أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر زكي - فيحاء السامرائي














المزيد.....

فيحاء السامرائي


حيدر زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5556 - 2017 / 6 / 19 - 16:59
المحور: الادب والفن
    


مسرحية مخاطر المهنة:
ديبلوماسية الشاي والمربى

بين فينة وأخرى، تشهد خشبات مسارح لندنية أعمالاً مسرحية، تتناول أوضاعاً تخصّ العراق كالاحتلال وأسبابه أو الوضع السياسي والاجتماعي فيه، كمسرحية "عشاء مع صدرام"، و"شيء يحدث " التي تبحث في أسباب التدخل الغربي في شؤون ذلك البلد الذي غدا اليوم محطّ انظار العالم واهتمامه..ترى ما الهدف من تسليط الضوء الفني والأدبي في الغرب راهناً على قضايا بلد بعيد جعرافياً وحضارياً ؟
عرضت مسرحية "مخاطر المهنة" على مسرح هامستيد، عن رواية بنفس العنوان عام 2006، للمؤلف والسياسي روري ستيوارت.

من هو روري ستيوات:
رودرك ستيوارت، وزير الدولة للتنمية الدولية عن حزب المحافظين حالياً، خريج مدرسة ايتون والرحالة المغامر الذي عيّن في عمر الثلاثين نائباً لمحافظ سلطة الائتلاف المؤقتة في محافظة العمارة عقب سقوط النظام، حالماً، كأي بطل لورنسي، بإعادة بناء الديمقراطية وترسيخها وحل النزاعات بين الفصائل المتنازعة وردع الحرب الأهلية في العراق.. شملت مسؤولياته آنذاك، إجراء الانتخابات البلدية وتنفيذ المشاريع الانمائية، لكنه اضطر الى التعامل مع مشاكل الحياة اليومية مثل أزمة الكهرباء ورواتب الشرطة، فأثار وجوده وحلوله جدلاً بين المتنفذين في المدينة من عشائر ورموز دينية متشددة باعتباره صنيعة الاحتلال..وبما أن ستيوارت، بمثاليته الساذجة، كان غراً وقليل الخبرة في أمور السياسة، غالباً ما تحرّكه أوامر قوى التحالف، فقد وجد نفسه متورطاً في سياسة داخلية حساسة، بالكاد يفهم حضارة وتقاليد بلد ناء عن فهمه وحضارته وتقاليدها، فواجه اضطرابات ومحاصرة ميلشيات التيار الصدري لقيادة مجمّعه عام 2004، ولكن أقصى ما فعله هو دعوتهم للتفاهم مشيراً الى لوح طيني سومري يدل لأول حضارة على أرض العراق ابتكرت القوانين قبل بريطانيا وأمريكا، كما قدّم لهم الشاي مع البسكت والمربى، في محاولة للم شملهم بطريقة سلمية هادئة، في حين أن ستيوارت دعم في البداية حرب العراق، غير انه في وقت لاحق مال إلى الاعتقاد بأن الغزو كان خطأ بعد عجز التحالف الدولي عن تحقيق دولة أكثر إنسانية وازدهارا، والى طرح السؤال الكبير بالتالي، هل بامكان ديمقراطية تأتي من الخارج أن تؤسس لنفسها قيماً ونظاماً في بلد كالعراق؟ وهل فاقم الاحتلال مشاكل طائفية وقبلية واقتصادية وسياسية؟ وماهو الحق الأخلاقي للغرب في رسم سياسة دولة أخرى وتسييرها؟

شخصيات من الواقع:
ركزت المسرحية على شخصية كريم ماهود، وهو الشيخ عبد الكريم ماهود المحمّداوي، أمين حزب الله في العراق، الذي كتب عنه بول بريمر في كتابه (عام قضيته في العراق) حيث لقّبه بـ "أمير الأهوار" وأضفى عليه صفات بطولية اسطورية.. ولقد تشكلت علاقة معقدة بين الشيخ ماهود مع السيد حسين البطاط، أحد الرموز الدينية الصدرية في العمارة، تراوحت بين العداء والتنافس، وبين التعاون في تشكيل أول مجلس محلّي للمحافظة..إضافة الى ظهور شخصيات أخرى كالمترجم الذي تقتله الميليشيات لتعاونه مع قوات الاحتلال، وشخصية المرأة المتحررة ابنة استاذ التاريخ ابراهيم خالد الذي ينصح ستيوارت بأن يكون قوياً قائلاً بأن هذا البلد كان يبدو قوياً بسبب من ان الحاكم يتظاهر للآخرين بحيازته على أسلحة في الوقت الذي لا يملك منها شيئاً..وكما نرى فان الشخصيات الدرامية تستنبط تماماً من الواقع، في حين ان الدراما، على نحو ما، تعتمد على نزاع الأفكار لا على استعادة الأحداث الفعلية..وقد لجأ المخرج سايمون غودون، الى الاسراف في السخرية من أغلب الشخصيات وجعل حوارها وخطابها صراخاً وأفعالها عراكاً وعنفاً، حتى ان أحدهم ظل يلطم على رأسه طويلاً في أحد المشاهد.

رسالة المؤلف للجمهور:
مؤلف المسرحية، ستيفن براون، كصديق لروري ستيوارت، يبدو متردداً في حذف أي شيء من جوهر العمل الروائي ووقائعه، فبدلا من تشكيل دراما مركزة من مواده، صرّح بأن عمله يتماثل مع الحقائق والناس الحقيقيين ويخلق حساسية ووجهة نظر للتفاعلات اليومية بين العراقيين والائتلاف ومخاطر الاحتلال الأجنبي..ومع ان الرواية قراءة سريعة للرواية، فانها تصوّر الحقيقة أفضل من الحقيقة نفسها، "لأن دوامة العراقيين المتضاربة معرضة لخطر زخرفة حربهم وسخطهم ويأسهم"..ومع ذلك فان امتلاك المسرحية التوثيقية/ الرواية، لحقائق مختبرية وميدانية يزيد من وعينا حول مخاطر الاحتلال الأجنبي ويثبت بأنه "لا يمكن أن تكون ثمة ديمقراطية في البلاد عندما يكون لديك الطغيان في المنزل"، و إن الإصرار على القيم البريطانية لدبلوماسية (الشاي والمربى) لم يفعل شيئا يذكر لتغيير العالم، و"كل انتخابات تفتح الباب أمام المتطرفين" بسبب تضارب مصالحهم، لا كما تبجّح به بريمر حين قال بأن هدف الاحتلال كان من أجل قيام "دولة مزدهرة متعددة الأعراق، لا مركزية، تقوم على حقوق الإنسان"

على هامش المسرحية والخلاصة:
جاء تصميم بول ويليس للديكور متمثلاً في الجدران الخرسانية القاتمة والمتحركة على المسرح، ككشف عن الحالة القمعية الشائعة في المكان، مثله مثل إنارة الفلورسنت المقطوعة من حين لآخر، كدلالة على ارتباك واضطراب الوضع الأمني وانقطاع التيار الكهربائي، غير ان الموسيقي التي صدحت بنغمات من غرب البلاد، تجاهلت الايقاع الجنوبي وما تمثله الأهوار من موسيقى ريفية حزينة.
في نهاية المطاف، قد تثير المسرحية أسئلة عن جدوى احتلال العراق وعواقبه؟ وما هو المنطق الذي يمّكن الأجانب غير المنتخبين والمدعومين بالدبابات البريطانية، من فرض "ديمقراطيتهم" على المنطقة التي تم التحليل الخطأ لواقعها والتقليل من شأن تناقضاتها وتقاليدها ومفاصل الصراع بين أهلها؟ وهل جعل الاحتلال حال البلد أفضل؟ واذا سلّمنا بالفشل، فهل يتوجب هذا العجز من الغرب أن يتخلى عن أي فكرة للتدخل في المستقبل؟
هذا هو السؤال الذي ختمت به المسرحية على لسان ستيوارت: "وصلنا مفكّرين باننا الأبطال الخارقين، وها نحن نغادر"..غير انهم غادورا وتركوا الفوضى خلفهم.



#حيدر_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منحنيات الأحلام في -انتظار السمرمر-


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر زكي - فيحاء السامرائي