أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الفرحان - -قضية الريف-: نحو نقاش دستوري بحثاً عن الوضوح















المزيد.....

-قضية الريف-: نحو نقاش دستوري بحثاً عن الوضوح


أحمد الفرحان

الحوار المتمدن-العدد: 5593 - 2017 / 7 / 27 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"قضيّة الريف": نحو نقاش دستوري بحثاً عن الوضوح

ما يدفعنا إلى مناقشة "قضيّة الريف" في المغرب من منظور دستوري، هو اختلاط الأوراق واشتداد حالة الغموض التي أصبحت تلفّ ممارسات الدّولة اتجاه هذه القضية التي يعتبرها البعض سياسية بامتياز وآخرون حقوقية، وبين هذا وذاك ثمّة ممارسات سياسية وقانونية توحي بوجود سيناريوهات خبيئة ومضمرة تستفيد من حالة الغموض السائدة وتلعب بكل الأوراق لتحقيق أهداف ومصالح غير مرئية ولا مدركة، وهذا الرّأي لا يخرج عن مجال التخمينات والتوقعات.
يجدر بنا في هذه الحالة أن نعود إلى الإطار المرجعي الذي من خلاله تشتغل المؤسسات وتمارس السلطات في الدّولة وهو الدّستور.
ولنبدأ من البداية في قراءة المعطيات:
انطلقت احتجاجات الحسيمة ثمّ انتشرت في النّواحي والأقاليم ضمن مجال ثقافي وجغرافي حيوي بشمال المغرب يسمّى بالريف، وكان السّبب في ذلك هو وفاة السّمّاك محسن فكري نتيجة فرمه في شاحنة طحن الأزبال، وهو الحادث الذي استدعى التحقيق القضائي، وكانت القضيّة في بداية الاحتجاجات هو المطالبة بمحاكمة المتورطين في هذا الحادث محاكمة عادلة، وبعد إطلاق مسطرة التحقيق لم يكن ذلك مرضيا للمحتجين بدعوى أنّ التحقيق ليس نزيها ولم يشمل مسؤولين كبار في تحمّل مسؤولية وقوع الحادث ونتج عن هذا فقدان الثقة في الحكومة والسلطة القضائية لعدم قدرتها على محاسبة المتورطين محاسبة مكشوفة ونزيهة . ثمّ ذهبت الاحتجاجات إلى رفع سقف المطالب وصارت تطالب بتلبية ملفها الحقوقي الذي يتكوّن من مطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية متخذة من الرموز الوطنية التاريخية والثقافية إيديولوجيا حماسية لتعبئة المواطنين على مواصلة الاحتجاج، وأمام هذا الوضع اتجهت الحكومة وأحزاب الأغلبية إلى إصدار تصريحات وبيانات تلمِّح إلى أن الاحتجاجات بالريف أصبحت تشكل قلقا على استقرار البلاد وأمنها وذريعة للمتربصين بأمن ووحدة الأمة، وهذا ما أدّى إلى ارتفاع وتيرة الاحتجاجات وشن إضراب عام ومسيرات حاشدة رفضاً لما تلمِّح له التصريحات والبيانات من دعاوى الانفصال والتآمر مع جهات أجنبية. فزادت الاحتجاجات من رفع سقف المطالب وأصبحت تطالب الملك شخصيا بالسهر على تنفيذ هذه المطالب ورفض كل أشكال الحلول المقترحة من طرف الحكومة والمجالس الجهوية والمحلية المنتخبة، يعني فقدان تام للثقة في الحكومة والبرلمان والأحزاب. وأمام هذا الوضع وهو مأزق دستوري كما سنرى فيما بعد، ذهبت الحكومة إلى الاعتراف بارتكاب أخطاء ودعت مُجدّداً إلى الحوار، فأصبحت القضية مفتوحة للنقاش العمومي. وبموازاة هذا، انطلقت القوّة العمومية في استعمال القوّة المفرطة والاعتقالات لمنع الاحتجاجات بدعوى أنها غير مرخّص لها. وهنا بدأت ازدواجية الخطاب والممارسة، إذ ظلّت في نفس الوقت الذي تعترف فيه الحكومة بارتكاب أخطاء وتدعو إلى الحوار والتسريع من وتيرة تحقيق المطالب المشروعة تعتمد أسلوبا أمنيا غير حقوقي في التعامل مع احتجاجات المواطنين. وبعدما زاد الوضع احتقانا عمل رئيس مجلس الوزراء في شخص الملك على توجيه خطاب شديد اللهجة أثناء انعقاد دورته العادية بحكم صلاحياته الدستورية للوزراء والحكومة السابقة التي لم تعمل على تنزيل ومواكبة مشاريع التنمية في ربوع المملكة ومن بينها الأقاليم الشمالية والتي تسمى بمنارة المتوسط، كما مارس صلاحياته الدستورية في تشكيل لجنة للتحقيق في ذلك وأمر الوزراء بالعمل طيلة أشهر الصيف لإنجاز المشاريع ومواكبتها. ولكن هل توقفت الاحتجاجات؟ بالتأكيد لم تتوقف الاحتجاجات. لماذا؟ لأنّ المحتجين يرون بأنّ التوجيهات الملكية للحكومة ليست ضمانة كافية لإنجاز المشاريع بل ينبغي أن يسهر هو شخصيا على متابعتها لأنّ هذه الحكومة والمجالس الجهوية والمحلية فاقدة المصداقية وكثير هي التوجيهات الملكية في خطاباته الرسمية لم تجد طريقها إلى التحقّق. بل كثيرا ما كان يتساءل هو بدوره نفس الأسئلة التي يتساءلها الشّعب. وبهذا فإن هذه المؤسسات لا يرجى منها خيرا، كما انضاف سبب آخر لتمديد الاحتجاجات وهو مسألة اعتقال النشطاء ومتابعتهم قضائيا بملفات جنائية ثقيلة تتعلّق بأمن الدّولة.
وهكذا أصبح الوضع يتسم بالغموض عندما نجد بعض الممارسات غير قانونية وغير حقوقية تتحمّل مسؤوليتها الحكومة دون أن تحرِّك في ذلك ساكنا، تسرّب فيديو يكشف عن جسم المعتقل الزفزافي عاريا، خروج الرسالة والتشكيك في نسبها للزفزافي، تسريب تسجيل صوتي للزفزافي، تصريحات من أهالي المعتقلين عن تعذيب أبنائها...وأحيانا يوحي هذا الغموض بنوع من الصراع بين أجنحة داخل الدّولة على مصالح متضاربة تتخذ من "قضيّة الريف" ورقة لتصفيّة الحسابات، وأحيانا بنوع من الارتباك الحاصل في تدبير الحكومة لهذه القضيّة، ويبقى التساؤل الأكبر لماذا لم يتدخّل الملك بعد؟
حسنا، أمام هذه المعطيات التي تزيد الوضع غموضا يجب أن نعمد إلى التحليل الدستوري لوضع خطوط عارضة لفهم القضيّة مجدّدا.
متى يحق للملك التدخّل؟ بمعنى آخر: ما هي صلاحيّات الملك دستوريا التي تخوِّل له التّدخّل في مثل هذه القضايا؟ يذهب الفصل الفصـل 42 من دستور المملكة المغربية 2011 إلى أنّ:
الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.
ثمّ يذهب الفصل 49 إلى توضيح صلاحيات مجلس الوزراء الذي يترأسه الملك:
يتداول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص التالية:
- التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة - مشاريع مراجعة الدستور - مشاريع القوانين التنظيمي - التوجهات العامة لمشروع قانون المالية - مشاريع القوانين - الإطار المشار إليها في الفصل 71 (الفقرة الثانية) من هذا الدستور - مشروع قانون العفو العام - مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري - إعلان حالة الحصار - إشهار الحرب - مشروع المرسوم المشار إليه في الفصل 104 من هذا الدستور
- التعيين باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية لوالي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي؛ والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية.
ويذهب الفصلان الآتيان إلى ما يلي:
الفصـل 58:
يمارس الملك حق العفو.
والفصـل 59:
إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.
ويُخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.
لا يحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية.
تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة.
تُرفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها، وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها.

من خلال هذه الفصول الدستورية نريد أن نجيب عن السؤال السابق: متى يحق للملك دستوريا التدخّل لحلِّ "قضيّة الريف"؟
لا يحق للملك التدخّل لحل "قضيّة الريف" إلاّ إذا كان دوام الدولة واستقرارها في خطر، أو وحدة الأمة في تفكّك، أو السير العادي للمؤسسات الدستورية معرقل، أو حوزة التراب الوطني مهدّدة. ويمكن أن يؤدِّي في هذه الحالات إلى الإعلان عن حالة الاستثناء التي يوضحها الفصل 59 من الدستور.
فهل من وقائع وأحداث في "قضيّة الريف" ما تستدعي تدخّل الملك لممارسة صلاحياته الدستورية؟
كان من الممكن في أربع حالات:
الحالة الأولى: لو ذهب الحراك في الريف إلى رفع مطالب سياسية وعلى رأسها الانفصال عن الدولة المركزية وادعاء وحدة ثقافية جغرافية إقليمية سياسية، أي: تفكّك وحدة الأمّة، وربما هي الورقة التي أرادت جهات معيّنة اللعب بها ولكنها لم تكن ناجعة.
الحالة الثانية: لو ذهب حراك الريف إلى رفع مطلب الإصلاحات الدستورية والسياسية لاستدعى الأمر، عندما يصبح موضوع النقاش في البرلمان، تدخل الملك للبت فيه من خلال المجلس الوزاري، وذلك بعدما يتخذ صيغة مشروع إصلاح دستوري.
الحالة الثالثة: إذا ما نتج عن "قضية الريف" سياسيا مشروع قانون العفو العام، آنذاك يمكن تدخّل الملك من خلال تداوله في المجلس الوزاري.
الحالة الرابعة: وهي التي تَدخّل فيها الملك حيث مارس صلاحياته في التوجيه والمراقبة، وتَتحدّد في تقييم التوجّهات الاستراتيجيّة لسياسة الدّولة، ومن بينها تقويم مشاريع التنمية.
لنذهب الآن إلى تحديد صلاحيات رئيس الحكومة، ولنطرح السؤال الآتي: ما هي صلاحيات تدخّل رئيس الحكومة في حل "قضيّة الريف"؟
للإجابة عن هذا السؤال، نستعرض بعض صلاحيات رئيس الحكومة كما يقدمها الدستور عسى أن نفهم من يتحمل مسؤولية "قضيّة الريف":
يمارس رئيس الحكومة السلطة التنفيذية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء (الفصل 90 من الدستور).
يرأس رئيس الحكومة مجلس الحكومة الذي يتداول في القضايا والنصوص التالية:
السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري، السياسات العمومية، السياسات القطاعية، القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الإنسان وبالنظام العام، مشاريع القوانين، ومن بينها مشروع قانون المالية، قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب دون إخلال بالأحكام الواردة في الفصل 49 من الدستور، مراسيم القوانين، مشاريع المراسيم التنظيمية، مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول 65 و66 و70 من الدستور، المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري، تعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا وكذا التعيين في باقي المناصب العليا المشار إليها في القانون التنظيمي رقم 02-12
ويطلع رئيس الحكومة الملك على خلاصات مداولات مجلس الحكومة.
لرئيس الحكومة أن يطلب عقد المجلس الوزاري (الفصل 48 من الدستور)، ويتداول في: التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة ومشاريع مراجعة الدستور ومشاريع القوانين التنظيمية والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشاريع القوانين-الإطار ومشروع قانون العفو، ومشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، وإعلان حالة الحصار، وإشهار الحرب، ومشروع مرسوم حل مجلس النواب، والتعيين في بعض الوظائف المدنية وتعيين المسؤولون عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية.
يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية، دو ن إخلال بأحكام الفصل 49 من الدستور. ويمكن له تفويض هذه السلطة (الفصل 91 من الدستور). ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية.يترتب عن استقالة رئيس الحكومة إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك (من الفصل 47).
يذهب الحراك في الريف إلى التشديد على أن مطالبه اجتماعية واقتصادية وثقافية وليست سياسية أو دستورية، وبهذا فإنّ هذه المطالب تقع على عاتق السلطة التنفيذية، بمعنى أنّ رئيس الحكومة هو المسؤول المباشر عن معالجة الملف المطلبي للمحتجين، وخصوصا أنّه يرى أن مطالبهم مشروعة. وفي حالة عجزه عن معالجة هذا الملف المطلبي يمنحه الدستور الصلاحيات الآتية:
- أن يطلب عقد مجلس وزاري بموجب الفصل 48 لإعادة النظر في التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدّولة ومن ضمنها مشاريع التنمية وآليات تنفيذها ومواكبتها، أوفي حالة وجود خلل في السير العادي للمؤسسات الدستورية، أو لطرح مشروع قانون العفو العام على المعتقلين أو لإعادة مناقشة التوجهات العامة للمالية التي ترتبط بشروط التنمية، أو لغيرها من الصلاحيات، وفي هذه الحالة سيعود الملف المطلبي مجددا إلى مجلس الوزراء حيث يترأسه الملك.
- أن يستقيل من مهامه وفق الفصل 47.
وأخيراً، نجد أنفسنا أمام المفارقة الآتية: حراك شعبي يسلك حق الاحتجاج السلمي مدعوم بالمجتمع المدني والأحزاب اليسارية المعارضة لتحقيق مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتي تعترف الحكومة بمشروعيتها، وأغلبية برلمانية تدعم الحكومة وترى أن مطالبهم المشروعة تتوقف على تسريع وتيرة الإنجاز والتنفيذ، وأنّ الاحتجاج ينبغي أن يخضع للضوابط القانونية. وبين هذا وذاك نشطاء الحراك الذين يرون قضيتهم قضيّة خاصّة ليست مجالا للمزايدات السياسية أو الحزبية وأنّهم فاقدو الثقة في كل المؤسسات الدستوريةّ، وأنّ الضامن الوحيد لحل هذا الملف هو تدخّل الملك مباشرة.
ما هو الحل الممكن لهذه المفارقة؟ إمّا استقالة رئيس الحكومة وحل الحكومة والبرلمان وإعادة الانتخابات من جديد إذا كان رئيس الحكومة يجد نفسه يعمل تحت ضغوط وتوجيهات خارج الشرعية الدستوريّة و القانونية، أو مطالبة رئيس الحكومة بمجلس وزاري للبت في قضية واحدة ترتبط بالتوجهات السياسية العامة للدولة إذا كانت المشاريع الكبرى للتنمية لا تخضع للسلطة التنفيذية أو الحكومة خضوعا قانونيا كاملا يمكنها من مراقبتها ومواكبتها، أو أن يطلب رئيس الحكومة من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة الذين يعرقلون السير العادي للمؤسسات إذا كان يجد في ممارسات بعض الوزارات للسلطة لا تخضع للسلطة التنظيمية لرئيس الحكومة.
ودون ذلك، فإنّ رئيس الحكومة يظلّ يتحمّل المسؤولية الكاملة في معالجة "قضيّة الريف"، وإذا كان قد اختار هذا الأسلوب الذي نعاينه الآن والذي يزاوج بين المقاربة الأمنية والاستمرار في إدارة الحكم إدارة وظيفيّة تفتقر إلى الوعي الدستوري والحس السياسي، فينبغي أن يعلن عن ذلك بشجاعة أدبية أمام الرّأي العام دون أن يُوهِمَهم بأنّه ضحيّة التآمرات السياسية وفاقد للسلطات ومغلوب على أمره، فكفانا من دغدغة العواطف والتباكي على البسطاء، فالذي يمارس السياسة ويتقلّد مناصب حزبيّة قياديّة ينبغي أن يكون شجاعاً وقادراً على احترام مبادئه وقيمه حين تقلّد المسؤوليّات الكبرى في قيادة الدّولة، وإلاّ فالجميع مستعد للاستوزار إذا كان الاستوزار مجرّد ممارسة وظيفية في إدارات الدّولة.
وعليه، فإنّ دواعي تدخّل الملك شخصيّاً في معالجة "قضيّة الريف" تقتضي إيقاف العمل بالمؤسسات الدستوريّة إمّا بحلِّها أو بإعلان حالة الاستثناء.
ألم تكن أحزاب الأغلبية وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية من أشرس المدافعين عن هذا الدستور، فلِم يخذلونه؟
قُصارى القول، هل مارس رئيس الحكومة سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية صلاحياته الدستورية حتى نقول إنّ "قضيّة الريف" باتت تستدعي تدخّل الملك !!!؟
خارج هذا التحليل الدستوري ل"قضيّة الريف" يظلّ الصراع السياسي أكبر من أيّة مقاربة دستوريّة بمعنى أنّ "قضيّة الريف" هي ساحة المعارك السياسية الكبرى التي تضع تنزيل الدستور الحالي على المحك، فإمّا مغربا جديدا بأفق ديمقراطي سياسي دستوري وإمّا مغربا تقليديا بأفق سلطوي سياسي دستوري، والأغلبية البرلمانية ورئيس الحكومة يلعبان دوراً تاريخياً كبيرا إمّا في الدفع نحو الديمقراطية وإعادة الثقة في الممارسة السياسية للمؤسسات الدستوريّة أو في الدّفع نحو تكريس السّلطويّة والدّور الإداري الوظيفي للمؤسسات الدستورية، وهذه هي الانتكاسة بعينها.






#أحمد_الفرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تصاب الفلسفة بالزهايمر
- مقترحات من أجل إصلاح التّربيّة الدِّينيّة في المغرب
- المهام التّارخيّة للفلسفة السيّاسيّة بالمغرب، من السّلطة إلى ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الفرحان - -قضية الريف-: نحو نقاش دستوري بحثاً عن الوضوح