أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرزاق السويراوي - قراءة في مفهوم الأرهاب















المزيد.....

قراءة في مفهوم الأرهاب


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 08:15
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


( 1 )
ما زالت وسائل الإعلام , لها الأثر الكبير في حياة الإنسان المعاصر , لذا فأن هذه الحقيقة لم تكن غائبة عن ذهن صنّاع السياسة الكبار في الساحة الدولية , بحيث سيّسوا هذه الأجهزة , لتكون ترجمانا لأجندتهم السياسية وتطلعاتهم , بغية التأثير على الرأي العام , إدراكا منهم , بأن السلاح الإعلامي يحقق نتائج على أرض الواقع , لا تقل أهمية عن السلاح العسكري التقليدي .
وبناءاً على هذه المعطيات , فأن الدول الكبرى , خصوصا تلك التي تمتلك قنوات إعلامية متشعبة , أصبح في مقدورها أن تتحكم بسير الأحداث وتفاعلاتها , ومن ثم دفعها بالأتجاه الذي تراه ضروريا لتحقيق أهدافها وبرامجها , الى الحد الذي يصل ببعض هذه الأجهزة أن تتجاوز حدود الألتزام الأخلاقي والمهني لعمل الرسالة الإعلامية, بحيث يُصار الى التلاعب بقيمة هذه الحقائق وجوهرها ودلالاتها , فيصبح عندها , الجلاد ضحية والعكس صحيح ايضا , لتُغيّب فيها صورة الحقيقة وسط هذا الركام من التضليلات والأكاذيب , عند ذاك يمسي البحث عن الحقيقة , كمن يبحث عن أبرة وسط كومة من القش .
أسوق هذه المقدمة البسيطة , لكي اجعلها مدخلا لموضوع الأرهاب , الذي بات يشغل حيّزا كبيرا من إهتمام الناس , فضلا عن إهتمام الحكومات والمنظمات ذات العلاقة بحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الرسمية أو الشعبية . قلنا ان وسائل الأعلام الغربية , لها دور خطير في إظهار مفهوم الإرهاب , لا سيما الأمريكي منه بشكل خاص , وأنها سلكت شتّى السبل من أجل توجيه أنظار شعوبها قبل الشعوب الأخرى الى ما يوحي بأن الإسلام والمسلمين هما وجه الإرهاب , وأن قضية أسْلمة الإرهاب باتت لدى الغالبية من الشعوب الغربية . أشبه بالحقيقة التي لا تحتاج الى برهان يدعمها , وذلك بفضل تناغم الإعلام الغربي مع الحكومات الغربية ,والأمريكية منها بشكل خاص , هذه الحكومات التي تخضع دوما الى اللوبي الصهيوني وما يسمى بجماعة الضغط داخل امريكا لتجعل الإعلام الأمريكي يتبنى مواقف مسبقة تتسم بالإنحياز في تفسيرها لظاهرة الإرهاب , بما ينسجم مع الخط العام , هذا الخط الذي يحاول جاهدا , أن يلصق الأرهاب يالإسلام , إيغالاً منه في التشويه المتعمد لصورته , في أعين الرأي العام .
والآن وفي خضم هذا الكم من الإعلام الغربي , والمحلي أيضا الذي يصل حدّ التضارب مع بعضه ,وفي تناوله موضوع الإرهاب , هل يمكننا إزاء هذا التوصيف , الوقوف عند هذا المفهوم بما يتيح لنا ما نستطيع به التمييز بين مفهوم الإرهاب المشروع, وقد يكون من الأفضل أن نصوغ التساؤل على الشكل الآتي : كم هي درجة الصدق في التعبير عن صورة الإرهاب التي يرسمها إعلام الغرب لا سيما الإمريكي منه بشكل خاص ؟ وما هو مدى صوابية الرؤية التي تنتجها الإدارة الأمريكية , والسلوك الذي تدير به حربها المعلنة على الإرهاب الدولي ؟ هذه الإسئلة وغيرها سنحاول المرور عليها تباعا إن شاء الله. " إن تحديد من هو إلإرهابي , ومن ليس إرهابيا, أمر تقرّره سياسة وسيلة الإعلام التي تصنّفه . فحرب العصابات الشعبية , تصفها وسائل الإعلام الغربية عادة بالإرهابية, بينما يوصف المرتزقة في إنغولا ونيكاراغوا ممّن توظفهم وكالات الإستخبارات المركزية الإمريكية CIA ( بالثوار ).وهذه الوساؤل تنعت عمل الدول اليسارية التي تدافع عن نفسها في وجه هؤلاء ( الثوار ) " يإرهاب الدولة " . ولا تستعمل هذه النعوت لما تقوم به الولايات المتحدة من كبت للحركات التحررية الشعبية في العديد من الدول " ( 1 ) .
ولكي تتضح أكثر , هذه الصورة المضللة, التي ترسمها الإجهزة الإعلامية الغربيةعن ما يسمى بالإصولية الإسلامية والتي صيّرتها رديفا للإرهاب , لتقدمها للذهنية الغربية أولا وللعالم ثانيا , عبر الخلط المتعمد , أنقل هنا هذا المقطع / النموذج, فلسان حاله يغني في التعبير عن الدور المضلل الذي يلعبه الأعلام الغربي في قضية الأرهاب , وكيفية تشويهه للحقائق وطمسها على وفق معايير إزدواجية مجحفة .
" هاجم كلب شرس طفلا في حديقة في مدينة نيويورك . رأى أحد المارة ما حدث , فهرع للمساعدة ,وأنقض على الكلب الشرس وقتله, صحفي في إحدى الصحف المحلية بمدينة نيويورك, شاهد ما حصل وأخذ بعض الصور للحادثة , ليضعها في الصفحة الأولى من الجريدة التي يعمل يها .
إقترب الصحفي من الرجل فقال له : شجاعتك بطولية , وسوف تنشر في عدد يوم غد بعنوان (( شجاع من نيويورك ينقذ ولدا )) . فأجابه الرجل الشجاع , إنه ليس من نيويورك . فقال الصحفي : في هذه الحالة سوف نضع العنوان : (( شجاع أمريكي أنقذ ولدا من كلب شرس )). فأجاب الرجل الشجاع : (( أنا لست أمريكيا , أنا من الباكستان )) . في اليوم الآتي , صدرت الصحيفة وكان عنوان الخبر في الصفحة الأولى : (( مسلم متطرف ينقض على كلب في حديقة نيويورك ويودي بحياته . مكتب التحقيق الأتحادي FBI بدأ التحقيق بإمكانية وجود علاقة بين هذا الرجل ومنظمة القاعدة التي يرأسها أسامة بن لادن " ( 2 ) .

( 2 )
في السنوات الإخيرة , إخذ هاجس الخوف من العمليات الإرهابية يتفاقم لدى الكثير من الشعوب , فضلا عن الحكومات والمنظمات والهيئات الأخرى , وباتت محاولات الحد من تأثير هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها ومن ثم إحتواءها أشبه شيء بمن يصب الزيت على النار , وذلك لإنتشارها في أكثر من مكان ومكان في العالم على الرغم من الجهود المبذولة لمكافحتها , وقد يعود سبب هذا الإخفاق في المعالجة الى الوسائل المتبعة في ذلك , وفي الوقت نفسه الى الإفق الفكري والسياسي الضيق الذي تتحرك في فضاءه هذه الوسائل , أضف الى ذلك غياب الدقة في التشخيص الحقيقي للدوافع المسببة للعنف السياسي والإرهابي , وثمة في هذا مفارقة تدعو الى الأسى حقا, هو ان هذه الدول تناست , أنها وفقا لبعض الإعتبارات الواقعية , انها أسهمت عن طريق ما تتبعه من سياسة البطش والإضطهاد , في رفد هذه الظاهرة بأسباب النمو , أن لم نقل الإيجاد , وبمعنى آخر , أن هذه الجهات السلطوية , هي في حقيقة الأمر , تمثّل الداء والدواء على نحو سواء , وهذا ابرز ما في المفارقة . ومما تجدر الإشارة اليه من ضمن مواطن الخلل التي تصاحب عمليات مكافحة الإرهاب وإحتواءه وتجفيف منابعه , هي إخضاع تعريف هذا المفهوم بشكل قسري لتأويلات سياسية تتناغم أو تتماهى مع منهاج الحكومات التي تأخذ بهذا التعريف أو التأويل , مما يسهم في إتساع الفجوة بين طرائق المعالجة وبين فقدان الدقة في تشخيص الظاهرة والحيز الذي تتحرك في فضاءه , ومع ذلك فأن هذه التساؤلات هي موضع عناية الجهات ذات العلاقة , وانها بالتأكيد , تمتلك في جعبتها الإجابة عنها , ولكنها ستكون بالقطع إجابة محكومة بتأويلات لا تخرج عن قيد الرؤى التي تعبر عن وجهة نظر المتصدين لهذا الأمر , مما يعني , أن هذه التأويلات المفترضة , لمفهوم الإرهاب , ستكون متباينة لدى هذه الإطراف , وهنا وعند هذه النقطة بالذات , أي النقطة التي تتقاطع فيها الرؤى المؤوّلة لمعنى الإرهاب , هي الموضع الذي تكاد تنطلق منه بعض المعوقات للأسهام في الحد من نشاط القانون الدولي الذي يؤمل منه الوصول الى صياغة تعريف محدد للإرهاب الدولي (3 ). والسبب في ذلك يعود الى ما نوهنا عنه , وهو إختلاف طريقة تناول هذا المفهوم , وايضا الى الأنقسام العميق في المجتمع الدولي حول صياغة إتفاقية للتعريف به (4) , أي تعريف الإرهاب , وقد وصل الأمر ببعض الدول ــ كإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا ــ الى عدم الرغبة في تحديد ما هية اإرهاب , والسبب في عدم الرغبة هذه , قد يجيب عنه هذا المقطع الذي تضمنته مقالة للناقد الإمريكي نعوم تشومسكي : " ان مفهوم الإرهاب , صار مقصورا على ما يفعله الآخرون بنا , أمّا ما نفعله نحن بهم , حتى وإن كان أكثر وحشية بألف ضعف , فهو ليس أرهابا , ومن ثم يحكم عليه بالأختفاء من التاريخ , هذا هو قانون التاريخ , طالما ان التاريخ يكتبه الإقوياء , وتردده الطبقات المثقفة التي إختارت ان تكون خدما للأقوياء " (5).
( 3 )
ما يلاحظ على الكتابات والدراسات التي تتناول موضوع الإرهاب , انها إزدادت بشكل واضح , خاصة بعد أحداث تفجيرات 11 أيلول 2001 . نعوم تشومسكي يخرج بإستنتاج عن هذه التحليلات , ويقول أن ما يلفت النظر فيها أنه لم يُعرّفْ أحد مفهوم الإرهاب ...أمّا ما نسميه بدلا عن ذلك , فأنه مسألة عويصة ومعقدة , وهذا غريب , ذلك , هناك تعريفات واضحة في المصادر الر سمية للولايات المتحدة , فيأخذ أحد هذه التعريفات البسيطة , الإرهاب على أنه : (( الإستعمال المقصود للعنف أو التهديد به لتحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية أو دينية أيديولوجية )) ويبدو هذا التعريف ملائما بشكل كاف , ولكنه لا يمكن أن يستخدم , وذلك لسببين وجيهين:
الأول : أن هذا التعريف ينطبق على السياسة الرسمية التي تسمى بـ (( مكافحة حركات التمرد الداخلي )).
الثاني : يؤدي الى الإجابات الخاطئة كلها والحقائق واضحة جدا لمن أراد مراجعتها على الرغم من أنها أٌخفيت بشكل كفء يدعو الى الإعجاب )) (6).
وحول التعريف الرسمي الإمريكي للإرهاب نفسه , يتناول تشومسكي هذا الجانب في مكان آخر , وهو بصدد الحديث عن أحداث 11 أيلول التي يصفها باليوم الفارق في تاريخ الإرهاب فإنه يورد التعريف نفسه تقريبا مع تعليق عليه : ((التعريفات الأمريكية الرسمية للإرهاب , بأنه الإستعمال المخطط له للعنف أو التهديد بأستعمال العنف من إجل تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو إيديولوجية من حيث طبيعتها .....وذلك بإستخدام التهديد أو الإبتزاز أو بذْر الخوف )) ويترك هذا التعريف عددا من المسائل معلقة ومنها , مدى قانونية الأعمال التي يقصد منها تحقيق تقرير المصير والحرية والإستقلال , التي يضمنها ميثاق الأمم المتحدة , وهي الأعمال التي يلجأ اليها إولئك الذين حُرموا من ذلك الحق , خاصة أولئك الذين يرزحون تحت أنظمة ذات طبيعة استعمارية , أو تحت إحتلال أجنبي .. )) (7) .
أما التيار الجهادي والذي يشكل جزءا ممّن يتهمهم الغرب بالإرهاب , فأن له رؤيته وخطابه السياسي , ولكن قبل معرفة ذلك نتوقف على تعريف للإرهاب يتطرق اليه الدكتور رفعة سيد أحمد في كتابه ( قرآن وسيف ) : انه العقل الهمجي غير المنظم, الذي يستهدف تحقيق مصالح سياسية عبر إستهداف مدنيين عزل وأنه يتدرج من حيث مستخدمه من إرهاب فردي الى إرهاب دولة , جماعة أو فئة أو حتى طبقة , الى ارهاب دولة بكاملها وأن توسله لتحقيق اهدافه دائما يتم عبر أساليب غير كريمة , تقوم على التفريع والغدر والعنف الأعمى, وهو يؤدي الى حلقات متتالية من ارهاب مضاد يستتبعه ارهاب جديد وهكذا ....)) (8).
ولكي يعكس لنا المؤلف الصورة التي يفهمها بعض التكفيريين عن الأرهاب , فانه يدرج مقطعا كبيرا بعض الشيء يقول عنه , أنه عثر عليه في أحد الوثائق المجهولة لتنظيم الحهاد الإسلامي وهي تحمل هذا العنوان : ( الإرهاب والإسلام ) وتبدو لهجة العنف جلية على لغة الخطاب فيها : تقول هذه الوثيقة " عندما نحاجج بأن الإسلام هو دين الرحمة والسلام , لماذا تتأسى سريعا وتلجأ الى الإرهاب والعنف ؟ { نعم دين رحمة وسلام , ولكن إذا وقع العدوان على سلطان الله, فلا رحمة ولا سلام لمن ارتكب هذا الجرم الشنيع , بل يصبح الجهاد والإرهاب والقوة والعنف , هي الوسائل التي تستعيد الحقوق وعلى رأسها الحكم بحكم الله وشرعه} .. بل إن الإرهاب تمتد آثاره حتى يصبح المؤمنون مطالبين بإحداثه في الكافرين ــ ثم تُذكر الآية المباركة: (( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )) , بل يصبح الإرهاب عملا صالحا ــ العبارة للوثيقة ـــ يجازي الله عليه عباده الصالحين .. " (9) .
ثمّة من يتناول الإرهاب بالرجوع قليلا الى بداية القرن الماضي : " أن أول جهد دولي لمكافحة الإرهاب يعود الى إتفاقية 1937 م , الذي تمّ تحت إشراف عصبة الإمم المتحدة التي عرّفت الإرهاب الدولي بأنه أفعال إجرامية موجهة ضد دولة من الدول , ويقصد , أو يراد منها خلق حالة من الرعب في أفكار أشخاص معينين , أو مجموعة من الأشخاص أو الجمهور العام " .( 10)
أمّا على المستوى العربي فهناك إتفاقية جرى التوقيع عليها لمكافحة الإرهاب بتأريخ 22 نيسان 1998 م وقد كانت محط جدل ونقاش لم ينقطع " (11) .
وفي عام 1987 كان مؤتمر القمة العربية قد إتخذ قرارا ضد الإرهاب , ودعا أيضا الى عقد مؤتمر دولي بشأن الإرهاب . (12 ).
في سياق ما مرّ , ذكرنا أن تعريف الإرهاب وتحديد ماهيته , يخضع في معظمه الى الرؤية السياسية للجهة المعنية الناظرة إليه , أكثر مما هو عليه في واقع الحال ..الأمر الذي أدّى الى التداخل المقصود أو العفوي بين مفهومي الإرهاب والمقاومة , لكن هذا لا يعني عدم مساهمة الهيئات الدولية في هذا الجانب . فأن وثائق هيأة الأمم المتحدة تشير , الى أنها توصلت الى 12 توقيع إتفاقية دولية أو إعلان , حول الإرهاب , أولّها إتفاقية طوكيو الموقعة في 14 أيلول من عام 1963 وآخرها إتفاقية منع تمويل الإرهاب الموقعة في 9 كانون الأول 1993 . " إلاّ أنها لم تحدد ماهية الإرهاب وتعريفه , خاصة ما يتعلق بالتفريق بين الإرهاب والمقاومة". (13) .لكنها تصدت للإرهاب وعدّته " ظاهرة بربرية مرفوضة من العالم المتحضر , لا بد من ان تكفلها مؤسسات الشرعية الدولية" (14).
( 4)
إن الإرهاب هو المحصلة لمجموعة من العوامل , تضافرت وتفاعلت مع بعضها في زمان ومكان معينين . جان بودليار الفيلسوف الفرنسي, يتحدث عن الإرهاب من خلال رؤية لتفجيرات 11 أيلول 2001 فيقول (( أن السيستام نفسه هو الذي ولّد الشروط الموضوعية لهذا الرد العنيف المباغت , فبإستئثاره بكل الأوراق , يرغم الآخر على تغيير قواعد اللعبة )) . إنه يرسم بمنطق الفيلسوف المحايد, العلاقة غيرالمتكافأة بين السستام ــ وهو هنا رمز القوة والسلطة والجبروت ــوبين الإرهابي, الذي وجد نفسه أمام شروط مجحفة , لا تدع له خيارا , فهو إمّا أنْ يباغت الآخر بالصولة , وإمّا أنْ يُصال عليه و جان بودليار هنا, أذكى من أنْ يُبرّأ ساحة الإرهابي بقدر ما يحمّل الآخر المسؤولية بكل تبعاتها.
ولكن ماذا بعد ؟؟ هل يمكننا الوقوف ولو إجمالا على بعض الجذور التي تساعد في إنبات بذرة الإرهاب ؟؟.
د. حسن حنفي , يعد الوضع الأجتماعي والسياسي هو الجذر الأول للإرهاب , وأن الإرهاب هو نتيجة وليس مقدمة , وهو ايضا , رد فعل وليس فعلا ,فالفرد الذي يجد نفسه أسيراً لنظام لم يسهم حتى في إختيار واحد من رموزه , أو سياسات إقتصادية يجد الفرد نفسه ضحية لها , ونظام للإجور لا يتناسب مع عمله , ونظام إعلامي بدلا من أنْ يسهم في نشر الوعي , يعمل على تغييبه , وكل هذا وذاك , يؤدي الى تراكم في الوعي الفردي والجمعي ليضغط عليه, ليس هذا فحسب , التفاوت بين الاغنياء والفقراء واحتلال الاراضي والتآمر على وحدة الدول والعدوان عليها وإستغلالها , كل ذلك , هو من مصادر الإرهاب , وهناك من ينظر للأمر من زوايا أخرى , فيذهب الى القول ( علي حرب في كتابه : أزمنة الحداثة الفائقة ) أن الإرهاب ليس مجرد إحتجاج على الظلم والفقر , قد تكون له أسبابه في تردي الأوضاع الإقتصادية والمعاشية , ولكنه في الحالة الجهادية الإسلامية , هو ذو جذر عقائدي وثقافي بقدر ما هو حرب متعددة الجبهات ....ولذا ليست المشكلة مع الإرهاب محصورة بشرذمة من الناس , منحرفين عن جادة الحق أو ضالّين عن الصراط المستقيم , وإنما نحن إزاء آفة أو ظاهرة متفشية هي نتيجة البيئة الثقافية الدينية الرائجة عبر مرجعياتها ورموزها وتعاليمها أو بخطاباتها وأحكامها وفتاواها ...خلاصة القول : أن معالجة الإرهاب تحتاج الى إجراءات أمنية بقدر ما تحتاج الى تحولات في بيئة الثقافة بثوابتها ونماذجها أو ببرامجها وتعليمها " (15) .

المصادر
1ـ المستقبل العربي .العدد 291 / 2003 . ص 32 .
2ــ المستقبل العربي .العدد 291 / 30 .
3ــ المستقبل العربي . العدد301 ص 218 .
4ــ المستقبل العربي العدد301 ً 218
5ــ العولمة والإرهاب ص 76
6ــ نفس المصدر السابق ص 98
7ــ نفس المصدر السابق ص 121/122
8ــ قرآن وسيف د. رفعت سيد أحمد ص 220
9ــنفس المصدر السابق ص 37
10ــالمستقبل العربي العدد301 ص 217
11ـ نفس المصدر السابق
12ـ = = =
13 ـ = = =
14ــ = = =
15ــ أزمنة الحاثة الفائقة . علي حرب ص 88 / 91 / 92 .




#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( ليْلتان )


المزيد.....




- في ظل الحرب.. النفايات مصدر طاقة لطهي الطعام بغزة
- احتجاجات طلابية بجامعة أسترالية ضد حرب غزة وحماس تتهم واشنطن ...
- -تعدد المهام-.. مهارة ضرورية أم مجرد خدعة ضارة؟
- لماذا يسعى اللوبي الإسرائيلي لإسقاط رئيس الشرطة البريطانية؟ ...
- بايدن بعد توقيع مساعدات أوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ أمن أ ...
- حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق ن ...
- المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية هجومية بالمسيرا ...
- برسالة لنتنياهو.. حماس تنشر مقطعا مصورا لرهينة في غزة
- عملية رفح.. -كتائب حماس- رهان إسرائيل في المعركة
- بطريقة سرية.. أميركا منحت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرزاق السويراوي - قراءة في مفهوم الأرهاب