أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الرزاق السويراوي - (مقاربة فكرية بين( د. سميرأمين ) و( د. برهان غليون















المزيد.....



(مقاربة فكرية بين( د. سميرأمين ) و( د. برهان غليون


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 1446 - 2006 / 1 / 30 - 06:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يهتم الكثير من المفكرين والمثقفين العرب ,بقضية التعددية في الحوار وقبول الآخر,بغية إستحصال القواسم المشتركة التي من شأنها تمهيد المناخ الصالح لبلورة المقاربات الفكرية والثقافية والسياسية بين مختلف التيارات مهما كان تباين رؤاها وإختلاف مرجعياتها ومتبنياتهاالفكرية.
والكتاب الذي بين أيدينا : (حوار الدولة والدين ) للدكتور سمير أمين والدكتور برهان غليون يعكس هذا التوجه نوعا ما,غير أن أهمية الكتاب ,تأتي ,اضافة الى ما أشرنا إليه قبل قليل,من كونه يعتمد صيغة النقاش المفتوح والمباشر بين المؤلِفَين في طرح أفكارهما في هذا الموضوع الهام, فالدكتور برهان غليون ,يتطرق الى ذلك بقوله ,أن الهدف الأساسي من هذا الكتاب , هو أشراك الرأي العام في مناقشة مسألة رئيسية من مسائل السياسة العربية الراهنة , وإيصال فكرة عن الحجج المختلفة لهذا الرأي أو ذاك . ولكن الهدف من وراء مثل هذه الحوارات , هو فتح الحوار المغلق في العالم العربي بين التيارات المتعددة للرأي العام , وكذلك ما تعنيه مِنْ أن إقامة مثل هذه الحوارات , ليس ممكنا فحسب وإنما هو مفيد لكل الأطراف المختلفة ,وقادر أيضا ,بالرغم من جميع الصعوبات التي تظهره كحوار الطرشان أحيانا,على تطوير جميع المواقف ووجهات النظر ,وعلى الأقل بلورة تصورات عملية وإستراتيجية واضحة . ويعوّل غليون على مثل هذا الحوار بأنّه إن لم يستطع حسم النقاش وينهي الخلاف في العديد من القضايا ,فأنّه على الأقل يمكن أن يخلق الظروف الملائمة التي يمكن من خلال توفرها , الوصول الى رؤية مشتركة تجمع بين العديد من الأطراف المنسجمة أو المختلفة في الرؤى .
وقبل الدخول في فصول الكتاب ينبغي الأشارة الى أن هذا الحوار بين سمير أمين وبرهان غليون يعكس موقفين سياسيين مختلفين لكل منهما. فسمير أمين يعتقد بأولوية إعادة بناء اليسار, وأن هذه المهمة , هي المهمة التي ينبغي لها أن تتصدر كل الموضوعات ,في حين نجد برهان غليون ,يتبنى رؤية لا نقول بأنها متقاطعة تماما مع رؤية سمير أمين ,وانما هي تكاد تكون أوسع أفقا ,فغليون يذهب الى أن بناء قوة ديمقراطية يستوجب تعميق مفهوم التحالف السياسي بين قوى إجتماعية قد تكون مختلفة إيديولوجيا,ويؤكد ايضا على ضرورة تجاوزالحوار العقيدي المنغلق أحيانا وصولا الى صيغة في الحوار تعتمد البرامج السياسية الواضحة ,وقد تتجسد مثل هذه الحوارات عن طريق التحالفات التأريخية التي بالامكان أن تخضع المهام المطروحة فيها الى التبدل والتغير بما يتلائم والتوجه العام لهذه التحالفات وما تنشده من إنجاز لعملية التحويل الديمقراطي للعلاقات الوطنية والدولية .
يوجه سمير أمين نقدا لطرح برهان غليون الذاهب ,الى أن الأديان السماوية حققت نقلة وتقدما في تطور الفكر الديني ,وأنّ إنجازات حضارات الشعوب المنتمية الى هذه الأديان السماوية قد فاقت وتجاوزت الحضارات الأخرى غير المنتمية الى أديان سماوية , ويعزو غليون هذا التقدم , لتفوّق العقيدة الدينية لهذه الشعوب .. هذا الطرح يرفضه سمير, ويرفض أيضا ما يذهب اليه غليون, من أن بعض الأديان غير السماوية , تمثّل خطوة بدائية للفكر الديني , فيستشهد سمير أمين بمثالين للأستدلال على خطأ حكم غليون . المثال الأول : هو البوذية . فبوذا لم يدّع النبوة ولا الألوهية بالمعنى المتعارف عليه, وإنّما كان يزعم إنّه تمكّن من الوصول الى إكتشاف أعلى القيم الأنسانية ,وإدراك ما تفعله قوى الطبيعة دون الأستعانة بالألهام الخارجي كما هو شأن الأديان السماوية وأدّعى أيضا , بأنّ هذه القدرة موجودة لدى جميع البشر , إذا ما أحسنوا إستخدامها ..إذن فالبوذية هي فلسفة مثالية أقرب منها الى دين بالمعنى المعروف.. ثم يتسائل سمير أمين في نهاية هذا الأستدلال : هل يمكن إعتبارهذه الفلسفة شكلاً بدائيا من الفكر الديني ؟
أمّا المثال الثاني : فهو مذهب كونفوشيوس , يقول سمير أمين أن كونفوشيوس لم يدّع هو الآخر الألهام الألهي ,وإنّما هو إنسان حكيم توصل عن طريق التأمل والملاحظة لسير المجتمع الى إكتشاف مجموعة من "القواعد " من شأنها أن تؤدي الى "الكمال " الأجتماعي, وأن هذه القواعد ( لا تختلف في جوهرها عن القيم الأخلاقية العليا التي تدعو إليها جميع الأديان ) ..وأن إتّباع هذه القواعد يلغي الحاجة الىالألتجاء الى " قوى فوق الطبيعة " وبناءا على ذلك فأنّ سمير أمين يعتقد بأن كونفوشيوس أسّس أوّل فكر علماني بمعناه الحديث . فكونفوشيوس لم ينكر وجود تلك القوى فوق الطبيعة ( الله ), ولكّنه أعتبر وجود هذه القوى وتصوّرها ,هو أمر يجب أن يترك للفرد نفسه وقدرته على إستخدام العقل والحدس والشعور بالغيب . ثم يكرر نفس التساؤل الذي أورده عن البوذية : هل يمكن إعتبار هذه الفلسفة شكلا بدائيا من الفكر الديني ؟ .
ومن المؤاخذات التي يسجلها سمير أمين على غليون ويرفضها بعد أن ينقدها, هي : إهتمام غليون بمجال البناء الفوقي والأيديولوجي والديني . يقول سمير أمين : أنّ برهان ينسب إنجازات الحضارة الإسلامية في عصور إزدهارها الى عوامل من قبيل فهم المسلمين لدين الأسلام في فجر تأريخه , أمّا المراحل اللاحقة التي تلت هذه الإنجازات وبان الأنحطاط فيها جليّاً , فيردّها غليون الى سوء فهم العلاقة بين الدين والسياسة. وفي ذات الأتجاه تقريبا فأن غليون ـ كما يراه سمير ـ ينسب ركود حضارة أوربا الوسيطة الى طرحها علاقة خاطئة بين السلطة والدين المسيحي , ثمّ إزدهار أوربا بدءاً بعصر النهضة الى إنقلاب هذه العلاقة وإختراع الديمقراطية بالمعنى المعاصر. ثم يرفض سمير أمين هذا المنهج الذي يتبنّاه غليون , لكونه ـ كما يعتقد ـ يلغي الكثير من التساؤلات العديدة , فيورد مجموعة من التساؤلات منها مثلاً : الديمقراطية هل هي سبب ظهور الرأسمالية في أوربا ؟أمْ أنّ الرأسمالية هي التي أنتجت الديمقراطية ؟ وقد صاغ سمير أمين هذا التساؤل على خلفية فرضية لغليون فحواها : أنّ الديمقراطية نتجت عن صراع تمّ في المجال الأيديولوجي ويثير سمير أمين إشكالاً على هذه الفرضية بأن هناك صراعات أخرى لا تنحصر في المجال الآيديولوجي فحسب ,وإنما في مجالات أخرى تتعلق بالعلاقات الأجتماعية أيضا . ويذهب سمير كذلك الى أن غليون لم يطرح التساؤلات الحقيقية حول غياب الديمقراطية في العالم الأسلامي , وأنّ غليون أحلّ محلّها طرحا مفاده أنّ هذا القصور يرجع الى فهم خاطئ عن العلاقات بين الدين والسياسة من الطرفين المعنيين , أيْ من طرف الحركة الأسلامية من جانب , ومن طرف الدولة العلمانية من الجانب الآخر. ثم يوضّح سمير رؤيته عن غياب الديمقراطية , من خلال إعتقاده بأن الديمقراطية ليس ظاهرة خاصة بالمجتمعات الأسلامية المعاصرة , بل هي ظاهرة عامة في العالم الثالث , فيقول بهذا الصدد وهو يوضح ما يعتقده قصورا في رؤية غليون حول غياب الديمقراطية التي بيّناها قبل قليل : " فهل غياب الديمقراطية في امريكا اللاتينية المسيحية راجع هو الآخر الى فهم خاطئ للعلاقة بين الدين والسياسة؟ ولماذا تفهم هذه العلاقة هنا ,فهما مختلفا عمّا هو عليه في أوربا ؟ هل غياب الديمقراطية في آسيا غير الأسلامية راجع أيضا الى فهم خاطئ في المجال الأيديولوجي؟ . وبعد إثارة سمير لهذه التساؤلات وغيرها ينتقد ما أسماه بالخطاب الثقافوي لدى غليون وغيره من المفكرين , هذا الخطاب الذي يعتبره سمير يدعو الى تأكيد الهوية ,وأنّ البحث عن الهوية هو إشارة دالة على أزمة مجتمع فاشل في مواجهة التحديات الحقيقية..ويذكر أن غليون يقدم طرحا لمشكلة العلمانية في الغرب بطريقة يعتبرها سمير أمين مفصولة عن الظروف الموضوعية التي أدت الى تغيير نمط الأنتاج السائد في المجتمع , وأن غليون قد ركّز على النضال الآيديولوجي ـ السياسي , بين الكنيسة والدولة والمجتمع المدني , في حين يرى سمير , أن موضوع العلمانية في الغرب لم يقتصر على الجانب الآيديولوجي ,وإنما الطابع الرئيسي للثقافة السائدة عالميا , هو طابعها الرأسمالي, ليس " الغربي " أو " المسيحي " وأن الرأسمالية هي النظام السائد عالميا .
وننتقل الى الدكتور برهان غليون وهو يرد على آراء سمير أمين . يقول غليون أن كتابه ( نقد السياسة ) الذي قام بنقده سمير أمين , كان في الأساس محاولة للأجابة على سؤال : ما هي الشروط التأريخية , الأجتماعية والمادية والمعنوية التي تفسر ظهور عقيدة من العقائد مهما كانت طبيعتها , بما فيها العقيدة المادية , وما تأثير هذه العقيدة بعد نشوءها على مسار التحول الأجتماعي العام ؟ ويتوقف غليون عند ملاحظة يراها مهمة بالنسبة إليه , (هي أن مشكلة النزاع بين الدين والدولة لم تظهر في أيّ من الأديان السابقة على الأديان التوحيدية , في حين أنّها تشكّل منذ ظهور هذه الأديان مشكلة كبرى , في اليهودية والمسيحية والأسلام ) . وعلّل غليون أسباب هذا النزاع , بأنّه يكمن في أنّ الدين التوحيدي أنما نشأ بالأساس في الصراع ضد دولة العبودية..هذه الدولة التي وصلت قبل ظهور الدين التوحيدي الى مرحلة متقدمة من الفساد والأنحطاط , بحيث تحولت الى دولة قهر وإستبداد , لذلك فأن التجربة الدينية في هذه الحالة قامت بتحقيق طفرة للأنسانية من حيث قيامها ولإول مرة على الإنفصال عن السلطة السياسية وعلى إعادة بناء مجال المقدس والروحي , خارج إطار هذه السلطة وصلاحياتها..وهكذا صار من الممكن إن تتكون سلطة روحية حقيقية مستقلة عن السلطة السياسية ومتنازعة معها وأحيانا مناوئة لها , لأن سلطة رجال الدين أصبحت مرتكزة لأول مرة على سلطة إلهية لا تستمد من الملك أوالدولة , ولا يمكن للدولة أن تسيطر عليها أو تخضعها لمعاييرها . ويعتقد غليون أنّ من نتائج هذا التطور , هو التبدل في طبيعة العلاقة بين الدولة والدين .وهذا يعني نشوء جماعة متجاوزة للدولة ومنافسة لها . ونشوء الجماعة , هو مفهوم جديد , نشأ مع الأديان التوحيدية , ممّا أسهم في إقامة علاقات بين الأفراد تقوم على مبدأ الأخوة في العقيدة . وبتشكيل هذه الجماعة , فأنّها تعتبر البذور الأولى لإشكالية العلمانية ( إذْ صار من غير الممكن إعادة بناء الدولة من حيث هي سلطة ذات سيادة مطلقة , أي لا سلطة فوقها , إلاّ في حالات ثلاث : تغيير أسس عمل الدولة ووظائفها وموقعها في المجتمع والنظام الأجتماعي العام أو تدمير السلطة السياسية الجديدة التي ينمّيها الدين الجديد,غير أنّ هذه الجماعة الدينية الجديدة ما لبثت أن أصابها الأنقسام والتشرذم وذيوع ما يسمى بظاهرة الملك العضوض معلنا ولادة الدولة الأسلامية , حيث أنتصرت هذه الدولة على الدين , نتيجة تبلور طبقة سياسية جديدة إستطاعت الإستحواذ على السلطة , إنطلاقا من إحياء علاقات التراتبية الأجتماعية والأرستقراطية القبلية القديمة لتتحوّل كنتيجة لذلك ,السلطة الدينية والروحية الى إختصاص علمي أقرب الى المهنية البحتة يتجسد في فئة علماء الدين والفقهاء ..وهكذا نشأت الدولة الأسلامية كحاصل توازن بين منطق الجماعة التي كوّنها الدين , ومنطق الدولة التي فرضتها الحسابات الجيوسياسية والسياسية .
أمّا بخصوص نشوء العلمانية في الغرب المسيحي وإتهام سميرأمين لبرهان غليون بأنّه يفْصل عملية تقدّم هذه العلمانية عن الظروف الموضوعية التي أدّت الى تغيّر نمط الأنتاج السائد وقتئذ في المجتمع , ليقتصر على التركيز على النظام الآيديولوجي ـ السياسي بين الكنيسة والدولة والمجتمع المدني . فأنّ غليون يردّ على هذا الأتهام ويبيّن رأيه وموقفه من تطوّر العلمانية كظاهرة مدنية وحضارية عرفتها وتعرفها جميع الشعوب والمجتمعات ,فأنّه يعتقد بأن أصل هذه الظاهرة هو تطور سيطرة الأنسان على عوامل الطبيعة الفطرية , الخارجية والداخلية البشرية ,وأيضا يرى بأنّ المحرك الفعلي لها هو الثورة الفكرية والفلسفية التي عرفتها الأنسانية منذ القرن الخامس والسادس عشر , واعادت من خلالها تفسير مفاهيم العقل والعلم والمعرفة عموما . لكن الظاهرةالعلمانية لم تتحول من ظاهرة أيديولوجية الى ظاهرة سياسية ويعم إنتشار مفهومها , ويظهر الوعي العلماني كوعي إجتماعي ,إلاّ بسبب إرتباط معركة التحرر السياسي على مستوى الدولة ثم على مستوى الفرد والمجتمع , بمعركة القضاء على السلطة الكنسية وعلى الأيديولوجية الدينية التي كانت تستمد مشروعيتها منها . , فهي بالفعل ظاهرة إيديولوجية سياسية إرتبطت بفصل الدين عن الكنيسة , كما إرتبطت بالأعتراف بحرية الفرد الضميرية وبالتالي بالحرية العقلية والفكرية وبقدرة وقيمة الفكرالمتحررعن قيود ومسلّمات تقليدية . هكذا يعتقد غليون بعملية ظهور العلمانية ولكنه مع ذلك لا يرفض أمر إحالة العلمانية لأسبابها البعيدة أوالقريبة , وأنه لا يرى ضرورة حصرها بالجانب العقائدي السياسي , إذْ هو يعتقد بإمكانية النظر إليها من منظور التطور الأجتماعي والحضاري , المادي والأقتصادي , المحلي والعالمي , لكنه يؤكد على أن من الخطأ الأعتقاد بأن العلمانية هي جزء من الحقيقة الأقتصادية .
ويتناول غليون موضوع العلمانية العربية ,ويبين كيفية إفتقارها للأسس والقيم والمضمون الذي إتصفت به في موطنها الأصلي ,حتى أنه يذهب برأيه الى أنّ العلمانية العربية لم تكن علمانية بالمعنى الدقيق ,وإنّما هي أقرب الى النزعة الدينية ولكن من طبيعة ثانية ,وأنّها لا تختلف كثيرا عن النزعة الأيديولوجية الدينية التي تقف بمواجهتها , وبالرغم من ذلك , فأن أصحابها لا يتوانون من تنسيب أنفسهم للعلمانية . وهنا يعتقد غليون أن من واجب الناقد الأجتماعي , تحليل هذه العلمانية وتشخيص نوعيتها ’ على أن لا ينكر عليهم تسميتهم . ثم نسب غليون مهمة القيام بهذا الدور التحليلي الى نفسه : وهذا ما فعلته عندما ركزت على الكشف عن الطابع المجهض والشكلي والركيك لها ــ أي للعلمانية العربية ــ .
وعن الديمقراطية في المجتمعات العربية , فأن غليون يؤكد على ضرورة وضع الحلول السلمية وا لعقلانية للقضية الأسلامية والدينية , ولكنه يحرص في الوقت نفسه على أهمية الفرز بين الأسلام من حيث هو دين , وبين الأسلام من حيث هو قوى إجتماعية وأيديولوجية حيّة , وأيضا من حيث هو قوة سياسية . من جانب آخر , ولكي تكون عملية التقدم نحو الديمقراطية ممكنة, فأن غليون يرى إستحالة إنجاز ذلك دون الخروج من قيد التناقضات الأجتماعية العميقة , وأيضا من التمييز السياسي الذي تمارسه الدولة , ومن التوترات العقائدية العميقة التي تسهم في شق المجتمع السياسي والمدني معاً . ويخلص الى القول بأن جميع المجتعات تطمح الى أن تتحول الى مجتمعات ديمقراطية , لكن تحقيق هذا الطموح الى واقع فعلي , يتوقف على قدرة هذه المجتمعات على السيطرة على عملية التنمية والتوزيع وحفظ الحد الأدنى من التوازن الأجتماعي الداخلي إضافة الى إنجاح عملية تخفيف التوترات الأقتصادية والأجتماعية وتطوير التنظيم السياسي الوطني والأبتعاد عن المجابهات العقائدية الجذرية , كل ذلك يجب توافره طالما أن الديمقراطية هي ثمرة تراكم خاص في الميدان الأجتماعي والسياسي والثقافي والروحي .




عبد الرزاق السويراوي
يهتم الكثير من المفكرين والمثقفين العرب ,بقضية التعددية في الحوار وقبول الآخر,بغية إستحصال القواسم المشتركة التي من شأنها تمهيد المناخ الصالح لبلورة المقاربات الفكرية والثقافية والسياسية بين مختلف التيارات مهما كان تباين رؤاها وإختلاف مرجعياتها ومتبنياتهاالفكرية.
والكتاب الذي بين أيدينا : (حوار الدولة والدين ) للدكتور سمير أمين والدكتور برهان غليون يعكس هذا التوجه نوعا ما,غير أن أهمية الكتاب ,تأتي ,اضافة الى ما أشرنا إليه قبل قليل,من كونه يعتمد صيغة النقاش المفتوح والمباشر بين المؤلِفَين في طرح أفكارهما في هذا الموضوع الهام, فالدكتور برهان غليون ,يتطرق الى ذلك بقوله ,أن الهدف الأساسي من هذا الكتاب , هو أشراك الرأي العام في مناقشة مسألة رئيسية من مسائل السياسة العربية الراهنة , وإيصال فكرة عن الحجج المختلفة لهذا الرأي أو ذاك . ولكن الهدف من وراء مثل هذه الحوارات , هو فتح الحوار المغلق في العالم العربي بين التيارات المتعددة للرأي العام , وكذلك ما تعنيه مِنْ أن إقامة مثل هذه الحوارات , ليس ممكنا فحسب وإنما هو مفيد لكل الأطراف المختلفة ,وقادر أيضا ,بالرغم من جميع الصعوبات التي تظهره كحوار الطرشان أحيانا,على تطوير جميع المواقف ووجهات النظر ,وعلى الأقل بلورة تصورات عملية وإستراتيجية واضحة . ويعوّل غليون على مثل هذا الحوار بأنّه إن لم يستطع حسم النقاش وينهي الخلاف في العديد من القضايا ,فأنّه على الأقل يمكن أن يخلق الظروف الملائمة التي يمكن من خلال توفرها , الوصول الى رؤية مشتركة تجمع بين العديد من الأطراف المنسجمة أو المختلفة في الرؤى .
وقبل الدخول في فصول الكتاب ينبغي الأشارة الى أن هذا الحوار بين سمير أمين وبرهان غليون يعكس موقفين سياسيين مختلفين لكل منهما. فسمير أمين يعتقد بأولوية إعادة بناء اليسار, وأن هذه المهمة , هي المهمة التي ينبغي لها أن تتصدر كل الموضوعات ,في حين نجد برهان غليون ,يتبنى رؤية لا نقول بأنها متقاطعة تماما مع رؤية سمير أمين ,وانما هي تكاد تكون أوسع أفقا ,فغليون يذهب الى أن بناء قوة ديمقراطية يستوجب تعميق مفهوم التحالف السياسي بين قوى إجتماعية قد تكون مختلفة إيديولوجيا,ويؤكد ايضا على ضرورة تجاوزالحوار العقيدي المنغلق أحيانا وصولا الى صيغة في الحوار تعتمد البرامج السياسية الواضحة ,وقد تتجسد مثل هذه الحوارات عن طريق التحالفات التأريخية التي بالامكان أن تخضع المهام المطروحة فيها الى التبدل والتغير بما يتلائم والتوجه العام لهذه التحالفات وما تنشده من إنجاز لعملية التحويل الديمقراطي للعلاقات الوطنية والدولية .
يوجه سمير أمين نقدا لطرح برهان غليون الذاهب ,الى أن الأديان السماوية حققت نقلة وتقدما في تطور الفكر الديني ,وأنّ إنجازات حضارات الشعوب المنتمية الى هذه الأديان السماوية قد فاقت وتجاوزت الحضارات الأخرى غير المنتمية الى أديان سماوية , ويعزو غليون هذا التقدم , لتفوّق العقيدة الدينية لهذه الشعوب .. هذا الطرح يرفضه سمير, ويرفض أيضا ما يذهب اليه غليون, من أن بعض الأديان غير السماوية , تمثّل خطوة بدائية للفكر الديني , فيستشهد سمير أمين بمثالين للأستدلال على خطأ حكم غليون . المثال الأول : هو البوذية . فبوذا لم يدّع النبوة ولا الألوهية بالمعنى المتعارف عليه, وإنّما كان يزعم إنّه تمكّن من الوصول الى إكتشاف أعلى القيم الأنسانية ,وإدراك ما تفعله قوى الطبيعة دون الأستعانة بالألهام الخارجي كما هو شأن الأديان السماوية وأدّعى أيضا , بأنّ هذه القدرة موجودة لدى جميع البشر , إذا ما أحسنوا إستخدامها ..إذن فالبوذية هي فلسفة مثالية أقرب منها الى دين بالمعنى المعروف.. ثم يتسائل سمير أمين في نهاية هذا الأستدلال : هل يمكن إعتبارهذه الفلسفة شكلاً بدائيا من الفكر الديني ؟
أمّا المثال الثاني : فهو مذهب كونفوشيوس , يقول سمير أمين أن كونفوشيوس لم يدّع هو الآخر الألهام الألهي ,وإنّما هو إنسان حكيم توصل عن طريق التأمل والملاحظة لسير المجتمع الى إكتشاف مجموعة من "القواعد " من شأنها أن تؤدي الى "الكمال " الأجتماعي, وأن هذه القواعد ( لا تختلف في جوهرها عن القيم الأخلاقية العليا التي تدعو إليها جميع الأديان ) ..وأن إتّباع هذه القواعد يلغي الحاجة الىالألتجاء الى " قوى فوق الطبيعة " وبناءا على ذلك فأنّ سمير أمين يعتقد بأن كونفوشيوس أسّس أوّل فكر علماني بمعناه الحديث . فكونفوشيوس لم ينكر وجود تلك القوى فوق الطبيعة ( الله ), ولكّنه أعتبر وجود هذه القوى وتصوّرها ,هو أمر يجب أن يترك للفرد نفسه وقدرته على إستخدام العقل والحدس والشعور بالغيب . ثم يكرر نفس التساؤل الذي أورده عن البوذية : هل يمكن إعتبار هذه الفلسفة شكلا بدائيا من الفكر الديني ؟ .
ومن المؤاخذات التي يسجلها سمير أمين على غليون ويرفضها بعد أن ينقدها, هي : إهتمام غليون بمجال البناء الفوقي والأيديولوجي والديني . يقول سمير أمين : أنّ برهان ينسب إنجازات الحضارة الإسلامية في عصور إزدهارها الى عوامل من قبيل فهم المسلمين لدين الأسلام في فجر تأريخه , أمّا المراحل اللاحقة التي تلت هذه الإنجازات وبان الأنحطاط فيها جليّاً , فيردّها غليون الى سوء فهم العلاقة بين الدين والسياسة. وفي ذات الأتجاه تقريبا فأن غليون ـ كما يراه سمير ـ ينسب ركود حضارة أوربا الوسيطة الى طرحها علاقة خاطئة بين السلطة والدين المسيحي , ثمّ إزدهار أوربا بدءاً بعصر النهضة الى إنقلاب هذه العلاقة وإختراع الديمقراطية بالمعنى المعاصر. ثم يرفض سمير أمين هذا المنهج الذي يتبنّاه غليون , لكونه ـ كما يعتقد ـ يلغي الكثير من التساؤلات العديدة , فيورد مجموعة من التساؤلات منها مثلاً : الديمقراطية هل هي سبب ظهور الرأسمالية في أوربا ؟أمْ أنّ الرأسمالية هي التي أنتجت الديمقراطية ؟ وقد صاغ سمير أمين هذا التساؤل على خلفية فرضية لغليون فحواها : أنّ الديمقراطية نتجت عن صراع تمّ في المجال الأيديولوجي ويثير سمير أمين إشكالاً على هذه الفرضية بأن هناك صراعات أخرى لا تنحصر في المجال الآيديولوجي فحسب ,وإنما في مجالات أخرى تتعلق بالعلاقات الأجتماعية أيضا . ويذهب سمير كذلك الى أن غليون لم يطرح التساؤلات الحقيقية حول غياب الديمقراطية في العالم الأسلامي , وأنّ غليون أحلّ محلّها طرحا مفاده أنّ هذا القصور يرجع الى فهم خاطئ عن العلاقات بين الدين والسياسة من الطرفين المعنيين , أيْ من طرف الحركة الأسلامية من جانب , ومن طرف الدولة العلمانية من الجانب الآخر. ثم يوضّح سمير رؤيته عن غياب الديمقراطية , من خلال إعتقاده بأن الديمقراطية ليس ظاهرة خاصة بالمجتمعات الأسلامية المعاصرة , بل هي ظاهرة عامة في العالم الثالث , فيقول بهذا الصدد وهو يوضح ما يعتقده قصورا في رؤية غليون حول غياب الديمقراطية التي بيّناها قبل قليل : " فهل غياب الديمقراطية في امريكا اللاتينية المسيحية راجع هو الآخر الى فهم خاطئ للعلاقة بين الدين والسياسة؟ ولماذا تفهم هذه العلاقة هنا ,فهما مختلفا عمّا هو عليه في أوربا ؟ هل غياب الديمقراطية في آسيا غير الأسلامية راجع أيضا الى فهم خاطئ في المجال الأيديولوجي؟ . وبعد إثارة سمير لهذه التساؤلات وغيرها ينتقد ما أسماه بالخطاب الثقافوي لدى غليون وغيره من المفكرين , هذا الخطاب الذي يعتبره سمير يدعو الى تأكيد الهوية ,وأنّ البحث عن الهوية هو إشارة دالة على أزمة مجتمع فاشل في مواجهة التحديات الحقيقية..ويذكر أن غليون يقدم طرحا لمشكلة العلمانية في الغرب بطريقة يعتبرها سمير أمين مفصولة عن الظروف الموضوعية التي أدت الى تغيير نمط الأنتاج السائد في المجتمع , وأن غليون قد ركّز على النضال الآيديولوجي ـ السياسي , بين الكنيسة والدولة والمجتمع المدني , في حين يرى سمير , أن موضوع العلمانية في الغرب لم يقتصر على الجانب الآيديولوجي ,وإنما الطابع الرئيسي للثقافة السائدة عالميا , هو طابعها الرأسمالي, ليس " الغربي " أو " المسيحي " وأن الرأسمالية هي النظام السائد عالميا .
وننتقل الى الدكتور برهان غليون وهو يرد على آراء سمير أمين . يقول غليون أن كتابه ( نقد السياسة ) الذي قام بنقده سمير أمين , كان في الأساس محاولة للأجابة على سؤال : ما هي الشروط التأريخية , الأجتماعية والمادية والمعنوية التي تفسر ظهور عقيدة من العقائد مهما كانت طبيعتها , بما فيها العقيدة المادية , وما تأثير هذه العقيدة بعد نشوءها على مسار التحول الأجتماعي العام ؟ ويتوقف غليون عند ملاحظة يراها مهمة بالنسبة إليه , (هي أن مشكلة النزاع بين الدين والدولة لم تظهر في أيّ من الأديان السابقة على الأديان التوحيدية , في حين أنّها تشكّل منذ ظهور هذه الأديان مشكلة كبرى , في اليهودية والمسيحية والأسلام ) . وعلّل غليون أسباب هذا النزاع , بأنّه يكمن في أنّ الدين التوحيدي أنما نشأ بالأساس في الصراع ضد دولة العبودية..هذه الدولة التي وصلت قبل ظهور الدين التوحيدي الى مرحلة متقدمة من الفساد والأنحطاط , بحيث تحولت الى دولة قهر وإستبداد , لذلك فأن التجربة الدينية في هذه الحالة قامت بتحقيق طفرة للأنسانية من حيث قيامها ولإول مرة على الإنفصال عن السلطة السياسية وعلى إعادة بناء مجال المقدس والروحي , خارج إطار هذه السلطة وصلاحياتها..وهكذا صار من الممكن إن تتكون سلطة روحية حقيقية مستقلة عن السلطة السياسية ومتنازعة معها وأحيانا مناوئة لها , لأن سلطة رجال الدين أصبحت مرتكزة لأول مرة على سلطة إلهية لا تستمد من الملك أوالدولة , ولا يمكن للدولة أن تسيطر عليها أو تخضعها لمعاييرها . ويعتقد غليون أنّ من نتائج هذا التطور , هو التبدل في طبيعة العلاقة بين الدولة والدين .وهذا يعني نشوء جماعة متجاوزة للدولة ومنافسة لها . ونشوء الجماعة , هو مفهوم جديد , نشأ مع الأديان التوحيدية , ممّا أسهم في إقامة علاقات بين الأفراد تقوم على مبدأ الأخوة في العقيدة . وبتشكيل هذه الجماعة , فأنّها تعتبر البذور الأولى لإشكالية العلمانية ( إذْ صار من غير الممكن إعادة بناء الدولة من حيث هي سلطة ذات سيادة مطلقة , أي لا سلطة فوقها , إلاّ في حالات ثلاث : تغيير أسس عمل الدولة ووظائفها وموقعها في المجتمع والنظام الأجتماعي العام أو تدمير السلطة السياسية الجديدة التي ينمّيها الدين الجديد,غير أنّ هذه الجماعة الدينية الجديدة ما لبثت أن أصابها الأنقسام والتشرذم وذيوع ما يسمى بظاهرة الملك العضوض معلنا ولادة الدولة الأسلامية , حيث أنتصرت هذه الدولة على الدين , نتيجة تبلور طبقة سياسية جديدة إستطاعت الإستحواذ على السلطة , إنطلاقا من إحياء علاقات التراتبية الأجتماعية والأرستقراطية القبلية القديمة لتتحوّل كنتيجة لذلك ,السلطة الدينية والروحية الى إختصاص علمي أقرب الى المهنية البحتة يتجسد في فئة علماء الدين والفقهاء ..وهكذا نشأت الدولة الأسلامية كحاصل توازن بين منطق الجماعة التي كوّنها الدين , ومنطق الدولة التي فرضتها الحسابات الجيوسياسية والسياسية .
أمّا بخصوص نشوء العلمانية في الغرب المسيحي وإتهام سميرأمين لبرهان غليون بأنّه يفْصل عملية تقدّم هذه العلمانية عن الظروف الموضوعية التي أدّت الى تغيّر نمط الأنتاج السائد وقتئذ في المجتمع , ليقتصر على التركيز على النظام الآيديولوجي ـ السياسي بين الكنيسة والدولة والمجتمع المدني . فأنّ غليون يردّ على هذا الأتهام ويبيّن رأيه وموقفه من تطوّر العلمانية كظاهرة مدنية وحضارية عرفتها وتعرفها جميع الشعوب والمجتمعات ,فأنّه يعتقد بأن أصل هذه الظاهرة هو تطور سيطرة الأنسان على عوامل الطبيعة الفطرية , الخارجية والداخلية البشرية ,وأيضا يرى بأنّ المحرك الفعلي لها هو الثورة الفكرية والفلسفية التي عرفتها الأنسانية منذ القرن الخامس والسادس عشر , واعادت من خلالها تفسير مفاهيم العقل والعلم والمعرفة عموما . لكن الظاهرةالعلمانية لم تتحول من ظاهرة أيديولوجية الى ظاهرة سياسية ويعم إنتشار مفهومها , ويظهر الوعي العلماني كوعي إجتماعي ,إلاّ بسبب إرتباط معركة التحرر السياسي على مستوى الدولة ثم على مستوى الفرد والمجتمع , بمعركة القضاء على السلطة الكنسية وعلى الأيديولوجية الدينية التي كانت تستمد مشروعيتها منها . , فهي بالفعل ظاهرة إيديولوجية سياسية إرتبطت بفصل الدين عن الكنيسة , كما إرتبطت بالأعتراف بحرية الفرد الضميرية وبالتالي بالحرية العقلية والفكرية وبقدرة وقيمة الفكرالمتحررعن قيود ومسلّمات تقليدية . هكذا يعتقد غليون بعملية ظهور العلمانية ولكنه مع ذلك لا يرفض أمر إحالة العلمانية لأسبابها البعيدة أوالقريبة , وأنه لا يرى ضرورة حصرها بالجانب العقائدي السياسي , إذْ هو يعتقد بإمكانية النظر إليها من منظور التطور الأجتماعي والحضاري , المادي والأقتصادي , المحلي والعالمي , لكنه يؤكد على أن من الخطأ الأعتقاد بأن العلمانية هي جزء من الحقيقة الأقتصادية .
ويتناول غليون موضوع العلمانية العربية ,ويبين كيفية إفتقارها للأسس والقيم والمضمون الذي إتصفت به في موطنها الأصلي ,حتى أنه يذهب برأيه الى أنّ العلمانية العربية لم تكن علمانية بالمعنى الدقيق ,وإنّما هي أقرب الى النزعة الدينية ولكن من طبيعة ثانية ,وأنّها لا تختلف كثيرا عن النزعة الأيديولوجية الدينية التي تقف بمواجهتها , وبالرغم من ذلك , فأن أصحابها لا يتوانون من تنسيب أنفسهم للعلمانية . وهنا يعتقد غليون أن من واجب الناقد الأجتماعي , تحليل هذه العلمانية وتشخيص نوعيتها ’ على أن لا ينكر عليهم تسميتهم . ثم نسب غليون مهمة القيام بهذا الدور التحليلي الى نفسه : وهذا ما فعلته عندما ركزت على الكشف عن الطابع المجهض والشكلي والركيك لها ــ أي للعلمانية العربية ــ .
وعن الديمقراطية في المجتمعات العربية , فأن غليون يؤكد على ضرورة وضع الحلول السلمية وا لعقلانية للقضية الأسلامية والدينية , ولكنه يحرص في الوقت نفسه على أهمية الفرز بين الأسلام من حيث هو دين , وبين الأسلام من حيث هو قوى إجتماعية وأيديولوجية حيّة , وأيضا من حيث هو قوة سياسية . من جانب آخر , ولكي تكون عملية التقدم نحو الديمقراطية ممكنة, فأن غليون يرى إستحالة إنجاز ذلك دون الخروج من قيد التناقضات الأجتماعية العميقة , وأيضا من التمييز السياسي الذي تمارسه الدولة , ومن التوترات العقائدية العميقة التي تسهم في شق المجتمع السياسي والمدني معاً . ويخلص الى القول بأن جميع المجتعات تطمح الى أن تتحول الى مجتمعات ديمقراطية , لكن تحقيق هذا الطموح الى واقع فعلي , يتوقف على قدرة هذه المجتمعات على السيطرة على عملية التنمية والتوزيع وحفظ الحد الأدنى من التوازن الأجتماعي الداخلي إضافة الى إنجاح عملية تخفيف التوترات الأقتصادية والأجتماعية وتطوير التنظيم السياسي الوطني والأبتعاد عن المجابهات العقائدية الجذرية , كل ذلك يجب توافره طالما أن الديمقراطية هي ثمرة تراكم خاص في الميدان الأجتماعي والسياسي والثقافي والروحي .



#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مفهوم الأرهاب
- ( ليْلتان )


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبد الرزاق السويراوي - (مقاربة فكرية بين( د. سميرأمين ) و( د. برهان غليون