|
طرائف عيد العرش...فابتزاروف، السلطان العلوي و الفلاح الفقير
أبو الشتاء لخضر
الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 22:49
المحور:
الادب والفن
كان عيد العرش في عهد "الحسن الثاتي" يمر في جلبة كبيرة و كان على الكل ان يشارك في طقوس الولاء، حتى الاطفال الصغار، كان عليهم ان يحضروا عملا فنيا يتغنى بالقائد الهمام و بمهندس المسيرة الخضراء و باني السدود...لا أستطيع أن اتصور الان أي احساس كان يعتري ذلك السادي المتعجرف و قد نهضت الامة بأكملها مجندة الادارات والمِؤسسات التعليمية و الاحزاب و القبائل، ليحتفلوا به في مهرجانات، يختلط فيها الحابل بالنابل و ذلك لاسبوع كامل... و ككل ابناء الشعب، كان من الضروري أن تحدث لي بعض الطرائف بهذه المناسبة.
1--"فابتزروف" لي مع هذا الاسم قصة غريبة، يجتمع فيها الواقع بالخيال و النكتة بالمأساة. ففي منتصف الثمانينات كنت أدرس بالصف الخامس ابتدائي و طُلب مني ان أعد عملا بمناسبة الذكرى "الوطنية الغالية". لم تكن هناك فكرة محددة، لكن الصدفة تكلفت بالامر، فبينما انا متكئ- في احدي الايام - على منضدة الحلويات بإحدى الدكاكين، فإذا بعيناي ترمقان كتيبا قديما، لم أتردد، و طلبت من صاحبه ان يبيعني اياه، فهو على اي حال كان سيستعمله من أجل الحلوى و المكسرات .
انتابني الفضول من العنوان"فابتزروف...شاعر بلغاريا العظيم" ،و ما شدني أكثر بعد ذلك هو تلك الاحداث التراجيدية التي كان يكتنف، و رسائل التضحية و الوفاء التي كان يبعث.
بسرعة أخبرت شريكي بالفكرة و اقتسمت معهما الادوار ...حل موسم عرض المسرحية على لجنة التحكيم...كانت الامور عادية الى ان وصلنا الى مشهد تسمر بسببه الحكام...في الحقيقة لقد صدموا...كان الجندي النازي يسحبني -أنا فابتزروف- الى الاعدام، و انا أصرخ :رفيقتي ! لا تبكي...ان غد الشيوعية آت...النصر للشيوعية و الموت للفاشية!!!
أتذكر تلك التفاصيل جيدا...هههه في الحقيقة كان مشهد الاعدام سيجسد حقيقة، لكن حينها لم أكن لأُجر وحدي الى المقصلة، و لكن مدير المؤسسة أيضا...لحسن الحظ كانت الرقابة القبلية هناك .
2- لم تكن تلك الطريفة الوحيدة التي حصلت لي مع "عيد العرش" هذا..أتذكر أني في أحد المواسم لعبت دور السلطان "محمد ابن عبد الله " و لا زالت الصور ماثلة بين عيني كأنها البارحة، فقد حان دوري في تلك المسرحية التي تتحدث عن مناقب ملوك"الدولة العلوية الشريفة" ...صعدت المنصة و شرعت في تعداد مناقب السلطان : "أنا محمد بن عبد الله، بنيت مدينة الصويرة..." المضحك انني كنت الوحيد من بين أولئك "الملوك الصغار" الذي لم يرتد الجلباب الابيض لانني ببساطة لم أكن أمتلكه، ( بالمناسبة صديق الطفولة الرفيق رضوان احمدوش، جسد دور السلطان اسماعيل و كان يرتدي جلبابا أبيض ) .
3-لكن الاكثر طرافة هو ما حدث في مناسبة أخرى، حينما أعطوني معولا و ألبسوني ثيابا بدوية رثة، و شرعت في تقديم نفسي ب" بكل فخر" أمام الجمهور :
"أنا فلاح قلبي مرتاح كنوض كل صباح على صوت الديك الصداح..."
كانت الموضة آنذاك أن تكون فلاحا، حتى أن عددا من النصابين استبدلوا بطائقهم الوطنية بعدما وضعوا في خانة المهنة: "فلاح"، و تأسست أحزاب على اساس خدمة هذا الاخير، أما الفنانة القديرة "غيثة بن عبد السلام" فقد أطلقت أغنيتها الشهيرة "باغية فلاح" ( أغنية جميلة جدا، تجدونها أسفل في التعليق)...
اجتاحت هستيريا الفلاح المغرب، لأن البلاد كلها كانت توجه بقنوات النظام الاعلامية و حينها كان الخطاب الرسمي "يراهن" على الفلاح و على الارض...قبل أن يكشف الاقطاعيون و القرض الفلاحي و مصادرة الأراضي و الجفاف، عن المعنى الحقيقي للنهوض ب"العالم القروي" الذي لم يكن يعن غير ادماج أولئك المنسيين في السوق الاستهلاكية و أسرهم بالقروض و ترحيلهم كعبيد مأجورين الي هامش المدن.
#أبو_الشتاء_لخضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس معمل لانتاج الظلامية
المزيد.....
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|