أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الشريف ازكنداوي - أرسطو و النظريات ما قبل سقراطية حول المعرفة















المزيد.....



أرسطو و النظريات ما قبل سقراطية حول المعرفة


الشريف ازكنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 5679 - 2017 / 10 / 25 - 10:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أرسطو و النظريات ما قبل سقراطية
حول المعرفة

تأليف: اندري سامسون
ترجمة: الشريف ازكنداوي


تحتوي كتب أرسطو الكبرى على معالجة لمواضيع المذاهب السابقة، إن كتاب "النفس" على سبيل المثال، يضم فصولا عديدة خُصصت حصريا لدراسة النظريات الأولى للفلاسفة الإغريق الأوائل حول النفس والمعرفة. إن الكيفية التي باشر فيها هذه المعالجة لها سببين: أن الفيلسوف يريد تجنب الوقوع في نفس أخطاء سابقيه، لكنه أيضا يريد أن يستفيد من اكتشافاتهم: «يجب بداية دراسة الفلاسفة الإغريق، بحيث، أنهم إذا أخطأوا في بعض النقط، فإننا سوف لن نتعرض لنفس الأخطاء؛ وإذا اشتركنا في بعض التصورات، فإننا من جانب لن نتأثر بها البتة، لأننا يجب أن نظهر مقنعين في الاستدلال، حول بعض النقط، أحسن ممن سبقونا، وحول نقط أخرى، يجب أن نتجنب الاستدلال بشكل سيء» .
إن نمط معالجة أرسطو (لهذه المذاهب) يوجد موضَحا بشكل ظاهر في كتابه "في النفس". يبحث أرسطو، في هذا الكتاب، وبعد دراسة طويلة لآراء سابقيه وانتقاده لبعض وجهات نظرهم، عن الاستفادة من بعض العناصر المكتشفة سابقا من قبلهم. هكذا، بخصوص المعرفة ومبدئها، النفس، قدم الفلاسفة ما قبل سقراطيين أفكارا جيدة عظيمة استغلها أرسطو بتعديلها. حين زعم الفلاسفة الأوائل، أن المعرفة تفرض اتصالا بين شيئين، ذات عارفة sujet connaissant وشيء خارجي (عن الذات) معروف، وأن هذا الاتصال يتحقق بفضل حواس خارجية عديدة، وأن الشيء المعروف يصبح حاضرا في الذات العارفة، وأن النفس هي كل الأشياء حين تعرف، فإنهم اكتشفوا يقينا اكتشافات جبارة. إن الأخطاء التي ارتكبوها تأتي من حيث أنهم لم يعرفوا كيف يميزون بين الكيفية التي توجد بها الأشياء في الواقع و في الذات العارفة، بين l’esse réale وl’esse intentionale ، بحسب تعبير سان طوماس Saint Thomas.
بمقارنة مذهب أرسطو بمذهب امبادوقليس حول المعرفة، المذهب الأكثر صراحة من بين مذاهب الفلاسفة ما قبل سقراطيين، تتضح بعض المظاهر التي تقارب بين الفيلسوفين، وأخرى تباعد بينهما؛ يقترح هذا المقال الكشف عن وجهات النظر التي يتفق فيه أرسطو مع سابقه امبادوقليس وعن تلك التي يختلف عنه فيها. سنتخذ هنا مشكلتين كعنصري جذب: ماهي الطبيعة التي تأخذها النفس حينما تصير مبدأ للمعرفة؟ وبأي كيفية يصبح الشيء المعروف حاضرا في الذات العارفة؟

1- النفس كمبدأ للمعرفة حسب الفلاسفة ما قبل سقراطيين.

لكي نفهم جيدا معنى مذهب امبادوقليس حول المعرفة، فإنه ينبغي قليلا دراسة الوسط الذي فيه تطورت وصيغت الرؤى العديدة للفلاسفة الإغريق الأوائل. لكي نفعل ذلك، لنعالج بعض المقاطع من الكتاب "النفس" حتى نبقى في وجهة نظر أرسطو نفسها؛ لنذكر في المقام الأول بأن الفلاسفة ما قبل سقراطيين هم قبل كل شيء فيزيولوجيون يبحثون عن تفسير عقلاني للكون، وأنهم يريدون اكتشاف القوانين الكبرى. سابقا، قبلهم، كان الشعراء، مثل هومروس يشخصون القوى الطبيعية على شكل الألوهية: أصبح الريح، البرق، الماء... آلهة تحكم الشؤون الإنسانية وتفسر الظواهر الطبيعية.
لم يقنع هذا التفسير الخرافي للعالم الفلاسفة الأوائل؛ لقد رفضوا كل تفسير ديني للعالم، وعوضوه بتفسير عقلاني حينما تبنوا فكرة أنه توجد مادة معينة بدئية primordiale ، غير مخلوقة وغير قابلة للفساد، تأخذ بعين الاعتبار نشأة ومستقبل الأشياء. هكذا نشأ عصر النزعة الطبيعية: النار، الأرض، الماء... وعِوض هيفايستوس، دمتر، بوسيدون، وجه الفلاسفة ما قبل سقراطيين انتباههم إلى هذا الكل الكبير الذي يشكله الكون؛ لم تعد مشكلة الإنسان هذا الأول الذي يشغل باله. لم يعتبر الفلاسفة الأوائل الموجودات الجزئية particuliers التي تكون الكل الكبير، مثل الجماد، والنباتات والحيوان والإنسان إلا بعد أن أخذوا بعين الاعتبار الكون في كليته وفسروه بوضع جواهر substances عديدة بدئية.


في كتابه "النفس"، قال أرسطو بأن سابقيه يقسمون الموجودات الجزئية للكون إلى قسمين: هناك من جهة، الموجودات الجامدة، مثل المعادن، وهناك الموجودات المتحركة مثل الحيوان. اكتشف الفلاسفة ما قبل سقراطيين إذن من خلال بحثهم في السمات المميزة للموجودات المتحركة، سمتين هما: الحركة والحساسية، بحسب المصطلحات الخاصة بأرسطو: «يبدو أن المتحرك يختلف عن الجماد بصفتين أساسيتين: الحركة والحساسية. وهذين أيضا هما تقريبا المفهومين اللذين توصلنا به من أسلافنا حول موضوع النفس» . من خلال هاتين الميزتين الظاهرتين، توصل الفلاسفة القدماء إلى صياغة تعريف معين عن النفس كمبدأ للحياة. إن النفس ببقائها من النظرة الأولى مخفية ومن طبيعة غامضة، فإنها تنطلق من تجلياتها الأكثر ظهورا في حضورها، الحركة والحساسية. أكد سان طوماس وجهة النظر هاته لأرسطو:
Sed quia natura animae erat immanifesta et non poterat investigari nisi per aliqua manifesta, in quibus differnunt animata ab inanimatis, invenerunt illa et secundum illa conati sunt devenire in cognitionem naturae animae. Illa autem manifesta in quibus differunt animata ab inanimatis sunt duo, scilicet sentire et moveri.
ابتدأ أرسطو بالقيام بمراجعة نقدية طويلة للمذاهب التي تقول «أن النفس بامتياز و بشكل اساسي هي المحرك». لكن بما أننا سوف لن نعتبر النفس إلا مبدأ للمعرفة، فإننا لن ندرسها كمبدأ محرك. حينما يعالج أرسطو المذاهب التي تتخذ النفس مبدأ للمعرفة وللحساسية، هذين التعبيرين اللذان يستعمل غالبا أحدهما للآخر من طرف الفلاسفة القدماء الذين يختزلون المعرفة في الحساسية، فإن أرسطو يقدم فيما يلي نفس رأي سابقيه.
على العكس، أولئك الذين يرون بالخصوص أن الجسم الحي animé يعرف ويدرك الموجودات، أولئك الذين يقولون أن النفس تتأسس على consiste dans المبادئ: إنه بالنسبة لأولئك يقبلون بالعديد من المبادئ، فالنفس متطابقة مع مبادئها، وبالنسبة للذين لا يقبلون إلا بمبدإ واحد، فالنفس هي هذا المبدأ نفسه .
إنه من المفيد القيام بتحليل لهذا المقطع من كتاب النفس الذي يؤكد فيه أرسطو أن سابقيه يتبنون فكرة أن النفس كمبدإ للمعرفة تتأسس على مبادئها.
لنرجع إلى الفكرة المقدمة في بداية المقال بخصوص العناصر التي تأخذ بعين الاعتبار تكوين genèseأشياء الكون، إن العالم بالنسبة للفلاسفة ما قبل سقراطيين مكون من الهواء، الماء، النار، الذرات، أو من جواهر أخرى مادية من نفس النوع. إنهم يحاولون تفسير الموجود الحي ومبدأ الحياة، النفس، بارتكازهم على نظامهم الكوسمولوجي. على سبيل المثال، لكي يفسر ديمقرطس العالم، فإنه يتبنى فكرة وجود عدد لا نهائي من الجزيئات، الذرات؛ إذن، فالموجود الحي الجزئي particulier سيكون مركبا من ذرات، وأخيرا فإن النفس التي تحرك animeالكائن الحي هي أيضا مكونة من ذرات. كما يعرضه أرسطو:
النفس هي نوع من النار والحرارة، أشكالها وذراتها، هي لذلك غير نهائية، وأولئك الذين لديهم شكل كروي، يسمونه النار والنفس؛ يمكن أن نقارنهم بما يسمونه بغبار الهواء، الذي يظهر في أشعة الشمس من خلال النوافذ... وأولئك الذين هم بين هذه الذرات التي تأخذ الشكل الكروي يطابقونها بالنفس، لأن أشكالا من هذا النوع هم الأكثر قابلية للنفاذ إلى كل الأشياء وتحريك الباقي لأنهم هم أيضا في حركة...


يبدو أن الفلاسفة ما قبل سقراطيين قد أقاموا في ذهنهم تطابقا طبيعيا بين المادة الأصلية للكون، والمادة المشكلة للكائنات الجزئية particuliers والنفس l’âme، هذه الكائنات الحية الجزئية؛ إذا كان الكون مكونا من مثل هذه المكونات، فإن الكل الحي هو أيضا كذلك، ونفسهson âme أيضا. لكن يجب الإشارة أيضا إلى أن الفلاسفة الأوائل، بالرغم من أنهم يتفقون على تحديد poser وجود مبادئ الكون، فهم يختلفون حول طبيعة وعدد المبادئ التي تدخل في هذا الأمر البعض لا يضعون إلا مبدأ واحدا، مثلا النار، كما يقول هرقليطس في الشذرة التسعين: «كل الأشياء تستبدل بالنار، والنار يستبدل بكل الأشياء، تماما مثلما السلع تستبدل بالذهب، والذهب بالسلع». بعض الفلاسفة على العكس، يحددون عددا محدودا من المبادئ السماوية، مثل المبادئ الستة لامبادوقليس، وآخرون، أخيرا، يضعون عددا لا نهائيا من المبادئ، مثل انكساغوراس و ديمقريطس.
ما سبب مطابقة الفلاسفة الأوائل مبدأ المعرفة بالمبادئ المختلفة للعالم؟ يجيب أرسطو على هذا السؤال بالقول: «السبب الذي يُعطى لذلك هو أن يتيح للنفس معرفة وإدراك الموجودات، ومعرفة كل واحد منها» . لذلك فإن النفس، مبدأ المعرفة، يجب عليها أن تمتلك طبيعة الشيء المعروف لكي تتمكن من معرفة هذا الشيء. لاحظ الفلاسفة ما قبل سقراطيون، بتعقل، أنه بفضل فعل المعرفة، تستطيع الذات محاكاة كل الكون الذي يحيط به؛ تصبح النفس كل الأشياء... لكن الأشياء المعروفة هي موضوعات مادية، مكونة من النار، التراب Terre، ذرات أو مواد أخرى. فخلصوا إذن أنه لمعرفة النار الخارجية، أو الماء، أو الهواء، فإن الذات العارفة تقوم بامتلاك هذه العناصر نفسها؛ وزعموا أن النفس هي نفسها نار لكي تعرف النار، وهي هواء لكي تعرف الهواء... من هنا تأتي مقولة أرسطو: «النفس تكمنconsiste في مبادئها».
إن فعل المعرفة يجد إذن، حسبهم، تفسيره كما يلي؛ يقع اتصال بين النفس والشيء المعروف، والشيء المعروف يصبح حاضرا في الذات العارفة. إن مفهومي الاتصال والحضور مهمان لكي نعرف جيدا موقف سابقي أرسطو في مسألة المعرفة، يحتفظ أرسطو نفسه بأفكارهم، وذلك بتعديلها كما أشرنا إلى ذلك سابقا. يمكن لمذهب ديمقريطس أن يعيننا على توضيح فكرة الاتصال بين الذات والشيء المعروف؛ إن المعرفة حسبه يمكن تفسيرها كالتالي: تظهر ressort الذرات المشكلة للشيء الخارجي التي تُعرف على شكل جزئيات من طبيعة رفيعة subtile؛ هذه الجزئيات تتجمع حسب صورة معينة معروفة وتلمس، بواسطة الحواس الذرات التي تشكل النفس. وهكذا تحصَل المعرفة، لكننا أردنا أن نوجه نظرنا أكثر إلى فكرة الحضورالتي قال بها سابقو أرسطو، ولكي نفعل ذلك، فإننا سنرتكز كأساس على مذهب أمبادوقليس.

II- فعل المعرفة حسب أمبادوقليس:

يقبل أغلبية سابقي أرسطو فكرة أن المعرفة، تفرض أن يصير الشيء المعروف حاضرا في الذات العارفة le connaissant. جعل أمبادوقليس من هذه الفكرة أساسا لنظريته في المعرفة، أيضا فإن أرسطو يجد من الممتع منحنا العديد من التدقيقات حول أقوال سلفه (أمبادوقليس).
يجب معرفة أن أمبادوقليس يأخذ بعين الاعتبار التجربة المشتركة والعقل raison في محاولته لتفسير العالم. لذلك، فإنه من جهة، تجعل التجربة الحسية تَغير الأشياء في الكون ظاهرا؛ ولقد لاحظ أن الكائنات تولد وتموت، تنتقل من حالة لأخرى؛ لا يمكنه أن يرفض التجربة الحسية التي تكشف له عن وجود التغير. لكن، من جهة أخرى، يرفض أمبادوقليس فكرة أن شيئا معينا يمكن أن يأتي من العدم، أن شيئا ما يمكن أن يأتي من اللاوجود: يجب أن توجد بعض المواد الخالدة؛ هذا ما أكد عليه في الشذرتين الحادية عشر والثانية عشر:
معتوهون! ليس من بينهم مفكرين منفتحين؛ إنهم يأملون أنه يأتي إلى الوجود ما لم يوجد قبلا أو أن أي شيء بإمكانه أن يموت ويختفي تماما، إنه من المستحيل أن يولَد شيء، و أنه ليس صحيحا وغير مقبول القول أن الموجود étant يتوقف عن أن يوجد، لأنه دائما، سيوجد حيث يمكن إقحامه.
هكذا يتفق أمبادوقليس مع بارمنيدس في زعمه أن الوجود موجود، وأن اللاوجود غير موجود، وأن لا شيء يمكن توليده. لكن، يجب عليه أيضا أن يفسر بشكل عقلاني تغير الأشياء. لكي يتوافق مع اعتبارات بارميندس حول ثبات الموجود وحول فعل التغيير الذي تقدمه livre له تجربته الخاصة، فإن أمبادوقليس سيطور مذهبا يتأسس على مبادئ ستة ثابتة وخالدة، مثل موجود بارمندس. هذه المبادئ هي العناصر الأربعة: التراب،الماء، النار والهواء، وكذلك القوتين المتعارضتين الحب والكراهية. يصف أمبادوقليس هذه العناصر كأصول أربعة لجميع الأشياء؛ يعبر عن ذلك كالتالي: «زوس Zews الذي يلمع، هيرا Hera التي تحمل الحياة وايدونوس Aidoneus، وأخيرا نستي Nestis التي تغذي بالدموع ينبوع الموتى». هذه الأصول تمتزج مثل الألوان المختلفة في لوحة الرسام، إنها تتركب لكي تشكل جميع موجودات الكون.
لكي يأخذ أمبادوقليس بعين الاعتبار اتحاد وافتراق العناصر، فإنه يرجع إلى محركين آخرين: الحب والكراهية. إن نشوء الموجود هو نتيجة لاتحاد العناصر تحت تأثير الحب، بينما فسادها يأتي من الافتراق الناتج عن تأثير الكراهية، «تارة، بواسطة الحب، الكل يتحد في واحد، تارة، على العكس، الكل يفترق و يُدفع بالكراهية». إن الحب والكراهية خصمان في صراع دائم، لأن كلا من قواهما المحركة تؤول إلى الهيمنة على الآخر والسيادة في العالم. هكذا يعرف العالم فترات يهيمن فيها إما الحب وإما الكراهية؛ لكن أحداً من هاتين القوتين يقيم سيادته بكيفية دائمة في العالم، لأن القوة المقابلة تسهر في الظل، على البحث في التفرد بالحكم. يقول أمبادوقليس بأن العالم الذي نعيش فيه حاليا تهيمن عليه الكراهية، وهذا ما يفسر الكراهية والحروب بين البشر، لكنه يقسم أنه سيأتي يوم سيأخذ فيه الحب الأسبقية على الأشياء، و ينشر التناغم في العالم. إن طقوس التطهير التي يصفها prescrit ترمي إلى إقامة الحب في العالم.
حينما يباشر أمبادوقليس مشكل المعرفة، فإنه يقوم باستعمال كثيف لنظرته العامة للعالم؛ إن المبادئ الستة التي يضعها كأصول لكل الأشياء، تصبح هي المبادئ المكونة للنفس، مبادئ المعرفة. إن أرسطو واضح جدا في هذه النقطة. إنه هكذا، يصرح أمبادوقليس بأن النفس مركبة من جميع العناصر، لكن أحد هذه العناصر هو أيضا نفس âme. إليكم، فيما تبقى أقواله الخاصة : «أننا نرى الأرض بالأرض، الماء بالماء، والأثير بالأثير الإلهي، والنار بالنار، الحب بالحب، والكراهية بالكراهية الجزئية» .
مثلما يطابق الفلاسفة ما قبل سقراطيين النفس بمبادئ الكون، يجعلون منها إما عنصرا وإما مركبا من عناصر، فإن أمبادوقليس كذلك يتبنى فكرة أن النفس ليست شيئا آخر غير مركب من المبادئ الستة للطبيعة، ويؤكد على ذلك للأسباب نفسها التي لدى معاصريه: إن النفس âme هي كذلك لكي تستطيع معرفة كل شيء، ولكي لا يستطيع أي شيء الانفلات من قبضتها.
إن المشكل الكبير لدى أمبادوقليس هو معرفة كيف يمكن للموضوع المعروف أن يسكن في الذات العارفة، وهو لابث في مكانه في العالم الخارجي. على سبيل المثال، كيف نفسر أن الشجرة المعروفة، وهي لابثة في مكانها الخاص، تتملك الذات العارفة وتأتي لتسكن فيها بكيفية معينة. إن الحل الفوري الذي يأتي إلى ذهن أمبادوقليس هو أن يزعم أن الشيء الخارجي يأتي فيزيائيا وماديا إلى الذات العارفة، بفضل مختلف مبادئه المكونة له، مثل الماء، النار... لكي تكون النفس كذلك، ينبغي لها أن تمتلك طبيعة مطابقة للشيء المعروف: الشبيه يعرف الشبيه، كما قال أمبادوقليس. لكي تعرف النفس النار ينبغي لها أن تكون ناراً، ولكي تعرف الهواء، ينبغي أن تكون هواءً، وهكذا دواليك.
بالقول أن الشيء المعروف يصبح حاضرا في الذات العارفة بفضل مبادئه، فإن أمبادوقليس يجد نفسه يتجنب النظرية الفجة grossière التي زعمت أنه لكي تعرف النفس العظم أو الكلب، فإن النفس ينبغي لها أن تكون هي نفسها عظما أو كلبا؛ إنه يذهب إلى غاية أصل الأشياء نفسها، يتعلق الأمر بمبادئها المشكلة لها.
ماذا يجب أن نقول عن رأي أمبادوقليس هذا، حول عملية المعرفة؟ هل من المعقول تبني هذا الحضور المادي للأشياء في الذات العارفة ومطابقة النفس ليس بشكل مباشر مع الشيء المعروف، وإنما مع مبادئه المشكلة له؟ قبل الإجابة بشكل مباشر على السؤال و معرفة حيثياته faire la part des choses ،فإن أرسطو يعرض بكيفية جدلية نقائص مذهب أرسطو بالعديد من الحجج. إن معالجة البعض من هذه الحجج تنفع في فهم ما يقبله أرسطو، ولكن أيضا ما يرفضه في مذهب سابقه.
إن من يقبل وجهة نظر أمبادوقليس و يزعم مثله أن النفس مركبة من مبادئ الأشياء الطبيعية وأن الشبيه يعرف بالشبيه يجب أن يقبل فكرة أنه لا يمكن أن تُعرف إلا ستة أشياء، بمعنى العناصر الأربع وكذلك القوتين الحب والكراهية. لذلك، فإنه بما أن النفس تعرف كل الأشياء وأن الأشياء مكونة من ستة مبادئ فقط، فإن النفس نفسها ليست مكونة إلا من ست مبادئ، لذلك فإنها لا يمكن أن تعرف أي شيء خارج هذه المبادئ الست، التي لا تمتلكها كمكونات أساسية. لكن، ما يضفيه أرسطو، هو أن الذات العارفة يمكن أن تدرك العديد من الأشياء خارج المبادئ الست التي قال بها prônés بها أمبادوقليس؛ تكشف التجربة المشتركة، على أن الذات العارفة يمكن أن تعرف بالإضافة إلى النار، الهواء والماء، يمكن أن تعرف على سبيل المثال العظم والكلب، والإنسان. إن المعرفة تمتد إلى ما لا نهاية له من الأشياء وليس فقط المبادئ الست.
ببداهة، سيرد أمبادوقليس على اعتراض أرسطوعليه بالقول، أن النفس التي تعرف مبادئ الشيء ستعرف بالفعل نفسه هذا الشيء: بمعرفتنا أجزاء الكل فإننا نجد أنفسنا عارفين بنفس الفعل هذا الكل. على سبيل المثال، بمعرفتنا للأرض وللنار التي تكون العظم l’os ، نجد أنفسنا نعرف العظم نفسه، لأنه حسب أمبادوقليس، الموضوع المعروف يأتي للحضور في الذات العارفة connaissant بفضل مبادئه. مرة أخرى، سيعترض أرسطو على وجهة النظر هاته، بالقول أن معرفة المبادئ المشكلة للشيء وحدها لا تكفي لمعرفة الشيء نفسه، إن معرفة أجزاء كل ما غير كافية لإدراك كامل لهذا الكل. ما ينبغي معرفته هي النسب التي حسبها تنتظم وتتركب العناصر لتشكل Telle هذا الشيء أو ذاك، مثل الكلب أو العظم. يمكن أن نقول في أيامنا هاته أن معرفة العناصر الكيميائية فقط التي تتركب منها مادة ما هي كافية لكي نعرف هذه المادة: لا تكفي معرفة أن الكربون والأوكسجين تشكلان مادة معينة لكي نعرفها جيدا، لكن يجب أن نعرف كيف وبأي نسبة تجتمع الجزيئات لكي تعطي جسما معينا محددا. إن أشياء الكون لا تتألف من عناصر مجتمعة بكيفية اعتباطية، ولكن بحسب قوانين ونسب؛ وحسب كيمياء المفكرين القدماء، فإن كل نسبة معينة من الهواء ومن النار تشكل مادة معينة طبيعية. فالأجسام الخفيفة تضم هواء ونارا أكثر من الأجسام الخفيفة على سبيل المثال. لكي تعرف الشيء، فإنه إذن غير كاف معرفة مكوناته؛ من المهم معرفة قبل شيء النسب التي حسبها تتجمع هذه العناصر.
يقدم لنا هذا الأمر إذن إمكانيتين: إما أن هذه النسب، التي معرفتها ضرورية هي حاضرة في النفس ومصاحبة للعنصر، وإما أنها غائبة، وفقط العنصر نار أو هواء، من هو حاضر في النفس. إذا أكدنا أن النسب تصاحب العنصر، فإن ذلك ينتج عنه إذن أن النفس تضم بكيفية فعلية actuel جميع الأشياء التي يمكن أن تعرفها: إن النفس، مبدأ المعرفة، هي عظم لكي تعرف العظم، وهي كلب لكي تعرف الكلب... الذات العارفة تضم الموجودات على النحو الذي توجد في الطبيعة، لكن أمبادوقليس نفسه سيرفض ذلك بالقول بأن هذا الحل لا يصمد، بما أنه هو نفسه يتبنى فكرة أن الشيء الخارجي يصبح حاضرا في الذات بفضل مبادئه المكونة له، وأن النفس مركب من المبادئ الستة فقط، وليس من الكلب أو العظم. يرى إذن أمبادوقليس أن النسب ليست حاضرة في النفس، وإنما فقط العناصر.
بالرغم من أنه، من جهة، نعترف بأن هذه النسب ليست حاضرة في النفس، فإن هذه الأخيرة ليست قادرة على معرفة إلا العناصر التي تناسب ما يكونها، والتي هي ستة فقط . هذا معناه أن المعرفة محدودة جدا، لأنها لا تدرك إلا ستة أشياء . إنها استحالة أولى تنتج عن رأي أمبادوقليس حول عملية المعرفة. يجب إذن البحث عن حل آخر غيره، ورفض فكرة أن النفس هي من طبيعة مطابقة للشيء المعروف، وبأن الشبيه يعرف بالشبيه.
توجد أيضا استحالات أخرى تنتج عن نظرية أمبادوقليس، على سبيل المثال، كل عنصر يُفترض فيه أنه موهوب المعرفة doué deconnaissance ، سيكون قادرا على معرفة شبيهه الذي يوجد في الطبيعة الخارجية، لكن جهله به سيكون أكبر من العلم به science sa .على سبيل المثال النار التي هي في النفس ستعرف النار الخارجية، لكنها ستجهل جميع العناصر التي هي من طبيعة مخالفة لها، كل مبدأ مكون للنفس يعرف شيئا واحدا، شبيهه، لكنه يجهل المبادئ الخمس الأخرى التي هي من طبيعة مختلفة. لهذا السبب صرح أرسطو أن العناصر ستمتلك جهلا أعلى من علمها science ،لأنها لا تعرف إلا شبيهها.
في نفس وجهة النظر، ينبغي أن نزعم أن الألوهية هي أكثر جهلا بالموجودات.يجعل أمبادوقليس، حسب أرسطو، الألوهية مركبة من المبادئ المادية نفسها التي تكون الكون. لكن لكي يحتفظ بوحدة وعدم فساد الإله، فإن أمبادوقليس ينفي عنه حضور الكراهية، التي تفرق العناصر، إذا كان الشبيه معروف من طرف الشبيه، فإن المخلوقات، المشكلة من الكراهية، تعرف هذه الأخيرة، لكن الإله، الذي هو غير مركب من هذا المبدأ، لا يستطيع أن يعرفها (أي الكراهية). تصبح الألوهية إذن أكثر جهلا بالموجودات، لأنها لا تستطيع أن تعرف إلا المبادئ الخمس، بينما المخلوقات تعرف هذه المبادئ ستة، بما فيها الكراهية، «أكبر جاهل من بين الموجودات هو الإله، لأنه الوحيد الذي لا يعرف أحد هذه العناصر، الكراهية، بينما الموجودات الستة، التي هي مركبة من كل العناصر، تعرفها جميعا» .
إن أرسطو، وبعد أن عرض و انتقد تصورات سابقيه حول عملية المعرفة، وبعد أن وجه انتباهه بالخصوص لأفكار أمبادوقليس، سيبلور نسقه الخاص حول المعرفة. مثلما أكد على ذلك بنفسه في بداية الجزء livre الثاني من كتابه النفس:« يوجد ما يكفي لدى المذاهب التقليدية للسابقين حول مسألة النفس، لنعِد من جديد السؤال إلى نقطة بدايته» .
لكن أرسطو لا يمسح الطاولة من آراء سابقيه، إنه يبحث عن الاستفادة منهم، كلما كان ذلك ممكنا، «إنه من الممكن... جمع آراء سابقينا الذين درسوا بعض المذاهب [حول النفس] لكي نستفيذ مما هو صائب لديهم، ونتجنب ما هو خاطئ » . إن أرسطو مثل الفلاسفة ما قبل سقراطيين، سيبحث عما هو أساسي في عملية المعرفة، و سيريد تحديد طبيعة النفس، مبدأ المعرفة. فمن جهة، يعترف كأمبادوقليس أن الشيء المعروف يصبح حاضرا في الذات، لكنه يختلف معه حول الكيفية التي يتحقق بها هذا الحضور. من جهة أخرى، يرفض أن النفس تصبح الشيء المعروف وأنه لمعرفة الكلب أو العظم، يجب أن تصبح هي نفسها هذه الأشياء؛ لكن النفس ليست لهذا السبب مركبا من مبادئ الأشياء، ولا تحتوي فعليا actuelle على ما يمكن أن تعرفه، ولكنها تحتوي على ذلك بالقوةpotentielle فقط. يصبح إذن فعل المعرفة «انفعال passion معين»، في طوره الأولي préliminaire.
سنعرض الآن المذهب الخاص بأرسطو حول المشكلتين، اللتين طرحهما سابقوه. سنبدأ برؤية ما إذا كانت المعرفة عند أرسطو انفعال؛ وبعد ذلك سندقق في النمط الذي حسبه يصبح الموضوع حاضرا في الذات.



III - المعرفة انفعال معين
يباشر أرسطو دراسة الإحساس كوسيلة للمعرفة في بداية الفصل الخامس من الجزء الثاني لكتابه " النفس". يرى أرسطو مثل سابقيه أن الأحاسيس التي ترسلها لنا مختلف حواسنا، والتي هي في اتصال فوري مع الأشياء الخارجية، هي أساس كل معرفة. إنه يقول أيضا أن المعرفة العقلية تستقبل المعرفة الحسية قبلا، لأنه دائما يتم استقبال صورة ما لكي يحصل التفكيرimage pour penser.
لكن، أمبادوقليس، بتبنيه فكرة أن النفس مركب من مبادئ الأشياء المادية، فإنه يعني ضمنا أن الذات العارفة هي بالفعل est en acte كل ما يعرفه. قال أنه لمعرفة النار، فالنفس نار، ولمعرفة الهواء، فهي هواء، هذا يفترض إذن أن النفس هي بالفعل est en acte الشيء المعروف، وضح سان طوماس هذه النقطة:
Circa primum considerandum est, quod Empedocles et quicumque posuerunt simile simili cognosci, posuerunt sensum esse actu ipsa sensibilia. Ut enim cognosceret omnia sensibilia, posuerunt animam sensitivam esse compositam quodammodo ex omnibus sensibilibus, inquantum constabat, secundum eos, ex elementis sensibilium .
ينتج عن زعم أمبادوقليس هذا المتمثل في جعل النفس مبدأ بالفعل en acte نتيجتين خاطئتين، أولى هاتين النتيجتين هي التالي: أن أعضاء الحواس، مثل العين أو الأذن لها إدراك لنفسها. لأن المحسوس بالفعل le sensible en acte يمكن أن يحس بنفسه، كما يقول أرسطو: «لماذا ليس للأعضاء الحسية نفسها إحساس؟». لذلك، ينبغي القبول، حسب وجهة نظر امبادوقليس، بأن مختلف الأعضاء هي مركبة من عناصر، وأن هذه العناصر هي محسوسات بالفعل؛ يصرح أمبادوقليس أن كل عنصر له موهبة المعرفة، وأنه بإدراكه لشبيهه، فإنه يدرك نفسه. كنتيجة لذلك، فإنه إذا جعلنا من النفس مبدأ بالفعل principe en acte ، فإنه ينبغي القول أن أعضاء الحواس تدرك نفسها بنفسها.
النتيجة الثانية هي كالتالي: أن الإحساس يمكن أن يعرف أيضا إذا ما كان المحسوس الخارجي غائبا؛ إذن فالموضوع المعروف ليس ضروريا لكي تكون هناك معرفة: «... ولماذا لا تنتج أعضاء الحواس بدون المحسوسات الخارجية الإحساس، بينما هي تحتوي على النار، والأرض، وباقي العناصر في كل مكان؟» .
هاتين النتيجتين المتمثلتين في إمكانية الحواس إدراك نفسها بنفسها وفي عدم فائدة وجود المحسوس الخارجي لكي نحس، مرفوضة. سيعطي أرسطو الدليل أن أحد وظائف الحس المشترك بالضبط هو توحيد مختلف الحواس الخارجية وإصدار الأحكام؛ لا يمكن للحواس الخارجية أن تفعل ذلك؛ على سبيل المثال، لا يمكن للعين أن تعرف ما إذا كانت تعرف، والأذن ما إذا كانت تسمع. بين أرسطو أيضا أن الإحساس، بغياب المحسوس الخارجي، مثل اللون أو الصوت، لا يتحقق. لكي يكون هناك إحساس، من الضروري أن يأتي المحسوس ليُفَعل activer القوة الحسية؛ تشكل ضرورة حضور المحسوس في المعرفة الحسية نقطة مركزية في علم النفس الأرسطوطاليسي.
هذه الملاحظات تكفي للبرهنة على أن النفس ليست هي بالفعل n’est pas en acte الشيء المعروف، مثلما يزعم أمبادوقليس؛ في هذا المستوى حل واحد يفرض نفسه إذن:
إنه إذن ببداهة، لا توجد القدرة الحسية بالفعل ولكن بالقوة فقط. أيضا هي مثل المحروقات، التي لا تشتعل من تلقاء نفسها بدون المُؤكسِد le comburant: لأنها ستحترق من تلقاء نفسها، وآنذاك لن تحتاج النار بالفعل en acte لأن توجد .
إذا كانت المحروقات لا تُستهلك من تلقاء نفسها، وأنه يجب أن يتدخل المؤكسد، فإن القوة الحسية كذلك بالمثل لا يمكن أن تَعرف بدون تدَخل l’action المحسوس الخارجي. على سبيل المثال، إذا كان الخشب لا يمكن أن يستهلك بدون النار، فإن العين كذلك لا يمكن أن ترى بدون اللون.
بهذا الفعل الذي لا توجد فيه النفس – مبدأ المعرفة- بالفعل en action، ولكن فقط بالقوة، يظهر مفهوم notion السلبية passivité والانفعال. إن النفس سلبية تجاه موضوعها، وهي تتلقاه و تنفعل له le subit. إنه من المناسب التعمق في معنى كلمة «انفعال» التي تُطَبَّق على المعرفة الحسية.
تشير العديد من المواقع في كتاب النفس، إلى الصفة السلبية لفعل المعرفة، في طورها البدئي.
ينتج الإحساس عن حركة مُتَلقاة من انفعال، كما لاحظنا، لأنها ، حسب الرأي السائد، هي نوع من التغير altération ، إن مصطلح "انفعل" «Pâtir» ليس بالأحرى مصطلحا بسيطا : بأحد المعاني، هو بكيفية معينة، نوع من الفساد بفعل الضد، بينما، في معنى آخر، هو بالأحرى الحفاظ على الوجود بالقوة من طرف الوجود بالفعل الذي يكون التشابه معه في نفس مرتبة علاقة القوة بالفعل .
ينْسِب أرسطو عدة معان لكلمة «انفعال»، يمكن لذلك أن نستعمل هذا المصطلح في معنى صارم ضيق strict، لكن أيضا في معنى أكثر شساعة. يدقق سان طوماس في فكر أرسطو؛ يقول أن مصطلح «انفعال» حسب المعنى الصارم، يمتلك فكرة تَلَقي ما التي تُفَعل على حساب المنفعل au détriment du patient هذا التلقي يفترض تضادا contrarièté بين الفاعل l’agent و المنفعل l’agent لأن المنفعل يجد نفسه محروما من بعض التحديدات التي كانت لديه. هكذا، حينما تحدث حادثة، فإن الفرد الذي يفقد ساعدا، يتعرض لانفعال، حسب المعنى الضيق، لأنه يفقد شيئا كان يمتلكه سابقا. الانفعال إذن هي فسادcorruption . يمكن أن يكون فسادا مطلقا، في حالة التحولات mutation الجوهرية substantielles، حيث يفسد se corrompt شكل ويترك المكان لشكل آخر، على سبيل المثال الحليب الذي يصبح لحم الكائن الحي... أو يمكن لهذا الفساد أن يكون عرضيا، حينما يُفقَد التحديد، مثل كمية أو كيفية ما على حساب المنفعل. إنها حالة الماء الساخن الذي يفقد حرارته ويبرد.
Dicitur enim pati uno modo secundum quandam corruptionem, quae fit a contrario. Passio enim proprie dicta, videtur importare quoddam decrementum patientis, inquantum vincitur ab agente : decrementum autem patientis accidit secundum quod aliquid a patiente abiicitur. Quae quidem, abiectio, corruptio quaedam est : vel simpliciter, sicut quando abiicitur forma substantialis vel secundum quid, sicut quando abiicitur forma accidentalis. Huiusmodi autem formae abiectio fit a contrario agente : abiicutur enim forma a material vel subiecto, per introductionem contrariae formae et hoc est a contrario agente. Primo igitur modo proprie dicitur passio, secundum quod quaedam corruption fit a contrario .
في معنى واسع، يحتفظ " الانفعال" بفكرة " تلقي" شيء ما، تلقي تحديد ما ينضاف لموجود. لكن، في هذه الحالة، يستمد المنفعل كمالا لم يكن له من قبل. يصبح هكذا الإنفعال إغناء للذات، وفكرة التضاد و "على حساب" تختفي، يُتحدث فقط عن «انفعال» فقط للتدليل على أن الذات هي بالقوة في تحديد معين. و أن هذه الأخيرة تتصرف كفعل.
Alio modo passio communiter dicitur et minus proprie, secudum scilicet, quod importat quandam receptionem. Et quia quod est receptivum alterius, comparatur ad ipsum sicut potentia ad actum, acuts autem est perfectio potentiae et ideo hoc modo dicitur passio, non secundum quod fit quaedam corruptio patientis, sed magis secundum quod fit quaedam salus et perfectio eius quod est in potentia, ab eo quod est in actu… Potentia igitur sic dicta non est a contrario, sicut potentia primo modo dicta sed a simili, eo modo quo potentia se habet secundum similitudinem ad actum .

إن مصطلح «انفعال»، بتطبيقه على المعرفة الحسية لا يمكن أن يستعمل في معناه الصارم الضيق، ولكن فقط في معنى واسع وغير خاص. لذلك، فإن الموضوع المعروف لا يحرم الذات العارفة من شيء كانت تعرفه، لأن المعرفة ليست هي الحرمان من أي شيء؛ على العكس، إنها إغناء للموجود. كلما كان قادرا لأن يعرف أكثر، كلما كان كماله أكبر. لكن، العبارة «المعرفة انفعال» تبقى دقيقة، إذا فهمنا انفعل pâtir بمعناها الواسع. في هذه الحالة انفعل pâtir تعني فقط مرورا passage من القوة إلى الفعل بفعل sous l’action المحسوس الخارجي؛ إنه المحسوس الذي يصبح الفاعل الذي يُخرِج المنفعل إلى الوجود بالفعل actue . مصطلحات سان طوماس واضحة:
«Sentir … non proprie pati est. Patitur enim aliquid proprie a contrario. Sed habet aliquid simile passioni, inquantum sensus est in potentia ad sensibile, et est susceptivus sensibilium» .
إنه من المهم أن ندقق أكثر بأي معنى نقول أن الذات العارفة هي بالقوة لتعرف، وبأي كيفية يُفعِّل actue المحسوس. إن ما صاغه أرسطو، وما علق عليه بطريقته سان طوماس هو سؤال الإحساس بالقوة والإحساس بالفعل.
«بما أننا نأخذ فعل أحس بمعنى مزدوج، فإنه ينبغي أيضا التكلم عن الإحساس بمعنى مزدوج: هناك الإحساس بالقوة والإحساس بالفعل» . لكي يُفهمنا أرسطو الحس في قولته، فإنه يطبق بداية على العلم مفهومي الفعل والقوة؛ إنه يقيم بذلك توازيا بين العلم والإحساس: ماهو صحيح عن العلم هو مطبق بشكل متناسب على الإحساس.
يقول لنا أرسطو، أنه في العلم، يوجد قوة مزدوجة وفعل مزدوج: هناك قوة بعيدة عن العلم وقوة قريبة منه. كل إنسان، بموجب طبيعته الحيوانية العاقلة، يمكن أن يُقال عنه «عالم» بالقوة؛ لذلك بفضل ذكائه، يمكن أن يكتسب عادات habitus عن العالم. يمكن أن يصبح موسيقيا، أو نحويا أو فيلسوفا، لكن الحيوان لا يمكنه ذلك، لأنه محروم من الذكاء. ذلك ما يفسر لم أكد أرسطو على أن الإنسان هو بالقوة بعيد على اكتساب العلم: «بمعنى من المعاني، لذلك، فالموجود هو عالم بالكيفية التي نقول بها أن إنسانا ما عالم، لأن الإنسان يدخل في فئة الموجودات التي هي عالمة والتي تمتلك العلم» .
تلتقي القوة الأخرى في العلم عند الإنسان الذي يمتلك مثل هذه العادة تجاه العلم بعد اكتسابه، لكنه لا يستعمل بشكل فعلي actuelle عادته habitus؛ على سبيل المثال، النحوي الذي تعلم قوانين النحو، ولكنه يمارس fait بشكل فعلي النحو. هذا الرجل سيقال عنه أنه قريب بالقوة من العلم؛ «... لكن بمعنى آخر، نطلق اسم عالم على ذلك الذي يعرف سابقا علم النحو» .
يتعلق الأمر جيدا في كلتا الحالتين اللتين عرضهما أرسطو بالقوة. لذلك، في الحالة الأولى، الإنسان هو بالقوة في العلم en puissance à la science لأنه يمتلك ذكاء يُمَكنه من اكتساب عادات عديدة عن العلم؛ وسيكون الإنسان عالما بالفعل حينما سيكتسب العادة التي يرغب في اكتسابها. في الحالة الثانية، فإن الرجل الذي اكتسب عادة معينة سيكون بالقوة قريبا من العلم، إذا لم يمارس بالفعل العلم الذي اكتسبه؛ لكنه سيكون عالما بالفعل في اللحظة التي يمارس و يُفَعل hic et nunc عادته العلمية، إذا، على سبيل المثال مارس النحو، كما يقول أرسطو:
كل واحد منهما ليس بالقوة بنفس الكيفية، لكن الأول هو بالقوة لأن نوعه ومادته هي من مثل هذا النوع، والآخر، لأنه، بالإرادة، قادر على ممارسة العلم إذا لم يمنعه أي عائق خارج عن ذلك. وأخيرا، ذلك الذي يمارس سابقا علمه هو عالم بالفعل، وهو يعلم، بالمعنى الخالص، أن هذا الشيء هو l’A .
يوضح سان طوماس أنه يمكن أن نتصرف بثلاث كيفيات تجاه العلم:
Manifestum est autem quod uterque horum dicitur sciens, ex eo quod aliquid postest. Sed primus quidem dicitur potens quia est genus huiusmodi et materia, scilicet quia habet naturalem potentiam ad sciendum, perquam collocatur in tali genere et quia est in potentia, puta ad scientiam, sicut materia ad formam. Secundus autem, scilicet qui habet habitum scientia, dicitur potens, quia cum vult potest considerare, nisi aliquid extrinsecum per accidens impediat puta vel occupatio exterior, vel aliqua indisposito ex parte corporis.
Tertius autem, qui jam considerat, est in actu et iste est proprie et perfecte, qui scit ea quae sunt alicujus artis puta hanc litteram A, quae pertinet ad grammaticam, de qua supra fecit mentionem. Horum igitur trium, ultimus est in actu tantum secundus autem in actu respect primi, et in potential respect secundi. Unde manifestum est, quod esse in potentia dicitur dupliciter, scilicet de primo et secundo et esse in actu dicitur dupliciter, scilicet de secundo et tertio .

يوجد لذلك ثلاث درجات في العلم: في الدرجة الأولى، كل رجل، بحسب طبيعته، هو بالقوة بعيد عن العلم، إنها هنا قوة خالصة فقط. الدرجة الثالثة هي التي يكون فيها العالم ممتلكا عادته habitus العلمية ويكون فيها ممارسا لها بالفعل. في الحالة الثانية، هناك خليط من القوة والفعل، هو مستوى عادة العلم. إذا اعتبرنا الحالة الثانية بعلاقتها بالأولى، فإن هذه العادة تتصرف كفعل، بما أنها تضيف تحديدا وكمالا للذات التي تمر من حالة الجاهل إلى حالة العالم. تصبح عادة العلم هاته، بعلاقتها بالدرجة الثالثة، درجة الفعل، قوةً، لأنه في هذا المستوى لا يقوم الإنسان بالفعل باستعمال علمه.
يطبق بعد ذلك أرسطو على الإحساس اعتباراته ses considération بخصوص العلم. يوجد، بالمثل، في المعرفة الحسية قوتين مزدوجتين: الأولى بعيدة، والأخرى قريبة، لذلك، كل موجود حسي هو، بطبيعته، قابل للإحساس apte à la sensation لأنه يمْكنه أن يكتسب أعضاء عديدة من الحواس، تتطلبها عملية الإحساس و المعرفة. لهذا السبب، يتحدث أرسطو عن قوة بعيدة عن الإحساس؛ إذا كان يمكن للموجود الذكي العاقل intelligent أن يكتسب عادات العلم، فإنه بالمثل كذلك يمكنه أن يكتسب أعضاء الحواس، وهو المبدأ المولِّد générateur للموجود الحسي sensitive الذي به يتصل بأعضائه الحسية . متى ما اكتسب الكائن الحي العارف الأعضاء، فإنه يمتلك الإحساس بطريقة عادة العلم habitus de science، لأنه لا يمارس فعليا actuellement فعل المعرفة: «بالنسبة للموجود الحسي؛ ينتج التغيير الأول بفعل الموَلِد: متى ما وُلد engendé ، فإنه سيمتلك آنذاك الإحساس على طريقة العلم la sensation à la façon d’une science» .
تتنزل منزلة قوى المعرفة puissance de connaissance بالنسبة للإحساس بالفعل sensation en acte منزلة عادات العلم بالنسبة للعلم المُمَارَس المُفَعل. سيكون هناك إحساس بالفعل متى une fois توفرت أعضاء الحواس، وأصبحت محددة لطرح poser فعل المعرفة بالفعل، بفضل المحسوس الخارجي، مثل المرئي والمسموع:

« يتناسب الإحساس بالفعل مع ممارسة العلم، لكن مع هذا الاختلاف،أنه بالنسبة للأولى، الفواعل les agentsالمنتجة للفعل خارجية: إنها على سبيل المثال، المرئي والمسموع، وباقي المحسوسات» . هذه المرحلة تتناسب مع ممارسة العلم: إذا كان الإنسان عالما بالفعل حينما يقوم fait بالنحو؛ فإن الذات العارفة بالمثل كذلك هي ذات عارفة بالفعل حينما تطرح poseبشكل فعلي activement فعل المعرفة متى ما حددت من طرف المحسوسات الخارجية.
إن المرور الأول من القوة إلى الفعل بالنسبة للحواس، هو مرور من القابلية aptitudeالخاصة spécifique للكائن الحي لاكتساب الحساسية والأعضاء، بينما يتحقق المرور الثاني من القوة إلى الفعل حينما تحدد المحسوسات sensibles الخارجية قوة المعرفة. يتبنى أمبادوقليس فكرة أن النفس كانت était بالفعل كل ما تعرفه، أما أرسطو فيؤكد العكس ببيان أنها بالقوة فقط في المعرفة . لكن سيكون من غير الدقيق الاعتقاد أن المعرفة تُختصر في فعل انفعل Pâtir بسيط؛ بل على العكس إنها عملية فعلية نشطة active من طرف الذات .لأنه إذا كان لكي يقال «عالم بالفعل» يجب ممارسة عادة العلم المكتسبة بشكل فعلي، فإنه بالمثل لطرح poser فعل المعرفة لا يكفي التعرض subir للمحسوسات، لكن ينبغي طرح poser فعل حي acte vital. بتصور مشكل المعرفة من وجهة نظر la perspective الفعل والقوة، برهن أرسطو أن المعرفة هي طرح poser فعل، عملية؛ علاوة على ذلك، سيتكلم عن حكم jugement الحس المشترك الذي يرمي إلى الحكم على مختلف المحسوسات المدركة من طرف مختلف الحواس الخارجية.
يعطي أمبادوقليس أهمية أقل للمحسوس الخارجي، بجعله النفس مركبا من العديد من المحسوسات كالنار والهواء؛ ولذلك، فإن المحسوس الخارجي ليس أساسيا في المعرفة. على العكس، يقول أرسطو أنه بدون المحسوس الخارجي؛ لا يمكن أن تكون هناك معرفة: ينبغي أن يصبح المحسوس الخارجي حاضرا في الذات، يبقى الآن أن نحدد الطريقة التي بها يصبح الشيء المعروف حاضرا في الذات، النمط du mode الخاص والمميز لحضور الشيء المعروف في الذات العارفة.

IV- اللامادية، أساس المعرفة:

قال أمبادوقليس أن الشيء المعروف يصبح حاضرا في الذات العارفة بفضل مبادئه المكونة له، مثل الأرض، الماء، النار، لكن، نمط هذا الحضور كان نمطا ماديا وفيزيائيا. إن الموضوع المعروف، حسبه، يصبح حاضرا في النفس بالطريقة نفسها التي يوجد بها في الواقع، إن الفلاسفة القدماء، مثلما يشرحه سان طوماس، يعتقدون أن تشابه الشيء المعروف يوجد في الذات العارفة بحسب الموجود الطبيعي الذي يمتلكه الشيء في الواقع الخارجي:
«Antiqui vero philosophi arbitrati sunt quod oportet similitudinem rei cognitae esse in cognoscente secundum esse naturale, hoe est secudum idem esse naturale quod habet in seipsa : dicebant enim quod oportebat simile simili cognosci» .
يزعم أرسطو، على العكس، أن الشيء من حيث أنه يوجد في الذات العارفة يتخذ وجودا جديدا، وجودا " لا ماديا " : إنها اللامادية التي ستصبح أساس المعرفة، و إنها الشكل الوحيد للموضوع الذي تتلقاه الذات .
إن أرسطو في كتابه النفس، ليس صريحا جدا حول مذهب تلقي الأشكال بدون المادة من طرف الذات العارفة. أيضا، من المجدي هنا أن نستحضر مرة أخرى سان طوماس لكي نحصل على المزيد من التفاصيل والتدقيقات حول الموضوع. لكن قبل ذلك، إليكم المقطع الأساسي من كتابه حول اللامادية.


بصفة عامة، لكل إحساس، ينبغي أن نفهم أن الحس هو متلقي le receptacle الأشكال الحسية حول المادة، إنه مثل السمع يتلقى بصمة الخاتم بدون نار ولا ذهب، ويتلقى بصمة sceau من الذهب أو من النحاس airain ولكن ليس من حيث أنه ذهب أو نحاس؛ الأمر نفسه بالنسبة للحس: إن الحس، بالنسبة لكل محسوس، ينفعل تحتل فعل sous l’action من يمتلك اللون، المذاق، أو الصوت، وليس من حيث أن كل واحد من هذه الأشياء يقال عنها شيء خاص particulier ولكن من حيث أنها قيمة معينة وبموجب شكلها .


يقارن هنا أرسطو النفس الحسية، التي تتلقى شكل الشيء الخارجي المعروف، بالشمع التي يمكن أن يتلقى النقش effigie المنحوت في خاتم sceau الذهب، أو النحاس؛ هكذا فإن شكل الشيء المعروف فقط من يصبح حاضرا في النفس، بينما المادة لذلك تترك جانبا. على سبيل المثال، حسب هذا المذهب، نقول أن الشجرة المعروفة لا يتم تلقيها مع مادتها، ولكن فقط شكلها. بمعنى آخر، تصبح الشجرة حاضرة في الموضوع بفضل التشابه معها، تشابه لا مادي.
تعرض مذهب أرسطو هذا حول اللامادية إلى العديد من الصعوبات. يعطينا سان طوماس واحدة من هذه الصعوبات الجد مهمة: ألا يشترك كل منفعل patient في تلقي شكل الفاعل فقط، وليست مادته، بما أننا نعرف أن الفاعل يتصرف agit بشكله وليس بمادته؟ في هذه الحالة، مثال الخاتم sceau الذي اختاره أرسطو غير جيد، ولا يطبق على المعرفة، لأن السمع لا يعرف الخاتم، ورغم ذلك فإنه يتلقى الشكل الوحيد للخاتم وليس مادته، إنه ليس بالشيء الخاص le propre بالذات العارفة أن تتلقى الشكل الوحيد للفاعل
«Sed hoe videtur esse commune omni patienti (quod est susceptivus specierum sin materia). Omne enim patiens recipit aliquid ab agente secundum quod est agens. Agens autem agit per suam formam, et non per suam matriam : omne igitur patiens recipit forman sine materia» .

يعرف سان طوماس الإجابة عن هذه الصعوبة. سيتنازل فقط على فكرة أنه فقط شكل الفاعل ما يتلقاه المنفعل؛ لكن ينبغي أن نشير إلى تمييز في الطريقة التي يتلقى فيها المنفعل شكل الفاعل. قد يقع في بعض الحالات أن يوجد الشكل المتلقى من طرف المنفعل فيه بنفس الكيفية التي يوجد بها الفاعل الذي يتصل معه بها. هذا يقع حينما تتطابق استعدادات الفاعل و المنفعل على شكل معين. على سبيل المثال، النار تسخن الماء، سنقول هنا إذن أن الماء يتلقى حرارة النار بنفس الكيفية التي تمتلك فيها النار الحرارة. في هذه الحالة من الخاطئ القول أن الشكل (الحرارة) تم تلقيها من طرف المنفعل(الماء) بدون مادة الفاعل(النار). بديهيا، ليست المادة مطابقة بحسب العدد في المنفعل وفي الفاعل، لكن استعدادات المنفعل والفاعل المادية هي متطابقة فيما يخص الشكل المعني (الحرارة): النار والماء لهما نفس الاستعدادات تجاه للحرارة، لأن أحدهما يعطي الحرارة والآخر يتلقاها:
… Nam forma quae est in patiente recipitur ab agente quandoque quidem habet eumdem modum essendi in patiente quem habet in agente et hoc quidem contingit quando patiens habet eamdem dispositionem ad formam quam habet agens… et tunc non recipitur forma sine materia .

لكن قد يقع في بعض الحالات الأخرى، أن لا يوجد الشكل المتلقي من طرف المنفعل فيه بنفس الطريقة التي يوجد بها في الفاعل. في هذه الحالة، يُتلقى الشكل من طرف المنفعل بدون المادة؛ وهذه هي حالة المعرفة. لذلك، يتلقى عضو الحاسة شكل الفاعل بدون مادته، لأن الذات العارفة ليست لها استعدادات طبيعية لتلقى الشكل مثلما يوجد في الموضوع بدون مادته؛ في الموضوع الخارجي يمتلك الشكل وجودا ماديا entitative ، بينما هو في الذات العارفة يمتلك وجودا لا ماديا، بمعنى منزوع المادة، بطريقة معينة.
لنرجع إلى الحالتين المشار إليهما أعلاه، في الأولى يوجد الشكل (الحرارة) بنفس الطريقة في النار والماء؛ لأن النار والماء يمتلكان نفس الاستعدادات الطبيعية لهذا الشكل. في الحالة الثانية، على العكس، يوجد الشكل (الشجرة) في الفاعل الخارجي كموجود طبيعي، لكنه في الذات العارفة يوجد كموجود حدسي .intentionnel
Quandoque vero forma recipitur in patiente secundum alium modum essendi qum st in agente quia dispositio materialis patientis ad recipiendum non est similis dispositioni materiali, quae est in agente … Et per hun modum, sensus resipit formam sin materia, quia alterius modiesse habet forma in sensu, et in re sensibili. Nam in re sensibili habet esse naturae, in sensu autem habet esse intentionale et spirituale.


ينبغي أن نفهم مثال الخاتم الذي ذكره أرسطو كالتالي: من البديهي أن لا يتعلق الأمر هنا بفعل المعرفة، لأن السمع لا يعرف الخاتم، لكن ببساطة هو توضيح لما يقع في عملية المعرفة. ينبغي إقامة التماثلات les transpositions التي تفرض نفسها وفهم هذه المقارنة؛ إذا كان الشمع يصبح شبيها للخاتم ليس بحسب مادته و إنما بحسب شكله فقط، بمعنى بحسب الصورة المنحوتة في الخاتم، فإنه كذلك بالمثل، يصبح الحس شبيها للمحسوس الخارجي ليس بحسب مادته، ولكن بحسب شكله فقط. ينفعل pâtit الحس بفعل المحسوس الذي يمتلك اللون والطعم والرائحة، ليس من حيث أنه يتعلق الأمر بمادة معينة لأن الحس لا يتعرض subit للحجر الأحمر من حيث أنه حجر، ولا للعسل اللين من حيث أنه عسل، وهذا لأنه ليس هناك تطابق في استعدادات الفاعل والمنفعل حيال الشكل. كما في حالة الأشياء المادية. على العكس يتلقى الحس الحجر الأحمر من حيث أنه ملون، والعسل من حيث أنه لين.
يقدم سان طوماس اعتبارات مهمة حول اللامادية تؤسس للمعرفة، هكذا، فإنه في كتاب المجموع التيولوجي La somme théologique نجد هذا المقطع:
Cognoscentia a non eognoscentibus in hoe distinguuntur quia non cognoscentia nihil habent nisi formam suam tantum, sed cognoscens natum est habere formam rei alterius, nam species cogniti est in cognoscente. Unde manifestum est quod natura rei non cognoscentis est magis coarctata et-limit-ata. Natura autem rerum cognoscentium habet majorem amplitudinem et extensionem propter quod dicit Philosophus in III DE Anima quod anina est quodammodo omnia .
في هذا النص يوظف سان طوماس تعابير عديدة مميزة للمعرفة: formam suam tantum- formam rei alteruis-species- natura…coartata et-limit-ata- majorem amplitudinem.

إن الذات غير العارفة le non-connaissant حسب أرسطو لا تمتلك إلا شكلها الخاص، لذلك، فإن فلسفة الطبيعة تعلمنا أن كل موجود متحرك يتركب من مادة أولية ومن شكل جوهري substantielleكمكونات أساسية؛ تتلقى المادة الشكل «كما لو كان شكلها» وتشكل معها ens naturae. هكذا، فإن كل موجود طبيعي يتركب من هذين المبدئين، وكل واحد يمتلك شكله الخاص غير القابل لأن يتصل به incommunicableمع الآخر. لكن، يمكن للموجود الذي له هبة doué المعرفة أن يتلقى شكل الموضوع المعروف إلى جانب امتلاكه للشكل الخاص الجوهري substantielle . لكنه لا يتلقى شكل الشيء المعروف كما لو كان شكله- لأن شكل الشيء المعروف غير قابل لأن يتصل به معه incommunicable - و لكن يتلقاه كشكل الآخر بما هو آخر en tant qu’autre . يتشكل اتحاد جد ضيق بين الذات العارفة و الشيء المعروف ، بين المنفعل و الفاعل ؛ لكن هذا الاتحاد لا يكون كما في حالة التلقي الماديةلالا entitative المركبة composition للحد الثالث. تبقى الذات كما هي، ونفس الشيء بالنسبة للشيء المعروف: تتلقى الذات العارفة فقط شكل الشيء المعروف من حيث أنه هومعروف و ليس من حيث أنه هو شكلها. يرجع التمييز الأساسي، حسب سان طوماس، بين الذات العارفة و الذات غير العارفة إلى أن الذوات غير العارفة لا تمتلك إلا شكلها الخاص الذي يتحد بمادتها، و أنها( أي الذوات غير العارفة) غير قادرة على تلقي أشكال أخرى غير أشكالها، بينما يمكن أن يتلقى الموجود الذي له هبة المعرفة – ببقائه هو نفسه في طبيعته الخاصة – عددا لا متناه من الأشكال التي لا تصبح " أشكاله" هو، و لكنها تبقى أشكالا للأشياء الأخرى.
يصرح سان طوماس في نفس المقطع أن la species الشيء المعروف يوجد في الذات العارفة: species cogniti est in cognoscente . تمثل هذه العبارة تأسيسا للامادية immaterialité كأصل للمعرفة. لذلك، ففي مقابل امبادوقلس الذي يتبنى فكرة أن الشيء يصبح ماديا entitative حاضرا في الذات العارفة بفضل مبادئه المشكلة له، فإن سان طوماس، بعد أرسطو، يقول أن الشيء المعروف لا يوجد في النفس حسب تشابه مادي، بفضل مبادئه، ولكن بواسطة species أو تشابه لا مادي. يستعمل المدرسيون scolastiques مصطلح species في معنى التشابه، الصورة، أوالنوع. يوظَف هذا المصطلح في المعرفة الحسية أكثر منه في المعرفة العقلية. توجد أنواع حسية، الصور و أنواع عقلية، أفكار و مفاهيم. إن النفس، كمبدأ للمعرفة، سلبية غير نشطة passive تجاه موضوعها الخاص، المحسوس الخارجي، ويجب عليها أن تخرج إلى الوجود بالفعل actué به. لكن بما أن الموضوع الخارجي لا يمكن أن يسكن النفس بكيفية مادية، فإن شبيها له هو الذي يقوم بذلك. تلعب Species بشكل خاص إذن الاداة: إن الأنواع ليست هي ما يُعرف مباشرة، لأن الشيء المعروف هو الموضوع المادي الخارجي؛ بمعنى آخر، إن الموضوع المادي هو حقيقة معروف بفضل شبيهه.
ينتج عن ذلك أن الذات غير العارفة، التي لا يمكنها أن تتلقى أشكال الأشياء الأخرى بدون أن تصبح أشكالها، تمتلك طبيعة محدودة. إن المادة في التلقي المادي هي التي تحُد و تحدد الشكل؛ تعطي المادة الشكل وجودا محددا، و بمجرد ما يتلحق الشكل بالمادة يصبح "شكلا معينا": حيوانا أو نباتا على سبيل المثال. لذلك، فإن أرسطو يتسائل عن سبب حرمان privées de النباتات من المعرفة؛ يجيب أرسطو عن ذلك ببيان أن وجودها مادي جدا و هذا ما يحول دون أن يتلقى شكل الآخر دون مادته:
هذا ما يفسر لم ليس للنباتات الإحساس، بالرغم من أن لها أحد أجزاء النفس، و أنها تنفعل patissent بدرجة معينة تحت تأثير الأشياء الملموسة tangibles؛ لذلك، فإنها بإمكانها أن تصبح باردة أو حارة. السبب هو أنها ليس لها médiété ، و لا لها مبادئ قادرة على تلقي أشكال المحسوسات( بدون مادتها)؛ إنها على العكس، حينما تنفعل patissent ، فإنها تتلقى أيضا المادة.
حينما تتلقى النبتة الحرارة من الشمس، فإنها تلقاها بنفس الطريقة التي توجد بها في النار: إنها حالة من التلقي حيث تكون استعدادات المادة تجاه الشكل تتطابق عند الفاعل و عند المنفعل. لذلك، فإن الذوات غير العارفة تحتوي كثيرا على بصماتentachés المواد، و هذا ما يحول دون تلقي شكل الآخر، دون أن تصبح هي نفسها هذا الآخر.
تمتلك طبيعة الموجود العارف بعدا أكبر: يمكن للذات العارفة أن تمتلك ما لا نهاية له من الأشكال التي تبقى هي نفسها أشكال الآخرين. يصبح شكل الشيء المعروف حاضرا في الذهن كــ forma rei allerius ؛ يصبح المنفعل بطريقة معينة العامل الفاعل ببقائه هو نفسه ، لأنه لا يتعلق الأمر هنا باتحاد على مستوى التمثل و لا على مستوى الحقيقة.
يمكن لنص De veritate أن يكَمل ما قاله سان طوماس حول المعرفة و أساسها. يقول فيه أن شيئا ما يجد كماله بكيفيتين: أولا بحسب الكمال الذي يأخذه من طبيعته الخاصة، من son esse . ثانيا، يمكن للشيء ان يجد كماله أيضا في شيء خارجي عنه: perfectio quae est propria unuis rei, in atterare invenitur. يتعلق الأمر إذن بكمال الذات العارفة التي بإمكانها ان تصبح كل الأشياء. يمكن أن يلتقي كمال الكون بأكمله في موجود واحد: » possibile est ut in una re totius universi perfectio exisat » .
يبين سان طوماس، بعد ذلك، أنه ينبغي أن تلتقي المادية في الذات العارفة و الموضوع المعروف. فمن جهة، ينبغي للذات أن تتخلص من مادتها، و أن ترتفع إلى مستوى اللامادية. و إذا لم تستطع الذات فعل ذلك، لأنها جد مادية، كالنباتات، فإنها تتلقى كمال الشيء الخارجي بنفس الكيفية التي تتلقى بها المادة الشكل: إن كمال الموضوع في الذات ليس في إمكانية معرفته، ولكن ببساطة في تلقيه.
Unde oportet quod etiam id in quo suspicitur talis rei perfectio, sit immateriale: si enim esset materiale, perfectio recepta esset in eo secundum aliquod esse determinatum ei ita no esset in eo secundum quod est cognoscibilis scilicet prout, sxistens perfectio unius, est nata esse in altero.

من جهة أخرى، ينبغي أن يكون الموضوع المعروف لا ماديا إلى نقطة معينة. إننا ببداهة لا نقصد من هذا تخلصا كاملا من كل مادة حسية: من المستحيل معرفة الحجر بتجريده من المادة، لأن الأشياء المادية معروفة من حيث أنها أشياء حسية و مادية. إن اللامادية من جهة الموضوع هي بالأحرى مرادفة للاإمكانية non potenntialité : يُنحى جانبا، عدم كمال موجود ما، عدم الكمال الذي يأتي من مادته، التي تحد من شكله، فتجعله بالتالي أقل قابلية لأن يُعرف، لأن الأشياء تُعرف أكثر بشكلها منه بمادتها. يصبح شيء ما أكثر قابلية لأن يُعرف كلما تمت تفرقته عن مادته، حتى لا يُقال عنه نسبة إلى مادته qu’elle ne dit pas relation à la matière. لكن هذا يبقى صحيحا إذا اعتبرنا الأشياء بكيفية مطلقة، الأشياء في ذاتها. لكن الأشياء الأكثر لا مادية ، في المطلق، هي الأكثر قابلية لأن تُعرف من طرف الموجودات:إن الإله، اللامادي السرمدي subsistant ، الذي هو أكثر قابلية لأن يُعرف من طرف الموجودات، هو الذي نعرفه أقل. يؤكد سان طوماس في De veritate بخصوص اللامادية من جهة الموضوع أن:

Perfectio autem unius rei in altera esse non potest secundum determinatum esse quod habebat in re illa et ideo ad hoc quod nata sit esse in re altera , oportet eam considerare absque his quae nata sunt eam determinare. Et quia formae et perfectiones rerum per materiam deteminantur, inde est quod secundum hoc est aliqua res cognoscibilis secundum quod a materia separatur.
لذلك، لا يمكن أن يأتي كمال شيء ما ليسكن في نفس الذات العارفة حسب وجوده الطبيعي، الوجود الذي يمتلكه هذا الكمال في الموضوع الخارجي. لذلك، لكي يصبح كمال ما حاضرا في الذات العارفة، ينبغي اعتبار هذا الكمال بتجريده مما يحُد و يحدد هذا الكمال. بما أن المادة هي التي تحُد-limit-e الأشكال و الكمالات les perfections ، فإنه كلما تخلص الشيء من مادته أصبح أكثر قابلية لأن يُعرف.
يختم سان طوماس اعتباراته بإقامة تراتبية بين الموجودات من حيث قدرتها على المعرفة. إن النباتات ، بالرغم من امتلاكها الروح النباتية، فهي مادية كثيرا بحيث يحول ذلك دون أن تُعرف: إنها لا تستطيع أن ترتقي إلى درجة اللامادية التي تتطلبها المعرفة. يمكن للنفس الحسية من جهتها أن تتلقى الأشياء المنزوعة المادة، لكن مع شروط المادة نفسها؛ لذلك، فإن الحواس الخارجية المختلفة يمكن أن تتلقى الأشياء الحسية، التحديدات المادية للأشياء و ليس جواهر الأشياء نفسها. ما يتلقى الأشكال بدون مادة هو العقل الإنساني فقط. إنه هو الذي يتلقى الأشكال بدون المادة، و هو الذي يدرك الكلي كما هو ؛ لكن ينبغي أن ندقق أن العقل يتعلق بالحس لطرح poser عملياته بحيث أنه بدون إدراك حسي قبلي préalable ، لا يمكن أن يكون هناك تعقل intellection .
نلاحظ أن المشاكل التي أثارها أرسطو بخصوص سيكولوجية المعرفة قد تم طرحها قبله من طرف سابقيه، الماقبل سقراطيين. قدم هؤلاء حلولا يمتزج فيها الخطأ بالحقيقة؛ و هذا يمكن تفهمه خصوصا إذا علمنا أننا كنا أنذاك في مرحلة بداية الفلسفة.
لكن آراء الفلاسفة القدماء مازالت تحتفظ ببعض القيمة. إن أرسطو لا يرفضها إطلاقا إلا بعد أن يستخرج منها الحقيقة التي تتضمنها. على سبيل المثال يعتقد امبادوقليس أن عملية المعرفة لا تتحقق إلا بشرط اتصال الذات بالموضوع و حضور الموضوع المعروف في الذات. إن أرسطو يعترف مثله أن الحساسية هي الوسيلة الأولى للمعرفة و أن النفس حينما تعرف تصبح كل الأشياء. ساعدت أخطاء الفلاسفة القدماء بدورها أرسطو: لقد جنبته أن يقع فيها بدوره وأن يحترس من أخطاء من نفس النوع. بدون عثرات المفكرين القدماء، لما تمكن أرسطو من التوصل بوضوح و بدقة إلى تحديد عملية المعرفة، وتحقيق ما يفترضه.



#الشريف_ازكنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
- إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
- ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال ...
- السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب ...
- فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم ...
- الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال ...
- تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح ...
- جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع ...
- قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي ...
- الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الشريف ازكنداوي - أرسطو و النظريات ما قبل سقراطية حول المعرفة