أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صيقع سيف الإسلام - الشطرنج















المزيد.....



الشطرنج


صيقع سيف الإسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5598 - 2017 / 8 / 1 - 19:28
المحور: الادب والفن
    



يصعد ميشيل درجات السلم بهدوء قاصدا مكتب أحد اساتذة المحاماة ، و قد أهمل في البداية رقم المكتب المعين بسبب زحمة الناس ضمن الأروقة ، إلا أنه تدارك خطأه في لحظة سريعة ، حيث توقف في نقطة محورية تسمح له برصد بقية الأماكن ، ومنها استطاع تحديد الاسم الذي يبحث عنه ، المكتوب بحروف نحاسية . هذا بعض من مهارات المراقبة التي استلهمها من التدريبات التي قام بها اثناء فترة الجيش ، ولأنه وافد جديد الى سلك الشرطة ، قام بارساله المفتش المسؤول الى استاذ المحاماة هذا ، حتى يفصل له في القضية التي هم بصدد الاشتغال عليها . . . كان هذا الاستاذ بمثابة المستشار المساعد للأمن في مختلف القضايا ، وهو صديق للمفتش المسؤول ، نال حظوته عنده لقدرته الواسعة على التحليل و فك الألغاز ، ولم يستغرب المفتش مثل هذه الموهبة من صديقه الاستاذ ، فقد كان من ضروريات يومه فك الشيفرات و التعامل مع الأحجيات الصعبة ، اضافة الى إلتزاماته الغريبة ، من نوعية الخشب التي يحبها و يؤثث منزله ومكتبه كاملا بها ، خشب من شجر الصنوبر ، الديكور اللاتيني في هندسة غرفه ، بل حتى في ملابسه المطرزة بنسيج خاص التي تبرزه قديما عتيقا في تفكيره ، أيضا تمنحه صفة الهيبة و العمق . إنه لا يعد أحد ذكيا ما لم يملك هوايات نادرة ، يصعب التأليف بينها ، كما لا يعد أحد ذكيا ما لم يتهم نفسه بالحمق مرة في الشهر على الأقل ، و هذا ما لم يدخر الاستاذ فيه جهدا . هو أحمق طول الوقت في نظره . . .
بعد أن دخل ميشيل المكتب ، و ساح بنظره في تصميم و نوعية الأثاث ، و قبل أن يضع جل تركيزه على شخصية الاستاذ ، حتى يتفاجأ مما يجده : رجل قصير مع صلع في مقدمة رأسه ، أيدي بيضاء صغيرة بأصابع قصيرة ، اليمنى منها مزينة بخاتم فضي في الخنصر ، و كم كان واضحا بالنسبة لميشيل صعوبة ادخال ذاك الخاتم في قطعة اللحم السمينة تلك ، و لكي لا يبدوا ميشيل متعجرفا ، سارع في اظهار لباقة النبلاء ، فهاهو يظفر بتعريف نفسه ، شارحا بعبارات قصيرة بليغة سبب حضوره ، و كيف أنه مبعوث المفتش صديقه ، أي صديق الأستاذ . . . مع كل تلك البهجة الزائفة التي كان يظهرها ميشيل ، إلا أنه كان يقول لنفسه : « حل هذه القضية الأولى سيساعدني كثيرا في الارتقاء من منصبي هذا ، لكن السماح لهذا القصير بالتدخل في الأمر ، سيمنع عني مثل هذا الأمل» ، ولم يكتف بذاك الحوار الداخلي ، بل قرر تحويله إلى حقيقة واقعية ، يستغل مهارات استاذ المحاماة في امساك طرف الخيط وبدايته ، ثم في ذات الحين يمنعه من بلوغ الحل النهائي للقضية ، و ذلك يكون بالتشويش عليه و اشغال عقله ، لا شك أن هذا يتطلب مهارة عالية ، خصوصا مع فطنة الاستاذ . . . فكيف سيتصرف ميشيل ؟ .
قال ميشيل : « ملخص القضية يا سيدي هو أن آنوش قتل أباه بطلقة مسدس في محطة القطار ، لكننا وجدنا في الجثة رصاصتين ، الأولى رصاصة من المسدس المسجل باسم آنوش ، الرصاصة الثانية من المسدس المسجل باسم كاميلا أخت آنوش ، و لدينا شهود كانوا على مسافة قريبة من الحادث ، حيث سمعو طلقة واحدة فقط ، مع إبلاغهم بملاحظة خروج شخصين من منطقة الحادث ، و في تصريحات بعض هؤلاء وصف مقبول لجسد كاميلا الأنثوي . هذا كله يفسر أن صدور الطلقتين كان في وقت واحد ، إلا أن آنوش اعترف بأنه القاتل الوحيد لأبيه ، أما كاميلا فلم تطلق النار إلا على الجثة حنقا و بغضا ، قيل لاحقا أن علاقات هذه العائلة لم تكن تجري على أحسن ما يرام ، وليس ذلك مهما الآن ، إنما المهم هو مسألة كاميلا وهل كانت شريكة في قتل أبيها ؟ ، و إلا يمكنها بصفة البراءة أن ترث المليارات التي بقيت لها وحدها ، دون أخيها القاتل الوحيد»
قال ميشيل هذه الكلمات بصوت متقطع ، لكنه مسموع ، يريد بذلك قطع سيل الأفكار ، مع محاولة ترك الانطباع بمعلومات مشوهة وناقصة عند الاستاذ المستمع ، ولم يكتف بذلك ، فهو حين إلقاء هذه الكلمات كان واقفا عند مكتبة صغيرة بمحاذاة الباب ، ملتفتا الى الكتب ، وفي حين غرة من الاستاذ قام ميشيل بتبديل وضعية كتابين ، كتاب رأس المال لماركس و كتاب آخر في نظريات الزراعة لمؤلف ما . إن النظافة و التنظيم المبالغ فيهما لمكتب الاستاذ ، كل ذلك كان يدل على شيء مهم من شخصية الاستاذ وهو حب رؤية التناغم و الاتساق فيما حوله ، الأمر الذي تفطن له ميشيل ، متفاعلا مع ذلك بتغيير موقع الكتابين حتى يكسر نمط التناغم و الاتساق ، و لأن المفتاح كله في استعمال هذا السلاح النفسي هو الرشاقة ، بأن يترك المرء ضحيته جاهلة عالمة في نفس الوقت ، جاهلة بالشيء الذي تغير في إحداثيات الأثاث و الذي كسر التناغم و التناسق ، ثم خلق الفوضى ، عالمة بوجود تغيير و خلل ما ، و لمعرفة ذلك ، ليس عليك إلا أن تبدل شيئا ما مهما بلغت تفاهته ، عند امرأة انتهت مباشرة من عملية تنظيف و تنظيم استغرقت ساعتين . إن شعور استاذ المحاماة كان هو نفس شعور هذه المرأة ، مع فارق وحيد هو جهله بالشيء الذي حركه ميشيل ، وقد بلغ ذلك مبلغا كبيرا في نفس الاستاذ ، حتى أنه أفسد رسالة كان يكتبها بتحفظ و اتقان ، بل لم يجد بدا من تحويلها إلى نفاية مضغوطة تحت غضب قبضته ، حيث لم يزد من غيظه إلا عدم قدرته على سؤال ميشيل ، فربما يجلب لنفسه معرة ، مع هذا السلوك المشين ، من الجهة المقابلة يتلذذ ميشيل بكل الثواني التي فاتت ، وهو يتلمح بنصف عينه المعاناة التي يعيشها ذاك القصير ، صاحب الاصابع السمينة ، مع ابتسامة ماكرة تبرز على شفتيه بالرغم من مقاومته لاظهارها ، يردد مع نفسه محتفلا و مملوءا بالحماس : « سوف نلعب الشطرنج أيها القصير ..ها .. ها ..» ، في تلك اللحظة فهم استاذ المحاماة الاسلوب ، وراح هو الآخر يردد مع نفسه :« الشطرنج اذن ايها المحتال ..سأريك ..سأريك » . . . إن شيئا غريبا بالإضافة إلى الديكور اللاتيني كان يجهله ميشيل عن استاذ المحاماة ذلك أن صفة التوتر و الغيظ التي فعلت فعلها بامتياز على نفسية الاستاذ ، إنما كانت محفزا دائما يعيش معه اثناء قيامه بأعماله الرائعة و المبهرة ، و هنا شيء من التوضيح :
إن الأذكياء فيما يتعلق بالأجواء التي يبدعون فيها يختلفون اختلافا واسعا ضمن طيف عريض ، بعضهم يجد عبقريته تطفو للسطح ، فقط مع جو من الهدوء و السكون المهيمن على ارجاء المكان ، حتى إن بقعة صغيرة على الورقة أو النافذة ولو بحجم البرغوث تعتبر مزعجة و تثير الاضطراب و التشويش في نفسية هذا النوع ، ليس ببعيد إيمانويل كانط الذي كان يبدع ويؤلف على شرفة منزله ، المستقطبة لاشعة الشمس البراقة ، فلما قام جاره ببناء ما يؤثر على معطيات موقع الإبداع عند كانط ، فقد الفيلسوف اتزانه ولم يستطع المواصلة ، ولأن الجار كان متفهما و مدركا لقدر صاحب كتاب « نقد العقل الخالص» فقد تراجع عن فعله ، ليعود الموقع الإبداعي كما كان ، لكن بعض وربما كثير من هؤلاء الاذكياء يجد الفوضى و التوتر هي الاجواء الملائمة لابداعه ، في حين الهدوء و السكينة تمثل له فرصة لأخذ غفوة تريح عينيه . ينتمي استاذ المحاماة لهذا النوع من الاذكياء الذين أيما إبداع يبدعون وهم تحت ضغط كبير و توتر رهيب ، تحت الحرارة الشديدة ، الاضواء الساطعة المعمية للعين الباصرة ، ألم القولون و القرحة المعدية ، صراخ وعويل الأطفال ناهيك عن بكاءهم ... الخ . . . و لأن الاستاذ من هذه الفئة ، وبرغم المعاناة النفسية و الغيظ الذي أحرقه ، فقد كانت فعلة ميشيل سببا في التشويش عليه و جعله متوترا ، مما أكسبه الاجواء المناسبة لتفعيل مواهبه و إبراز مؤهلاته ، حينها وفقط حينها تنبه استاذ المحاماة إلى حقيقة أن ميشيل من الشخصيات التي تتمع بذكاء عالي ، لكنه الذكاء البطيء من نوع ذكاء تشالرز داروين الذي كان في قراءته الأولى لأبحاث غيره ، دوما ما يجدها تامة ليس فيها الكثير مما ينقد ، ثم بعد قراءات متواصلة و مدة زمنية من التحقيق العلمي ، يقف العبقري داروين على النقد اللازم لتلك أو هذه الأبحاث . يمتاز أصحاب الذكاء البطيء مثل ميشيل بأنهم لا يستطيعون الحكم أو التحضير لقضية ما في سرعة وجيزة ، إذ يلزمهم وقت معين ، يتدارسون ما هم مقبلين عليه ، و بعد بحث متشعب غاص في الأعماق ، يكافئه القيام بتنبؤات عديدة من الاحتمالات التي يمكن أن تطرأ ، وكيف السبيل إلى التعامل اللائق مع هذا الاحتمال الفرضي ، حيث الوقوع أمام احتمال لم يكن في حسبان صاحب الذكاء البطيء يمثل له كابوسا ، يعجز عن معالجته كما يجب ، لافتقاره الى سرعة البديهة اللازمة لمواقف مشابهة ، كل هذا جاء في استنتاج الاستاذ فيما يتعلق بشخصية ميشيل ، وقد بنى استنتاجه على خبرته الخاصة و المتراكمة من خلال موكليه الذين عمل معهم في سعيه لخدمة قضاياهم ، من هذه الناحية استطاع إدراك نوعية ذكاء ميشيل ، مقررا اللعب بورقة رابحة ، أن يمده باحتمال ليس في حسبانه ، حتى يبث الرعب في نفسه . . . قال استاذ المحاماة وهو يضع ورقة جديدة بيضاء ، يعيد كتابة الرسالة ، بعد أن سعل سعالا شديدا : « لو أمكنك إعادة ترتيب الأحداث التي سردتها في قالب جديد ، تظهر فيه براءة كاميلا ، ما كان ليكون ؟ .»
حين سمع ميشيل كلمات الاستاذ ، بقي بصره شاخصا من غير أن ترمش عينه لوهلة ، فليس الاحتمال المطروق من بين الاحتمالات السابحة في ذهن ميشيل ، و كونه عالما بنقطة ضعفه صعب عليه المهمة مرتين ، حتى أنه بادر بالتكلم عدة مرات ، يفتح فمه و يرفع يده ، استعدادا للنطق ، ولم يتفوه بحرف واحد إلا في محاولتين ، الأولى قال فيها :« حسنا .. أظن ...ربما يمكننا أن نتخيل..» ، ثم سكت ولم يأتي بشيء ، سبب له هذا حرجا شديدا ، لحقه انفعال و حنق ، يراوده احساس تكسير شيء ما ، حتى يخف غليانه ، خصوصا أن المغريات كثيرة من الأثاث الثمين المتوفر ، أما محاولته الثانية ، وبعد أن استرجع رباطة جأشه ، و حاول التكلم بكلام عام تفاديا للأمر وفقط ، قال وهو ينظر بكلتا عينيه إلى الاستاذ ، محاولا اخفاء عثرته بإظهار كاريزما عنيفة ولامبالاة في نفس الوقت :« أظن أن آنوش يحاول حماية أخته ، وقد استعمل المسدسين هو نفسه في المرتين لما أطلق النار على أبيه ، وجود بصمات كاميلا على مسدسها بسبب ...» . . . قبل أن يكمل ميشيل كلامه ، قاطعه الاستاذ بطرح سؤال ثان عن الشهود ، و لم تكن مقاطعة الاستاذ لميشيل عن استفسار حقيقي ، بل لقمه بحجر يزيده غيظا و احتناقا لا غير . الآن ميشيل يشعر بالغباء ، نفس شعور طفل ما حينما تسأله سؤالا علميا معقدا ، فيعطيك تلك النظرة و التي تستغرق مدة من الزمن ، قبل أن يطرحك أرضا بإجابة غبية ، تجعلك تبتسم رغما عنك ، هكذا أحس ميشيل حينذاك ، أنه ليس أهلا للتحدي ، كذا أنه لا يتمتع بالكفاءة اللازمة في هذا الميدان ، وقد اعتمد استاذ المحاماة مغالطة مشهورة هنا ، القائلة ضمنيا وبين الأسطر : « لم تحسن الإجابة على السؤال ، أنا أذكى منك » ، مع العلم ان الاستاذ يدرك فحوى هذه المغالطة ، لكنه لم يردها لذاتها ، بل أراد فقط أن يخلق تلك الأحاسيس في صدر ميشيل ، أحاسيس الغباء و الجهل و اللاكفاءة ، و الأهم الأهم القصور و الخضوع من طرف ميشيل أمام جبروت استاذ المحاماة ، لكن ميشيل بدوره يعلم هذا النوع من المؤثرات ، مدركا فسادها بالعقل و النظر ، إلا أنه لم يستطع منع الأحاسيس من اجتياله ، كما لا يستطيع أحدنا تفادي الغيرة ، مع ادراكه بعقله سلبية هذه الصفة .
سادت لحظات من الصمت المهيب ، كل من الرجلين يحاول قراءة افكار الآخر ، إلا أن تفكير استاذ المحاماة كان دفاعيا أكثر منه هجوميا ، حيث بدأ في تحضير نفسه ضد الخطوة القادمة من عند ميشيل ، و يأتي هذا التحضير في شكل تقمص حالة نفسية معينة . شرع استاذ المحاماة في تقمص حالة نفسية دفاعية ، تتمثل في اللامبالاة و البرودة في التعامل و السلوك ، شيء يشبه حالة الإنسان العدمي الذي تتساوى عنده الأحوال كلها ، أن يحدث الشيء أو لا يحدث ، بما يتناسب و التعليق البارد من مورسو حول وفاة أمه ، هل كان البارحة أم لا ؟ ، ولكي يصل الاستاذ الى هذه الحالة النفسية المعقدة ، قرر تشغيل خلاياه العصبية المرآتية ، والتي دوما ما تساعده في تقمص شخصيات كثيرة و محاكاة اساليبهم و قواعدهم في التعايش مع ذواتهم داخليا و مع غيرهم خارجيا ، و ليس من سبيل يوصل الى هذا الهدف مثل شخصية أحد الموكلين عنده سابقا ، حيث تمتع بذخيرة هائلة من التصرفات العدمية ، التصرفات التي استغلها استاذ المحاماة ، وقتها أرخى قليلا من جفون عينيه ، أنزل كتفيه عن مستواهما العادي ،راح يرفع يديه معا ويضعهما معا ، لا بتحريك أصابعه كما سبق ، ركز بصره على النافذة المطلة على الخارج ، متخذا بينه وبين نفسه قرار ألا يخاطب ميشيل بالنظر إليه ، بل تعدى الأمر إلى استيراد شيء من الأفكار السوداوية : « لا معنى لكل هذا الوجود ...لا فائدة من الصراع و السعي للعدل و الحق ... قانون الخير الكلي عزاء فارغ لا أكثر ... الخ ...» . . . و نعم هي لحظات فقط حتى ولج الاستاذ تلك الأجواء العدمية كحيلة نفسية للدفاع ، تحجب ميشيل من التأثير عليه بخطوته القادمة ، كأن استاذ المحاماة ذاك قد تناول جرعة من المورفين أو الأفيون ، عطلت مخزونه من المشاعر عن اداء وظيفته . . . في الجهة المقابلة استغل ميشيل فترة الصمت في الاستعداد لضربة ينتقم بها لعثرته الفارطة الحين ، ضمن منهجية أكاديمية في التحليل ، على الأقل بما أسعفه الوقت القليل بين يديه ، ولكي يتوصل إلى حل سريع يتناسب و الموقف ، قرر الانطلاق في عملية إلهاء يخلط بها أوراق خصمه القصير . إن إيجاد وسيلة إلهاء تكون متوافقة مع الموضوع المطروق تحتاج إلى لياقة ذهنية عالية ، حتى لا تشعر الضحية أنها تعيش خدعة وهمية ، هكذا يكون بلوغ الغاية أيسر ، لكن ميشيل لم يراع كثيرا هذا البند ، فقط حاول كسب مزيد من الوقت ليحصل على خطوة يشوش بها ، استدار نحو الاستاذ مستغربا من اتجاه بصره نحو النافذة ووضعية جسمه عموما ، و قال بصوت متهدج : « ربما يكفي في هذه القضية الإكثار من إيراد الشبهات التي تفيد ببراءة كاميلا حتى ينصاع لها القضاء ..» . . . قال ميشيل هذه الجملة بهدوء ، معطيا كل حرف حقه من النطق ، ثم أضاف في إظهار منه كأن هذا الذي سيقوله الآن جاء بطريق الصدفة و الحظ فالأفكار دوما تتناسل : « . . . خطرت ببالي الآن خاطرة عابرة ، سأدلي بها ، فأنت استاذ و يمكننا أن نستفيد منك في غير ما مجال ... هل أنا محق ...ها...سأتكلم على أية حال بما أنك محيل بصرك عني ...يبدو أنك من اصحاب الذاكرة السمعية ...حسنا ، خطر ببالي أنه :
قد تجد شخصا ما بارعا ايما براعة ، لكنه يجهل أن براعته ملبوسة و خاطئة من أصلها ، تشبه ذلك الإنسان الذي تعلم الطب من الكتب فقتل الناس . إنني أقول هذا الكلام كوني ظفرت اليوم بتعليق صغير من أحد المفكرين الكبار ينسب فيه مقولة لدستويفسكي تقول : "ما أخفي عن الحكماء و الأذكياء ، كشف عنه للأطفال " ، ثم راح هذا المفكر يتحدث عن مؤسس علم الإجتماع أوجست كونت ، ولا ادري كيف أضاف لكلامه الدورة الدموية الصغرى و شخصية هارفي مكتشفها ، وبغض الطرف عن كيفية ارتباط هذه الأفكار المتباعدة ، فإنه وللأسف ، لا ليس للأسف ، إنه فقط كلام خاطئ ، فالمقولة من القديس بولس إلى أهل قورنتس، و مؤسس علم الإجتماع هو ابن خلدون العالم المسلم ، أما أوجست كونت فيمكن اعتبار أعماله تحديثا بالنسبة لمن درسوا المقدمة لابن خلدون ، على أن بعضهم يعتبره مؤسسا ثانيا ، مثله مثل ألفريد راسل والاس و تشالرز داروين مع مبدأ الإنتخاب الطبيعي ، كذا الدورة الدموية الصغرى هي إحدى اكتشافات ابن نفيس الأندلسي العربي ، هارفي اكتشف الكبرى . . . إن أحد كتب هذا المفكر قابع في مكتبتك تلك ايها الاستاذ ، و هذا ما دعاني للتحدث عنه ، حيث اثار في نفسي حرقة جهلنا بالفلسفة الشرقية نحن الغربيون ، ألم يقل روجيه غارودي أنه خرج من الجامعة الفرنسية بشهادة في الفلسفة و هو لا يعلم شيئا عن الفلسفة الشرقية ، فلسفة الهندوس و المسلمون ، و لا يقف الأمر عند هذا الحد ، فالمثير للإعجاب ان الشرقيين مطلعون وبعمق شديد ، أحيانا يفوق عمق اساتذة جامعيين عندنا ، قلت شرقيون مطلعون بعمق عن عطاءنا المعرفي ، ما أعجب محمد عبده باطلاعه على ثقافة الغرب ، و محمود عباس العقاد ، وعبد الرحمن البدوي ... الخ ... يقابله ضحالة مضحكة في تصويرنا نحن الغربيون للفكر الشرقي ، إلا نفحة من مؤرخينا على طراز كارين أرمسترونغ وما أقلهم ... هاه...ما رأيك يا استاذ؟...» . . . استطاع ميشيل بهذا الخطاب القصير أن يؤثر من أكثر من جهة على الاستاذ لا بطريق المشاعر ، لكن بلفت الانتباه ، جهة أن ميشيل مطلع نهم على الفلسفة الشرقية برغم انه خريج مدرسة عسكرية ، فضلا عن الفلسفة الغربية ، شبيه هو بالطبقة النبيلة في مجتمعات القرن الثامن و التاسع عشر ، و من جهة ثانية زعزعة فكرة تفوق الإنسان الغربي التي يؤمن بها كثيرا استاذ المحاماة . الإنسان الغربي الذي يمثل القيم العليا من الحرية و الفكر و النظام الإجتماعي ، بل حتى السعادة و الهناء ، هكذا اعتقد بحق الاستاذ أفضلية الإنسان الغربي ، لكنه سرعان ما وجد نفسه مدهوشا بفكرة أن الإنسان الشرقي لم يفهمه الغربيون بعد ، و كم في هذا التصور من نبالة الفكر وأصالته ، وبلغة الاستاذ يكون ذلك كالنظر في قضية تعتبر بسيطة وساذجة ، لكنها معقدة وعميقة و لا يظفر بالنصر عليها إلا عقل جبار .، من جهة ثالثة استعمل ميشيل هذا الاسلوب وهو عبارة عن اسلوب في القضاء يستخدمه جميع قضاة التحقيق ، هو أن يتحدث في أمور تافهة سخيفة ، أو حتى أمور هامة لكن غريبة عن الحوار و الاستجواب ، وذلك من أجل أن يطمئن الشخص الذي يستجوبه ، في عملية تسهية و تغفيل ،من أجل أن ينوم انتباهه ، ثم إذا هو يهوى على رأسه فجأة بالسؤال الحاسم الخطير الرهيب . من جهة أخيرة بخاخ الربو المتوفر على طاولة قريبة من المكتب ، الامر الذي فطن له ميشيل اثناء حديثه ، مستغلا تركيز الاستاذ في النافذة المطلة على الخارج ، حيث دس البخاخ في جيب سترته الداخلي ، تماما بجانب قلبه ، ثم قال لنفسه :« كيف تغافلت عن مثل هذا الأمر ، أليس عجوزا قصيرا مسنا، قطعا يعاني من الربو وأمراض أخرى ، غباء مني أن لا ألتفت لسعاله الكثيف حينما سمعته » ، ثم أكمل حواره الداخلي مع الأنا الأخرى التي تخصه :« إن غياب بخاخه الخاص ، سيزيد من معدل سعاله ، المتفق مع تضاؤل نسبة تركيزه » . رد الاستاذ وهو لا يزال مركزا مع المنظر الخارجي من خلال النافذة :« غير مهم حاليا الحوار حول الشرقيين ، امامنا قضية لنتناقش حولها ، بصدد هذا قلي : "ما رأيك في مسألة الصوت الصادر من المسدسات ؟"...» ، و حتى يعطي الاستاذ فرصة لميشيل كي يفكر في الإجابة عن سؤاله ، طلب منه طلبا مفخخا ، أن يستخرج ورقة بحث كانت موضوعة فوق أحد الرفوف العالية ، و التي لا يبلغها ميشيل بقامته المعتدلة إلا بعناء و مشقة ، وقتها كان استاذ المحاماة قد قام بجميع الحسابات اللازمة : مقدار ارتفاع الرف ، قامة ميشيل ، موقع ورقة البحث ، زجاجة الحبر الأسود المترنحة ... الخ . . . أمسك ميشيل ورقة البحث ، ثم اعتدل من جديد وهو يسوي سترته الجديدة ، حينئذ تفاجأ أن يده كلها ملطخة بحبر أسود ، ومساحة كبيرة من ذراع سترته قد أصابها الحبر كذلك ، الحبر الذي كان متواجدا ضمن قارورة صغيرة في أعلى الرف ، و الذي تسبب في سيلانه الاستاذ ، على خشب الرف العلوي ، قبل دخول ميشيل للمكتب بدقائق ، وهو يبحث عن إحدى مسوداته التي دوما ما يجعلها في هذا الرف ، رغم قامته المتواضعة . علم الاستاذ من طريقة لبس ميشيل أنه من أصحاب التفكير الأكاديمي الممنهج ، حيث يتميز هؤلاء وإن كان بعضهم ذو نزعة فوضوية فيما يخص الوسط الذي يعيشون فيه ، قلت يتميز هؤلاء بطريقة لبس محددة ، تعطيهم هالة من الانسجام الروحي بينهم وبين ما يلبسونه من الثياب ، و هذه الصفة فيهم أكثر من غيرهم ، حتى أنهم يحسون بالحميمية اتجاه هذا السروال وذاك القميص ، كأنه من لحمهم و عظمهم و جلدهم ، وبقدر ما يختلف احساسهم حول الثياب مع احساس النساء المتابعات للموضة ، إلا أنهم يشتركون في ردة الفعل الناجمة عن تلك البقعة التي تفسد القميص ، وتفسد هالة الانسجام الروحية كلية . ليس عليك لكي تفسد يوم أحد هؤلاء ، إلا أن توسخ شيئا من ملابسهم ، و سوف يتذمرون داخليا طول اليوم ، بل يصل ببعضهم أن يتهموا السروال نفسه ، ويجعلون ضده احاسيس ثابتة ، مثل : عدم الخروج يوم الاثنين بهذا الجينز الأزرق . ميشيل لم يعاني من النرفزة وضغط هذه المشاعر فقط ، بل عانى أيضا من شيء اضافي ، فما هو ؟ :
حين طرح الاستاذ السؤال عن الصوت ، ولم يدع مساحة من الوقت لميشيل حتى يجيب ، بل طلب منه مباشرة جلب ورقة البحث ، هنا وبالذات كان أصعب موقف بالنسبة لميشيل . . . من أعسر المواقف التي يمكن أن يوضع فيه المرء في لعبة الشطرنج ، حينما يجد نفسه بمواجهة أحد البيادق ، و هو قادر على أخذه ، لكنه في نفس الحين يشعر بوجود خطر و خطة مختبئة لا يدري بها ، حيث يدرك أنه بمجرد أن يأخذ ذلك البيدق الضعيف حتى يقوم خصمه بخطوة قوية ، تجعله يدفع ثمنا غاليا ، كأن يفقد وزيره أو أسوأ حتى ، يوضع الملك في منطقة محاصرة محرجة تنبأ بقرب النهاية ، ثم الأفضل في هذه الحركة ، الحركة التي تجعل ميشيل عاجزا تماما ، شبيه بأحد الفرسان المهرطقين ، الهارب في الأدغال ، لا يدري سهم موته من أي جهة يأتي ، وهو مرتعب ينظر في جميع الاتجاهات ، قلت الأفضل في هذه الحركة أنها تحتاج إلى دقة في التنفيذ و مراعاة مرهفة لزمن هذا التنفيذ ، كأحد فناني الطبخ ، وحتى يصل الى ذوق خاص ، يلزمه خمس غرامات من المكون الأول ، و غرام و ربع الغرام من المكون الثاني ... الخ ... حتى يصل الى ذلك الذوق الخاص ، ولو اخطأ بمقدار واحد على مائة ربما لفسدت الوصفة كلها . هكذا نجح استاذ المحاماة في التأثير على ميشيل . الآن تجتاح موجة عارمة من الغضب و السخط قلب ميشيل ، حتى بادرته فكرة أن يمسك بذلك القصير و يلقيه من النافذة ، لكنه تعالى على جيناته الإجرامية ، وهو يحرك شفتيه بصمت :« لقد طفح الكيل أيها العجوز القصير» ، ثم قرر النظر في ورقة البحث ، فإذا هي بحث قصير عن الصوت و الأمواج الكهرومغناطيسية ، لكن ولسوء الحظ أن المنطقة التي ذكر فيها مقدار سرعة الصوت قد غطاها الحبر الأسود ، هنا لمعت في ذهن ميشيل الفكرة التي أراد الاستاذ توصيلها بسؤاله المطروح ، وقبل أن ينطلق في الشرح ، ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه ، و هو يراقب ذرات الغبار الصغيرة المتوفرة على سطح الورقة . ذرات الغبار الكفيلة بتهييج رئتي القصير ، و الاستمتاع بسمفونية سعاله ، و هاهو ينفخ من فمه ريحا يبعث بسحابة من الغبار السابح في الهواء باتجاه الاستاذ ، ثم يتلفظ قائلا : « لنفترض سرعة تقريبية من سرعة الصوت ، بما أن ورقة بحثك قد فسدت ، لنقل 340 متر افي الثانية ، المسافة بين الحادث ومكان الشهود حوالي 100 متر ، لنقل ايضا أن الزمن الفاصل بين الطلقتين هو ثانية واحدة . . . هل يمكن لمستمع على بعد 100 متر أن يلتقط الفرق بين الطلقتين ؟ ، أم مثل هذه المسافة يمكن أن تجعله واهما أنه ليس هناك إلا طلقة واحدة » . . . أثناء إنهاء ميشيل لجملته الأخيرة تدخل سكرتيرة الاستاذ ، بعد طلب الاستئذان ، و هي تتحدث باستحياء شديد ، كأنها قامت بغلطة لا تغتفر حيث كانت من النوع الحساس ، الذي يملك ضميرا نابضا و حسا أخلاقيا مرتفعا ، قالت السكرتيرة : « اعتذر يا سيدي على التدخل في شأن اجتماعك ، لكنني مقبلة على العودة وقد نسيت بخاخ الربو الخاص بي ...» . . . في هذه اللحظة صار لون ميشيل شاحبا أصفر ، يوشك أن يتوقف الدم عن الصعود لوجهه ، مع تسارع في دقات قلبه ، و جفاف شفتيه ، يحس كأنه ينزلق في هوة سحيقة لا قاع لها ، وليس له أن يصرخ أو يصيح ، عليه فقط أن يعايش الرعب داخليا بلا تخفيف أو هوادة ، ولأن الاستاذ بقي صامتا مبتسما ، نعم كان الاستاذ مبتسما تلك الابتسامة الخبيثة ، يخاطب ميشيل بعينيه :« أرأيت ، هزمتك يا ميشيل ..ها..» ، لكن الآنسة لم تنل جوابا ، وبقيت تارة تنظر للاستاذ ، وتارة لضيفه ، و قبل أن يزداد الوضع أكثر إحراجا ، نزع الضيف بخاخ الربو من جيب سترته الداخلي ، متعللا أنه التقطه ليعاينه فقط ، في شبهه بالبخاخ الخاص به ، وقد نسي إعادته مكانه . قال ميشيل هذه الكلمات وهو يتعرق من الحرج و يبلع غصة أزعجته كونها أظهرته بمظهر الممسوك متلبسا ، ثم يحاور نفسه :« الآن أنت مصاب بالربو ...هاه..يا للسخف» و مما غاظه أكثر هو تلك القهقهة الخفيفة الصادرة من الاستاذ ، التي جعلته يفهم بعمق مدى حماقة الموقف الذي وضع فيه نفسه ، ليقرر فجأة مغادرة المكتب مصاحبة للسكرتيرة ، بحجة أنه يملك موعدا ضروريا ، ثم سيعود لاحقا ، مع العلم أنه في قرارة نفسه لن يعود . . . إن ميشيل بهذا الهروب منه ، توقف عن اللعبة السياسية و الشطرنح الحي الذي يدور بينه وبين الاستاذ ، منتهيا باستنتاج مفاده أن الاستاذ افضل منه في هذه الجوانب على الأقل ، فميشيل من موقفه هذا يميل بتصنيف نفسه إلى أنه صاحب كبرياء عال ، كبرياء يضعه قبل أي شيء ثان ، حتى الحب . . . إن الفرق بين أهل الكبرياء و أهل الحب ، ذلك أن الصنف الأول يعتبر نفسه اعتبارا يسبق كل شيء سواه ، ولا يملك مفهوما للفناء في الخير المطلق ، أو الفناء في الآخر ، أي يضع حدا للأمور اذا ما فقد القدرة على التعامل معها ، مثلما فقد ميشيل القدرة على مجابهة الاستاذ ، أما الصنف الثاني فهو لا يضع نفسه في مرتبة أولى ، بل يملك القدرة على الفناء في الخير ، كما الفناء في الآخر ، لذلك هو يملك دوما ما يسمى بالأمل ، لا الأمل المبني على الرياضيات و الاحتمالات و الفرص ، بل الأمل الميتافيزيقي ، الذي يبقى ولو بانعدام كل إمكانية وضد جميع الاستحالات ، ولو كان ميشيل من هذا الصنف ، لحاول مواصلة حربه الاستراتيجية مع الاستاذ في أمل أن تنقلب الموازين ، وهو ما لم يكن .
أحب استاذ المحاماة شخصية وعقل ميشيل ، بل حتى قرر أنه سيوصي المفتش المسؤول به و يعطيه منصبا يليق بذكائه وإمكاناته الذهنية و الجسدية ، وقد أزعجه قليلا انسحاب ضيفه ، معتبرا نفسه في هزيمة ، حيث أراد الاستاذ مناقشة فكرة إضافية في القضية ، هل رصاصة كاميلا كانت قاتلة ، أم تسبب جرحا عميقا فقط ، مقارنة برصاصة أخيها آنوش .
لكن الاستاذ القصير لم يمنع نفسه من لذة أخيرة ، حيث نادى ميشيل وهو يغادر من خلال الباب قائلا له : «لقد طفح الكيل أيها العجوز القصير» .
نسيت أن أقول : ان بخاخ الربو الخاص بالاستاذ كان في درج مكتبه طول الوقت .



#صيقع_سيف_الإسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المومس و القديس
- الحب في الوجودية
- معطف أوربان
- ميلينكوليا
- من أخطأ ؟
- الاحتواء
- حفيد شوبنهاور
- كيف أصبحت ملحدا ؟
- المحاكمة
- الزنزانة
- المنزل السعيد
- ولادة إنسان


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صيقع سيف الإسلام - الشطرنج