أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عبد الأمير الربيعي - حينَّ دخل فكر ماركس حياة المفكر حسين مروّة (1)















المزيد.....

حينَّ دخل فكر ماركس حياة المفكر حسين مروّة (1)


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 5558 - 2017 / 6 / 21 - 17:41
المحور: سيرة ذاتية
    


حينَّ دخل فكر ماركس حياة المفكر حسين مروّة (1)
نبيل عبد الأمير الربيعي

رحلّ صغيراً وبعمر الثامنة من بيروت إلى النجف ومعهُ حُلم العائلة الكبير أن يصبح شيخاً مهيباً مرموقاً كوالده, ذلك كان حلمه الأول, سبق كل أحلام الطفولة, لبس العمامة والجبة قبل أوانها الطبيعي كرمز للحلم ذاته أولاً, وكأداة إلزام له بموجبات الحلم ثانياً. لم يستطع الحلم أن يعيش معهُ في النجف أكثر من عام واحد, فبدأ الحلم ينتابه الضمور والذبول في ذاته, حتى رأى مروّة خاطراً قاهراً صارماً يعترضه ويريد أن يحملهُ على الاختيار الحاسم في مسألة دقيقة للغاية, وهي مسألة تحديد وجهة المصير, مصير حياته كلياً.
وانقطعت العلاقة المباشرة مع الحلم إلى المجهول, وغابت من حياته نهائياً صورة الشيخ المهيب المرموق التي كانت هي نفسها صورته كما رسمها في الحلم, لكن المجهول صار معلوماً, هو البحث عن العلم نهجاً وهدفاً معاً, بقي في النجف وتابع دراسته رغم كل الأسئلة المستنفرة في داخله, وبقي مروّة يتابع ويختار رغم سني دراسته الأربع عشرة, حتى امتلك حريته في اتخاذ القرار, هذا الشعور حيث فتح لهً أبواباً للدخول في عالم أوسع للقراءة والدرس للعلوم (الحلال), وحدها في عرف النظام الدراسي النجفي آنذاك. لكنه أخذ يقتحم بأسئلته الخطوط الحمراء من مكانها التقليدي الفاصل بين (المحرمات) من أنواع المعرفة البشرية المعروفة ويقتلعها واحداً واحداً من مكانها التقليدي, بادر مروّة لتنظيم (يوميات) القراءة والدرس لكي يتوافر له التوازن واختياره بين لون المعرفة الذي تقدمه له النجف من دراسات علوم المنطق والنحو والبلاغة وأصول الفقه والفقه الإسلامي, وبين فسحة الاستقلال الفكري وحرية المناقشة الجدية مع العلم والنص دون كوابح.
كان الوصول إلى الكتب والصحف الدورية الصادرة من مختلف لبلدان العربية, ومن مصر ولبنان بخاصة, متيسراً في النجف, أي خارج أسوار المحيط الدراسي الديني, يقول المفكر حسين روّة في أحد النصوص (من النجف دخل حياتي ماركس) :"كان يتوافر لنا هناك أن نقرأ كتابات المفكرين والعلماء والكتّاب والمبدعين من رجال القرن التاسع عشر والثلث الأول فما فوق من القرن العشرين, وكذلك الكتابات الفكرية والعلمية والأدبية المترجمة عن مفكرين وعلماء وأدباء عالميين..مادة القراءة (المحرمة) علينا آنذاك كانت من الغزارة بحيث يضيق وقتنا عن استيعايها, ونحاول جهدنا أن لا ندع لحظة من الزمن تتسرب من أيدينا هدراً دون كسب معرفة ما". هذه المرحلة من حياة مروّة كانت هي مرحلة الخصب المعرفي, فرأ فيها مروّة أشتاتاً من المعارف لا تنتظمها وحدة, بل يتخللها الاختلاف حتى التناقض, قرأ الأدب الرومانسي, مع الفكر العلمي, مع الكتابات العلمية الخالصة, مع البحث الاجتماعي, نظرياً وميدانياً, تلك الكتب وذلك الوهج النفاذ هو الذي علمه الكثير ومهدّ له الطريق إلى ماركس, كانت كلمة (الاشتراكية) تتردد كثيراً في قراءاته ومنها القراءات النهضوية من كتابات نقولا حداد, صاحب مجلة (السيدات والرجال), وروايات فرج أنطوان ذات النزعة الاجتماعية, وكتابات إسماعيل مظهر وبحوثه التي تصدر في مجلته (العصور) المصرية المعروفة باتجاهاتها المادية, ثم النتاج الطليعي لشبلي شميل, الذي قدّم إلى الفكر العربي والثقافة العربية أول مرّة نظرية التطور الداروينية, التي تعتمد النظرية على استيعاب أوليات القوانين الكونية لحركة تطوّر الطبيعة والمجتمع, فضلاً عن سلامة موسى وأثره الفكري على مروّة في ذلك العهد, وأثر مجلة (المقتطف) بما كانت تُعني به من إضفاء للطابع العلمي الغالب على مجمل ما تنشره وقتذاك.
كانت رواية (الدين والعلم والمال) لفرج أنطوان وهي رواية أقرب للبحث الفلسفي الاجتماعي, وقد اطلع عليها مروّة عام 1926م, من خلالها تعرف مروّة على ماركس وفكره, يقول المفكر حسن مروة :"لكن ماركس هذا الذي ألتقيته عند فرج أنطوان, لم استقبله بارتياح, ولم أشعر أنه هو الذي سيخرجني من بلبلة المفاهيم المختلفة للاشتراكية... فماركس هذا هو أولاً – فيلسوف منّا – أي من هؤلاء العمال الذين يبتسرون حل المشكلة الاجتماعية, الطبقية الكبرى بحيث ينحصر هذا الحل في اشتراك العمال في ربح العمل.. وهو مع ذلك – ثانياً – من أشد أنصار العمال غلواً, وهو – ثالثاً – له رأي في الملكية يناقض رأي أرباب العمل.. كيف تجتمع هذه التناقضات في شخص هو فيلسوف من الفلاسفة؟ رغم هذه الهواجس المقلقة, وقع في نفسي أن ماركس هذا لا بدَّ له شأن عظيم في القضية التي يتحدثون عنها كثيراً باسم (الاشتراكية).. لكن, كيف سأصل إلى صاحب هذا الشأن العظيم بصورته الحقيقية دون الصورة المضطربه هذه؟ بدءاً من هذا السؤال, بدأتُ أدخل في العلاقة السليمة مع ماركس.. ومن هنا بدأ ماركس يدخل حياتي وما أزل في النجف.. لكن ماركس (الماركسي) تأخر عني وصوله بضع سنين بعد اللقاء الأّول, عند فرح أنطوان, مع ماركس (غير الماركسي).. تأخر حتى أنعقدت لي صلة خفيّة مع (الشيخ) حسين محمد الشبيبي (هو نفسه الشهيد الشيوعي المعروف الذي أعدمه النظام الملكي مع الشهيد الرفيق فهد في بغداد عام 1947..".
منذُ انعقاد هذه الصلة دخلت علاقته الصحيحة والعلمية مع ماركس (الماركسي) وأخذ يقرأ العلم الماركسي دفعة دفعة, حتى حصل على البيان الشيوعي كهدية من الرفيق الشهيد الشبيبي شرط أن يقرأها أكثر من مرة, واحتفظ المفكر مروّة بهذه النسخة مفعماً بفرح المعرفة بأضوائها الجديدة الكاشفة, لكن هذه النسخة اختفت بشكل مفاجئ, ثم تعرف على كتاب (رأس المال).
شارك المفكر مروّة في وثبة كانون الوطنية والديمقراطية التقدمية في نهاية عام 1947م, لم يكن شيوعياً في تلك الحقبة بل كان كاتباً وطنياً يكتب بصراحة وجرأة موقفه الوطني في صحف بغداد ولا سيما جريدة (الرأي العام) لصاحبها الجواهري, وفي مجلة (الحضارة), حتى جاء أمر إبعاده يوم 9/6/1949 من العراق قبل أن يصير الانتماء عضوياً بالفعل أما مسألة الانتماء الحزبي فقد تأخر حتى فور وصوله بيروت أصبح شيوعياً خطراً.
وبعد أحداث بيروت الطائفية هنا جاءت المفاجأة ويومٍ داكن من أيام شباط العاصفة يوم 17/3/1987م, حيث تسللت الجريمة العمياء في ثوب الخديعة, اقتحم مسلحون أدوات منزل المفكر الشيخ الثمانيني إلى سرير حسين مروّة, أنهضه أحدهم عن السرير.. أوقفه.. وضع فوهة مسدسه, كاتم الصوت, في أسفل ذقنه.. وأطلق رصاص الجريمة.. فتفجّر دماغ حسين مروّة, واستباحة دمهً الطاهر وهو رهين المحبسين؛ الشيخوخة والمرض, كان منظم الجريمة العقل المريض, هذا العقل الذي يخاف الضياء والفكر, هذا العدو المريض لأصحاب العقول, وهو يظن أن قتل الدماغ يذهب بضياء العقل ومفاعيل نتاجه المعرفي.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لؤلؤة الفرات الأوسط الديوانية
- أنور شاؤل وجهوده في المسرح العراقي
- قراءة في كتاب .. شذرات من مناهل المعرفة للباحث عبد الأمير ال ...
- من يحاسب سارق الجهد الأدبي والفكري؟
- الغناء بين الحلال والحرام
- الساخته جي
- الشاعر والناقد إبراهيم عوبديا
- قراءة في كتاب ...مبادئ الصوفية وحكمة الإشراق للشيخ عبد الكري ...
- قراءة في كتاب ((رحيل يهود العراق))
- قراء في كتاب اجتماعية التدين الشعبي.. دراسة تأويلية للطقوس ا ...
- صباح نوري المرزوك.. ينبوع يفيض كل يوم بشيء جديد
- وداعاً صديقي ((الصحفي الساخر محمد الرديني))
- حضارة بلاد وادي الرافدين. المعتقدات والأساطير الدينية / الحل ...
- إمارة راوندوز ودور الأمير مير محمد في إدارتها / الحلقة الثان ...
- إمارة راوندوز ودور الأمير مير محمد في إدارتها / الحلقة الأول ...
- حضارة بلاد وادي الرافدين / الحلقة الثالثة
- حضارة بلاد وادي الرافدين / الحلقة الثانية
- حضارة بلاد وادي الرافدين / الحلقة الأولى
- هل الأديان رسالات سلطة وصفحاتٌ من الدَم؟
- أشهر الجرائم والاغتيالات في محافظة بابل للمؤرخ عبد الرضا عوض


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عبد الأمير الربيعي - حينَّ دخل فكر ماركس حياة المفكر حسين مروّة (1)