|
الاقباط فى فكر الاخوان تعايش ام احتراب
محمود جابر
الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المقدمـــة
مصر بلد محورى عربياً وإسلاميـاً وأفريقياً وشرق أوسطياً .هى ضمير الإسلام السنى وروح التديـن لـدى آل البيـت ،ورحلة العائلة المقدسـة ومأمنهـا .هـى موضع التقاء الشرق والغرب، وهى القاطرة لما حولهـا شئنـا أم أبينـا علمنا أم جهلنـا، مصـر أكبـر مـن أن نتركهـا لصدفـة التطـور أو الانحيـاز لمشـروع متآمـر يهدف إلى عزلتها أو إزالتهـا. مصـر أكبـر مـن أى سلطـة ومـن أى حزب ومن أى جماعة نعشقها ويعشقها غيرنا ونفكر ونتحرك خوفاً عليهـا. محمــود جابـــر
ترجع هـذه الضجة الدائرة والصخب المتزايد حول الإخوان المسلمون لمـا أحدثته نتائج انتخابات هذا العام من مفاجئة غير متوقعة والتى يمكن القول أنها مثلت فزعاً يتحمله هؤلاء الذين الذين يّدعون التنظير لشأن الجماعات الإسلامية وغياب المراكز المتخصصة فى مصر حيث أن أكثرهم مبالغة توقع فوز الإخـوان بأكثر من 50 مقعداً إضافة لمقاعد الأحزاب السياسية التى يمكن أن تتجاوز الـ 90. وربما أملك الإدعاء على إننى توقعت هذه النتيجة منذ أن رصدتها فى كتاب "ماذا يريد الإخوان المسلمين فى مصر؟" فى شهر يونيه الماضى والذى تنبأت فيه بالكثير ما يحدث الآن واستشعرت هلع النظام الحاكم قبل المعارضين نظراً لما رصدته أجهزته من اتصال الإخوان المسلمين بالإدارة الأمريكية سواء عن طريق سعد الدين إبراهيم أو أعضاء الحوار فىالنادى السويسرى أو لقاءات ممثليى الإخوان فى الخارج. علق الدكتـور/ عصام العريان علىأحد هذه اللقاءات بقوله "إن اللقاءات بالمسئولين فى الخارج لا تنتهى لأنه من الطبيعى لأى سياسى أن يلتقى بسياسيين ودبلوماسيين وصحافيين"(1) وقد أشار إلى ذلك اللقاءات والحوارات الرئيس المصرى فى حواره مع جريدة السياسة الكويتية بأن هناك اتصالات بين الإخوان والإدارة الأمريكية. (1) ربما كانت الأحزاب والجماعة الوطنية أقل انزعاجاً من نتائج الانتخابات من الأقباط فى مصر وخاصة المتابعين للتغطيـة الإعلامية لمراحل الانتخابات الثلاث من خلال جريدتى "أفـاق عربيـة والأسرة العربية" والتى اتسم طابع تغطيتها الإعلامية من خلال صحيفتها أو كتابها الذين هم أركان وكوادر وقيادات الإخوان المسلمين بأنهم يخوضون حرباً مقدستاً بين الإسلام وبين الكفر. ففى آفاق عربية العدد 736 تجد رسالـة بعنوان "القضية أكبر من الإخوان" يقول الراسل "أن العداءالمتأجج الذى نراه فى الإعلام اليوم ضد الإخوان المسلمين وضد شعارهم وحملة التشويه التى يقودها جوقة العلمانيين إنما هى للأسف ليس ضد الإخوان كجماعة أو أشخاص إنما هى ضد الفكر الإسلامية والمنهج الإسلامى!! وفى رسالة بعنوان "الانتخابات بين المادية والربانية" استشهد فيها الراسل بقول الله تعالى: "إن الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون"!!. الدكتور/ شعب الغباشى "يتساءل هل الحل هو الليبرالية؟ وأقول لقد جربناها ويجربها ويعمل بها غيرنا فماذا جنت الليبرالية علينا وعليهم؟ لقد جنت علينا التفرق والتشـرذم وتكريس الاحتلال. هل الحل الاشتراكية؟ وقد جربناها أيضاً فما جنينا منها غير الظلم والاستبداد والقهر والاستعباد والهزائم والتخلف والتبعية وضياع الكرامة الوطنية ويختتم فى آخر مقاله يا قومنا: الإسلام حق وليس بعد الحق إلا الضلال" الشيخ الداعية معوض عوض يقول "الإسلام هو الحل وإن رمت أنوف وتشققت مرائر التيار الإسلامي على رقته ونداه وحقيقته طوفان يجتاح أناس ليس لهم من الإنسانية مثقال ذرة من شروى نقير"(3) سمير حسين يقول: "الرقم المعلن لمقاعد الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب الجديد 88 عضواً بالتمام والكمال ولكنى أرى هذا الرقم مضافاً إليه رقماً على اليمين ليصبح 880 عضواً فالمولى عز وجل يقول: "وإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين". سكرتيرك الصحفى محمد عبد القدوس يقـدم انتقـاداً للرئيس فى خفة دم غير عادية ولكنها غير مقبولة ضد الرئيس أو غيره حيث أنه عـرض بالرجل فى دينه حيث أنه بدأ إلقاء الخطاب فى مجلس الشعب يوم الأثنين 19/12/2005 وقت صلاة الظهر وهذا ما دعاه أن يتساءل مدعياً البراءة عن عدم زيارة الرئيس لبيت الله الحرام!!. (4) هذه الاحتراب الدينى وليس الانتقاد السياسى ما زاد من هول الأقباط وأزمتهم. حيث تعود أزمـة الأقباط فى مصر إلى بداية التعددية السياسية حينما نظر الأقباط إلى حزب الوفـد علـى اعتباره أنه الأقرب إلى تاريخهم النضالى ولكن فؤاد سراج الدين الذى تحالف مع النحاس والإخوان ضد مكرم عبيد عاد لتحالف مع الأخوان مرة أخرى ليضيق الحزب بالأقباط الذين لا يشعرون بالراحة فى وجود هذا الفصيل الدينى والذى ضيق عليهـم الحياة السياسية. تزايد هذا الضيق بعد أن زحف الإخوان من الوفد إلى الأحرار ثم العمل. مـع بـروز كاريزمة البابا شنـودة الذى رأى فى نفسه وفى الكنيسة الممثل الرسمى للأقباط فى مصر ساعده على ذلك المناخ السياسى الذى تفرد فيه الإخوان ويعض جماعات الإسلام السياسى وكذلك السلطة السياسية فى مصر التى أعجبتها أن يكون هذا الملف فى يد رجل واحد قوى، إلا أن هذه النظرية من جانب النظام وكذلك من جانب البابا لم تحد من تنامى الأحداث الطائفية أو تنامى جماعات الأقباط فى المهجر والتى التهب شعورها وخوفها أكثر بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على الخط الساخن فى مصر سواء فى قرارها يدعم الإسلاميين المعتدلين للوصول إلى السلطة أو لدعم الأقباط لنيل حقوقهم التى يدعوها. الأقباط بدأ خوفهم يتزايد فالمرشح القادم ليس تياراً وطنياً قومياً أو يسارياً اشتراكياً أو ماركسياً وليس حزباً ليبرالياً أو رأسمالية. القادم جماعة الإسلام السياسى الأم "الإخوان المسلمين" والتـى أفتى أحد أعضاء مكتب الإرشاد فيها الحاليين فتوى بخصوص بناء الكنائس والتى هى أكبر المشكلات لدى الأقباط فى مصر حيث قـال "أولاً: بلاد أحدثتها المسلمـون وأقاموها كالمعادى والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيهـا إحداث كنيسة ولا بيعة والثانى ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا فهذه أيضاً لا يجوز البناء فيها وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين. القسم الثالث : ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانها والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ما هى عليه فى وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها. (5) هذه الفتوى التى يرجع تاريخها لربع قرن مضى والتى قالها الإخوان وهم فى موقـف لا يحسدون عليه ربما جاءتهم الفرصة اليوم لينفذوا ما جـاء فيها وخاصة أن من أفتى بها ما زال على قيـد الحيـاة ويشغـل موقعاً تنظيمياً مقدماً فى الجماعة، فهل هذه الفتوى يمكن أن تكون حقيقـة ماثلة على الأرض ربما نعم وإلا فلمـا أعلن الدكتور/ ميلاد حنا وهـو الرجـل الذى هو أبعد الأسماء القبطية عن الطائفية أن يقول ما قاله وهو الذى جعل القيادة الكنيسة تغيـر من أقوالها حينما أعلنت على لسان العديد من رجالها أنهم سعداء بالشريعة الإسلامية وأنهم يعيشون أفضل فصول الحرية فى ظلهـا، ولكنهم متخوفون من الإخوان المسلمين وحكمهم ودولتهم قالها القس عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد "إن تاريخ الجماعة وتصاريحهـم لا تطمئن المسيحيين وحتى طريقة تعاملهم مع المسيحيين على أنهم كفره يزيد من هذا الخوف، والقلق لو حكموا مصر، فى تصورى من خـلال تصاريحهم أن المسيحيين لن يلحقوا بالجيش باعتبار أنهم سوف يتعاونون مع الأعداء الأجانب. هذا فضلاً عن حكم بناء الكنائس أو تجديدها فإن سوف يصبح مستحيلاً على أساس أن البلاد التى فتحها الإسلام لا تبنى فيها كنائس.(6) ولأن الإخوان لا يريدون إحداث "خضـة" فى المجتمع المصرى (على حد وصف الدكتور محمد السيد سعيد)(7). وتعجبهم فكرة التدرج حتى يتمكنوا من إصدار فيتو ضد النظام الحاكم وإحداث عصيان مدنى شامل (على حد وصف المرشد).(8) فقد راحت الجماعة تعمل على عدة محاور:- الأول: الصدام والوفاق مع النظام السياسى بشقيه الحاكم والمعارض معاً. الثانى: إشاعـة هـولوكست الإخوان لإيلام الضمير العام. الثالـث: أقامت حوار قبطى أخوانى. الرابـع: أقامت خطة خداع استراتيجية والفصل بين ما لا يفصل. الجنــاح السياســـى (وهو حـــزب الإخـــوان) والجنـــاح الدعـــوى (الجماعـــة الأم) ورغم أن هذه المحاور تعمل معاً إلا أن أكبر وأهم هذه المحاور هو محور المواطنة الخاص بالأقباط والمخالفين لهم فى العقيدة ورغم أن الهم القبطى فى مصر مجدول ومعروف إلا إننا نرى أن الجماعة لا تملك عليه رد أو تصور اللهم إلا كلاماً استهلاكياً يدفع بالأمور إلى الإمام دون حل حتى ذكرته بعض الصحف من المشروع الذى تقدم به الدكتور/ أكرم الشاعر منذ أمس الأول إلى مكتب الإرشاد لعمل مصالحة بين الجماعة والأقبـاط هذه القضايا نذكر بعضها بغض النظر عن موقفنا منها وهـى:- 1- صعوبة بناء وإصلاح الكنائس. 2- التعتيم على الأرقام الفعلية لتعداد الأقباط على المستوى الرسمى. 3- استبعاد الأقباط من شغل المواقع والوظائف الهامة فى الدولة. 4- ضعف الوجود القبطى فى المؤسسات النيابية. 5- التعتيم على التاريخ القبطى فى التعليم والإعلام. 6- دخول الدولة طرفاً غير محايد فى حالات تغيير العقيدة. 7- تأثيـر الثقافـة الوافدة ذات الطابع البدوى السلفى الوهابى فى تغذية الشعور المعادى للآخر الدينى وخاصة الأقباط المسيحيين. 8- استهداف الأقباط من قبل الجماعات الإسلامية. 9- سلبية الأقباط وانطوائهم على أنفسهم. 10- سيطرة اتجاهات متعصية على أجهزة الإعلام وطرح أفكار دينية ضد المسيحيين. 11- تدين الحياة السياسية والاجتماعية. 12- التشكيك فى مواطنة الأقباط على أساس أنهم أهل ذمة. 13- تآكل الوعى والذاكرة المصرية عند الجيل الحالى. فهل أعد الأخوان المسلمين فى هذا الحوار إجابات عن هذه الأسئلة المطروحة منذ ما يزيد من أكثر من ربع قرن كاملاً. أم إن الجماعة فى حوارها سوف تهرب إلـى الإمام وحتى لا نقع فى فخ هذه المطالب فلنفتح الباب الأوسع حول قضية الأقباط.
وإذا كانت فكرة الانتماء والمواطنـة والآخر المسيحى أو المخالف عند الجماعة هى أفكار جاهزة مسبقة والإجابة عنها أبدية قديمة لكل العصور فهل تنجح الجماعة فى تغيير نفسها أو تطوير تصوراتها وتعديله أم أنها تملك طرحاً جديداً لم نعلم عنه شىء والسؤال الملح والمباشر الآن هو: هــل ستعيـد أو سيعيـد الجناح السياسى (حزب الأخوان) ترسيم الانتماء لدى الجماعـة؟ وربما يستنكر سامع ما أقوله، ويقول وهل لدى الأخوان انتماء آخر، أو هل انتمائهم يحتاج إلى ترسيم؟ أقول نعم ولدى المستند والدليل وإلا فالإجابة المنطقية والوحيدة التى يمكن أن نسمعها منهم أن كتب مفكريهم ما هى إلا هزيان وكلام لا وزن له ... انظر معى كتاب هذا الدين لـ سيد قطـب – الشهيـد-: "أنه لا لون ولا جنس، ولا نسب ولا أرض ولا مصالح، ولا منافع هى التى تجمع بين الناس أو تفرق إنما هى العقيدة" ثم أردف "الأمة هى المجموعة من الناس تربط بينهما آصرة العقيدة وهى جنسيتها وإلا فلا أمة" (9) أما سعيد حوى فيقول: "كلمة الله لا تكون عليا فى قطر إذا لم يكن محكوماً بالإسلام" ولذلك لا يجب أن يكون هنا ولاء ولا انتماء لـ "الذين يعطـون ولاءهم لحزب أو جماعة أو زعيماً أو قوماً أو عشيرة على أساس غير أساس الإيمان والصـلاة والزكاة أو يعطونهم مودتهم". (10) فإذا كان هذا التصور للانتماء هو الحاكم لدى الجناح الدعوى للجماعة فهل سيطرح علينا الجناح السياسى تصوراً جديداً وهل سيظل التصوران معاً؟ أو أن أحدهما سوف يجب الآخر؟ وإذا كـان التصـور هذا قد فهم خطأ فما هو القول الفصل فيه؟ وهل المعنى أبعد من الظاهر اللفظى؟ فهـل ستضطرون لإضافة شروحاً على المتن حتى لا يلتبس الفهم؟ أم أن الأمر لا هذا ولا ذاك وإنما أمر آخر جديد.
القضية الثانية: دولـــــــة الله تحدث بعض قادة الجماعة على أنهم لن يقيموا دولة دينية ولن نناقش هل الخلافة الإسلامية دولة دينية أم دينية أم مدنية لأن ولأننا لسنا بصدد هذا البحث، كما أننا لم نشكك فى هذه المقولات ولم نفتش فى صدور القوم صحة هذا القول من عدمه. ولكـن من حقنا طلب شرح وإيضاح من هذا الجناح السياسى (حزب الأخوان) هل سوف يحافظ على الانتماء المصرى للوطن ولن يطمح إلى إقامة دولة الله التى كما يسميها سعيد حوى، فماذا سوف يفعل فى هذه المدونات والكلام فيها ليس كلاماً سياسياً يتغير مع تغييـر المعطيات، ولكن الأمر فيها فتاوى دينية وشرعية ورفضها يحتاج لفتاوى مثيلة يقول عن الخلافة "وهى الفريضة التى يغفل عنها الكثير من أبناء الأقطار الإسلامية فى أقطـارهم مع أن المسألة فى أبسط صورها هى دولة الله" وليست من المسائل التى تحتمـل الأخـذ والـرد. "أن على المسلميـن فى كل قطـر أن يقيموا حكومة إسلامية منهم ولهم كمرحلة أولى نحو غيرها من المراحل. وهى فى عصرنا ليست فرض كفاية كما يحلو لبعض الناس أن يصورها بل هى فرض عين الآن لأن فرض الكفاية يبقى فرض عين حتى يقوم". والرجل يوضح الأمر (الخطة التوضيحية الكاملة) "إن إعلان الخلافة لا يتوقف على وحدة الأقطار الإسلامية فقد يكون هذا السبيل لإحيائها ولكن يتوقف على وجود الدولة النواة القادرة على فرض الوحدة على المسلمين أو القادرة على العمل من أجلها"(11) هـذا العمـل للوصول إلى الدولة النواة أو كما يحلـو للقوميون أن يسموها "الإقليم القاعدة" نقوم عبر ثورات مسلحة وربما يضاف إليهـا وسائل أخرى، "كانت الثورة الأولى تياراً وطنياً لا يسع أحداً من أبنـاء الوطن أن يعاكسـه ولكن الثورة الثانية ضد تيار داخل الوطن تغذيه تيارات عالمية جارفة" ... "على الذين ألقوا السلاح من المسلمين بعد انتهاء الثورة الأولى أن يحملوه مع أسلحة أخرى من أجل الثورة الثانية لأن الثورة الثانية أعنف وأشد وأكثر آلاماً وأنياً". والهـدف من هذه الثورة هى الخلافة "إن كل منطقة متكاملة الوضع ستكون ولاية إسلاميـة من الولايات الإسلامية المتحدة". هذه الولايـات الإسلامية المتحدة أو الولايات المتحدة الإسلامية تضم ضمن ساكنيها مسلمين وغير مسلمين وحقوقهم هنا مقررة سلفاً "لن يظلم نتيجة لانتصار حزب الله أحد من غيـر المسلمين بل سيعطى له حقوقه المنفعة عليها كاملة". ولأن هذه الولايات المتحدة الإسلامية دولة تحمل الدعوة ورزقها تحت أسنة الرماح فسوف تكون دولة توسعية "إننا وقتذاك نستطيع بإذن الله أن نحرر بقوة قليلة مناطق كبيرة وستكون كلمتنا ميزان الوفاء الكامل. وسيدخل وقتذاك الناس فى دين الله أفواجاً وساعتئذ يبدأ العمل الجدى لإخضاع العالم كله لسلطان الله لتحقيق نبوءات رسولنا عليه السلام".(12) هذا الهدف ليس هدفاً فرضياً بل واجباً مفروضاً "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" سورة الأنفال 39. لقد أمرنا الله أن نجاهد حتى لا يبقـى شبر فى الأرض لم يخضع لكلمته لأن ذلك هو السبيل الوحيد لأنها فتنة المسلم عن دينه بأى شكل من أشكال الفتنة، الضغوط أو العروض أو الإغراءات أو منازعة النظام وليست هذه المسألة كذلك مما يجوز فيه الأخذ والرد فهو أمر محكم علينا وعلينا أن نحقق وسائله".(13) ولا أدرى وإذا كـان الأمـر غيـر قابـل للأخـذ ولا للرد كيف سيفعل به الجناح السياسى (الحزب) أمام الجناح الدعوى الذى يستند لمقولة أن الخلافة هى النظام الشرعى الإسلامى الوحيد الذى عليه إجماع الأمة. فهل سيقلع الجنـاح الدعوى الذى سوف يمثل الاحتياطى الاستراتيجى للحزب عن هذا الحلم وهذه الشفونيـة فـى امتلاك الحقيقـة المطلقة حيث أنه سيحمل السعادة إلى العالم كله الذى سوف يستقبله بالورد والرياحين كما ادعى جورج بوش حين قدومه إلى العراق السليـب. والسؤال الريح والمباشر هنا : هل تنازل أو تنازلت جماعة الإخوان المسلمين عن حلمها العقائدى فى إعادة الخلافة الإسلامية حتى تصل للسلطة أم أنها تنازلت عنه إلى الأبد عضويــة الحـــزب ورئيســـه القبطـــى المسيحـــى الجناح السياسى للأخـوان المسلميـن (حزب الأخوان) والذى لن تقتصر عضويته على المصريين المسلمين فقـط هـل مـن الممكـن أن يصبـح رئيسـه يومـاً قبطيـاً مسيحيـاً؟ وحيـث أن شـروط المنع التى وضعهـا المرشد فى مبادرته عام المبادرات والتى يُمنع بموجبها المرأة والأقبـاط مـن أن يكـون أحدهمـا رئيساً للدولة أو على حد تعبيره "إمامـاً أعظم". فلـن تصلـح حيث أن القانون المنظم للأحزاب لن يحصر الانتماء الحزبى أو تولى المناصب الحزبية على أساس الدين وهذا أمراً منطقياً فهل منطقياً أن يصبح رئيس الحزب يوماً قبطياً مسيحياً أعتقد أن هذا الأمر غير منطقى وأنه شذوذ من الجماعة عن تعاليمها الإسلامى واذكر معى ما ذكره حوى فى كتابه حينما ذكر قول الله تعالى "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حـاد الله ورسولـه ولـو كانـوا آبائهـم أو أبناءهم أو أخوائهم أو عشيرتهم". المجادلة 21. فلا ولاء فـى الإسلام إلا على أساسه النظرى والعملى، وكل آصرة أخرى يعطى الناس ولاءهـم على أساسها آصرة باطلة، والولاء على أساسها باطل ولا يكون الإنسان معها من المؤمنين. فآصرة العمل الذى يتلاحم عليها الشيوعيين، ويتآخون غير معتبرة شرعاً وباطلة، وآصرة القومية التى يتآخى عليها القوميون غير معتبرة شرعاً وباطلة، وآصرة الوطن التى يلتقى عليها الوطنيون غير معتبرة وباطلة".. "والمسلم الذى يعطى ولاءه للوطنيون مع عدم اعتصامهم بحبل الإسلام بجامع مصلحة الوطن المتوهمة لم يعد مسلماً". "إن الله يأبى علينا أن نعطى ولاءنا إلا بجامع الإيمان والإسلام".(14) فإذا كان هذا الرئيس الذى سوف يترشح لرئاسة الحزب من خلال انتخابه من جمعيته العمومية ترى المرجعية الإسلامية الأخوانية أنه لا يجوز له الولاء لا المصلحة الوطنية أو القومية أو الأيدولوجية (رأسمالية ليبرالية - اشتراكية). والـولاء كمـا يعرفه هو المناصـرة والحب والمساندة الذى يعطى الانتخاب والتنصيب والولاية عليهـم. فإذا كان هذا لا يجـوز فبـأى اجتهاد سوف يكون هذا الحزب وسوف نُخضع الأمر لهذه الفرضية حل القانون أو للقاعـدة الشرعية "الضرورات تبيح المحظـورات؟!!.". أى أن المخالفة تبقى مخالفة ولكن الاضطرار هو الدافع وقد تجد من يقول أن هذه الآية وغيرها موجهة لمن يعادى الله ويضاده من الملحدين المحاربين لله وللمؤمنين نقول لهم هاكمـو القول من مفكركم ومرجعيتكم "كل من لم يدخل فى الإسلام فهو كافر سـواء كان نصرانياً أو يهودياً أو بوذيـاً او مجوسيـاً أو هندوسياً أو وثنياً أو لا دينياً ملحداً أو غير ذلك والأصل فى ذلك قول الله تعالى "إن الدين عند الله الإسلام". آل عمران 19.(15) فإذا كان القبطى المسيحى هنا وطبقاً لتفسيرات الأخوان لقيادى حركـى مفكـر من وزن سعيـد حوى هو فى الأسـاس كافـر أو عدواً للدين فعلى أى أساس يتعايشـون معـه أو تحاوره بل كيف ينتخب ويصير له الأمر والنهى عليكم. هـــذه أسئلـــــة مطروحــــة للـــــرد: وأخيــــــراً: نرى أن الحوار الأخوانى القبطى حواراً يدفـع القضية إلى الإمام حيث تزداد الشقة والهوة بين الفريقين وإلا فهل الأخوان والأقباط سوف يقرروا مصير مصر أم أنهم سوف يقسمون مصراً إلى مسلمين وأقباط، فإلى أى المسلمين ينتمون هؤلاء الأخوان وإلى أى الأقباط ينتمون هؤلاء المتحاورون. أليس هذا ترسيم لحدود لم تكن موجودة والطائفية يراد منها أن تطل برأسها ويصبح هناك تصورات عديدة للرد منها ما يقال ومنها ما لا يقال فالأزهر الرسمى له تصوره عن الأقباط والأخوان لديهم تصورهم والجماعات الأخرى لها تصوراتها كما أن للنظام تصوره. أما الأقباط والأمر أشـد وأدها فإلى أى الأقباط ينتمى هؤلاء المتحاورين. أليست تجربة هذا الحوار تشبه التجربة الماضية فإلى أين وصلت. أليست هذه التجربة تشبه مئات التجارب للحوار مع الأحزاب وإلى أين وصلت هذه الحوارات والمصالحات أم إنها دفعت الأمور إلى الأمام حيث الانفجار والموات الحزبى. نرى أن الرتق اتسع على الراتق وأننا نحتاج إلى مصالحة وطنية شاملة ومراجعات فكرية ودينية متأصلة وإلا فلا ينفع الوتد أمام الطوفان.
محمــود جابـــــر باحث وكاتـب مصرى منسق اللجنة العربية لمساندة المقاومة الإسلامية بلبنان - محافظة الشرقية صدر له العديد من الإصدارات أشهرها أنه حزب الله الشيعــة البذور والجـــذور ماذا يريد الأخوان المسلمون فى مصر؟ الأخوان المسلمون يغتالون إمامهم. بالإضافة إلى عشرات الأبحاث الأخـــرى
المراجع 1- محمود جابر – ماذا يريد الأخوان المسلمون فى مصر – القاهرة – 2005. 2- محمود جابر، مرجع سابق ص 42. 3- آفاق عربية، العدد 730 - 24 نوفمبر 2005. 4- آفاق عربية، العدد 740 - 22 ديسمبر 2005. 5- الفجر، العدد 29 – 12/12/2005. 6- الغد – العدد 31 + 8 – 30 نوفمبر 2005. 7- الفجر – عدد سابق. 8- محمود جابر – مرجع سابق – ص 8. 9- سيد قطب – هذا الدين – ص 89 – 90 – دار الشروق – القاهرة – 1993. 10- سعيد حوى – جند الله – ص 261 – 270 – دار الطباعة الحديثة – القاهرة – 1979. 11- سعيد حوى – مرجع سابق ص 33 – 35. 12- مرجع سابق ص 46 – 48. 13- مرجع سابق ص 36. 14- مرجع سابق ص 172 - 173. 15- مرجع سابق ص 76 - 78.
#محمود_جابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد سنوات من الإقامة في فرنسا.. باريس تمنع نجل بن لادن من دخ
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف بالصواريخ والمسيرات مواقع
...
-
ترحيل نجل أسامة بن لادن من فرنسا ومنعه من العودة
-
ترحيل نجل بن لادن من فرنسا.. ومنعه من العودة -لأي سبب-
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تطلق نحو مئة صاروخ على حيفا ووسا
...
-
قائد الثورة الاسلامية يهنئ المنتخب الوطني للتايكواندو
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف 5 مواقع عسكرية إ
...
-
ترامب يتعهد بـ-ترحيل كارهي اليهود- إذا أُعيد انتخابه.. وهكذا
...
-
جودة عاليه Toyor Baby تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024
...
-
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي قره داغي: على
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|