أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوحنا المعمدان - لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ ؟!!















المزيد.....


لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ ؟!!


يوحنا المعمدان

الحوار المتمدن-العدد: 5678 - 2017 / 10 / 24 - 22:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سفر إشعياء
إصحاح 63

1 مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ؟ هذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ، الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ. «أَنَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ».
2 مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟
3 «قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي.
4 لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي، وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ.
5 فَنَظَرْتُ وَلَمْ يَكُنْ مُعِينٌ، وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ، فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي، وَغَيْظِي عَضَدَنِي.
6 فَدُسْتُ شُعُوبًا بِغَضَبِي وَأَسْكَرْتُهُمْ بِغَيْظِي، وَأَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ».
7 إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ، تَسَابِيحَ الرَّبِّ، حَسَبَ كُلِّ مَا كَافَأَنَا بِهِ الرَّبُّ، وَالْخَيْرَ الْعَظِيمَ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَافَأَهُمْ بِهِ حَسَبَ مَرَاحِمِهِ، وَحَسَبَ كَثْرَةِ إِحْسَانَاتِهِ.
8 وَقَدْ قَالَ حَقًّا: «إِنَّهُمْ شَعْبِي، بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ». فَصَارَ لَهُمْ مُخَلِّصًا.
9 فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ.
10 وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ، فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ.
11 ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، مُوسَى وَشَعْبَهُ: «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ،
12 الَّذِي سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ، الَّذِي شَقَّ الْمِيَاهَ قُدَّامَهُمْ لِيَصْنَعَ لِنَفْسِهِ اسْمًا أَبَدِيًّا،
13 الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ، كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَعْثُرُوا؟
14 كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ، رُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ». هكَذَا قُدْتَ شَعْبَكَ لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْمَ مَجْدٍ.
15 تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ وَمَجْدِكَ: أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَجَبَرُوتُكَ؟ زَفِيرُ أَحْشَائِكَ وَمَرَاحِمُكَ نَحْوِي امْتَنَعَتْ.
16 فَإِنَّكَ أَنْتَ أَبُونَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِنَا إِسْرَائِيلُ. أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا، وَلِيُّنَا مُنْذُ الأَبَدِ اسْمُكَ.
17 لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ، قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ.
18 إِلَى قَلِيل امْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ. مُضَايِقُونَا دَاسُوا مَقْدِسَكَ.
19 قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَانٍ كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُدْعَ عَلَيْهِمْ بِاسْمِكَ.


تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
المسيح دائس المعصَرة!!

"لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك؟! قسَّيتَ قلوبنا عن مخافتك؟! ارجع من أجل عبيدك أسباط ميراثك" [17]. واضح هنا أن التائب لا يعني إلقاء اللوم على الله، إنما بعدما اكتشف أبوة الله في الحال يُعاتبه، بأنه كان ينتظر أن نعمته تسنده. حقًا لقد أخطأ وتمادى في الخطأ فأسلمه الله لذهنه المرفوض، وتركه لقساوة قلبه (رو 1: 28)، الآن يطلب نعمته حتى لا يضل عن طريق الرب ولا يبقى في قساوة القلب. هذا ما عناه المرتل بقوله: "بكل قلبي طلبتك، لا تضلني عن وصاياك" (مز 119: 10).
حين يدخل الإنسان تحت التأديب يشعر بالمرارة لذلك يقف معاتبًا الله بكل وسيلة، تارة يسأله ألا يسمح بعد أن يتركه في فساد ذهنه وقساوة قلبه، وأخرى يسترحمه من أجل قديسيه المباركين الذين يطلبون عن البشرية [17]، وأخيرًا يسأله أن يسرع بالنجدة إذ طالت مدة التأديب. هذا ما عبّر عنه النبي بالقول: "إلى قليل امتلك شعب قدسك، مضايقونا داسوا مقدسك، قد كنا منذ زمان كالذين لم تحكم عليهم ولم يُدع عليهم باسمك" [18-19]. لقد حسبوا المدة التي امتلك فيها الشعب الهيكل "قدس الرب" قليلة مع أنها تبلغ حوالي 400 عام من بناء الهيكل حتى السبي، أما مدة السبي (70 سنة) فحسبوها طويلة للغاية بسبب مرارتها، إذ يقولون "كنا منذ زمان...". صاروا تحت السبي مثلهم كسائر الأمم كأن الله ليس حاكما عليهم ينقذهم من هذا المُرّ، وكأن اسمه لم يدع عليهم...
إذ ذاقوا مرارة السبي اشتاقوا أن يملك الرب عليهم ويدعو اسمه عليهم حتى يخلصهم.

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
اشعياء 63 - تفسير سفر أشعياء

هنا استعارة مأخوذة من الشرق حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثيابًا بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حفاة الأقدام فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر وكان ذلك وقت بهجة عارمة وكان موسم فرح عند العبرانيين، وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء.
وقد ذكرت معصرة العنب هذه في (رؤ 14: 18-20) حين قطفت عناقيد كرم الأرض لأن عنبها (الأشرار) قد نضج فألقى هذا العنب إلى معصرة غضب الله العظيمة، وديست هذه المعصرة خارج المدينة فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل. وهنا عصير العنب إشارة للدم (حروب عظيمة).
لكن هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباساً أحمر هو المسيح الفادى الذي غطى دمه جسده على الصليب، وهنا غطى ثيابه إشارة للكنيسة التي غطاها بدمه وهذه هي الكفارة. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها.

يجب أن نميز بين الثياب الحمر (آية1)، والعصير الذي لطَّخ ثيابه (آية3)، والعصير الذي جرى على الأرض (آية6) الناتج عن دوس لابس الثياب الحمر على أعدائه.
الثياب الحمر هي جسد المسيح الذي هو كنيسته المغطى بدمه، دم الفداء والكفارة (COVER) عن شعبه. هذه الدماء للخلاص، وهي دماء المسيح ولكنها للفرح، لذلك يقول ثيابك كدائس المعصرة = فدوس معصرة العنب يوم فرح، فرح الله وفرح شعبه بالخلاص العظيم والبر (آيات1، 2). الدم في هذه الآيات هو دم المسيح.
العصير الأحمر الذي لطخ ثيابه = الدم هنا هو دم أعدائه وأعداء كنيسته أي الشياطين، وهذا إشارة لدوس المسيح على الشيطان يوم الصليب وسيكمل الإنتقام في نهاية الأيام. وبعد الصليب أعطى المسيح السلطان لكنيسته أن تكمل دوس هذا العدو (لو10: 19). وهنا دوس بغضب وغيظ فهو ضد عدو الله الذي أفسد الكثيرين (
آيات3 - 5).
العصير الذي جرى على الأرض هو دم ناتج عن دوس المسيح على أعدائه وأعداء كنيسته المحيطين بها أيام النهاية في حروب الأيام الأخيرة (رؤ14، رؤ16، حز38 ، حز39، زك14). وأيضا إشارة لإلقاء الشيطان وأتباعه في بحيرة النار والكبريت (رؤ19، 20) ونجد هذا في (آية6).

آيات (1- 6) من ذا الآتي من أدوم بثياب حمر من بصرة هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته أنا المتكلم بالبر العظيم للخلاص. ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة. قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد فدستهم بغضبي ووطئتهم بغيظي فرش عصيرهم على ثيابي فلطخت كل ملابسي.لان يوم النقمة في قلبي وسنة مفديىَ قد أتت. فنظرت ولم يكن معين وتحيرت إذ لم يكن عاضد فخلصت لي ذراعي وغيظي عضدني. فدست شعوبا بغضبي وأسكرتهم بغيظي وأجريت على الأرض عصيرهم.
هنا أدوم تشير لأعداء الله وأعداء شعب الله الروحيين أي قوات الشر الروحية، فهي عداوة تقليدية بين أدوم (عيسو) وبين يعقوب أي شعب الله، هي عداوة من البطن، كما بين الشيطان والبشر. وهناك حروب دائمة بين يعقوب وعيسو، دامت في أولادهم. وكانت هزيمة داود لأدوم (2صم 8: 13، 14) رمزاً لهزيمة المسيح لإبليس. وخطايا أدوم هي الكبرياء (عو 3) والبغضة (حز 35: 5) والحسد (حز 35: 11) والظلم لشعب الله (يؤ 3: 19) وهذه الخطايا هي خطايا قوات الشر الروحية من الشياطين الذين يبغضون شعب الله، وهم كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه. وهم المتكبرين وهم الذين يحسدون شعب الله على ما حصل عليه من بركات العهد الجديد ومحارباتهم لنا هي ظلم. ولقد بدأ انتقام الرب يوم الصليب. ولكن مازالت هناك حروب ضد شعب الله وهناك يوم للانتقام، وهو يوم محدد للخلاص النهائي يوم تداس فيه قوات الشر الروحية في معصرة غضب الله. حين تقطع عناقيد كرم الأرض أي أشرار الأرض ويداسون في الأرض في معركة عظيمة قد تكون حول أورشليم وبعدها يكون المجيء الثاني بوقت قليل، وفيه يطرح عدو الخير ومن يتبعه في البحيرة المتقدة بالنار. وهذا هو يوم نقمة الله = لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي. وفي هذا اليوم سيَرُشَّ دمهم عَلَى ثِيَابِه فَلَطَخَتْ كُلَّ مَلاَبِسه = إشارة لأنه غلب العدو وداسه (أي إبليس ومن تبعه) وهذه الدماء كانت خارجة من معصرة الغضب.

ملاحظات:
1) قوله سَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قبل أن يتم الفداء إشارة لأن كلمة الله لا تسقط، فهو قرر وسيعمل بالتأكيد. هي السنة التي تم فيها الفداء على الصليب. يوم داس المسيح عدوه الشيطان بغيظ وغضب. ولاحظ قوله فلطَخْتُ كل ملابسى = هو لطخها، لم يلطخها أحد، وهذا يعنى أنه لم يجبره أحد على الصليب، بل هو ذهب بكامل إرادته، لم يميته أحد بل هو "له السلطان أن يضعها" (يو10: 18)، وهو الذي أسلم روحه وقت أن أراد أن يفعل.
2) لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي = ومعنى هذا أن الله إنتظر بصبر عجيب حتى يأتي يوم الفداء ليخلص أولاده، ولكنه لا يعمل إلا في الوقت المناسب، ملء الزمان، كما خلص الشعب من مصر ومن بابل في الوقت المحدد منه.
وهنا في هذه الآيات رأى النبي هذا الإنسان البهى بملابسه وهو المسيح بَثِيَابُ حَمَّر = إشارة للفداء، وقد أتى من أدوم (فالمعركة كانت بين الفادى وبين الشيطان ورمزه هنا أدوم). وبُصْرَةَ = هي أكبر مدن أدوم. ورآه بَهِيُّ في مَلاَبِسِهِ = فهو الذي رآه يوحنا وقد "خرج غالباً ولكي يغلب". ملابسه هي كنيسته وعروسه التي بررها وفداها فصارت لها جماله "أنا سوداء وجميلة" (نش1: 5) . مُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ = فكان إنتصاره على الصليب بقوة عجيبة غلب فيها الشيطان وداسه وأعطانا نحن شعبه هذا السلطان، وبموته داس الموت وأعطانا حياته الأبدية، ولذلك كانت مذابح الهيكل (المحرقة والبخور) في العهد القديم لها قرون علامة القوة. وشعب المسيح حينما أدرك عمل المسيح له عَظَّمه ومَجَّده.

وهو الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ = فهو المسيح الكلمة الذي برر شعبه. لِلْخَلاَصِ = فمعنى اسم يسوع هو يخلص شعبه فسأله النبي ما بال لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ = الفداء على الصليب. وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ = كان الشباب يخرجون من المعصرة في فرح، وهنا فرح المسيح بأنه خلص شعبه وبررهم بدمه. ويرد المسيح قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي = فلا يوجد شريك للمسيح في عمل الخلاص. وهو أيضاً الذي سينتقم من أعدائه في سنة الفداء = السنة المحددة لبدء الحياة الأبدية فنحن نبدأ الحياة الأبدية وتكتب أسماءنا في سفر الحياة الأبدية يوم المعمودية التي فيها نموت مع المسيح ونقوم ثابتين فيه، متحدين معه ولنا حياته الأبدية. وفي عمل الخلاص لا يوجد مُعِينٌ = فالتلاميذ تركوه وهربوا، بل أن حتى كل إنسان إنشغل عن خلاص نفسه بغواية الشيطان. وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ = الله لا يتحير ولكن المعنى يشير لأن الوضع قبل الصليب كان وضعاً ميئوساً منه، وهلاك البشر محتوم وعدو الخير كان كأنه قد إنتصر. بل بعد أن قدم المسيح الفداء كان المنتظر أن يهتم كل إنسان بخلاصه ويتجه بقلبه للمسيح ولكن ما يدفع إلى الحيرة (وهذه بلغة البشر) أن الإنسان لم يفعل ما هو منتظر منه. فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي = الذراع تشير لقوة الله أي المسيح فهو قوة الله وحكمته. مدفوعاً بغيظه = وَغَيْظِي عَضَدَنِي = هنا لا يتكلم عن الفداء بل يوم الانتقام يوم المعصرة يوم أن يصير الدم حتى لجم الخيل (رؤ14: 20)، ويوم يُلقَى عدو الخير في بحيرة النار. أي غيرتي ومحبتي لشعبي جعلتني أنتقم من أعدائهم بغيظ.
العظيم للخلاص = جاءت كلمة العظيم فى الإنجليزية mighty والمقصود بها القوى والقدير، فالمسيح القوى جاء بخلاص قوى لا يقدر عليه سواه. وهذا ما كان يعنيه - وضع قرون على مذبح المحرقة (الذى يرمز للصليب) ومذبح البخور (وهذا يرمز لشفاعة المسيح القوية وبها تغفر خطايانا ويكون لنا نصيب فى المجد).

آية (7) إحسانات الرب اذكر تسابيح الرب حسب كل ما كافأنا به الرب والخير العظيم لبيت إسرائيل الذي كافاهم به حسب مراحمه وحسب كثرة إحساناته.
تسبحة شكر لله على هذا الخلاص العظيم.

آية (8) وقد قال حقا أنهم شعبي بنون لا يخونون فصار لهم مخلصا.
هذا ما كان الرب يتمناه أنهم بنون لا يخونون.

آية (9) في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم بمحبته ورأفته هو فكهم ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة.
فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ = شفقة ورحمة ومحبة الله تنطق في هذه الكلمات . وهو الذي بكى على قبر لعازر وهو عالم أنه سيقيمه، وهو بكى تأثراً بما حوله من جو حزن، وبكى حزناً على الإنسان الذي جلب على نفسه قضية الموت. ومعنى الآية أن الله يسمح بالضيقة لتأديبنا فنخلص، والذي يخلصنا دم المسيح = ملاك حضرته ، ولكن الضيقة هي لتعديل مسار نفوسنا المتمردة فنعود للمسيح الذي يخلص كما عاد الابن الضال. ولكن الله في حنانه وهو يرانا نتألم في ضيقتنا يتألم ويتضايق معنا. وجاءت خلصهم في الماضى فالخلاص تم على الصليب، وتكون الضيقة هي لإعادة النفس المتمردة التي تنحرف عن مسار الخلاص إلى طريق الخلاص مرة أخرى حتى لا تهلك، وهذا معنى ما قاله القديس بولس الرسول عن زانى كورنثوس "أسلمته للشيطان... لهلاك الجسد أي بضيقات كثيرة... فتخلص الروح في يوم الرب" (1كو5). وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ = فعناية الله بشعبه حتى قبل المسيح، فخلاص الرب هو في كل الأزمنة.
بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ = المسيح بمحبته قدَّم لنا الفداء وإشترانا بدمه، ففكنا بعد عبودية وحررنا (الفك يعنى تحرير عبد أو فك رهن بدفع فدية) لذلك قال المسيح "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا" (يو8 : 36).

آيات (10، 11) ولكنهم تمردوا واحزنوا روح قدسه فتحول لهم عدوا وهو حاربهم. ثم ذكر الأيام القديمة موسى وشعبه أين الذي أصعدهم من البحر مع راعي غنمه أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه.
الله يخلص ولكن ما هو موقف البشر؟ ولكنهم تمردوا. وماذا صنع الله؟ وهو حاربهم = ليس المعنى الانتقام من شعبه، بل تطهير شعبه من خطاياهم فسمح لشعب إسرائيل أن يقع في يد بابل مدة من الزمان للتطهير. بعدها ذكر الأيام القديمة = الله لم ينسى حتى يذكر، بل نحن الذين ننسى إحساناته والمعنى أنه حين انتهى التطهير ومن أجل وعوده لآبائهم أطلقهم من بابل وهنا تحير النبي فتساءل أين الذين أصعدهم من البحر مع راعي غنمه موسى = كان يجب أن يكونوا تابعين لله ولكن للأسف أين هم؟

آيات (12-14) الذي سير ليمين موسى ذراع مجده الذي شق المياه قدامهم ليصنع لنفسه اسما أبديا. الذي سيرهم في اللجج كفرس في البرية فلم يعثروا. كبهائم تنزل إلى وطاء روح الرب أراحهم هكذا قدت شعبك لتصنع لنفسك اسم مجد.
الله يذكرهم بأعماله العظيمة معهم أي بالرغم أنهم أحزنوا روحه القدوس إلا أنه معهم.
سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ = ذراع الله هو الابن قوة الله له كل المجد، وهو أعطى لموسى قوة تسانده. ليمين موسى = اليمين هو القوة، فقوة موسى كانت هي القوة التي أعطاها الله له. وقوله سيَّر تعنى أن هذه القوة رافقت موسى طوال الرحلة. وقوة الله التي رافقت موسى هي التي شقت أمامه المياه وسَيَّرَهُمْ وسط اللُّجَجِ = وسط البحر كَفَرَسٍ = لا يعثر لأن الله هو الذي يقودهم. وحين يعطشوا يقودهم كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ = لتشرب من الوادي مياهاً حلوة بعنايته. ورُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ = فهو المعزى دائماً أبداً لأولاده. وكان الله في كل هذا يصْنَعَ لِنَفْسِه إسما واسْمَ مَجْدٍ.= ليتمجد الله وسط شعبه وأمام الأمم ليؤمنوا.

آيات (15- 19) تطلع من السماوات وانظر من مسكن قدسك ومجدك أين غيرتك وجبروتك زفير أحشائك ومراحمك نحوي امتنعت. فانك أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم وإن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك. لماذا أضللتنا يا رب عن طرقك قسيت قلوبنا عن مخافتك ارجع من أجل عبيدك أسباط ميراثك. إلى قليل امتلك شعب قدسك مضايقونا داسوا مقدسك. قد كنا منذ زمان كالذين لم تحكم عليهم ولم يدعى عليهم باسمك
موضوع هذه الآيات والإصحاح الذي بعده، صلاة من الشعب قد يكون إشعياء هو الذي صلاها بدافع من الروح القدس. فيها يطلب الشعب من الرب أن يرحمهم ويعترف بأنهم شعبه ويخلصهم من خطاياهم وأعدائهم. تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاء = كأن الله في غضبه قد ترك الأرض وجلس في السماء غير مهتم بشعبه المسحوق تحت أعدائه بسبب خطاياهم. وهنا يصلى له الشعب تَطَلَّعْ = انظر إلينا في ضيقاتنا أي تحنن علينا. زَفِيرُ أَحْشَائِكَ = شفقتك وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ = هم قالوا قبلها لأنك أنت أبونا، ويكون المعنى أنه وحتى إن لم نكن أولاد إبراهيم فبنوتنا لله أهم من بنوتنا لإبراهيم بالرغم من إعتزاز اليهود ببنوتهم لإبراهيم.
ولا توجد صلاة أخرى في العهد القديم فيها يخاطب الشعب الله قائلا أبونا سوى هذه الصلاة.
وهذا مما يدل أن الروح القدس أوحى لإشعياء أن يصلى بروح العهد الجديد " أبانا الذي في السموات ". أَضْلَلْتَنَا = الله لا يضل أحد ولكن هم بحريتهم ضلوا بعيداً عنه والله سمح بضلالهم ليتأدبوا، وربما تشير للسبي الذي يحكم به الله. وقد تشير أن الله تركهم وتخلى عنهم بسبب خطاياهم فضلوا. إِلَى قَلِيل امْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ = أي المدة منذ بناء الهيكل حتى السبي وهي حوالي 400 سنه ولكن الشعب إعتبرها مدة قليلة. 19قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَان = مدة الضيقات الحاضرة تظهر أنها طويلة (مع أنها 70 سنه) كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ = هذه شهوة قلوبهم أن يعود ويحكم عليهم ولا يحكمهم الأمم، وهذا ما نصليه يومياً "ليأت ملكوتك"



#يوحنا_المعمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حِجَارَة السِجِّيل أو الْبَرَد في الكتاب المقدس !!
- البحر والنهر واليم والمجاز ويسوع وسامي الذيب!


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوحنا المعمدان - لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ ؟!!