أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا رزق - الجدّان ..مفسدة الأجيال!!














المزيد.....

الجدّان ..مفسدة الأجيال!!


مارينا رزق

الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 10:09
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


الجدّان ... مفسدة الأجيال!!

تربية الأطفال هي من أصعب مهن البشرية... مهنةٌ لاقواعدَ واضحة لها، ولا تدريب يسبق العمل فيها ... ولا أجرَ في النهاية...
وكثيراً ما تزيد صعوبة هذه المهمة بسبب سلوك الجدين، خصوصاً الجدات في تدليل الأطفال ... خلافاً لما قد ترتأيه الأمهات في سياق التربية اليومية لأطفالهنّ.
كثيراً ما تجد الأمهات أنفسهنّ في مواجهةٍ حاميةٍ مع جدة الطفل (والدتها أو حماتها) خاصةً الأمهات الشابات منهن وحديثات العهد بالأمومة... بينما يستمتع الطفل بهدوء بالحلوى الممنوعة أو البرنامج التلفزيوني الإضافي أو ساعات اليقظة بدل النوم الباكر أو أو .... بعد أن أسكتتها كلمة الجدة: ربينا أجيالاً قبلكِ!

هل صحيحٌ أن الجدات مفسدة الأجيال؟؟؟ يقضين بتسامحهنّ على قواعد الحياة الصارمة التي تحاول الأمهات تعليمها للصغار؟
أم أنّ الأمهات يتحاملّن على الجدّات...؟ أم ماذا؟؟

كالعادة لا يوجد حكمٌ عام على الموضوع من الناحية النفسية لكن هناك بعض أفكار عامة قد تفيد في بحثه.

إنّ وجود أشخاصٍ كبارٍ في حياة الطفل تختلف آراؤهم فيما بينهم هو أمرٌ طبيعي، وهذا الاختلاف هو صورةٌ عن العالم الحقيقي الذي سيعيش فيه الطفل حياته كلّها. فإن تمكن هؤلاء الأشخاص أن يتعاملوا فيما بينهم بطريقة يحترم فيها الواحد اختلاف الآخر ويتعامل مع هذا الاختلاف بأقلّ ما يمكن من التشنج والعصبية... كان هذا درساً مناسباً للطفل في طريقة التعامل مع الآخر في المدرسة ...فالشارع...فالعمل ... فالدنيا على وسعها.
وهكذا فماما قد لا تتفق مع بابا، لكنّها تدعمه في تصرفه مع الطفل ولا تهاجم أفكاره وسلوكه أمام ذاك، فمكان النقاش والاتفاق أو الاختلاف بينهما لايكون أمام الطفل، وإن صعب الاتفاق بينهما في وقتٍ ما ترك أحدهما المجال للآخر في تدبير الموقف الحالي دون إظهار اختلافه.
كذلك الأمر مع الجدّين.
قد لا يتفق الوالدان مع الجدّين في طرق تعاملهما مع الطفل، لكنّ الاحترام المتبادل يظلّ سيد الموقف.
على الوالدين أن يدركا أنّ هناك أرضاً لا تصلها سلطتهما وهي بيت الجدين أو غرفتهما.عليهما أن يحترما هذه العلاقة الخاصة بين الطفل وجدّيه وأن يساهما في تطورها. وفي المقابل يتعامل الجدّان مع سلطة الوالدين بقدرٍ مشابهٍ من التقدير فلا يهاجمانها مباشرةً وفي حضور الطفل بل يأخذان دور الناصح والمعين ما أمكن ذلك.
لا مانعَ أن يدرك الطفل أن قواعدَ الحياة في بيت الجدين مختلفة عنها في بيت الوالدين، وأن يتمتع في بيت جدّيه بنوعٍ من حريةٍ لامكان لها ولا مجال لتطبيقها في بيت الوالدين.
لا يعني هذا أن يتخلى الوالدان عن قواعد الحياة لديهما، فهذه ضرورية كضرورة الغذاء والهواء للطفل.
قواعد الحياة اليومية تعطي الحياة نظمها وتمنح الطفل أماناً لايعرفه دونها.

من جهةٍ أخرى، بيت الجدّين هو واحة حقيقية تُفرح قلب الطفل. يلجأ إليها وقت الشدّات التي قد يتعرض لها، فتريحه وتحميه.
الطفل في حاجةٍ إلى مكانٍ وسيط يمكنه اللجوء إليه إن تعذر الاتفاق مع والديه، في حاجةٍ لشخصٍ يساعده في التفاوض إن تعذر هذا الأمر مع الوالدين.
لا يبوح الطفل لأهله بكلّ شيء، فمنطقه وإدراكه للأمور يختلف عن منطق الكبار. قد لايحسن تقدير خطورة أمرٍ ما أو تفاهته، أو قد يخاف على والديه أو يخشى ردّة فعلٍ غاضبةٍ سريعةٍ من قِبلهم، أو قد يصدق تهديداً ما يبتزّه به شخصٌ مجرمٌ... لذلك فوجود أشخاصٍ كبارٍ آخرين في حياة الطفل هو أمرٌ ضروري، يستطيعون مساعدته على فهم ما تعذّر عليه فهمه، ويلعب الواحد منهم دور الوسيط بين الطفل وأهله، فيعيد مياه التفاهم إلى مجاريه ويمنع سيادة الصمت أو العنف فيما بينهم.

من موقعي كطبيبة نفسية تعاملت مع قصصٍ عائلية مؤلمة، كان الحلّ الوحيد الذي أدركته عينا الطفل الصغير أو المراهق، حلاً مؤلماً.. عنيفاً... بينما كان بالإمكان أن يتدخل أحد جدّي الطفل (أو أيّ شخصٍ "كبير" يثق فيه الجميع) لإيجادِ حلّ وسط يناسب الجميع.
مراتٍ كثيرة كان يمكن أن تكون لقصصٍ فظيعةٍ نهاياتٍ مختلفة لو تدخل جدّ الطفل ودعاه لزيارةٍ طويلةٍ ينسى فيها حبّه الضائع، أو يبوح خلالها بخوفه من عصابةٍ تضربه في المدرسة، أو من شخصٍ يهدده عن طريق الانترنت....
حسنُ التفاوضِ مهارةٌ تزداد قيمتها بالخبرة، وقد تكون هذه خبرة الجدّين هي ما تحتاجه العائلة لتجاوز أزمةٍ ما.

في النهاية، إن العمر الطويل الذي عاشه الجدّان وكونهما قد ارتكبا أخطاء الوالدين منذ سنواتٍ بعيدةٍ، يمنحهما معرفةً من نوعٍ خاص...معرفة أن الزمن يداوي جراح الانسان، وأن آثار مروره قد تغطي بعض أخطاء الناس. تمنحهما خبرتهما في الحياة بعضاً من برودة الرأس في مواجهة المصائب كبرت أو صغرت، برودةٌ يفتقدها الوالدان لتماسّهما المباشر بالمشاكل اليومية بتعبها وعبء تدبيرها. فيكاد يكون موقع الجدّين كموقع القائد العسكري الذي يجلس في مكتبه ويوجه من بعيد القائد الميداني في خوضه للمعارك.

الجدّان حليفان رائعان وبيتهما مكان راحةٍ للأهل قبل الأولاد.



#مارينا_رزق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرش الجنسي 2 قد يحدث هذا لأولادك
- العنف الجنسي وحماية الطفل
- الحداد عند الطفل


المزيد.....




- إيران: استئناف المفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية الأسب ...
- أوسيك يستعيد لقب الوزن الثقيل بفوز ساحق على دوبوا في ويمبلي ...
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ81 لمحاولة اغتيال هتلر والانقلاب الفا ...
- الصين.. إجلاء مئات الأشخاص في هونغ كونغ إثر إعصار -ويفا- وسط ...
- مطالبة بتحقيق كامل.. ألمانيا تنتقد توزيع المساعدات في غزة
- ألبانيزي: النازية كانت الشر الأعظم وإسرائيل تتعمد قتل الأطفا ...
- شكوك وقلق أميركي متصاعد إزاء -تصرفات- نتنياهو
- دلالات زيارة البرهان وإدريس للخرطوم وتدشين عودة الحكومة
- هل يغيّر ترامب سياسته مع تصاعد الانتقادات في أميركا ضد إسرائ ...
- فيديو منسوب لـ-تحرك عشائر سعودية إلى السويداء- في سوريا.. هذ ...


المزيد.....

- عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السو ... / بندر نوري
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا رزق - الجدّان ..مفسدة الأجيال!!