهما.
وقتٌ أزرقُ يهطلُ من السّماء، حيتانًا وحروفًا مُزخرفةً وطيرًا أبابيلَ وحجارةً من سِجّيل.
وقتٌ أصفرُ يسكنُ في رملِ الإسمنتِ المُعلَّق في البنايات الشَّاهقة.
وقتٌ أسودُ يسيلُ من عيونِ اليَتامى والثَّكالى، عند أطلالِ سدِّ مأربَ وأنينِ قَصَبِ الرّافدَيْن.
وقتٌ نشازٌ يُدندنُ في الشّوارع العموميّة على إيقاعِ مسّاحات زجاج السّيَّارات المتناسِلة في متوالياتٍ بكتيريّة.
وقتٌ كاذبٌ يمرُّ بين الهواتفِ الذّكيّة، في هيئةِ جَهْلٍ سعيدٍ، ويختالُ تحتَ نسيجِ عباءةَ الحِكمة.
وقتٌ مازوخيٌّ يُوفِّرُ المُتعةَ في الزُّهدِ، ورغَدَ العيشِ في التّقشُّفِ، والوصولَ في القُعودِ والشّقاءَ في الوَفْرَة.
ووقتٌ ضبابيٌّ يُعرّي الأشياءَ من أشيائِها ويُربكُنا، حينَ ننقلُ الماضي إلى الرّاهن، في كتابِ تأريخٍ وثائقُهُ أسطورةٌ مستحيلةٌ وخيالٌ جامحٌ.
وأنا هاهُنا، أبحثُ عن برهةٍ بيضاءَ، فأرى في الزّقاقِ المدفونِ تحتَ الأسفلتِ والضّجيجِ فلّاحةً صبيّةً تمشي إلى بيتِ أبيها؛ في يُمناها سلّةُ تينٍ وحفنةٌ من الشَّهواتِ وفي اليُسرى قلبٌ ضاحكٌ وزهرةُ لوزٍ، ثمّ تغمِزُني وتمضي.
وأراني هُناك، على بُعد خمسين عامًا من هُنا؛
موجةٌ من البلاستيك المُلوَّن باللّيزِر تنتصبُ، بكبسة جِهازٍ من بعيدٍ، على سطحِ البُحيرةِ الخارجة للتَّوِّ من مصنعٍ قريبٍ، وتغسلُ قدمَيَّ البَيونيَّتَيْن بقارورةٍ من الفُقاعات. ثمّ أملأُ بطني بالوقودِ في محطّةِ الطّاقةِ القريبة، أمارسُ العشقَ على محيطِ قُرْصٍ مُدمَّجٍ في حجمِ هَبْوَةٍ، وأستمعُ إلى أغنيةٍ افتراضيّة عن انهيارِ المواعظِ في الدُّروب وسقوطِ مملكةِ الكلام.



#فريد_غانم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فريد غانم - طَفرَةٌ