أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكًمار- باحث - تازة على عهد الحماية...كتاب إضافة هامة للخزانة العلمية المحلية















المزيد.....

تازة على عهد الحماية...كتاب إضافة هامة للخزانة العلمية المحلية


عبد الإله بسكًمار- باحث

الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 22:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يؤسس ذ. عبد السلام انويكًة لمرحلة جديدة في الكتابة عن تازة وأحوازها، مؤطَّرة بمفاهيم علمية ودقة المنهج التاريخي المعتمِد على قراءة الوثيقة وتركيب وإعادة تشكيل الأحداث المفصلية، بموضوعية تبحث عن الحقائق وتنشرها بين الباحثين والمهتمين دون لف أو دوران وبعيداً عن كل الأوهام والمبالغات، في محاولة لملـء فراغ مهول عانت منه الكتابة التاريخية حول أحواز تازة عموما ومرحلة الحماية والمقاومة على وجه الخصوص منذ عقود عجاف طويلة .
ضمن هذا المسار الفعال المنتج أخرج ذ.عبد السلام باكورة أعماله في التاريخ المحلي لتازة والأحواز والمتمثل في كتاب " تازة على عهد الحماية: مقاومة القبائل للاستعمار الفرنسي : 1912 - 1956 - وبصدق غير مُجامِل أعتبره عملا تأسيسيا متميزا في مقاربة ظروف الحماية بتازة والناحية، بما انطبعت به من صعوبة التضاريس وعزلة الكثير من جهاتها القروية ثم ما أسهمت به من صفحات في الجهاد ومقاومة التغلغل الاستعماري: بمختلف أوجهه السياسية والاقتصادية والعسكرية وذلك بناء ليس فقط على الرواية والوثيقة المكتوبة أجنبية كانت أم مغربية ولكن أيضا على الرواية الشفوية، ولسنا في حاجة إلى التنصيص على الضعف العام للمادة المصدرية المكتوبة حول المنطقة والتي لا تعدو الأرشيف الاستعماري الفرنسي وبعض ما ورد في حواشي الدراسات الأكاديمية، ولذلك بات من الضروري أمام الباحث ملء البياضات التاريخية التي جابهها بمادة وثائقية أخرى لا تقل أهمية عما هو مكتوب ونقصد هنا المادة الشفوية بما تحيل عليه من أحداث ومواقف وخيانات وجرائم وبطولات في مختلف مراحل المقاومة المسلحة التي عرفتها المنطقة منذ توقيع عقد الحماية وإلى غاية إعلان الاستقلال سنة 1956.
إن الحوافز التي دفعت ذ.عبد السلام إلى تأليف هذا الكتاب القيِّم والأول من نوعه في التأريخ لناحية غالية من نواحي تازة والبلاد وهي منطقة البرانس، قلت: تتمثل علاوة على العامل الذاتي المُعبِّر عن اعتزاز الباحث واعتزازنا معه بالانتماء للمنطقة، تتمثل في غياب كتابات حقيقية حول هذا المجال الذي ينتمي للتاريخ المحلي المرتبط بأفق وطني، اللهم إذا استثنينا أطاريح جامعية قليلة بقيت حبيسة رفوف كليات الآداب ودهاليزها. كما أن مظاهر العزلة والتعقُّد الجغرافي والتضاريسي وأوضاع التهميش ظلت تشمل هذه المناطق دون أي مبرر واضح أو منطقي أو معقول، فكان من اللازم أن يتصدى للبحث والتأليف و"إماطة اللثام- كما جاء في تقديم الباحث المرحوم د. محمد الزرهوني- عن قضايا وإشكالات وتجارب بشرية مموقَّعة في المجال، وممتدة في الزمان تخص مدنا وقرى وتجمعات بشرية ظلت مجهولة أو مغمورة لضعف الاهتمام بها أو لتهميشها ".
من هنا فإن الإشكالية التي تأسس عليها الكتاب تتمثل في موضعة إقليم تازة عموما على المستويين: التاريخي والمجالي ومنطقة البرانس على وجه الخصوص. بهدف إثارة الأسئلة واستنطاق الوثائق المكتوبة المغربية منها (مصادر وحوليات تاريخية – مذكرات – أشغال ندوات مختصة – دراسات في تاريخ المغرب – أطاريح جامعية – مجلات وجرائد..) آو الوثائق الأجنبية من (مستندات قصر فانسان ودورساي– رحلات مختلفة – مذكران ديبلوماسيين وعسكريين – كتابات الأنتروبولوجيين وعلماء الاجتماع – تقارير سلطات الحماية – أعداد من الجريدة الرسمية..) أو الروايات الشفوية التي عايشت وشاركت في ملاحم المقاومة بمنطقة تازة والبرانس، ملتقطا بعين الباحث المدقِّقة وحساسيته المُرهَفة قبسا من هنا وفقرة من هناك وجملة دالة من هذا الكتاب وعبارة هامة من تلك الوثيقة، وحقيقة محددة من شفاه مرتعشة نال منها الزمن وغوائل الأيام. هكذا في حرفية عالية لا تعبر فقط عن مهنية المؤرخ ومهامه اللحظية والاستراتيجية فقط، بل تذهب عميقا في اتجاه الوظيفية المستحَقة للمثقف هنا والآن، باعتباره لا مالكا للمعرفة فقط بل موجِّها ومفعلا لها في افق موضوعي سليم وخدمة للحقيقة التاريخية، حيث تطورت وتشعبت أساليب البحث وطرقه ومسالكه مع التطور المذهل لوسائل التواصل الحديثة، ومعها تعاظُمُ تثمين الرأسمال الرمزي والثقافي وأهمية المعلومة في ظرفنا التاريخي الراهن .
يتجلى التحدي هنا في التغلب على مجمل الصعاب والعوائق الكامنة، أولا في جمع وتوثيق الأخبار والمعلومات والحقائق حول المجال أفقيا وعموديا، أي توصيفه من حيث الموقع والمجال الجغرافي بما يتميز به، ثم رصد المرحلة المعنية وأهم مفارزها وأحداثها ومنعطفاتها، حتى يجد الباحث نفسه أحيانا – كما يذهب إلى ذلك المرحوم الزرهوني– أمام مغامرة تتطلب منه الصبر والتؤدة والمكابدة وسعة الصدر، فالكتابة عن المنطقة تصطدم فورا بقلة ما نُشر حولها، رغم أنها حاضرة في ثنايا تاريخ المغرب القديم والمعاصر ومن خلال أحداثه ومواقفه الكبرى. كما أن الرواية الشفوية على سبيل المثال تطرح إشكال التدوين ونقل المروي إلى ماهو مكتوب، بالإضافة إلى التكتم عليها أو إخفائها أو إخضاعها أحيانا للنزوات والأهواء الشخصية أو العائلية أو القبلية. كل هذه الصعوبات لم تثبط الباحث ولم تضعف عزيمته وإرادته في إخراج عمل علمي محترم، يليق بماضي المنطقة ورجالاتها،" فقد ولج فضاء البحث العلمي بإصرار كبير، شاقا طريقه بين ثنايا ماضي قبيلة البرانس، التي سبر أغوارها وتمكن من إعادة تشكيل مراحل مؤثرة من تاريخها، لا سيما ما تعلق بدورها في مجهود المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الاستعماري".
ومثلما قدم للكتاب الراحل د.محمد الزرهوني رحمه الله، تفضل أيضا المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري بالتقديم للكتاب في طبعة أشرفت عليها ذات المندوبية وهي ما فتئت تهتم وتنشر الأعمال ذات الصلة بموضوع المقاومة سواء في فترتها الأولى أي خلال مرحلة تغلغل الجيوش الاستعمارية فيما وُصِف بحرب التهدئة Guerre de Pacification ، أو أثناء المراحل الأخيرة للحماية الفرنسية ونقصد انتفاضة جيش التحرير شمال وجنوب تازة في أكتوبر 1955" وما ترتب عنها من تداعيات وإسقاطات وإفرازات – حسب السيد الكثيري – وما أحدثته من تحولات على بنيات المنطقة وتركيبتها البشرية والاقتصادية والسياسية "ويعتبر الأستاذ الكثيري وجه التميز عبر اعتماد الباحث على الرواية الشفوية في سرد وتحليل الأحداث التي عرفتها المنطقة خلال الفترة الممتدة بين 1912 و1956 مؤكدا بدوره حجم المعاناة التي يكون قد كابدها الباحث من أجل إخراج هذا العمل إلى حيز الوجود وجعله في متناول عموم الباحثين والمهتمين.
وتميُّز الكتاب لا يقتصر على ما ذكره د.الكثيري حول سد الفراغات، التي خلفتها الوثائق والمستندات المعتمدة عادة في مثل هذه الأبحاث. بل في خصوصية المقاومة التي اضطلعت بها قبائل المنطقة خاصة البرانس التي ارتبطت أولا يمجال جغرافي هام تمثل في ممر تازة، وفي طبيعة الاستراتيجية الفرنسية التي اعتمدت التوسع الأفقي بدل" بقعة الزيت وثانيا ارتباطها بعدد من الزعامات المحلية أثناء حرب التهدئة كالشريف الحجامي والفقيه احمد بلمامون الشنجيطي وعبد المالك الجزائري. وإذا كان الباحث قد اعتمد على الوثيقة المكتوبة في مرحلة المقاومة المسلحة الأولى، من أرشيف استعماري وكتابات حول الفترة مغربية وفرنسية، فإن الرواية الشفوية علاوة على وثائق مندوبية المقاومة قد أثثت الفصل الثالث للكتاب بعد أن تعرض الباحث في الفصل الأول لقبيلة البرانس من حيث المجال والإنسان والزمان، وفي الفصل الثاني لقبيلة البرانس في استراتيجيتي الاحتلال والمقاومة المسلحة بين 1914 و1926 .
ويصنف المندوب السامي الدكتور مصطفى الكثيري هذا الكتاب، في إطار التأريخ للبادية المغربية. ولا يتناقض ذلك بتاتا مع الورش المفتوح منذ سنوات- كما عبر عنه د. محمد الزرهوني - للتاريخ المحلي والذي يخص مجالا محددا وضيقا نسبيا قياسا إلى التاريخ الوطني العام، ومن جهة ثانية، فإن غنى المادة المصدرية ومن ثمة طرح السؤال عريضا حول صدقية ومصداقية الاستنتاجات التي يتم التوصل إليها بالاعتماد على المادة المصدرية الأجنبية وخاصة الفرنسية منها تبعا للخلفيات الاستعمارية المعروفة وخاصة في موضوع حساس كالمقاومة المسلحة، وهذا يعد دليلا إضافيا حول دقة الخلاصات والصدقية العلمية التي تميز بها كتابه المذكور كأهمية ممرتازة في الاستراتنيجية العسكرية الفرنسية وما حضَّرت له في هذا الإطار من خطط استباقية كالجاسوسية وتوظيف الأعيان وممارسة أشكال الضغوط بما فيها إحراق المحاصيل الزراعية واستخدام مختلف أنواع الأسلحة دون إغفال طبيعة المشاركة البرنوسية في الثورة الريفية الباسلة وتنوع إسهامات القبيلة في العمل الوطني المسلح بعد 1953 رغم غياب قيادات كاريزماتية حقيقية، مما جعل من تاريخ تلك القبيلة محطة مضيئة في مسار المقاومة الوطنية المغربية عموما، وجهاد قبائل المنطقة على وجه الخصوص وفي المحصلة فإن الكتاب غنى بمادته الوثائقية وتنوعها، مضمونا ومقصداً وجنساً وهو ما يجعله قيمة مضافة حقيقية للبحث التاريخي المحترم حول الربوع المجاهدة لتازة وأحوازها .
عبد الإله بسكًمار - باحث



#عبد_الإله_بسكًمار-_باحث (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الإله بسكًمار- باحث - تازة على عهد الحماية...كتاب إضافة هامة للخزانة العلمية المحلية