أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي جعفر - هل نسي الرأي العام المغربي قضية حراك الريف ؟















المزيد.....

هل نسي الرأي العام المغربي قضية حراك الريف ؟


مهدي جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 5654 - 2017 / 9 / 29 - 10:49
المحور: المجتمع المدني
    


بعد شهور من المظاهرات السلمية و الإعتصامات الصامدة حول حقوق في غاية الشرعية ، و بعد كذلك شهور من إرسال جحافل القمع و الظلم التي أوكلت لها إغتصات أصوات المتظاهرين و إطباق حصار -الذي لا زال المستمر حتى الآن- على منطقتهم ، و الأحقر من ذلك هو سجن قادة و نشطاء الحراك أكثر من 3 أشهر دون محاكمات و بتهم مضحكة و مثيرة للسخرية ، ما جعل آخر التقارير الدولية لحقوق الإنسان تزج بالمغرب في محط اللائحة السوداء للدول القمعية الناكلة بالنشطاء و المعارضين و الحقوقيين ، ما يستذرر من الكائن المغربي على الأقل القلق بشأن وضعيات الحقوق و الحريات في بلده ، غير أن اهتمام المغاربة (شعبيا و ليس فقط نخبويا) بقضايا بلدهم السياسية و الحقوقية تكاد تكون منعدمة ، خير دليل أمين على ذلك : هو شبه نسيان شعبي لقضية و مطالب و سجناء حراك الريف !

فقد تحولنا إلى شعب مبكوم لا يُسمع له صوت معارض عنوانه "الرفض" ، رفض منظومة سياسية لم تبقي و لم تذر للمغاربة إلا نزر يسير من الحقوق ، إذ لا أحد يتساؤل عن ثروة البلد ، من أين تأتي و كيف تصرف و من يستفيد منها ، لا أحد مهتم بتغول النظام للمجتمع حد وصول العلاقة بينهما ، إلى العلاقة بين الدابة و صاحبها ، كلما خرجت عن مراده سحب اللجام حتى تعود للطريق ، حيث أصبحنا شعب لايبالي بطرق تدبير الحياة سياسيا ، بل كل ما يهم هو الكدح و البحث عن ما يسد به الإنسان المغربي حاجته اليومية ، دون وعي بإمكنية تطور أساليب الحياة إذا توفترت قيادة سياسية رشيدة ، لذلك و في ظروف فقر هذا الوعي ، تَستقرر الدولة أي سياسة أيما كان مبلغ فداحتها بالنسبة للمواطن دون معارضة من طرف المجتمع/الدابة ، بل تقابل أي محاولة للتمرد على سياساتها الموجعة بمختلف وسائل القمع و الإسكات القسري .

هذا ما يثير الكثير من تساؤلات محيرة ، لعل من بينها : هل انقرض الوعي السياسي في الأوساط الشعبية المغربية ؟ هل ماتت كليا نضالية الشعب المغربي ؟ هل استسلم المجتمع المدني بجمعياته و أحزابه و نشطائه كليا إلى الدولة ؟ هل تحولنا إلى شعب بلا قضية ؟ هل نحن شعب لا حاجة أو لا أهمية لرأيه في اختيارات الدولة ؟ أليس لبعضنا الحق حتى في رفع صوته بحقوقه و مُتَطلَّعاته التي اغتصبتها أيدي من يستفردون بالحكم ؟ ثم ما دلالة نسيان و عدم تفاعل الشعب بشكل مسؤول و حكيم مع قضية كبرى مثل قضية حراك الريف ؟

لمحاولة استجلاء أجوبة و إن جزئية عن هذه الأسئلة يجب أن ننطلق من الإعتراف بأن وعي المغاربة مزيف و مهندس بطريقة مخطط لها ، و ذلك ما يدفع إلى مساؤلة كل ما يحيط رسميا بهذا المجتمع المستقيل من مهمة الدفاع عن نفسه .

لعل أهم ما يجب مساؤلته هو "الإعلام" ، الذي مهمته بالأساس التسويق و التشهير و عرض قضايا الشعب و متطلباته و ما يصبوا إليه ، فضلا عن المساهمة في الإرتقاء بوعي الشعب السياسي و الثقافي ، غير أنه و في نفي لهذه الوظائف المسؤولة ، نلاحظ أن كل يوم تنقل لنا الفضائيات المغربية الممولة و الموجهة في السياق السياسي للنظام ، كل أنواع الإنحطاط و الإبتذال و الدجل ، من مسلسلات و سهرات و برامج مهمتها الأولى و الأخيرة هي تضبيع المغاربة ، و صرفهم عن التفكير في قضاياهم الأساسية السياسية و الإقتصادية و الحقوقية ، هنا يجب وضع علامة استفهام على هذا الإعلام الخسيس اللامسؤول ، إذ نشير إلى مسألة مهمة و هي المتعلقة بمدى تغطية الأحداث السياسية المعارضة في الداخل و الخارج المغربي و تقديمها في قالب حواري حر إلى المشاهدين ، العجيب هو أنه في الوقت الذي كان فيه أهل الريف يعذبون و يعتقلون كبارا و صغارا ، آلة الإعتقال لم تعفوا حتى على القاصرين في تجاوز صارخ لكل القيم الإنسانية ، كان هذا الإعلام ينقل لنا حلقات "رشيد شو و كي كنتي كي وليتي و شميشة" فضلا عن بث مختلف المسلسلات التركية التي ليست لها لا رسالة تربوية و لا قدرة تنموية لوعي المشاهد ، إن هي في الواقع إلا مخدرات تقتل كل حس يقض في المتلقي ، و التي تفرضها علينا هذه الفضائيات الدنيئة فرضا .

يجب التساؤل كذلك حول دور مؤسسات أخرى حري بها تأطير الجمهور و الدفاع عن قضاياه ، مثل مؤسسة "الأحزاب السياسية" ، فقد خرجت كتلة شعبية ضخمة تطالب بحقوق مدنية و مجتمعية حتى دون علم ربما من طرف الأحزاب ، و هو ما يضع كذلك علامة استفهام أمام دور هذه "الدكاكين السياسية" -بتعبير أحد قادة الحراك- في الدفاع عن قضايا الشعب ، لماذا لم يعد للأحزاب أي قدرة في تنظيم و تأطير الحركات الإجتماعية/الإحتجاجية ؟ لماذا لم تنقشع لنا قضية حراك الريف في إطار حزبي ؟

لعل ذلك ما يسميه بعض الباحثين بـ"أزمة الثقة في المكون السياسي المغربي" ، ذلك بسبب تدجين هذه الأحزاب من طرف النظام ، و هو ما تسبب في خضوعها و فقدانها للإستقلالية و الثقة أما سياسات القصر ، بل لم يعد هناك أي مجال تتمايز فيه الأحزاب عن النظام ، لعل التوافق حول تسفيه التظاهرات من طرف الحكومة الجديدة في أول أيامها ، يوضح بالقطع عدم تجرأ الأحزاب علاتخاد أي موقف من أي قضية وطنية إلا بعد أن يتخذه القصر ، و طبعا يأتي قرار الأحزاب بالتبع في سياق قرار النظام ، ما يعني أن الأحزاب لا يمكن أن يتوفر فيها شرط "تمثيلية الجماهير" لأنه ليست لديها استقلالية عن من يمتلك الحكم في البلد ، ما يجعل بذلك دورها في الدفاع عن قضايا الشعب صفر إلى الشمال ، بل هي مصنوعة للدفاع من مصالح من صنعها أو دَجنها ، و في هذه الوضعية المنحطة للمشهد السياسي المغربي عادي جدا أن تنحط قيمة الأحزاب كذلك ، و تتجرد من الأهلية و الثقة من طرف الشعب .

ثم ماذا عمن يسمون أنفسهم "بجمعيات المجتمع المدني" ، كالنقابات الوطنية و الجمعيات ، أي دور قامت به هذه المؤسسات في الدفاع عن حقوق و أهم شيء عن معتقلي حراك الريف مؤخرا ، أي دعوة من هؤلاء للجماهير للنزول للشارع من أجل الدفاع عن القضايا الحقوقية و السياسية الكبرى للمغاربة ، الكارثة هو أن حتى مؤسسات المجتمع المدني ليست لها استقلالية عن الإتجاه السياسي العام المُقاد من أعلى هرم السلطة ، ما يجعلها خنوعة كلما تعلق الأمر بأي قضية شعبية تستوجب بالضرورة الوقوف أمام القيادة العليا للدولة ، لذلك فمؤسسات المجتمع المدني مثل الأحزاب و النقابات أنشئت من عَلٍ ، و ضخ في صناديقها من المال العام الشيء العظيم ، ليس بغرض تقوية النسيج المدني ، أو المساهمة في الدفاع عن مكتسبات و حقوق الأفراد ، بل لتبييض صورة النظام و تجميل سلوكه و بث روح تقبل سياساته كيف ما كانت درجة اغتصابها لمكتسبات المغاربة .

لذلك فمؤسسات مثل الأحزاب والنقابات و الجمعيات ، لم تنشأ للتجاوز على النظام و المنظومة ، أو منافستهما بشكل أو بآخر ، بل أنشئت للإسهام في تشريعهما معا للسيطرة و الإستفراد بمفاصل الدولة ، و الإستبقاء على حالة الموات المجتمعي من أجل مد مدة افتراس المغاربة اقتصاديا و حقوقيا و سياسيا إلى أقصى فترة ممكنة ، و كما تصريف خطابهما (النظام و أذنابه كالأحزاب) بالجهات والأقاليم بالمداشر والقرى ، بالجبال و السهول ، كجزء من سياسة مراقبة الأفراد و الجماعات بالتراب الوطني ، و ليس كعنصر تأطير أو تكوين أو توعية .

لا يجب أن تسيح المساؤلة بعيدا كذلك عن "المثقف" ، فأي دور له في مجريات الوضع العام ؟ أي مساهمة انتدب نفسه للقيام بها بغاية التشهير و معارضة السياسات اللاشعبية للحكومة أو النظام ؟ بل تحول هؤلاء إلى عكاكيز تتكئ عليها السدة السلطوية ، فكم يستبد الغضب المختضب بالقلق حينما نشاهد أن نضال المثقفين انتقل من الشارع إلى الفايسبوك ، هل هناك مقبحة طالت دور المثقفين العرب بشكل عام أكثر من هذه ؟ كيف يكتفي أصحاب ربطات العنق و الكتب المبتذلة بالتعبير عن آراء مهترئة في الفايسبوك بصدد قضايا كبرى تهم شعوب بأكملها ؟ أ لا يستحيون من تقصيرهم الفادح في نصرة قضايا مجتمعاتهم بالإيجاب ! الأنكى من ذلك أنهم يستنكرون الوضع افتراضيا بينما ليس لهم أي حضور واقعي يضرب له الحساب من طرف المتحكمين برقابنا .

لذلك فإذا توفر لنا إعلام يمارس تَعلِيف العقول بالتفاهة و الطرهات ، و إذا تواجدت في الساحة أحزاب تحت الطلب ، و جمعيات و نقابات تتاجر بأزمات الجمهور ، فضلا عن توفر مثقفين مستقيلين عن أدوارهم المعارضة ، فعادي جدا أن ينسى الشعب قضاياه ، و يهيم في كل واد من اللامبالات و الإستسلام للوضع و تقبله في صورته الدراماتيكية ، دون قدرة على تغييره أو على الأقل محاولة تغييره ، لذلك فنحن شعب مُغْتَصَبٌ ، و لن نسترد شرفنا إلا بالوعي بمدى فداحة وضعنا المجتمعي و الحقوقي و السياسي أولا ، و بنضال مرير ثانيا .



#مهدي_جعفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب فكر -فراس السواح- الميثولوجيا و الأديان
- ملاحظات حول حراك الريف
- غوستاف يونغ في محالة لفهم الإنسان المعاصر
- حرية الصيام و الحق في عدم الصيام .
- مواقف مفكرين مغاربة من العلمانية و علاقة الدين بالسياسة .
- قراءة في كتاب -الحقيقة الغائبة- لد.فرج فودة .
- العلم في منظوره الجديد .
- فوبيا الفلسفة بين مجتمعات الحداثة و مجتمعات القدامة .
- الهوية و إشكالية الإختلاف .
- قراءة في كتاب د. وفاء سلطان -نبيك هو أنت- .
- ماذا لو درس الفقهاء العلوم الإنسانية ؟
- إخفاق مشروع الإصلاح الحضاري بين عقل معطل و مثقف مستقيل
- تصاعد الأصولية و تنامي شيزوفرينية التدين في المجتمع المغربي
- العلمانية العربية : جدل الإخفاق ، و رهان المستقبل .
- سوريا و أسباب الصراع من منظور مختلف
- ‏أكبر خرافة حول فتح الأندلس و طارق ابن زياد .
- العالم العربي-الإسلامي و التقدم الحضاري ، تنافر و استسلام لل ...
- ما بين ابن سينا و الغزالى , عندما يكفر الدين العلم
- - الخلافة - تاريخ أسود : ذبح سلطان مغربي و تعليق رأسه على با ...
- المثلية الفكرية و الثقافية مقابل الصراع , نحو منفذ جديد للتع ...


المزيد.....




- قضى 8 ساعات فوق شجرة.. شاهد عملية اعتقال رجل من قبل إدارة ال ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطنين -تعزيرا- بالمنطقة الش ...
- معاناة الصحفيين في فلسطين ولبنان.. في اليوم العالمي لحرية ال ...
- مؤسسات الأسرى: 180 حالة اعتقال واحتجاز سُجلت بين صفوف الصحفي ...
- بسبب المجاعة: وفاة طفلة في مدينة غزة
- المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: ...
- منظمة التعاون الإسلامي تقدم مرافعة أمام محكمة العدل الدولية ...
- المجلس النرويجي للاجئين: إسرائيل تقضي على فرص الفلسطينيين في ...
- وفاة طفلة في مدينة غزة بسبب المجاعة والجفاف
- حماس تطالب بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المعتقلين في سجو ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي جعفر - هل نسي الرأي العام المغربي قضية حراك الريف ؟