|
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين
محمد علي العامري
الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 21:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" الشريعة الإسلامية "، سلاح ذو حدين - الحلقة الأولى محمد علي العامري
الشريعة الإسلامية التي نسمع بها بكرة وعشيّا ، وصدعوا رؤوس المسلمين بها ، نراها تلاحقنا أينما رحلنا وحللنا ، وكثيراً ما نسمع بوجوب تطبيقها ووجوب أحترامها . ولكن رب سائل يسأل : من هو المؤهل لتطبيقها ، وكيف ؟ وعلى مَن ؟ هذا السلاح المرعب الذي تخندق خلفه الإسلام السياسي وجميع الأنظمة العربية والإسلامية ، لمحاربة كل من خالفهم وعارضهم ، معتمدين على جيش من الوعاظ والفقهاء والمتملقين. لقد أُستُخدم هذا السلاح لسحق وتحطيم وإلغاء الأخر ونسفه بالكامل ، حيث خُرقت حقوق الإنسان وكُبلت الشعوب وأُلغيت العقول بأسم تطبيق الشريعة الإسلامية ، وتارة أخرى بأسم حماية الدين والحفاظ على العادات والتقاليد التي ورثناها . تساؤلات كثيرة ومشروعة ، وإشكاليات كبيرة تواجه المسلمين هذه الأيام وهم واقفون حيارى من أمرهم أمام دينهم وحياتهم ومستقبلهم ، واليوم بدأ المسلمون يتحسسون أنفسهم حيث إنتبهوا بأنهم يعيشون في الدرك الأسفل من المجتمع البشري ، فأخذوا يتساءلون : من أجل الإسلام ولدوا وجاءوا ، أم الإسلام وُلد وجاء من أجلهم ؟! نعم نراهم حيارى ، مذهولين واقفين أمام فقهائهم ورجال دين مذاهبهم المتناحرة ، الذين إستغفلوهم وإستغلوهم وإستغلوا دينهم أيما إستغلال . فالمسلون يشعرون اليوم أن المراكز الإسلامية سواء إن كانت حكومات أو مرجعيات أو مراكز دينية يتصارعون ويتحاربون بالمسلمين وبدينهم وليس من أجلهم أو من أجل دينهم . والمسلمون يريدون اليوم أن تكون الشريعة الإسلامية في متناول اليد ، يريدونها أن تكون عقداً إجتماعياً مكتوباً بنصوص واضحة الفهم والتفسير ، ليضعوها في كفتي الميزان ليقارنوا بينها وبين القوانين الحضارية وحقوق الإنسان ، هل هي أفضل منها أو موازية لها أو أسوأ منها ؟ وأيضاً يريد المسلمون سنتهم وشيعتهم وكل طوائفهم أن يدلهم أحد ويرشدهم بالضبط أين هي الشريعة الإسلامية ؟ وفي أية دولة إسلامية ، وعند أية مرجعية أو مركز إسلامي ممكن أن يجدوها ؟ والسؤال الأهم : هل هناك شريعة إسلامية واحدة ذات مرجعية واحدة يحتكم اليها المسلمون ، كل المسلمين ؟! آسف جداً ليكون جوابي صريحاً لا لفّ فيه ولا دوران ، " ولا تملقاً ولا زلفاً " أن هذا ضرب من الخيال ، فلا توجد شريعة إسلامية واحدة موحدة تنظم حياة المسلمين ، وما هي إلا مجموعة من الإجتهادات الفقهية المختلفة الألوان حسب ألوان المدارس والمذاهب والطوائف ، ومختلفة حد التناقض والتنافر في التفسيرات والتأويلات التي إحتكرها القيمون على الدين والمذاهب الذين نصّبوا أنفسهم وكلاء الله على الأرض ، وغلفوا أنفسهم بغلاف المقدس بحيث لا يستطيع أي واحد من المسلمين المساس بهم أو الإقتراب منهم . ألا يمكننا أن نوعز هذا الكم الكبير من المدارس الفقهية والمذهبية الإسلامية المختلفة والمتناحرة والمتقاتلة ، الى عدم وجود نصوص قرآنية وضاحة المفاهيم والمقاصد ، ليسترشد بها المسلم ويسير على هديها ، وينظم حياته الدينية والدنيوية ، ويفهم بوضوح ما له وما عليه . فإن معظم النصوص القرآنية التي تعرضت " للأحكام الجزئية والتفصيلية كانت ظنية الدلالة " أي إنها قد صيغت صياغة تتسع لأكثر من فهم وأكثر من تفسير . وسيكتشف المتابع المحايد لأموز السياسة والدين صحة ما كتبته وما كتبه الآخرون دون تعب عناء ، وحال الإسلام والمسلمين اليوم يدلنا على ذلك ويؤكده . فكم شريعة إسلامية تطبق على المسلمين اليوم ؟! وكم من المدارس التشريعية المتناقضة التي تقود الى الإحتراب والإقتتال بين المسلمين ؟ أكثر من خمسين دولة إسلامية تطبق أكثر من خمسين شريعة إسلامية ، وكلها صحيحة حسب تفسيرات فقهائها ومرشديدها ، لأنها تستند على النص القرآني والسنة النبوية . إذاً ، أي شريعة إسلامية يتوجب على المسلم إتباعها والإلتزام بها والدفاع عنها والإحتكام اليها ؟ وإلاّ فما تفسير { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي وضيت لكم الإسلام دينا فمن أضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم } سورة المائدة آية 8 . لا يختلف الفقهاء المسلمون فيما تعنيه الشريعة ومصادرها الأساسية إلاّ قليلا ، ولكن الإختلاف الكبير في تطبيقاتها كما بينا . والتطبيق يعتمد على الإجتهاد والتفسير والتأويل ، وهنا لا مفر من الإختلاف . ولهذا أصبح من المحال وجود شريعة إسلامية واحدة موحدة يلتف حولها المسلمون وتوحد مذاهبهم . وهنا يبين لنا بأن الشريعة الإسلامية هو مصطلح ضبابي أو بالأحرى وهمي لا علاقة له بالواقع ، مهما حاول الفقهاء والمتفيقهين ووعاظ السلاطين أن يجدوا مدخلاً واحداً ليقنعوا به المسلمين بأن الإسلام واحد ذو شريعة واحدة ، بل العكس لقد أصبح الإسلام إسلامين ، الإسلام الشيعي ومذاهبه والإسلام السني ومذاهبه ، وكلً له شريعته وشرعه ولا يلتقيان أبداً . فالإسلامان يسيران على خطين ليس متوازيين بل يسيران على خطين مختلفين يفترقان يوما بعد يوم ويبتعدان عن بعضهما ، وإذا إقتربا ، فإن إقترابهما يؤدي الى تصفية بعضهما البعض وإلغاء أحدهما الآخر . قال الشاعر العراقي الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي قبل أكثر من مئة عام : بثوا بألســـــــــــــنة لكم من نار ما في جماجمكم مــــن الأفكار ســــيروا إلى غاياتكم في جرأة كالســــيل هدارا ، وكالإعصار ثوروا على العادات ، ثورة حانق وتمردوا حتى عــــلى الأقدار
محمد علي العامري 13 حزيران 2017
#محمد_علي_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سألوني .. لماذا لا تكتب عن مشكلة قطر
-
ولكن .. يأتي الإرهاب لنا من هنا
-
يمر الظلام علينا من هنا ...
-
هل هناك إمكانية لتغيير الخطاب الديني وتجديده
-
لا بديل عن الدولة العلمانية في العراق
-
لي كلمة بمناسبة أعياد الحزب الشيوعي العراقي
المزيد.....
-
في اتصال مع بلينكن.. شكري يحذر من -مخاطر أمنية جسيمة- لعمليا
...
-
شاهد: استمرار البحث عن ناجين بعد فيضانات مُفاجئة ضربت جزيرة
...
-
-الدوما- الروسي يقبل ترشيح نواب رئيس الوزراء
-
زاخاروفا ترد على قضية -الشرعية- بأمثلة من التاريخ الأمريكي
-
واجهات تشغيل وميزات أمان جديدة تظهر في -واتس آب-
-
دراسة: حرائق متعمدة في السودان تلتهم نحو 72 قرية الشهر الماض
...
-
رفح.. تواصل النزوح مع استمرار القصف
-
مصر وإسرائيل.. أزمة غير مسبوقة بالعلاقات
-
طهران: التعاون ضروري لضمان أمن المنطقة
-
بريطانيا توقف 3 أشخاص بتهمة التعاون مع استخبارات هونغ كونغ
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|