أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبير سويكت - تحرير المطلقات و الأرامل و العوانس و القصر من السجن التقليدي و ظلم المجتمع















المزيد.....

تحرير المطلقات و الأرامل و العوانس و القصر من السجن التقليدي و ظلم المجتمع


عبير سويكت

الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 23:19
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    



  لطالما راودتني الأسئلة عن حياة بعض النساء السودانيات من أرامل، و مطلقات، و عوانس، و زواج القاصرات،
و أتسائل دائماً ما ذنب هؤلاء النساء الضعيفات؟ لماذا وإلي متي يعشن في قفص السجن التقليدي الأبدي و تحت ظلم المجتمع؟ هل هذه هي العدالة الاجتماعية والإنسانية والإسلامية  والسودانية؟ في أحد مقالتي عن ظلم المجتمع العربي و الإسلامي للمرأة ضربت مثلاً لإمرأة منحدرة من قبيلة أمي بالتحديد أي الجعليين بمناطق نهر النيل في السودان و تعمدت فعل ذلك و اليوم أيضاً تعمدت أن أتمثل بهم لشيء في نفس يعقوب،
حتى أعطي الشعب السوداني مثلاً في كسر حواجز الخوف من المجتمع  والعيش في رعب من نظرات الآخرين و كلامهم  ونحن لم نفعل شيء ولم نأت بفاحشة قط، علي سبيل المثال الجعليين كحال بقية السودانيين في الماضي  وحتي قريبا إعتادوا تزويج القصر من بناتهم  والجميلات بشكل خاص مع رجال يكبروهن في السن بشكل كبير جداً فقط لأنهم متيسري الحال، وأنا ليس لدي مشكلة في أن يكون الرجل أكبر سنا من المرأة  و أكثر نضوجا لا ليست هذه المشكلة إذا كانت المرأة قد تجاوزت الخمسة و العشرين و نضجت فكرياً و كان هذا إختيارها الفرق في العمر ليس مشكلة، و لكن المشكلة هي زواج القصر وإستلابهم هذه المرحلة الطفولية من العمر و إخراجهم من عالم الطفولة إلى عالم الجنس و الزوجية و الحمل والولادة هذا أفظع ما يكون و أكبر جريمة في حق الطفولة، و من ثم ننتقل إلى النوع الثاني الأرامل، هنالك نساء يموت أزواجهن و هن في ريعان الشباب و لكن كعادته المجتمع السوداني الذي يخلط بين العيب و الحرام وتعاليم الإسلام و عاداته وتقاليده المتخلفة ومفاهيمه الخاطئة فهو يرى أن المرأة الأنثى بموت زوجها توقفت عجلات حياتها وعليها أن تنسى نفسها كإمراة و أنثى و تتجه نحو تربية أطفالها حتى لا ينظر المجتمع إليها بنظرة المرأة التي تبحث عن الزوج الرجل، النوع الثاني الأرامل هن اللاتي ترملن في سن تخطت الأربعين و الخمسين و كبر أبنائهن و تزوجوا فهذا النوع من النساء يحكم عليهن العرف التقليدي السوداني أن يمكثون طيلة حياتهن وحيدات لأن من تبحث عن الزواج في هذا السن فهي مرأة غير محترمة تبحث عن رغبة في نفسها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من قال أن الهدف من الزواج إشباع الرغبات فقط؟ هذا هو تفكير المجتمع القاصر ينظر إلى الزواج علي أنه عملية جنسية بحته، و هؤلاء الناس الذين يفكرون بهذه الطريقة هم أصحاب نفوس مريضة و قذره و ليس المرأة المقدمة علي الزواج، لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا من ذكر و أنثى و جعل من الرجل أنيس للمراة و العكس، فالإنسان لم يخلق ليعيش وحيداً معزولا منغقلا منزويا،
الغرض من الزواج ليس هو الجنس أو الإنجاب بل إيجاد الأنيس  والرفيق و الحبيب للرفقه معاني إنسانية عظيمة سامية و ليست نظرة الجنس التي تسود عقول المجتمع السوداني، فما زالت راسخة في مخيلتي إبتسامة المرأة التي أطلق عليها أنا لقب المرأة الحديدية لأنها كما تقول حبوبتنا( شيالة التقيلة) المرأة التي تصمد في الظروف الصعبة و تخلق من( الفسيخ شربات)، وهي صاحبة الشخصية القوية التي يتمتع بها الرجال أكثر من النساء و تقول حبوبتنا دائماً  (دي بت أبواته مرأة بعشرة رجال)، إستغربت يومها عندما رأيت تلك الابتسامة الطفولية لمرأة في نهاية الخمسينات مع إنحناء الوجه في كل خجل عندما قال لها زوجها المغترب بعد عودته من غربة عشرات السنين : (هل تفقدتي الحقيبة و رأيتي ماذا أحضرت لك من السعودية،
و أخذ بقطعة قماشية وقال لها :ما رأيك في هذه؟ )، فتبسمت و قالت : هذه لا تصلح لمرأة في  عمري بل تصلح لعروسة)، فرد عليها:( إنتى في نظري ما زلت عروسا)، و هنا خرجت إبتسامة الطفلة من وجها مع إنحناءه في خجل،
و هنا تأكدت أن اي إمرأة مهما كانت قوية أو قاسية في تعاملها كلمة طيبة من رجل قادرة علي إخراج الأنثى التي بداخلها لأن المرأة مهما كبر سنها فبداخلها أنثى و بداخلها طفلة صغيرة، فلماذا نحكم على هؤلاء النساء أن يعشن وحيدات طيلة حياتهن لأن المجتمع السوداني يرى أن في سن معين يصبح من العيب أن تتزوج المرأة طلبا للأنيس و الرفيق بدلا أن تنهي عمرها وحيده؟ هل هنالك أية أو نص قرأنى صريح يحرم ذلك أم هو عدم قدرة المجتمع علي التحرر من هذا الفهم التقليدي المتخلف المدمر؟ النوع الثالث من ضحايا المجتمع من النساء هن المطلقات، فالمرأة السودانية حتى وإن كانت تعيش حياة زوجية تعيسة مليئه بالألم و المعاناة و فقدان الوفاء و الإخلاص  والرحمة و الإحترام فهي مجبرة علي أن تعيش بقية حياتها هكذا لأن المجتمع السوداني يعيب الطلاق الذي حلله المولى عز وجل كوسيلة خلاص، هم أعطوا لنفسهم الحق بوصفه بالعيب و العار، مع العلم بأنهم يعطون للرجل مطلق الحرية في أن يطلق في أي وقت شاء لكن إذا فعلت ذلك المرأة فهو عار عليها، وغالباً ما تفعل لخوفها من النتائج السلبية في نظرة المجتمع الذي يظن أن المرأة إذا طلقت فهذا يدل علي وجود عيب بها،
و ستكون فرصتها في الزواج أكثر من ضئيلة لأن الرجل السوداني بطبعه الناتج عن التربية الخاطئة يفكر ألف مرة قبل التزوج بمرأة مطلقة والذي يصعب الأمر أكثر هو وجود الأطفال لأن المرأة المطلقة أن قررت الزواج فليست وحدها من ستعاني من محاكمة المجتمع الغير عادلة و نظراتهم الظالمة بل أطفالهم أيضاً سيعيشهم المجتمع في مأساة تبدأ من داخل الأسرة الكبيرة و تنتهي بالمجتمع الخارجي فيطاردهم المجتمع بي (دا راجل أمك) التي تعتبر في حقيقة الأمر عن نوع من الشتيمة أي أن أمك جاءت بفعل سئ و هكذا يتم مطاردة الأبناء حتى يتعقدوا نفسياً، النوع الرابع من النساء اللاتي يعانين من هذا القفص و السجن التقليدي هن العوانس فالمرأة إذا وصلت سن الثلاثين ولم تتزوج بعد فهي عانس مع ان السن المناسب للزواج و سن النضوج بالنسبة للمرأة على حسب المقاييس الدولية هو ابتداءً من الثلاثين ولكن المجتمع الذي تتزوج فيه القواصر من الطبيعي أن يعتبر الثلاثين سن العنوسة، و نحن لا ندري ما معني العنوسة للمجتمع السوداني علما بأن المرأة رسميا حتى سن الخمسه والأربعين جسمها الانثوي يؤدي وظائفه بصورة طبيعية و هي قادرة حتى علي الإنجاب هذا من ناحية إذا كانت النظر للزواج مبنية على الجسد و الجنس والإنجاب فقط، من ناحية أخرى إذا كنا ننظر إلى زواج بالنظرة الطبيعية المتفق عليها عالميا و إنسانياً و هي أن الزواج  عباره عن علاقة إنسانية وعلاقة تعايشية فهنا نجد أن ليس للزواج سن محدد حتى في سن التسعين يمكنك أن تتزوج لأنه رغبة داخلية في أن تعيش حياتك مع شخص ما يختاره قلبك وتريده أن يكون رفيقا وأنيسا و شريكاً لك في حياتك، شخص تصتبح به في تغريدات الصباح البهية و يكون بجوارك ليلاً مع غروب الشمس الساحر و سكون الليل الهادئ، رفيق تحكي له همومك و أحزانك لتجد السلوي و الطمأنينة في أحضانه، و شريك يشاركك فرحتك وإنجازاتك وإنتصاراتك، يفرح لفرحك ويحزن لحزنك شريك يمارضك عند مرضك و سندك إذا جار عليك الزمان والمكان، رفيق يفهمك دون أن تتكلم  ويشعر بآلامك وأفراحك، أن للزواج معاني خالدة  وسامية فهل يا ترى مثل هذه الأشياء التي ذكرناها لها سن محدد؟ هذه الإنسانية والاحتياجات المتواجدة بداخل أي إنسان مخلوق من دم و لحم و له أحساسيس و مشاعر و قلب ينبض مثل هذه الأشياء لا عمر لها، كما يجب أن تتغير نظرة المجتمع للزواج ونظرته للعلاقة بين الرجل والمرأة على أنها مبنية على الجسد والجنس و الشهوة و الرغبة و الإنجاب، فإذا كانت هذه نظرة المجتمع فمن الطبيعي أن تختلف عنده المعايير و يقسم النساء إلى عوانس و مطلقات و أرامل و قاصرات للزواج، حيث أصبح السودان التربة الخصبة للمفاهيم الخاطئه والمريضة، ولكن ما يهمني في نهاية المطاف هو مخاطبة الشعب السوداني و العربي و الإسلامي نساءا و رجالاً و شباباً  وتأكيد أهمية العمل المشترك لمحاربة هذه المفاهيم الخاطئة و العمل على توعية و تثقيف المجتمع.

عبير سويكت ناشطة سودانية و كاتبة صحفية
مقيمة بباريس



#عبير_سويكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق عاشقه بين اليقظة والأحلام
- جدل حول زواج التراضي و إستمرار علماء الدين في تضليل العباد و ...
- لماذا لا يحكم المسيحي في بلد أغلبيته مسلمة إذا كان مؤهلا سيا ...
- تحريم زواج المسلمة من المسيحي مصدره القرآن الكريم أم العقلية ...
- حد الردة إنتهاك لحرية الإعتقاد و هدر للنفس البشرية العزيزة


المزيد.....




- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- -قرن- ينمو في جبين امرأة صينية تبلغ من العمر 107 أعوام
- الوكالة الوطنية للتشغيل 800 د.ج تكشف كيفية التسجيل في منحة ا ...
- طريقة التسجيل في منفعة دخل الأسرة بسلطنة عمان 2024 والشروط ا ...
- تقارير حقوقية تتحدث عن انتحار نساء بعد اغتصابهن في السودان
- أنبــاء عن زيـادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى 8000 د.ج! ...
- جنود إسرائيل في ثياب النساء.. ماذا وراء الصور؟
- وباء -الوحدة الذكوري-.. لماذا يشعر الرجال بالعزلة أكثر من ال ...
- مساعدة الرئيس الإيراني: مستعدون للتعاون مع قطر في مجال الأسر ...
- لماذا تسافر ملكة جمال لبنان إلى المكسيك في أوج الحرب؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عبير سويكت - تحرير المطلقات و الأرامل و العوانس و القصر من السجن التقليدي و ظلم المجتمع