أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - / ماهر عزيز - الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية














المزيد.....

الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية


/ ماهر عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 05:49
المحور: المجتمع المدني
    


الحاجة ماسة إلى
بيريسترويكا كنسية

بقلم
دكتور مهندس/ ماهر عزيز



بادئ ذى بدء... فأنا أرثوذكسى غيور على كنيسته المقدسة، ووصف مقدسة هنا ينسحب عليها من حيث هى والفروع الأخرى لكنيسة اللـه تكون جسداً رأسه المسيح الرب، وحديثى عن الإصلاح فى الكنيسة الأرثوذكسية إنما ينبع من هذه الغيرة ذاتها التى تأبى ما يُنسب للمسيح إلا نقياً بلا عيب يتكافأ عُلُواً مع رسالته المقدسة للعهد الجديد.

ولا يجادل اثنان فى أن الحاجة ماسة لإصلاح جسيم وجذرى فى الكنيسة الأرثوذكسية الآن... فالمظهر العام يوحى بالنهضة بينما الواقع الفعلى ينذر بالتهلكة... وها هى ذى البنية الهرمية للإكليروس تقبض على مقاليد العبادة بما يكرس سلطاناً متضخماً للكهنوت تتآكل معه قيم الروح، والطبقة العليا من الهرم المؤسسى بالكنيسة تكتسب بواقع المغالاة فى الكرامة التى يمنحها إياها الناس، وواقع السلطات المزعومة "مقدسة"، إمكانات تحكم ديكتاتورى مذهل... لو لم يكن حامله شخصاً مباركاً من اللـه حقاً لاستخدم هذه السلطات استخداماً تبدو شواهده للأسف فى مواقع عديدة مدمرة للإيمان، ومخربة للروح، وملقية على الكنيسة بظلال انهيار خليق أن يقصيها عن نعمة اللـه.

وتكرس الكنيسة ألواناً من التكريم الفجّ توطيداً لأركان هذا السلطان لتتحصن فيه دينياً ودنيوياً... بينما صوت المسيح العظيم يجلجل: "... وأما أنتم فلا تُدْعَوا سيدى" (لا تقبلوا البتّة أن يدعوكم الناس سيدى).. لكن السلطان المزعوم يطيح بألباب الأكثرية منهم فيمدوا تحكمهم من الدينى إلى الدنيوى ليقبضوا على الحياة وحدهم كأنهم القيمون على الأرض ومن عليها.

إن أول معاول الإصلاح هو ذاك الذى يتعين أن يضرب بشدة هذا السلطان المزعوم ليحل محله قيم "الأبوة" و"الخدمة" و"البذل" العظيم.

ولعلنى لا أبالغ إذا نبهت إلى أن كل معاول الإصلاح الأخرى ربما لن يمكنها أن تفعل فعلها المنشود إلا من هذا المدخل عينه، فعبادة الطقس على حساب الروح مبعثها كذلك أن ترتبط العبادة بالإكليروس بوصفهم المرتكز الوحيد للارتباط باللـه، مادامت الطقوس بأيديهم، ومادامت العبادة مربوطة بالطقوس.. فموكول إذن بمعول الإصلاح الثانى أن يُعلى من "الروحى" على "الطقسى"ومن "الجوهرى" على "الشكلى" ولا يدع استفحال الارتكان للطقوس الشكلية مدعاة لانهيار الروح.


-2-

ولعل واحداً من أهم معاول الإصلاح يتعين أن يتجه للخطاب الطائفى الأرثوذكسى... فلقد تمررنا كثيراً بخطاب متعصب متشنج يتربح به المتطرفون ويرفعون سيفه على رقاب الأرثوذكسيين بالحقيقة.. خطاب يصم كل ما هو غير مسيحى أرثوذكسى بالبعد عن اللـه... ويرفع حتى شأن الوثنية على الكنيستين الإنجيلية والكاثوليكية، ويتجمل بسعى شكلى ظاهر لوحدة الكنيسة بينما هو يدمرها فى الواقع.. ولعل المخرج أن يتفق الجميع على "ثوابت" المسيحية الخالدة ويقبلوا ببعض الاختلاف فيما هو "متحول"... أقصد ما هو مرتبط بالعبادات... "فالثابت الإيمانى إذن فى مقابل "المتحول" التعبدى ربما يكون مخرجاً إصلاحياً من نفق الطائفية المظلم، والخطاب الطائفى المتشنج البغيض.

معول إصلاحى آخر يتعين أن يفارق على نحو لا يترك مجالاً للخلط والالتباس بين ما هو "مقدس" وما هو "دنيوى"... بين ما هو "روحى" وما هو "فكرى"... فالواقع الراهن بالكنيسة الآن يرفع الكثير مما هو دنيوى وفكرى إلى مرتبة "المقدس"و"الروحى" فترتبك أمور كثيرة وتتعقد وتعود بالوبال على الكنيسة ذاتها ورأسها المسيح.

"المسألة المالية" كذلك تنتظر إصلاحاً عظيماً.. فهنالك كهنة فقراء وغيرهم مترفون، وهنالك أساقفة يتجمع لديهم مال وفير لكنهم لا يقدرون أن المال مال اللـه ويتصرفون فيه بإرادة بشرية على نحو لا دينى ولا روحى البتة... وإكليروس كثيرون خوفاً من الفاقة تحولوا إلى رجال أعمال لا هَم لهم إلا أن يعظموا ما يحرزونه من مال على حساب الرسالة الدينية... وأموال وفيرة تحت أيدى البعض منهم بينما جموع مسيحية غفيرة تعصف بها الفاقة وتنتظر فى بؤس بالغ عناية السماء... أما كنائس المهجر فحدث ولا حرج كيف السعى للمال يقوّض فى حالات كثيرة أركان الروح... فمن هو ذاك الذى يمسك بأول معاول الإصلاح ويطبق نظرية جديدة لجمع المال وتوزيعه بما يتحقق معه مقاصد اللـه؟

معول آخر لابد وأن يضرب بشدة على مآسى الأحوال الشخصية ليبدع معادلة جديدة للإصلاح خاصة إذا كان أحد طرفى العلاقة من الإكليروس حتى لا نفاجأ كل يوم، "بوفاء" جديدة تلطخ أسم المسيح المجيد لأنها عاجزة عن الفكاك من أسر علاقة مشوهة مستحيلة يكبلها زعم "المقدس" فلا تنفك عنها إلا بطعن المسيح.

ووجوه أخرى عديدة للواقع الكنسى الراهن تنتظر معاول الإصلاح لا يتسع لها مقام هذا المقال الصغير أرجو أن أفصلها قريباً فى كتاب مستقل.

إن الحاجة الماسة للإصلاح فى الكنيسة تترسخ فيها الآن عناصر ما نسميه بالركود، وظواهر أخرى غريبة على المسيحية والكنيسة تشكل نوعاً من "الدولاب الكابح"... فالحدافة الضخمة لآله قوية تدور بينما نقل الحركة منها إلى مواطن العمل يتبدد... ويتبدد معه خلاص النفوس.

[هذا المقال كتب عام 2005 ولكنه لم ينشر حينها على نطاق واسع]



#/_ماهر_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - / ماهر عزيز - الحاجة ماسة إلى بيريسترويكا كنسية