أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - خالد المطلوب - عن خلفيات حق تقرير المصير















المزيد.....

عن خلفيات حق تقرير المصير


خالد المطلوب

الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 04:49
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عن خلفيات حق تقرير المصير

خالد المطلوب
إن القرارات والمباديء السياسية التي تتفق عليها البلدان الكبرى في المنعطفات الدولية المهمة، تنطوي إضافة إلى تحقيق مصالح تلك الدول بالدرجة الأساس، على قيم إنسانية ينتفع منها طيف واسع من أقطار المعمورة. ولكن حين تسعى مجموعات سكانية أو دول أخرى -ليست بذي شأن في العلاقات الدولية- لاستخدام ذات المباديء، فإن من السذاجة الاعتقاد بأن الأمر يمكن أن يلقى تجاوبا دوليا هيّنا، خاصة حين يمضي زمن طويل نسبيا على تلك الاتفاقات، يكون كفيلا بتغيّر الظروف وانتفاء صلاحية المباديء السياسية بمقاييس الدول الكبرى.
وعند تناول القرارارت المتعلقة بتفتيت الدول المنهزمة في الحروب الكبرى، وتوزيعها بهيأة كيانات سياسية جديدة، يمكن القول؛ تسعى بعض القوى السياسية الطامحة لإنشاء دول قومية، للاستفادة من القانون الدولي ومن وجود سوابق مشابهة يمكن القياس عليها، كوسيلة ضغط على القوى الكبرى لحثّها على تفهّم المَطامح، غير أن تلك المساعي لا يُكتَب لها النجاح دائما. ومن خلال تتبع المجريات والحيثيات والظروف التي دفعت قادة الدول الكبرى لاصدار قراراتهم ومبادئهم، يمكن أن تتضح النظرة المحدودة التي يحملها أولئك القادة تجاه ما أنجزوه من اتفاقات لتقسيم الغنائم فيما بينهم. وبخصوص مبدأ حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها يمكن تتبع الدوافع التي تبدو حقيقة، تجاه إصدار ذلك المبدأ لأكثر من مرة وفي أكثر من بلد وفي فترات تاريخية متباعدة نسبيا.
فقد جاء المبدأ المعروف بـ "مبدأ مونرو" 1823م والذي وضعه الرئيس الأمريكي مونرو عن حق بلدان أمريكا الجنوبية في تقرير مصيرها- جاء بغرض تحجيم الدور الأوربي في الأمريكتين، وإنهاء تطلعات الإسبان وغيرهم من الأوربيين في الإستيلاء على ثروات تلك القارة. ولعل الهدف المهم الذي سعى إليه مونرو من إصدار ذلك المبدأ، هو خشيته من الأضرار التي قد تلحق بأمن بلاده وبأراضيها جرّاء التدخل الأوربي في أمريكا الجنوبية. وقد اتخذت الولايات المتحدة من ذلك المبدأ حجة لمنع تدخل الدول الأوربية في أمريكا الجنوبية، طوال القرن التاسع عشر.
كما جاءت النقاط الأربعة عشر للرئيس الأمريكي ويلسون، والتي تم طرحها في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919م- لتمثل الرؤية الأمريكية لإحلال السلام بعد الحرب العالمية الأولى، متضمنة نقطة عن حق تقرير المصير. وعندما لمست أمريكا -كقوة دولية- تعنتا فرنسيا بريطانيا إزاء بعض النقاط، دفعت بجهودها لإقرار حق المصير للدول التي انسلخت عن السلطنة العثمانية بعد انهيارها، بغية المحافظة على توازن القوى في أوربا. على أن الجهود الأمريكية سواء في بدايات القرن التاسع عشر أو العشرين لم تحقق نجاحا ملموسا.
وعن دفاع لينين عن حق تقرير المصير، فقد جاء هذا الدفاع انطلاقا من معاصَرة لينين للحكم القيصري ببعديه القومي الإلغائي والديني، وهيمنة القياصرة على عدد من الدول المجاورة وممارسة الاضطهاد القومي والسياسي بحقهم، مع تصاعد نزعة الاستعلاء الشوفيني الروسي تجاه الأقوام الأخرى المنضوية تحت حكم آل رومانوف. وقد اجتهد لينين لتكييف حق تقرير المصير بصيغته الغربية، وجعله ماركسيا اشتراكيا يصب في مصلحة عقيدته الشيوعية، وتوصل لينين إلى فكرة دعم حق الدول التي يهيمن عليها القياصرة في تقرير مصيرها السياسي، بشرط أن تتسلم الطبقة العاملة دون غيرها ممثلة بأحزابها الشيوعية نظام الحكم في الدول الجديدة.
وكانت الدول الإستعمارية الأوربية قد دعت هي الأخرى إلى استحقاق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، وكان دافع الأوربيين للمضي في هذا الاتجاه، هو التماهي مع هذا الحق الذي ازدادت المطالبات به من قبل البلدان المحتلة، مدعومة من دول المعسكر الاشتراكي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أضرّت مجريات الحرب العالمية الثانية اقتصاديا واجتماعيا بالدول الاستعمارية، واستنزفت قواها العسكرية، فتحولت البلدان المستعمَرة إلى عبء على المستعمِرين، وحان الوقت للتخلص من الاحتلال بطريقة مشرّفة.
وكان لا بد للقانون الدولي -الذي تصنعه وتقوّمه الدول الكبرى وفقا لمقتضياتها- أن يسنّ قواعد قانونية مقبولة لذلك الحق، توافق عليها الدول العظمى وتعتمدها مرجعا في حل أي نزاعات لاحقة. وهو ما سارت عليه بعض المحاكم الدستورية فيما بعد في معرض الرد على الدعاوى التي تطرحها المجاميع الانفصالية، كما هو حال رد المحكمة الدستورية الكندية على انفصاليي اقليم كيبك برفض دعوتهم الانفصالية لعدم تطابقها مع القانون الدولي العام.
إن تلبية مطالب التجمعات السكانية المنضوية في بلدان مستقلة صار عمرها حتى الآن حوالي المائة عام، هو أمر يخلّ بالاستقرار والسلم الدوليين، حيث أن موضوع الحدود القومية للدول الجديدة أمر تعتريه الكثير من الصعوبات لما للمناطق المختلطة من خصوصية، بسبب التداخل السكاني وادعاء كل طرف بعائدية تلك المناطق له (كما هو حال منطقة ناكورني-كاراباخ المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان، وبالمثل منطقة القرم المختَلَف عليها بين روسيا وأوكرانيا). كما أن الموافقة الدولية على إقامة كيانات سياسية جديدة، سيثير ولا شك رغبة الكثير من المجموعات السكانية الضئيلة عدديا للمطالبة بدولة مستقلة أسوة بالآخرين. ويبدو مهما القول أن تقطيع بلد قائم إل عدد من البلدان سيساهم في خلق حواجز اقتصادية واجتماعية بين مواطنين تعودوا أن يعيشوا كأبناء بلد واحد.
وإذا كانت أسباب المطالبة بالانفصال من قِبل الاقليات السكانية هي دعاوى الظلم والجور الذي لحق بهم، فالأجدر من تلك المطالبة هو قيام القوى الوطنية مجتمعة بالسعي لتغيير نظام الحكم، لانه لا شك نظاما ديكتاتوريا كحالة الكثير من بلداننا، أو نظام تمييز عنصري مثلما هو الحال في نظام جنوب أفريقيا العنصري السابق. ففي الدول الديكتاتورية يقوم نظام الحكم باضطهاد جميع المخالفين لعقيدته، مستخدما نظاما بوليسيا قمعيا، وفي الدول ذات النظام العنصري فأن الحيف يقع على طيف واسع من مواطنين ذوي خصوصية ثقافية معينة. بينما القاعدة المقبولة والمعمول بها حاليا في كثير من البلدان، هي التسليم باحترام الحقوق الثقافية لجميع مواطني البلد حتى لو كانت نسبتهم 1% من مجموع السكان، كما هو الحال مع أقلية الـ "رومانش" في سويسرا مثلا.
وبخصوص إجراء الاستفتاء على الانفصال في شمال العراق والذي تطالب به الأحزاب الكردية، يجدر القول أن الدستور العراقي لم يتضمن نصا يسمح بإجراء مثل هذا الاستفتاء، بل تضمن الموافقة على إقامة استفتاءات من نوع آخر بعيدة كل البعد عن مطلب الانفصال، لذلك تسعى الأحزاب الكردية للتفاهم -بعيدا عن تقييدات الدستور- مع القوى السياسية الحاكمة في بغداد، لاستحصال الموافقة على تلك الرغبة. كما أن الحكم الفيدرالي الذي أخذ به العراق بعد عام 2003، يمثل النوع الثاني لحق تقرير المصير، وهو النوع المعني بقيام مجموع أعراق البلد الثقافية باختيار صيغة الحكم التي يرتضونها، بينما النوع الأول هو الخاص بجلاء الدول المستعمِرة من البلدان التي يحتلونها، ولا وجود لصيغة مستقرة ثالثة لهذا الحق في القانون الدولي العام.
يجدر القول أن من الخطأ اقتباس أفكار ومقولات سياسية مجرّدة دون الأخذ بنظر الاعتبار بالظروف التاريخية التي دفعت لإنتاجها، فتلك الطريقة تُخرِج الأفكار عن معناها وقيمتها الحقيقية التي ساعدت على ظهورها في زمن معيّن. ومن ذلك ما اقتبسه السيد بابا علي الجباري نائب سكرتير الحزب الشيوعي الكردي العراقي، عن لينين لدعم دعوته في إقامة كيان سياسي مستقل للأكراد، من أن "المقصود بحرية الأمم في تقرير مصيرها، هو الانفصال السياسي لهذه الأمم من الهياكل القومية الغريبة، وتشكيله دولة قومية مستقلة". لقد جاءت خطابات لينين عن حق تقرير المصير في بدايات القرن العشرين، يوم كانت الدول الأوربية الكبرى تمارس احتلالات عسكرية مباشرة لعدد كبير من دول العالم، وقد تنامت الطروحات الخاصة بمنح الدول المستعمَرة حرية تقرير مستقبلها السياسي، فكان المعنى الواضح لتلك المفاهيم هي ضرورة إنهاء الاحتلال، واكتساب البلدان حق تشكيل كيان سياسي مستقل، وهو أمر لا ينطبق بحال على وضع العراق السياسي اليوم.
يتماهى الحزب الشيوعي الكردي العراقي مع المطالب الانفصالية للأحزاب الكردية ذات النزعة الإقطاعية الأغوية والنزعة العنصرية، بدلا من السعي لتحويل الديمقراطية الشكلية في عموم البلاد إلى ديمقراطية حقيقية، والعمل على تغيير النظام السياسي العراقي من دولة المكونات إلى دولة المواطَنة. لعل الشيوعيين الأكراد يدركون أن دولة كردية تقودها وتتزعمها تلك الأحزاب، لا تمتّ بِصِلة للأهداف الشيوعية التي يؤمنون بها في بناء نظام اشتراكي يحقق العدالة الاجتماعية. ولما كان النظام الداخلي لحزب الشيوعيين الأكراد ينسى قضيته الوطنية في بلده العراق، ولا يتطرق لشيء سوى المناطق التي يقطنها أبناء جلدتهم الأكراد في العراق ودول الجوار، فما معنى شيوعيتهم إذن! ولماذا لم ينطلِ على الشيوعيين العراقيين بالأمس القريب، زعيق البعثيين العنصريين الأجوف عن "الوطن العربي الكبير"، بينما يبتلع الشيوعيين الأكراد اليوم طُعم المشروع الهلامي عن "كردستان الكبرى"!



#خالد_المطلوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - خالد المطلوب - عن خلفيات حق تقرير المصير