عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 23:19
المحور:
الادب والفن
أيلولُ أقسى دائماً .. في العراق
قبل َ خمسةٍ و أربعين َ دَهراً
كنتُ جنديّا ً هناك
في "شمال الوطن"
وكنت ُ كلّما نزلت ُ من رابياتِ "جومان"
هابطا ً نحو بغداد
أجلسُ على مصطبة الغرباء ِ في " طوزخورماتو "
لأشرب َ شاي َ الحبورِ المُعَتَّق ِ
في دِنانِ التعاسة .
...
وفي باص ِ " المرسيدس " الأزرق (18 راكب)
كانت هناك َ صبيّة ٌ كرديّة .
قلت ُ لها ..
/ ورائحة ُ العدَس ِ الأصفر ِ .. والقمل ِ الأبيض ِ .. والصمونِ الصخريِّ .. تفوح ُ منّي /
- صباح ُ الخير ِ "روناك ".
ودون أنْ تلتَفِتْ ، قالتْ بنفور ..
إنّ اسمها ليس "روناك "
وإنّما هو " تارا " .
....
لأنَّ رائحتها
تهْرِش ُ أجسادَهُم
في الثكنات ِ الطافحةِ بالقهرِ ..
" تارا " لا تحبُّ الجنود .
....
لأنهم ْ يفرّون َ نحوَ أزقّتهمْ
في " قَطـّاعات ِ" الذهول ِ
/ جنوب َ خطّ ِ الفقر ِ الوطنيّ /
نازحين َ من جبال ٍ لا تنتمي إليهِم
ويلوذون َ / لبُرهَة ٍ / في " طوزخورماتو "
ليعْلِكونَ صُبّيرَ خيباتِهم الدائمة
في صحن ِ الفاصوليا البيضاء
والرّز ِ اليابس ..
" تارا " لا تحبُّ الجنود .
....
لم يكُن ْ " نيسان ُ أقسى الشهور"
/ كما قال " آليوت "/ .
كان َ " أيلولُ " أقسى
دائما ً
في العراق .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟