أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحية دبش - من يوميات امراة بين الضفتين 6














المزيد.....

من يوميات امراة بين الضفتين 6


فتحية دبش
كاتبة، روائية، ناقدة ومترجمة

(Fathia Debech)


الحوار المتمدن-العدد: 5555 - 2017 / 6 / 18 - 13:29
المحور: الادب والفن
    




تهادت شموس يوم الأحد و تلاعبت نسمات الربيع الرقيقة بشالي البنفسجي،
قادمة أنا من الصحراء و مازالت تسكنني الهاجرة و لا يحتمل جسدي الصغير لطف طقس فرنسا، تعودتْ جلدتي السوداء على حرارة لا تقل عن الثلاثين درجة في الربيع و تفوق الأربعين صيفا...
قلت، تلاعب النسيم بشالي المُلتوي كثعبانٍ حبيبٍ على رقبتي، أحكمت شدّه من جديد و انتعلت كعبي العالي، تأبطت حقيبتي و ذراع زوجي و خرجنا...
كان كل شيء مُرتّب لا يفيض ورقٌ هنا و لا هناك، لا محابر لنغمس فيها إبهامنا للتنصيص على مرورنا من هنا....
بالباب وجهٌ صبوح، تعلوه ابتسامات، و تنزّ منه كلماتُ صباح الخير، مرحبا، نهاركم طيب، فتنزل على الأذن بردا و على القلب سلاما.
قبالتي مكتبٌ ممتدٌ عليه تستسلم القصاصاتُ الورقيةُ و المظروفات للإنتظار و تتغنّج للأصابع التي ستعبث بها بعد حين، فتتفصلها عن اخواتها، تقبلها العيون ،و تتلمّسها الأصابع قبل أن تطويها و تخفيها بغيْرة في الظرف الرمادي الصغير...
أدخل إلى الخلوة بستائرها الزرق السميكة.
و هنا أحتفل بلحظة شبق عنيف منفرد فأمزق قصاصة لا تغازلني و أدسّ قصاصة تراقصني...
أزيح الستار بغرور من امتلك القرار و اكرمه...
أتخذ مكاني في الصف، أخرِج بطاقة هويتي و بطاقة الناخب بألوان علم البلاد: ابيض، ازرق، احمر...
أنظر في عيون الذين قبلي و الذين بعدي، أبتسم للفرنسي بالوراثة متباهية بأن انتمائي هنا اختيارا على عكسه تماما،ثم أشكر أجداده الذين أقاموا حق المواطنة على أساس حق الأرض(le droit du sol)، أحيي الحنطي الذي وفد مثلي من الأقاصي و احتفى بمواطنته ...
أتقدم في الطابور، عجبا كل شيء هنا يشي برهبة التاريخ و الحدث، كل شيء في مكانه، كل سؤال له جواب قبل أن يولد...
حيّاني عون الإستقبال بابتسامة رقيقة.. هم هكذا دائما مبتسمون!
أستغرب دائما من قدرتهم على التفريق بين مواقفهم الشخصية و ضرورات مهامهم العملية...
قد يكون الواقف أمامي بأدب جم مناهضا لوجودي هنا كذات أصل غريب و رغم ذلك فهو مبتسم لي و لغيري...
هنا يعتبرون اللياقة للشخص و ليس للإنتماء،
يبتسمون للمحافظة على قيافة شخصية و ليس توددا للآخرين...
كم هم مختلفون عنا...
أعود إلى الأهم... تقدمت منه و بادلته التحية، فقد تحررت من بدويتي منذ وعيت وجودي على هذا التراب، استلمتْ زميلته أوراق هويتي، تفرستْ فيها و فيَّ و هزّت رأسها موافقة على بداية التصويت.
فتح الصندوقُ قلبَه يحتضن قصاصتي المندسة في الظرف الصغير،
ودعتُها بحنان و عن طيب خاطر، أمضيت -على فكرة مازلت أمضي بالعربية- و استعدث أوراق هويتي ، ودّعتهم متمنية لهم نهارا طيبا و انصرفت...
على الطريق، قلت لزوجي... أتفهَّمُ في كل مرة لماذا كانت أول انتخابات ليست حرّة شارك فيها أبواي في وطني الأم محفلا كالعرس تماما...
إنهم كانوا يحتفلون بحقّهم في التصويت حتى و إن كان المترشح وحيدا...



#فتحية_دبش (هاشتاغ)       Fathia_Debech#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحية دبش - من يوميات امراة بين الضفتين 6